عابد فهد وجورج خباز... جمال الجَمعة

لقاء «النور بالنور» يُبرّد جمر «النار بالنار»

موضوعات الفن والحياة في حديث يترك أثراً (حساب ظواهرة)
موضوعات الفن والحياة في حديث يترك أثراً (حساب ظواهرة)
TT

عابد فهد وجورج خباز... جمال الجَمعة

موضوعات الفن والحياة في حديث يترك أثراً (حساب ظواهرة)
موضوعات الفن والحياة في حديث يترك أثراً (حساب ظواهرة)

تتوسّط نسرين ظواهرة ضيفيها عابد فهد وجورج خباز حول طاولة مستديرة تستريح عليها شموع العيد. تخاصما في مسلسل «النار بالنار» (رمضان الماضي)، وتمكّنت الكراهية والحقد من شخصيتَيْن متناقضتَيْن. تجمعهما الإعلامية اللبنانية في زمن الميلاد لإخماد الاشتعال الدرامي. في حلقة عنوانها «النور بالنور» (إل بي سي آي)، يعودان إلى الداخل الممتلئ بآهات الحياة.

بعضُ الحديث فني، وبعضه إنساني، وهو جمال الحوار. برأي خباز الذي بَرَع في تقديم شخصية «عزيز» بالمسلسل المثير للجدل، «على الدراما أن تقسم الآراء، وإلا تحوّلت محاضرةً إنْ أيَّد الجميع، أو تظاهرةً إنْ لقيت اعتراضاً تاماً». تسأل المُحاوِرة عن أهمية تكثيف صنف الأعمال الجريئة، أسوة بشجاعة شركة «الصبّاح أخوان» حين طرحت «النار بالنار» عن الوجود السوري في لبنان. يجيب خباز بأنّ الأصناف جميعها مطلوبة، المسلّي منها والواقعي، ويتحدّث فهد عن تكافؤ عناصر البطولة، بما يرفع المستوى ومراتب الإقناع.

نسرين ظواهرة تقود حواراً يمسّ جوهر العيد (حسابها الشخصي)

هل أحبَّ عابد فهد (عمران) شخصيته المقيتة، أم برّر سلوكه؟ يُخبرها أنه تبنّاه إلى المطلق وحارب بأسلحته، من دون حَمْل المشاعر له: «لا أحبّه ولا أكرهه». يتوقّف وخباز عند الظرف وأثره في المرء. «عمران» و«عزيز» آلمهما التفكك الأسري، وحين تواجها في المسلسل، اتّخذ غضبهما شكله الخاص. لا غضبَ يشبه الآخر، ولا الحِمْل يُفرَغ أسوة بباقي الأحمال. يذهب الحديث إلى كيفية بناء الشخصيات، ويُفتَح نقاش الخيِّر والشرير. خلاصتهما أنّ المرء وليد أحواله، وسلوكياته مرايا المآسي والانكسارات.

تُحرّك أسئلة ظواهرة، التي تعاون زميلها طوني هيكل في إعدادها، رغبة الضيفين في التعمُّق. يوقظ زمن العيد الهشاشة الإنسانية، فتطفو على هيئة تساؤلات وعِبر. أمام كاميرا رامي سلوم، يتحدّث الثلاثة عن التقبُّل والتسامح. عابد فهد يرى الإنسان واحداً في العالم، بآلامه وتشرّده وغربته، ويعاتب السياسة التي تفرّق. وجورج خباز يوافقه على أنّ الظروف تصقل المرء وتتعارك في داخله، حدّ التحوَّل بعضَه، ولا مفرّ من سطوتها على مساراته.

فريق عمل حلقة «النور بالنور» الميلادية (حساب ظواهرة)

تطرح الحلقات إشكالية معظم الحلقات حين تستضيف وجوه التمثيل؛ الأعمال المشتركة ومدى قربها من الواقع، ونجومية السوري واللبناني. نضجُ وجهات النظر يفتح زوايا نقاش جديدة، فيؤكدان أهمية أن يرى المُشاهد نفسه في المسلسل الذي يشاهده، وحيَّه وبيئته وناسه، عوض ما هو معرَّب وغريب. من ثمّ يشرح خباز أسباب تأخّر الممثل اللبناني عن التصدُّر العربي، وما يجعل الممثل السوري في مرتبة تسويقية أعلى. منها الأعمال التاريخية السورية التي استقبلتها مصر والخليج كأنها ابنة بيئتها، وألفة اللهجة السورية منذ مسلسلات دريد لحام إلى مرحلة الدوبلاج، حتى الطفرة التركية التي تغزو المنازل بأصوات سورية تجعل من الصعب تقبُّل دراما الأتراك بغير لهجة. يُجمع النجمان بأنّ الممثل اللبناني لا يقلّ كفاءة، بل يصل متأخراً لظروف، من بينها انغماس بلده في الحرب قُبيل التسعينات حين كان الممثل السوري يصقل مجد الصناعة الدرامية.

تسألهما عن الاختلاف والآخر، ومن جواب فهد بأنه يتقبّل كل مختلف، إلا حين يتعلّق الأمر بمحتلّ الأرض، يتشاركون الألم على شعب فلسطين ويتحسّرون على عيد مُصاب بغصّة. مسألة الغفران المندرجة في معاني الميلاد، تريح القادر على الصَفْح أكثر مما تُصلح وضعاً شائكاً مع الطرف المُتسبّب بالأذى. يذهب خباز بعيداً في شرح فلسفة الغفران وفق التعاليم المسيحية، وهو الذي بدايته المحبة ونهايته التضحية، وبين القيمتين يكمن التسامح، جوهرُ العيد.

نسرين ظواهرة بين جورج خباز وعابد فهد (حسابها الشخصي)

رقّة صوت كريستينا نجار تُحلّي تراتيل الميلاد في الفاصل بين حديث وآخر. أحبَّ الناس عابد فهد وجورج خباز منذ بطولة «النار بالنار»، وفي «النور بالنور» راحوا يصغون إلى نضج العمر. ينتقل الحوار من الطاولة المستديرة وشموعها المضيئة مثل أمل نرجوه ألا يخيب، إلى كنيسة فارغة من المناجين، كما يحبّها خباز، ليُمعن في التأمل والصمت. تتوسّطهما ظواهرة بإصرار على حلقة تترك أثراً، ولا تكون مجرّد صفِّ كلام. تسألهما عن الإيمان والأقدار، وعن التعب الإنساني والملجأ العظيم المتمثّل برحمة الله. يعمّ خشوع يحرّك الحاجة إلى مراجعة الذات.

يؤمن عابد فهد بأنّ الخير يعود بالخير، ومَن يؤذِ يُؤذَ. نشأ في حارة باللاذقية، وظلَّ يرتاد الجامع بلا تمييز بين ملاذ التضرُّع. تسأل مُحاورتهما عن النيات، وهل يُحاسَب المرء عليها، فيردّان بأنّ الإنسان يلقى صدى أفعاله، ولا نجاة مما تقترفه اليد.

تُعلّم المرارة عابد فهد الصبرَ، ومثل جورج خباز يؤمن بالخلاص. أسئلة ظواهرة في الصميم: «لِمَ يحدُث الألم؟»، و«هل القدر مُدبَّر؟». تحت سقف الكنيسة، وعلى مقربة من شموع الرجاء وفضاء صلوات المتألمين، يحمِّل خباز الحديث جمالَه الفلسفي، وهو يفسّر الرحيل والبقاء، ويشرح منطق الألم والتصالح مع الموت. لم يعلم عابد فهد بأنّ زميل المهنة لم يتزوّج بعد. تختلط ضحكة مُحاوِرته بسؤاله «متى ستفعلها؟». يرى خباز في الحياة قسوة لا تليق بطراوة الأطفال، ويُجنّبهم أنانية إنجابهم حتى إشعار آخر.


مقالات ذات صلة

تصريحات «صادمة» لإيناس الدغيدي تعيدها إلى دائرة الجدل

يوميات الشرق إيناس الدغيدي تثير الجدل مجدداً (إنستغرام)

تصريحات «صادمة» لإيناس الدغيدي تعيدها إلى دائرة الجدل

أعادت تصريحات تلفزيونية جديدة وُصفت بأنها «صادمة» المخرجة المصرية إيناس الدغيدي إلى دائرة الجدل، حين تحدثت عن عدم ارتباطها بزواج عرفي لكنها عاشت «المساكنة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق شخصية (برّاك) التي يقدمها كاكولي في المسلسل مليئة بالعقد النفسية (إنستغرام الفنان)

علي كاكولي لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «فعل ماضي» مستفز

المسلسل الذي بدأ عرضه الخميس الماضي على منصة «شاهد»، يُظهر أنه لا هروب من الماضي؛ إذ تحاول هند تجاوز الليالي الحمراء التي شكّلت ماضيها.

إيمان الخطاف (الدمام)
إعلام الإعلامي الأميركي فيل دوناهيو (أ.ب)

وفاة رائد البرامج الحوارية في أميركا فيل دوناهيو عن 88 عاماً

توفي فيل دوناهيو، الذي غيّر وجه التلفزيون الأميركي في الفترة الصباحية ببرنامج حواري كان يسلط الضوء على قضايا اجتماعية وسياسية راهنة ومثيرة للجدل، عن 88 عاماً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق «مش مهم الاسم» أحدث أعمالها الدرامية (إنستغرام)

رولا بقسماتي تطل في «جنون فنون» على شاشة «إل بي سي آي»

في «جنون فنون» تتفنن رولا بقسماتي بفضل سرعة البديهة والعفوية اللتين تتمتع بهما. البرنامج يعتمد على التسلية والترفيه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الإعلامي الساخر باسم يوسف (صفحته في «فيسبوك»)

أنظارٌ على احتمال عودة باسم يوسف إلى الشاشة عبر «آرابس غوت تالنت»

اختيار باسم يوسف للظهور في برنامج مسابقات ضخم هو انعكاس للمعايير الجديدة لاختيار وجوه مشهورة على الشاشات لجذب الجمهور.

منى أبو النصر (القاهرة )

الموسيقى تحسّن قدرات الطلاب على التعلّم

الباحثة ييرين رين تعزف على البيانو (معهد جورجيا للتكنولوجيا)
الباحثة ييرين رين تعزف على البيانو (معهد جورجيا للتكنولوجيا)
TT

الموسيقى تحسّن قدرات الطلاب على التعلّم

الباحثة ييرين رين تعزف على البيانو (معهد جورجيا للتكنولوجيا)
الباحثة ييرين رين تعزف على البيانو (معهد جورجيا للتكنولوجيا)

تُعدّ الموسيقى جزءاً من تجربتنا الإنسانية، فهي تؤثر في عواطفنا وذكرياتنا. وغالباً ما نربط موسيقى معينة بحدث ما أو بلحظة مهمة في حياتنا، كما ترافقنا في المهام التي نؤديها في أثناء العمل والقيادة والدراسة.

ووفقاً لدراسة جديدة منشورة، في دورية «بلوس وان»، يمكن للموسيقى أن تعزّز قدرتنا على تعلّم معلومات جديدة، وتغيير ذكرياتنا بصورة إيجابية.

ووجد باحثو الدراسة أن الموسيقى العاطفية، خصوصاً الموسيقى الإيجابية التي تُشغّل في الخلفية في أثناء إعادة تنشيط الذاكرة يمكن أن تغيّر النغمة العاطفية للذكريات المعقّدة غير المرغوبة.

تقول طالبة الدكتوراه في كلية «علم النفس» في معهد «جورجيا للتكنولوجيا» الأميركي، الباحثة الرئيسية للدراسة، ييرين رين، في بيان منشور الجمعة، على موقع الجامعة: «تستكشف الدراسة تطبيقات مبتكرة للموسيقى في تعديل الذاكرة، وتقدّم رؤى للتطبيقات اليومية، مثل عملية التعلّم، وكذلك في الطب السريري».

عندما نشاهد فيلماً يحتوي على موسيقى قوية، أي موسيقى أُنشئت لإثارة المشاعر، فإن ما نسمعه يرشدنا بالضبط إلى المكان الذي يريدنا المؤلف أن نصل إليه. وفي دراستهم التي أجروها، أفاد الباحثون بأن هذا النوع من «الموسيقى المزاجية» قد يكون قوياً بما يكفي لتغيير الطريقة التي نتذكر بها ماضينا.

وكان الباحثون قد طلبوا من 48 مشاركاً، تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً من طلاب جامعة «جورجيا للتكنولوجيا»، تعلّم سلسلة من الأشكال المجردة في أثناء الاستماع إلى موسيقى بنبرة وإيقاع ولحن مألوف ثم إلى موسيقى غير متناغمة وغير منتظمة.

وكان بوسع الباحثين أن يراقبوا كل هذا يحدث باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي. وقد تمكّنوا من رؤية النشاط الدماغي المتغير لدى المشاركين في الدراسة، والاتصال المتزايد بين اللوزة الدماغية، إذ تُعالج العواطف، والمناطق الأخرى في الدماغ المرتبطة بالذاكرة ودمج المعلومات.

وانطلاقاً من النظرية التي تقول إن الذكريات يمكن تحديثها عند استرجاعها، قدّم الباحثون موسيقى عاطفية في أثناء استرجاع الذاكرة للتحقيق فيما إذا كانت قادرة على تغيير محتوى الذاكرة.

وتوضح رين: «هذا يلقي الضوء على قابلية الذاكرة للتطويع استجابة للموسيقى، والدور القوي الذي يمكن أن تلعبه في تغيير ذكرياتنا الحالية».

وبينما كوننا غير قادرين على تغيير ذكرى سيئة عن طريق إدخال موسيقى سعيدة في وقت تشكيلها، يقول الباحثون إن نتائجهم تشير إلى أن الاستماع إلى موسيقى إيجابية في أثناء استرجاع تلك الذكرى القديمة يمكن أن يعيد تشكيلها من جديد.

وتركز رين، في بحثها، على نوعية الموسيقى التي تشعر معها بالراحة؛ لأن هذه هي الطريقة التي تعمل بها الموسيقى التي نعرفها وقد نحبها، فالموسيقى التي تبدو مألوفة ومريحة يمكن أن تساعدنا في الدراسة والتعلّم.

واكتشفت رين أيضاً أن أنواعاً أخرى من الموسيقى يمكن أن تؤثر في عواطفنا وتُعيد تشكيل الذكريات القديمة.

ووفق النتائج فإن الاستماع إلى موسيقى مألوفة ومنتظمة، يمكن التنبؤ بنغماتها بدرجة كبيرة، مكّن المشاركين من تعلّم تسلسل الأشكال وتذكّرها بشكل أسرع، في حين أن الموسيقى غير المنتظمة أضعفت بشكل كبير ترميز الذاكرة لتلك الأشكال.

ويعزو الباحثون التعلّم والتذكّر السريعين إلى قدرة الدماغ على إنشاء «سقالة» أو إطار منظم للمعلومات المكتسبة حديثاً في الدماغ. وهو ما تعلّق عليه رين: «اعتماداً على مدى مألوفيتها وبنيتها، يمكن للموسيقى أن تساعد ذاكرتنا أو تعوقها».

ويرى الباحثون أن نتائجهم لديها القدرة أيضاً على تطوير العلاجات القائمة على الموسيقى لحالات مرضية، مثل اضطراب ما بعد الصدمة، والاكتئاب، أو استراتيجيات إعادة التأهيل لكبار السن، خصوصاً أولئك الذين يعانون من الخرف.

تقول رين: «أنا متحمسة للجمع بين حبي مدى الحياة للموسيقى واهتمامي بالذاكرة البشرية. لأنني أعتقد أن المرحلة التالية من بحثي يمكن أن توفّر أدلة قيمة لدعم تطوير التدخلات القائمة على الموسيقى للصحة العقلية والوظيفة الإدراكية».