«منتهى اللعب» لسارة زين حكاية خيالية ترسم علامة استفهام كبيرة

تتناول مصير الإنسان وسط اكتساح العالم الافتراضي حياته

تدق المخرجة زين ناقوس الخطر من خلال مسرحيتها «منتهى اللعب» (سارة زين)
تدق المخرجة زين ناقوس الخطر من خلال مسرحيتها «منتهى اللعب» (سارة زين)
TT

«منتهى اللعب» لسارة زين حكاية خيالية ترسم علامة استفهام كبيرة

تدق المخرجة زين ناقوس الخطر من خلال مسرحيتها «منتهى اللعب» (سارة زين)
تدق المخرجة زين ناقوس الخطر من خلال مسرحيتها «منتهى اللعب» (سارة زين)

تقفز المخرجة سارة زين فوق الزمن لتنقلنا إلى عام 2040 في مسرحيتها «منتهى اللعب» على مسرح المدينة. فتضع الإصبع على الجرح متناولة مصير الإنسان في ظل اكتساح العالم الافتراضي حياته. وبين الذكاء الاصطناعي والعلاقات الافتراضية وصفحات وسائل التواصل الاجتماعي تطرح السؤال: «ما مصير الإنسان بعد نحو 20 سنة من اليوم؟ فهل سيستطيع إكمال أشغاله وممارسة مهنته كما اليوم؟ وما الآثار السلبية التي يتركها العالم الافتراضي على يومياته في المستقبل؟».

استوحت سارة زين موضوع مسرحيتها من «الدب» للروسي أنطون تشيخوف. «لقد استوقفني موضوع هذه المسرحية عندما شكلت مشروعي الجامعي خلال دراساتي العليا. فحدثتها وقولبتها كما كسرت حكايتها المعروفة لأحولها إلى (منتهى اللعب). ويمكن القول إنني استوحيت عملي هذا من (الدب) ولكني لم أقتبسه».

«منتهى اللعب» تتناول تأثير العالم الافتراضي على واقع اليوم (سارة زين)

تدور المسرحية في مقترح يتخيل آثار التطور التكنولوجي على الإنسان. ويأخذنا إلى واقع قد نعيشه في عام 2040. فنتخبط بين الذكاء الاصطناعي و«تشات جي بي تي» وصفحات الإنترنت. وتقدم لنا صورة خيالية عما ينتظرنا في أعمالنا من تأثيرات سلبية. أما اسم المسرحية فاستوحته سارة زين من فكرة بداية هذه الموجة، إذ كانت بمثابة لعبة وجد فيها الإنسان تسلية ممتعة لا تشبه غيرها، ولكنها تطورت مع الوقت لتصبح نظاماً يتحكم في حياتنا.

وتستطرد لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الوسائل ابتُكرت لخدمتنا، بيد أننا وصلنا إلى مكان بتنا نحن في خدمتها. وهذا الأمر شعرنا به عن قرب أثناء الجائحة حين انعزلنا وصارت علاقاتنا تتسم بالافتراضية أكثر من أي وقت مضى. جميعنا طرحنا على أنفسنا هذا السؤال (إلى أين نحن ذاهبون؟) خصوصاً أننا تورطنا في هذا العالم ولم نعد نستطيع الانسحاب منه».

تتوجه المخرجة سارة زين لتقديم العمل في المدارس (سارة زين)

تشير سارة إلى أنها كانت من الأشخاص الذين لا يكترثون للسوشيال ميديا. «ولكن مع الوقت اكتشفت أن من يغيب عنها يصبح بحكم الغائب. فالأنظار كلها تتوجه إلى هذه الوسائل. والميديا كما الناس تعرف فقط من يطل عليها وينشط على صفحاتها. كما أن المسرحيين تساءلوا عن مصير مهنتهم كغيرهم من الفنانين. فما قيمة العروض المباشرة في ظل غزارة عروض افتراضية تطالعنا بين لحظة وأخرى. فالمكان الذي نحن فيه اليوم صار خطراً جداً. ورغبت في دق ناقوس الخطر كي ندرك إلى أين وصلنا».

تؤكد سارة أن موضوع مسرحيتها ليس بالجديد فهو يشكل نواة أحاديث ومسلسلات وندوات عدة. ولكن تداوله يحدث لأول مرة عبر خشبة المسرح، فكان من البديهي وضعه على المحك وإجراء مبارزة بين عالم افتراضي وعرض مباشر على المسرح.

تخيلت سارة كيف يمكن أن تكون طبيعة حياتنا في عام 2040 وتوسعت بخيالها كونها المخرجة والكاتبة للعمل. «في العرض جعلنا النظام التكنولوجي يقضي على الإنسان. وصورناه يأتي على مهنته ويومياته وإنسانيته وعلاقاته الاجتماعية. فالتجربة تصنف جريئة كوننا استخدمنا الخيال الواسع لإبراز خطورتها. وفي الوقت نفسه رغبنا في أن يعي الحضور إلى أين يأخذ هذا العالم القيم الإنسانية».

في رأي زين شغف الفنانين يكمن وراء استمرار المسرح (سارة زين)

تفكر سارة بالتوجه بمسرحيتها في المستقبل القريب إلى تلامذة المدارس «كلما تعرفت الأجيال الصغيرة على أخطار التكنولوجيا، وفرنا لها فرص التفكير في الموضوع بعمق».

سارة نفسها تعترف بأن هذا العالم يخيفها «إنه يقلقني إلى حد كبير لأن من لا يتعامل مع العالم الافتراضي يُنسى تماماً. فالأمر لم يعد خياراً بل هو فرض علينا وهذه الفكرة ترعبني».

يتألف فريق عمل مسرحية «منتهى اللعب» من 10 أشخاص؛ ثلاثة بينهم يمثلون على الخشبة واختصاصي سينوغرافيا وتقنيو موسيقى وصوت وإضاءة. ويستغرق عرضها نحو 50 دقيقة.

وتختم سارة حديثها: «في الحقيقة نعيش نحن المسرحيين، حالة خوف من المصير الذي ينتظر مهنتنا. فإضافة إلى أزمات اقتصادية تواجهنا هناك أزمة عالمية يواجهها المسرح بشكل عام. فغياب أنظمة داعمة للفنون كلها يزيد من تفاقم الأوضاع. والأمر الإيجابي الوحيد الذي نلحظه اليوم هو الشغف الذي يتملك بعض المسرحيين، ما يدفع بهذه المهنة كي تكمل طريقها رغم كل شيء».


مقالات ذات صلة

«صيد البشر»... عرض مسرحي مصري لمواجهة «الهجرة غير المشروعة»

يوميات الشرق تناول العرض قصصاً عدّة عن الهجرة غير المشروعة (بيت السحيمي بالقاهرة)

«صيد البشر»... عرض مسرحي مصري لمواجهة «الهجرة غير المشروعة»

«فكرة الهجرة غير المشروعة شائعة جداً، وكثيراً ما نسمع حكايات عن هذه القضية معظمها ينتهي بشكل مأساوي».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الملصق الدعائي للمسرحية (حساب الفنان عمرو يوسف على «فيسبوك»)

«قلبي وأشباحه»... أول مسرحية مصرية في «موسم الرياض» الجديد

تفتتح مسرحية «قلبي وأشباحه» العروض المسرحية المصرية ضمن فعاليات النسخة الجديدة من «موسم الرياض»، مع انطلاق العروض بدايةً من 29 أكتوبر.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجد في المسرح مقاومة من نوع آخر (ميراي بانوسيان)

ميراي بانوسيان لـ«الشرق الأوسط»: هجرتي خارج لبنان كانت حرباً من نوع آخر

تأثرت الممثلة المسرحية ميراي بانوسيان بدورها في المشهدية الحزينة الحالية، فقررت المقاومة على طريقتها، مستخدمة موهبتها للتخفيف عن النازحين.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفنانة سميحة أيوب («فيسبوك» مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي)

الحديث عن إزالة «المسرح العائم» في مصر يُثير استياء في الأوساط الفنية

أثارت أخبار متداولة عن إزالة «المسرح العائم» بمصر استياءً في الأوساط الفنية، وتصاعد الأمر بعد مناشدة الفنانة المصرية سميحة أيوب الرئيس العدول عن قرار الإزالة.

داليا ماهر (القاهرة )

معرض يحتفي بأماكن تصوير أفلام مصرية

لقطة من فيلم «المومياء» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «المومياء» (أرشيفية)
TT

معرض يحتفي بأماكن تصوير أفلام مصرية

لقطة من فيلم «المومياء» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «المومياء» (أرشيفية)

ضمن دورته السابعة، يحتفي مهرجان «الجونة السينمائي» بأماكن تصوير أفلام مصرية عبر معرض «مدن مصرية احتضنت السينما» للباحث السينمائي إبراهيم مسيحة بوصفه معرضاً مرئياً مبتكراً يوثّق المدن التي شهدت تصوير الأفلام المصرية، وقد اختار 10 محافظات كانت صاحبة النصيب الأكبر في تصوير الأفلام، من بينها القاهرة والإسكندرية والفيوم وسيناء والبحر الأحمر.

الباحث السينمائي إبراهيم مسيحة وابنته مارينا أمام شاشة تعرض لقطات الأفلام وأماكن تصويرها (الشرق الأوسط)

ويُتاح لزائر المعرض عبر أجهزة عرض مشاهدة لقطات الأفلام والمواقع التي صُورت بها في كل محافظة مثل فيلم «دعاء الكروان» الذي صُورت مشاهده بالفيوم، ويروي مسيحة لـ«الشرق الأوسط» أن الفكرة بدأت حينما كان يفكر في إقامة مهرجان في بلده الفيوم (جنوب غربي القاهرة) وأراد أن يحصر عدد الأفلام التي صورت في المحافظة، وفكّر في بقية المحافظات، ليخوض رحلة بدأها منذ عام 2003 لعدم توافر معلومات موثقة وقتها.

لقطة من «عرق البلح» (أرشيفية)

لكن مسيحة أكمل الفكرة مع ابنته مارينا وهي صيدلانية وفنانة شاركت العام الماضي بـ«سيني جونة للمواهب الناشئة»، التي روت لماريان خوري المديرة الفنية للمهرجان، ما حققه والدها في هذا الشأن، ووجدت فيها ماريان خوري معرضاً يؤرخ للسينما وللأماكن التي صورت بها.

يلفت مسيحة إلى أنه «رغم تاريخ السينما المصرية الطويل ووجود أكثر من 5 آلاف فيلم فإنه ليس هناك سوى 300 أو 400 فيلم استطاع أن يجد نُسخاً لها، ووجد أن الفيوم صور بها وحدها 80 فيلماً، بينما الإسكندرية قد يكون بها أضعاف هذا العدد، والأقصر وأسوان فوق الـ30 فيلماً، وقد امتدت رحلته لهذا التوثيق لأكثر من 20 عاماً وتواصل لأجلها مع فنانين على غرار مديحة يسري ومنتجين ومخرجين من بينهم رمسيس مرزوق وسمير عوف وخالد يوسف.

لقطة من فيلم «زوجة من باريس» (أرشيفية)

ووفق مارينا مسيحة، فإن أفلاماً كثيرة صُوّرت في واحات مصرية على غرار فيلم «زوجة من باريس» لنبيلة عبيد الذي صُوّر بواحة باريس في محافظة الوادي الجديد بالصحراء الغربية المصرية، وفيلم «كنوز» بواحة الخارجة وهو أيضاً من بطولة نبيلة عبيد، في حين صُوّر فيلما «عرق البلح» و«أبو علي» لكريم عبد العزيز بواحة الداخلة. كما صُوّر فيلم «تمر حنة» في الفيوم، وفيلم «المومياء» في الأقصر في المواقع الحقيقية لأحداثه.

وكان لمحافظات البحر الأحمر وسيناء نصيب في اختيارها بوصفها مواقع تصوير أفلام عدة؛ من بينها «جزيرة الشيطان» و«إستاكوزا» و«شورت وفانلة وكاب»، بينما صُوّر فيلم «المشبوه» في مدينة بورسعيد وفيلم «شاطئ المرح» في الإسماعيلية، وصُورت في القاهرة، وفق مارينا، أفلام عدة من بينها «حياة أو موت» و«باب الحديد». كما استقبلت الإسكندرية تصوير أفلام على غرار «أبي فوق الشجرة»، و«رصيف نمرة 5»، و«صراع في الميناء»، و«آيس كريم في جليم»، و«صايع بحر»، و«إسكندرية ليه».

وفي سياق مشابه، يستضيف المهرجان معرضاً ثانياً للمصوّر محمد بكر (87 عاماً) الملقب بـ«شيخ المصورين الفوتوغرافيين» الذي بدأ مسيرته مصوراً فوتوغرافياً للأفلام منذ صباه، مصاحباً لوالده الراحل الفنان حسين بكر الذي ارتبط اسمه بتصوير أجمل اللقطات، ليسير الابن على درب الأب ويصوّر أول أفلامه عام 1956 وهو فيلم «سمارة» لتحية كاريوكا.

صورة تجمع عبد الحليم حافظ وشادية من فيلم «معبودة الجماهير» (أرشيفية)

ويقول بكر لـ«الشرق الأوسط»: «تحية كاريوكا كانت (جدعة) مع الجميع وقد تمسّكت بي مصوراً في فيلم (سمارة) رغم أن المخرج حسن الصيفي كان معترضاً عليّ لصغر سني، فقد كنت تلميذاً في الثانوي، ومع أول لقطات صورتها اقتنع بكفاءتي لتنطلق رحلتي».

يُفسّر بكر أسباب نقاء ووضوح صور معرضه قائلاً: «كنا نصوّر بتقنية عالية لتعيش الصورة، وخلال التصوير كان والدي يقول لا بدّ أن تعيش للأجيال القادمة، وقد حافظت عليها وصنعت أرشيفاً يتضمّن سنوات إنتاجها وفريق عمل كل طاقم الفيلم، بمساعدة نجلي مدير التصوير والأستاذ في معهد السينما ومدير المركز القومي للسينما حسين بكر».