إسهامات خالد الفيصل الفنية والأدبية تتجلى في أركان قصر حطين

«موطن أفكاري» معرض استثنائي لمسيرة عريقة أثرت المجال الثقافي السعودي على مدى عقود

معرض «موطن أفكاري» سلّط الضوء على الإرث الغني لقامةٍ ثقافيةٍ وطنيةٍ بارزةٍ أثّرت في المجال الثقافي السعودي على مدى عقودٍ (الشرق الأوسط)
معرض «موطن أفكاري» سلّط الضوء على الإرث الغني لقامةٍ ثقافيةٍ وطنيةٍ بارزةٍ أثّرت في المجال الثقافي السعودي على مدى عقودٍ (الشرق الأوسط)
TT

إسهامات خالد الفيصل الفنية والأدبية تتجلى في أركان قصر حطين

معرض «موطن أفكاري» سلّط الضوء على الإرث الغني لقامةٍ ثقافيةٍ وطنيةٍ بارزةٍ أثّرت في المجال الثقافي السعودي على مدى عقودٍ (الشرق الأوسط)
معرض «موطن أفكاري» سلّط الضوء على الإرث الغني لقامةٍ ثقافيةٍ وطنيةٍ بارزةٍ أثّرت في المجال الثقافي السعودي على مدى عقودٍ (الشرق الأوسط)

عبر معرض استثنائي يسلّط الضوء على الإرث الغني لقامةٍ ثقافيةٍ وطنيةٍ بارزةٍ أثّرت في المجال الثقافي السعودي على مدى عقودٍ طويلة بإبداعاتٍ أدبيةٍ، وفنيةٍ مميزة، شرع معرض «موطن أفكاري» الباب على سيرة ومسيرة الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، الإبداعية في صياغة الحرف والتعبير بالريشة في قصر حطين بمدينة الرياض.

المعرض يعد وجهة جاذبة لعشاق الثقافة والفنون من داخل المملكة وخارجها (هيئة الفنون البصرية)

ويشهد المعرض، الذي تنظمه وزارة الثقافة السعودية، ممثلة في هيئة الفنون البصرية، أنشطة ومؤثرات تصويرية وسمعية متناغمة أضفت بُعداً مميزاً على الموقع المقام به ليأخذ زوّاره في رحلة ثقافية ثريّة زاخرة بالعطاء والإبداع حيث يتجلّى الشعر وتتألّق الفنون بحضرة الأمير خالد الفيصل، الذي عكس فنه شاعرية وصوراً، تستقر وتمتد في الأذهان بأعمال فنية وثقافية خالدة.

ويعد المعرض الذي دشن السبت، ويمتد إلى 3 يناير (كانون الثاني) المقبل، وجهة جاذبة لعشاق الثقافة والفنون من داخل المملكة وخارجها، لما يقدمه من فرصة مميزة في استكشاف إرث الأمير خالد الفيصل، والتعرّف على إسهاماته الإبداعية في عالم الفن والأدب.

وقال الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي، عبر حسابه الشخصي على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي: «في معرض (موطن أفكاري)، يجتمع الإبداع، كلمةً ورسماً، شعراً ولوحةً، ببصمة دايم الثقافة والفنون، سمو الأمير خالد الفيصل».

من جانبه، وجّه الأمير بندر بن خالد الفيصل المستشار بالديوان الملكي رئيس هيئة الفروسية الشكر لقيادة بلاده الملهمة لحرصها البالغ على زيادة النشاط الثقافي والإبداعي كجزء أساسي من التحول الوطني الطموح للبلاد، وذلك عبر حسابه الشخصي على منصة «إكس»، كما وجّه الشكر لوزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان على النهج التشاركي في تنظيم المعرض وإثراء المحتوى الثقافي لتعزيز الهوية الوطنية.

المعرض مجال رحب للتعرف على أحد رموز الأدب والفن والثقافة في المملكة (الشرق الأوسط)

ويصاحب المعرض المقام احتفاءً بمسيرة وإسهامات «دايم السيف» الثقافية والأدبية فعاليات متنوعة من حوارات أدبية وورش عمل ولقاءات فنية. وشهد اليوم الأول من افتتاح المعرض حضوراً للأمراء والمسؤولين، ونُخبةٍ من روّاد المجال الثقافي والفني المحليين والعالميين، بالإضافة إلى مجموعة من المهتمين بمجالات الأدب والثقافة والفنون.

ويضم المعرض 5 أجنحة توثق المسيرة الثقافية والفنية لـ«الفيصل»، وتتيح للزائر الاستمتاع بجولات تعريفية خاصةٍ عبر أروقة المعرض، ومشاهدة مقتنياتهِ الفنّيةِ القيّمة، والاستماع إلى فقراتٍ موسيقيةٍ مُختارةٍ من قصائده المغناة والتنقل بين ثراء الفن التشكيلي في أبهى صوره وتقليب صفحات الأدب.

مقتنيات فنّية قيّمة ضمّها معرض «موطن أفكاري» (هيئة الفنون البصرية)

ودعت دينا أمين، الرئيس التنفيذي لهيئة الفنون البصرية، عبر حسابها على منصة «إكس»، عموم المجتمع لحضور المعرض الذي يحتفى بأعمال وإرث الأمير خالد الفيصل الفنية والثقافية، مؤكدة أن المعرض يقدم تجربة استثنائية لها وقعها في خريطة الشعر والفن الوطني، وفرصة ملهمة للأجيال الواعدة.

وأكدت الرئيسة التنفيذية لهيئة الفنون البصرية في وقت سابق أن المعرض «يعكس التزام الهيئة بتقديم منصة تحتفي بالأعمال الفنية والأدبية المميزة، وتعزز الوعي الثقافي والفني لدى المجتمع بمختلف أطيافه، وتشجع على التفاعل والمشاركة الفعّالة من قِبل الزائرين، إذ يمكّنهم من طرح الأسئلة والمشاركة في النقاشات التفاعلية».

ضم المعرض أعمالاً ثقافية وفنية خالدة (هيئة الفنون البصرية)

بينما أعربت لولوة الحمود، القيمة الفنية للمعرض عبر حسابها على منصة «إكس»، عن سعادتها وتشرفها بكونها القيم الفني للمعرض الذي «يضم أعمالاً لرمز ثقافي وفني نقتدي به».

ويتخذ المعرض سرداً فنياً خاصاً يتلخّصُ في مسارين رئيسيين، هما؛ الرجل «المُلهَم» الذي يستمد إلهامه وإبداعه عبر توظيف اللغة، والكلمة، والحرف العربي في صياغة الشعر والأدب، مستلهماً من روح الوطن وأصالة أهله. وأما المسار الثاني فتمثّلَ في الرجل «المُلهِم» الذي أسهم في إلهامِ أجيالٍ من المفكرين، والفنانين، والشعراء، وروّاد الموسيقى بالعالم العربي على مرِّ عقودٍ كثيرة.

يضم المعرض 5 أجنحة توثق المسيرة الثقافية والفنية للأمير خالد الفيصل (هيئة الفنون البصرية)

ويشتملُ برنامجه على باقةٍ من الأنشطة، والبرامج النوعية الفنية والثقافية ذات القوالب الحوارية، والشعرية، والموسيقية الفريدة، ليُثري تجربة الزائر، ويحفّزه على التأمل والتفكير، كما كان منهج «الفيصل» في بعض مؤلفاتهِ، ومن بينها جلسة حوارية تُفصّلُ في علاقةِ الأدبِ بالفنِ بمشاركة مجموعة من الفنانين والشعراء ممن لهم صلة بموضوعها، إضافةً إلى لقاءٍ يجمعُ عدداً من فناني قرية المفتاحة يتطرقون فيه إلى تأثرهم بشخصِ الأمير خالد، وعمقهِ الفني والأدبي.

وتُمثل شخصية الأمير خالد الفيصل رمزاً ثقافياً لتعدد إبداعاته، وأوجهِ نشاطهِ وعطائهِ؛ فهو شاعرٌ، وفنانٌ وراعٍ للأدب والأدباء. نثر إبداعه في مجالاتٍ عدة، فمن الشعر إلى الأدب، ومنهما إلى الفن التشكيلي، فقد جادت قريحته الشعرية بما يصل إلى 480 قصيدة، ووصل إنتاجه الفكري إلى 18 كتاباً، ولطالما اهتم «الفيصل» بالفكر، والثقافة، ووثقت ذلك دواوينه، وعبّرت ريشتُه بأروع اللوحات التي تمتزج ألوانها مع الأشكال التعبيرية، فجعل اللوحة مُتمِّمةً للبيت الشعري.

رحلة ساحرة تتجسد في تفاصيل الفرشاة وعبق الألوان (هيئة الفنون البصرية)

وامتزج شعرهُ بالطبيعة دون أن يخرج عن حد المألوف في قصائده، فأبدعت أنامله في تصوير ووصف مظاهر الطبيعة الساحرة للمملكة، مستعيناً بألفاظٍ عكست ولعه بجبال المملكة، وسهُولِها ورُباها، فتارةً كان يُناجي الصحراء برمالها واتساع أُفقِها، وشمسها، وقمرها، ونهارها، وليلها، وأخرى جادت فيها قريحتهُ بقصائدٍ تُناجي السُحب، والأمطار، والجبال، والوديان.

المعرض شهد أنشطة ومؤثرات تصويرية وسمعية متناغمة أضفت بُعداً مميزاً على الموقع المقام به (هيئة الفنون البصرية)

ويشكل معرض «موطن أفكاري» تجربة ثرية للزائر، ينقلهُ عبر الزمانِ إلى تلك المحطات والذكريات التي شكّلت ريشة الأمير خالد الفيصل، وصاغت كلماته وبعثت الروح في لوحاته وأعماله الخالدة، وجعلت من تجربته الثرية إضافةً وطنيةً قيّمة.

كما يُبرز المعرض المشاعر السامية التي ألهمته، وانعكست جميعها في شخصية الأمير، والشاعر، والمثقف، الذي ارتبط بالزمان، والمكان، وافتخر بموروثه، وتغنى بوطنهِ، ومواطنيهِ في أشعاره، وإنتاجه الأدبي، وأبدعتها ريشتُه في لوحاتٍ مفعمة بالجمال.


مقالات ذات صلة

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق إحدى لوحات معرض «يا عم يا جمّال» (الشرق الأوسط)

«يا عم يا جمّال»... معرض قاهري يحاكي الأغاني والأمثال الشعبية

يحاكي الفنان التشكيلي المصري إبراهيم البريدي الأمثال والحكايات والأغاني والمواويل الشعبية المرتبطة بالجمل في التراث المصري والعربي.

حمدي عابدين (القاهرة )

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».