اعتماد ترميم 400 منزل أثري في 4 مدن يمنية

ضمن مشروع يهدف إلى خلق آلاف فرص العمل

بعض المنازل في صنعاء القديمة بعد ترميمها (هيئة المدن التاريخية اليمنية)
بعض المنازل في صنعاء القديمة بعد ترميمها (هيئة المدن التاريخية اليمنية)
TT

اعتماد ترميم 400 منزل أثري في 4 مدن يمنية

بعض المنازل في صنعاء القديمة بعد ترميمها (هيئة المدن التاريخية اليمنية)
بعض المنازل في صنعاء القديمة بعد ترميمها (هيئة المدن التاريخية اليمنية)

اعتمد الصندوق الاجتماعي للتنمية في اليمن ترميم المئات من البيوت والمعالم الأثرية المتضررة في شبام حضرموت، وصنعاء القديمة، ومدينة زبيد، ومدينة عدن، بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، ضمن مشروع يهدف إلى الحفاظ على التراث وخلق فرص العمل للشباب.

تضرر الكثير من مباني مدينة شبام الطينية من الأمطار الغزيرة (الصندوق الاجتماعي للتنمية في اليمن)

وإلى جانب ترميم المنازل ستشمل العملية التي تشارك فيها اليونيسكو ومكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع إعادة تأهيل شبكة الصرف الصحي بمدينة صنعاء القديمة، والتي تحتاج لتدخل عاجل، بسبب انتهاء العمر الافتراضي للشبكة.

وأكدت مصادر أن منظمة اليونيسكو تسعى في الوقت الراهن للضغط على المانحين لزيادة الدعم لليمن خلال العام المقبل من أجل التوسع في تنفيذ المشاريع التنموية، بما فيها الثقافية والحفاظ على التراث المادي واللامادي والمعالم والمدن الأثرية والتاريخية.

زبيد الأكثر تضررا

وفق هيئة الحفاظ على المدن التاريخية فإن مدينة زبيد التاريخية المدرجة على قائمة التراث الإنساني من أكثر المواقع الأثرية تضررا، حيث تحوي المدينة 12 ألف منزل، بينها 4962 مبنى أثريا، هي إجمالي المباني التي لم يتم العبث بها أو هدمها، كما تضم المدينة التابعة لمحافظة الحديدة 27 مدرسة علمية من إجمالي المساجد التاريخية البالغ عددها 86 مسجدا ومدرسة دينية.

تعرضت مدينة زبيد التاريخية لإهمال متعمد ما ألحق أضرارا بالغة بمنازلها (هيئة المدن التاريخية اليمنية)

وبحسب هذه البيانات فقد تعرض الكثير من المعالم الأثرية في المدينة التاريخية للعديد من الأضرار حيث انهارت مبان أثرية قديمة، تشكل بمجملها جزءا مهما من عناصر المدينة التاريخية، فيما لا يزال هناك 46 مبنى أثريا متضررا بحاجة إلى تدخل سريع لإنقاذها من الانهيار والسقوط، وبعضها يزيد عمرها عن 600 سنة.

وإلى جانب الحفاظ على المباني التاريخية يركز مشروع المنحة المقدمة من الاتحاد الأوروبي واليونيسكو على الطابع المجتمعي من خلال إشراك وإدماج وتشغيل الشباب، كما يهدف إلى خلق فرص عمل جديدة لثمانية آلاف شاب وشابة.

كما يقدم المشروع التدريب والمنح للمنظمات العاملة في الحقل الثقافي، حيث يشارك الشباب في ترميم وإعادة تأهيل أكثر من 500 مبنى تاريخي في ثلاثة مواقع للتراث العالمي المهددة بالخطر وهي صنعاء وشبام حضرموت وزبيد، وكذلك في مدينة عدن التاريخية، ضمن حملات تعزيز الوعي العام حول أهمية حماية التراث اليمني وإمكانياته في خلق فرص كسب العيش للشباب.


مقالات ذات صلة

اليمن: مدينة زبيد التاريخية أحدث «ضحايا» الانقلابيين

العالم العربي زاوية صوفية في زبيد من القرن السابع الهجري (إعلام محلي)

اليمن: مدينة زبيد التاريخية أحدث «ضحايا» الانقلابيين

على الرغم من مرور 24 عاماً على وضع مدينة زبيد اليمنية على قائمة التراث العالمي المُعرّض للخطر، فإن إهمال الانقلابيين الحوثيين فاقم من هذا الخطر.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي معلم يفتش طالباً قبيل إجراء امتحان بمدرسة في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات للحوثيين بالتلاعب في نتائج الثانوية العامة

اتهمت مصادر تربوية يمنية وأولياء أمور الجماعة الحوثية بالتلاعب بنتائج امتحانات الثانوية العامة التي أعلنت أخيراً.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي  حوثيون في صنعاء يرفعون صور فؤاد شكر وإسماعيل هنية اللذين قُتلا بغارتين إسرائيليتين (رويترز)

مقتل قيادي حوثي في ضربة أميركية استهدفت العراق

اعترف الحوثيون بمقتل أحد قادتهم في ضربة أميركية استهدفت أخيراً منطقة جرف الصخر في العراق، ورأى وزير الإعلام اليمني في الحادثة دليلاً على مدى خطر الدعم الإيراني.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي هجمات الحوثيين تراجعت إثر القصف الإسرائيلي على ميناء الحديدة (أ.ف.ب)

عودة الهجمات الحوثية البحرية بعد أسبوعين من الضربة الإسرائيلية

أثار تراجع الهجمات الحوثية ضد السفن وباتجاه إسرائيل تكهنات بتأثر قدرات الجماعة العسكرية جراء ضربة الحديدة، وبمخاوف لدى قادة الجماعة من التصفية واستهداف تجارتهم.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي منظر عام لمدينة تعز اليمنية التي تتعرض للقصف الحوثي (سبأ)

مركز حقوقي: هجمات الحوثيين وألغامهم قتلت 3 آلاف مدني في تعز

كشف مركز حقوقي عن مقتل أكثر من ثلاثة آلاف مدني في مدينة تعز اليمنية، بسبب هجمات الحوثيين خلال 9 سنوات من حصارهم للمدينة، إضافة إلى أكثر من ستة آلاف مصاب.

«الشرق الأوسط» (عدن)

49 تحفة معمارية تحكي قصة قرية على مشارف التراث العالمي

مباني ذي عين تحفة معمارية على أعتاب التراث العالمي (الشرق الأوسط)
مباني ذي عين تحفة معمارية على أعتاب التراث العالمي (الشرق الأوسط)
TT

49 تحفة معمارية تحكي قصة قرية على مشارف التراث العالمي

مباني ذي عين تحفة معمارية على أعتاب التراث العالمي (الشرق الأوسط)
مباني ذي عين تحفة معمارية على أعتاب التراث العالمي (الشرق الأوسط)

تبهرك قرية ذي عين الواقعة على مرتفعات تهامة بخصائصها ومكوناتها وأنت تجوب شوارعها وأزقتها الممهدة، وتحكي لك وأنت تناظر هذا الجمال عن تاريخها الهندسي في فن العمارة قبل مئات السنين، وكيف تكونت قصورها الـ49 في شكل هرمي على يد بنائين مهرة، جعلها هدفاً للباحثين والمهتمين بالتراث وفنون البناء.

هذا الفن والتاريخ بشقيه الثقافي والطبيعي يترقب بشغف موعد الانضمام إلى قائمة التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، بعد أن عملت هيئة التراث في السعودية على تأهيل القرية وتحويلها لمركز سياحي يستقطب المهتمين والباحثين عن التاريخ المنثور في كل زوايا القرية التي اكتسبت من موقعها الجغرافي عند مدخل مدينة المخواة وبجوار وادي ذي خضرة أهمية تضاف إلى القيمة التاريخية والثقافية.

أخذت القرية في بنائها الشكل الهرمي وسط الجبال ما زاد في جمال البناء (الشرق الأوسط)

وفي محاولة لفهم هذه الجماليات المرصوصة، لا بد أن تعلم في بادئ الأمر أن هذه القصور أو المباني بنيت على تبـة صـخرية عالية يصل ارتفاعاتها إلـى 800 متـر عـن مستوى سـطح البحـر، وأن الحرفيين في تلك الحقبة وضعوا نصب أعينهم كل المقاسات على المساحات المتاحة لما يعرف حالياً بـ«الخرائط» قبل البدء في عمليات البناء وكيف تعامل الحرفيون بكل دقة مع تفاصيل ارتفاع المباني بما يتناسب ومساحة المسطحات المتاحة.

وحافظت هذه المباني التي تصل في بعضها إلى 4 طوابق على قوتها وصلابتها رغم تغير الأزمنة وتقلبات المناخ، إذ ظلت شامخة في وجه كل المتغيرات لتصبح مزاراً ووجهة سياحية يفد إليها السياح من الداخل والخارج للوقوف على هذا التاريخ في البناء والعمارة لقرية عاشت على عـين دائمـة تحـت سفح الجبل وبعد مئات السنين أخرجت مخزونها التراثي من المحلية للعالمية.

مسجد القرية الذي بني في موقع متميز على التلة (أمانة الباحة)

يحيى عارف المختص في التراث وعضو في جمعية التراث العمراني في السعودية قال لـ«الشرق الأوسط» إن قرية ذي عين التي بنيت على مساحة 15354 متراً مربعاً، كانت تسمى قديماً بقرية الرخام لوفرة هذا النوع من الصخر في القرية والذي استخدمت حجارته في الحرم المكي الشريف في فترات سابقة، موضحاً أن القرية التي يعود تاريخها لمئات السنين بنيت على جرف أبيض وحجارتها من نوع يسمى «ماربل» وهي صخور من أصل جيري تحولت بسبب عوامل الضغط والحرارة إلى هذه الحجارة الملونة والزاهية المتدرجة في طبقاتها.

وتحدث عارف عن شكل البناء قائلاً إن القرية بنيت بشكل هرمي على ثلاثة مستويات، المستوى العلوي حصون ولكن ليس بالشكل الهيكلي كباقي الحصون، ولكنها لمراقبة المزارع والحماية، إضافة إلى القصور أو المباني المنتشرة في وسط القرية، والطرق والمسجد الخاص بسكان القرية.

ولفت عضو جمعية التراث إلى أن البناء في ذي عين هو مرجع للبناء في الجزيرة العربية إذ تجد البناء في جميع القصور التراثية المتواجدة في القرية يبدأ من «المدماك» وكلما يرتفع يقل ويصغر بنحو 7 بوصات وهذا يعطي القصر التراثي خصائص مختلفة منها زيادة واستدامة عمر القصر التراثي، كما أن هذه المباني تتميز بوجود فتحات صغيرة وهي من الداخل واسعة تمكن دخول 3 أشخاص، وهذه الفتحات لها منافع جمة لقاطني القرية، إذ عمدوا في تلك السنوات إلى وضع حجر أبيض من الخارج والذي تنعكس من خلاله أشعة الشمس فتشوش على المعتدين في المواجهات المباشرة.

مباني ذي عين تحفة معمارية على أعتاب التراث العالمي (الشرق الأوسط)

وأضاف عارف أن العمارة التاريخية في مطلع القرن الأول الهجري تميزت بالشخصية المعمارية التي بنيت على أنقاض العمارة «الساسانية»، وتتضح هذه المهارة وهذا التميز في الترابط بين مسارات القرية والشكل الهندسي لكل بناية، وكذلك تصريف المياه وتوزيع المبنى من الداخل بما يتناسب واحتياج كل أسرة.

وتحدث عارف عن اللحمة الموجودة التي كانت تسود أهالي القرية، والمدعومة بالكنز الثقافي الهائل الذي تحتضنه القرية قبل مئات السنين، إضافة إلى ما كان يتحلى به قاطنو القرية من كرم وجود في استقبال الوافدين إليهم من مختلف المدن والقرى للتزود بالمياه من عينها التي لم تنضب، أو مما تحصده القرية من ثمار وذرة والدخن.

ممرات القرية من الداخل تبرهن على دور الحرفيين في عمليات البناء (الشرق الأوسط)

ومن الموروث الثقافي غير المادي، ما كان يطبق من أحكام لفض النزاعات والخلافات، إذ يروي عارف أنه كان في السابق الشيخ هو القاضي في الخصومات والخلافات بين أهالي القرية، ومن العقوبات التي كان يطبقها شيخ القبيلة ضرب «خيال المخطي» وهو عقاب نفسي يلجأ إليه القاضي وتنفيذه أمام العامة بعد صلاة الجمعة، وهذا يعطي مؤشراً على انعدام الخلاف في قرية ذي عين إذ كانت العقوبة لخلاف بين شخصين ضرب «الخيال».

وعن الانضمام لليونيسكو، قال عارف إنه في عام 2014 وافق المقام السامي على إدراج قرية ذي عين ضمن 10 قرى تراثية تتنافس للانضمام إلى اليونيسكو، وهيئة التراث تعمل على ملفي القرية الثقافي والطبيعي وقريباً ترى النور، كما انضمت القرية في 2022 لمنظمة «سلوفود العالمية» بصفة أنها عنصر غذائي.