ونهو تشونغ... كوريّ الملامح والجذور عربيّ اللسان والقلب

الممثل وصانع المحتوى تَحصّن باللغة والضحكة ليواجه التنمّر ويدخل بيوت العرب

الممثل ومقدّم البرامج الكوري الأردني ونهو تشونغ (صور الضيف)
الممثل ومقدّم البرامج الكوري الأردني ونهو تشونغ (صور الضيف)
TT

ونهو تشونغ... كوريّ الملامح والجذور عربيّ اللسان والقلب

الممثل ومقدّم البرامج الكوري الأردني ونهو تشونغ (صور الضيف)
الممثل ومقدّم البرامج الكوري الأردني ونهو تشونغ (صور الضيف)

هو صاحب الوجه الآسيويّ واللسان العربيّ. من بلده الأمّ، كوريا الجنوبيّة، لم يحتفظ ونهو تشونغ سوى برابط الدم والجذور. أما من وطنه بالتبنّي، الأردن، فأخذ الجنسيّة واللغة والتقاليد.

لم يكن سهلاً على طفلٍ ذي ملامح آسيويّة، أن يكبر وسط أطفال عرب لا يشبهونه في شيء. لطالما شكّل الاستثناءَ بينهم لكنه درّب نفسه باكراً على التأقلم، كما يخبر «الشرق الأوسط» بعربيّته الممتازة. بسلاحَي اللغة والضحكة، حصّن ونهو نفسه. وعليهما استند كذلك لاحقاً خلال مسيرته المهنيّة، التي جعلت منه وجهاً إعلامياً وفنياً معروفاً في العالم العربي، لا سيّما في مجالَيْ الإعلانات وكوميديا «الستاند أب».

تشونغ وجه معروف في عالم الإعلانات والتلفزيون والكوميديا في العالم العربي (صور الضيف)

تحدّي النفود

«خلال طفولتي شعرتُ دائماً بأنّني عربي، لكن الناس كانوا ينظرون إليّ بطريقة مختلفة من دون أن أفهم السبب». في كلّ مرّةٍ تعرّضَ للتنمّر بسبب شكله الخارجيّ، أطلقَ ونهو لسانَه مفاخراً بلغته العربيّة. كانت تلك طريقته للقول: «أنا منكم ولا داعي لأن تعاملوني كدخيل». لم يسمح لجرح التنمّر بأن يخلّف ندوباً؛ «ما كان سلبياً في الصِغَر أراه اليوم إيجابياً. الاختلاف فتح أمامي أبواباً كثيرة».

وُلد ونهو تشونغ في جدّة من أبٍ كوريّ وأمّ فيتناميّة. عاش أوّل 20 عاماً من حياته في عمّان مع عائلته، حيث تابع دراسته الجامعيّة في التسويق، أما السنوات الـ20 الأخيرة فأمضاها في دبي، حيث يقيم حالياً. لكنّ أحدث إطلالاته التلفزيونيّة تعود به إلى مسقط الرأس، المملكة العربية السعودية؛ إذ يشارك في برنامج «تحدّي النفود» على قناة SBC كأحد الضيوف المشاهير.

عن هذه التجربة الجديدة التي جرى تصويرها في صحراء «نيوم»، يوضح ونهو أنها تندرج في خانة تلفزيون الواقع، وقد اختار شريكاً له فيها صانع المحتوى باسل غازي أوغلو. تتنافس الفِرق الـ13 فيما بينها ضمن تحديات بدنيّة وذهنيّة، على أن يقدّم الفريق الفائز المبلغ الذي جمعه في نهاية البرنامج إلى جمعيّة خيريّة من اختياره.

كشعوره بالانتماء إلى العالم العربي، يشعر ونهو بأنه ينتمي إلى عالم التلفزيون. «في بيت العائلة في عمّان، كنت أجلس ساعات أمام الشاشة مسحوراً بها. يمكن القول إنني كنت طفلاً مهووساً بالتلفزيون، وحلمت بأن أصبح ممثّلاً ومقدّم برامج ومغنّي». سلك الدروب التي قد تؤدّي به إلى حلمه، فاستثمر ميوله الفنّية دارساً البيانو والغناء والمسرح.

يحلّ ونهو ضيفاً على برنامج تلفزيون الواقع «تحدّي النفود» (إنستغرام)

كوريّ يغنّي عبد الحليم

يعرّف عن نفسه اليوم كـ«شخصيّة ترفيهيّة». هو الذي جمع الملايين بين مشاهَداتٍ ومتابعين منذ انطلاقته قبل 16 عاماً، ينفي أن تكون الشهرة هدفَه وطموحَه. يقول إنّ «الشهرة لم تأتِ بسبب التناقض بين ملامحي الآسيويّة وطلاقتي في اللغة العربية، إنما كانت النتيجة الطبيعية للمثابرة في الفن والإعلام». يؤكّد كذلك أنه لم يبحث عن الشهرة، بل هي التي أتته صدفةً؛ كان في محلّ أحذية في دبي، يتحدّث مع الموظفين ويُضحكهم عندما لفتَ إليه انتباهَ أحد الزبائن الذي عرض عليه تصوير إعلان لعلامة تجاريّة معروفة، وهكذا كانت البداية.

تنوّعت الإطلالات لاحقاً ما بين إعلانات وعروض كوميديّة على خشبة المسرح. طوّع ونهو تشونغ اختلافه لمصلحته، واجتهد كي يتخطّى الجمهورُ صدمة الشكل فينظر إلى ما هو أعمق، أي إلى المحتوى الذي يقدّم. يتذكّر فترة البدايات قائلاً إنّ «الانتشار كان سريعاً، فمن البديهي أن يثير صعودُ شخص كوري فيتنامي على المسرح وغناؤه الطرب وإطلاقُه النكات بلغة عربية سليمة، الانتباهَ والضحك. لكن مع الوقت اضطررت إلى أن أُثبت للناس أنّ لديّ ما يكفي من محتوى ومقدرة فنية، كي أقدّم برامج وأمثّل وأغنّي».

بعد 16 عاماً في المجال، يعرّف ونهو تشونغ عن نفسه اليوم كـ«شخصية ترفيهية» (صور الضيف)

تزامنت انطلاقة ونهو عام 2008 مع صعود منصة «يوتيوب»، وقد انتشر له حينذاك فيديو وهو يغنّي لعبد الحليم حافظ. «حصد الفيديو أرقاماً ضخمة وصار الناس ينادونني شابّ اليوتيوب»، يذكر ونهو مبتسماً. بعد ذلك استضافه الإعلامي المصري باسم يوسف في «البرنامج»، فشكّل الأمر نقطة تحوّل في مسيرته. بين عشية وضحاها، تضاعف عدد متابعيه بشكلٍ خياليّ.

سفير كوريا لدى العرب

أمّا أكثر المحطّات تأثيراً فيه، فكانت تعيينه سفيراً فخرياً للسياحة الكوريّة في الشرق الأوسط من قِبَل «هيئة تنشيط السياحة الكوريّة». كان ونهو في الـ30 من عمره يوم وطئ أرض جذوره للمرة الأولى. زارَ وطنَه مكرّماً، فخانته اللغة التي لم يتعلّمها، لكنّ دموعه عبّرت عمّا في قلبه من تأثّر. «أشعر وكأنّي امتددتُ جسراً ثقافياً بين كوريا الجنوبية والعالم العربي، لا سيّما من خلال البرامج السياحية التي قدّمت»، هكذا يختصر تلك التجربة.

ليس ونهو مشهوراً في كوريا كما هي الحال في العالم العربي. بالنسبة إلى الكوريّين هو عربي، وفي عيون العرب هو كوريّ. هذه الإشكالية تُلازمه حتى اللحظة، خصوصاً في ميدان العمل. «أشعر بأن العالم العربي هو بيتي، وبأنني عربي لكن غالبية الناس لا تراني كذلك، بل كأجنبي معرّب. مهنياً وفنياً كذلك، أظنّ أن الاندماج لم يكتمل».

ونهو تشونغ في مسقط رأسه، المملكة العربية السعودية (إنستغرام)

دراما... مع وقف التنفيذ

عام 2016، شارك في بطولة مسلسل «ساق البامبو» المقتبس عن رواية سعود السنعوسي. لعب دور (عيسى)، الشاب الكويتي الفلبيني المنبوذ والتائه بين هويّتَين. «جرى اختياري حينها بسبب ملامحي، لكن بعد ذلك لم تتكرّر التجربة الدراميّة. آسف لأن شركات الإنتاج العربية لا تعتمد الانخراط كما يحصل في هوليوود»، يعلّق ونهو.

تسأله عن معنى اسمه فيجيب: «الشجاع دائماً». كمَن يريد أن ينال من اسمه نصيباً، يتابع ونهو السير قدماً، حالماً ببرنامج حواريّ يستضيف فيه المشاهير، ويستطيع من خلاله أن يمزج الفكاهة والجدّ، الضحكة والدمعة. أما في الوقت الراهن، فهو يؤجّل معظم المشاريع، الموسيقية منها والكوميديّة، مكرّساً منصاته وصوته دفاعاً عن أهل غزة. «ونهو تشونغ» الكوريّ، ابن الأردن وجارُ فلسطين، يقول إنه يشعر بعروبته أكثر من أي وقت.


مقالات ذات صلة

إيمان جنيدي: قيادة المرأة للأوركسترا تأخرت كثيراً في مصر

يوميات الشرق المايسترا إيمان جنيدي ترفض حصر النساء بمهن معيّنة (الشرق الأوسط)

إيمان جنيدي: قيادة المرأة للأوركسترا تأخرت كثيراً في مصر

في 2015، أسَّست الفنانة فرقتها الخاصة باسم «المايسترو»، وأصبحت قائدة لها. تتكوّن من عازفين ومطربين معروفين، وعدد أعضائها نحو 50 فناناً.

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وفق علم النفس فإنّ مَن ينتحرون من أماكن مرتفعة يرغبون في تحويل موتهم إلى فعلٍ عام (رويترز)

ليام باين ليس أوّل ضحاياها... الشرفةُ كوسيلة انتحارٍ حتميّ

أعادت حادثة سقوط المغني ليام باين من على شرفة الفندق وفياتٍ كثيرة مشابهة إلى الأذهان. فلماذا يختار بعض المشاهير الانتحار من أماكن مرتفعة؟

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)

ومن البُنِّ ما قتل... مشاهير أدمنوا القهوة فشربوا 50 فنجاناً في اليوم

وصل هَوَس الكاتب هونوري ده بالزاك بالقهوة حدّ تناول 50 فنجاناً منها يومياً، أما بريتني سبيرز فتشربها بالـ«غالونات». ما سر هذا المشروب الذي أدمنه المشاهير؟

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق من جورج واشنطن إلى ماثيو بيري... شخصيات تورطَ أطبّاؤها ومعاونوها في موتها

من جورج واشنطن إلى ماثيو بيري... شخصيات تورطَ أطبّاؤها ومعاونوها في موتها

بعد انكشاف تورُّط مساعد ماثيو بيري وطبيبه بوفاته في جرعة زائدة من المخدّر، عادت إلى الأذهان وفيات مشابهة قضى فيها مشاهير على أيدي أطبّائهم ومعاونيهم.

كريستين حبيب (بيروت)
أوروبا كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه خلال مناقشة حول العلاقات المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي في بروكسل 18 ديسمبر 2020 (إ.ب.أ)

من هو ميشال بارنييه الذي عيّنه ماكرون رئيساً للحكومة الفرنسية؟

ميشال بارنييه سياسي وسطي ومستشار لحزب «الجمهوريين»، تولى مناصب عديدة بالاتحاد الأوروبي وفي الداخل الفرنسي، عُيّن لمفاوضات «بريكست» واشتهر بأنّه مفاوض جيّد.

شادي عبد الساتر (بيروت)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)
مسلسل «6 شهور» (حساب Watch IT على «فيسبوك»)
TT

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)
مسلسل «6 شهور» (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام من خلال «التمسك بالشغف».

وتصدر المسلسل قائمة «الأكثر مشاهدة في مصر» على منصة «watch it»، خلال الأسبوع الثاني على التوالي من عرضه.

ويبدأ العمل، الذي يقوم ببطولته الممثل الشاب نور النبوي، أحداثه بإشادة أستاذ جامعي بذكاء وموهبة طالب سابق لديه يُدعى مراد في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ويشيد بمشروع تخرجه، متوقعاً أن يكون قد تبوأ مكانة مرموقة في عالم رجال الأعمال و«البيزنس الإلكتروني».

لكن تكشف الأحداث أن مراد يعمل موظف «كول سنتر» في شركة صغيرة لصناعة الغسالات، بعد فشله في تحويل مشروعه إلى واقع بسبب ضعف الإمكانيات المادية.

لقطة من المسلسل المصري «6 شهور» (صفحة الفنان نور النبوي على «فيسبوك»)

وتتوالى الأحداث حيث ينتقل مراد إلى التدريب تحت الاختبار في شركة عقارات لمدة 6 شهور، ويدخل في منافسة شرسة للفوز بالوظيفة مع لطيفة «نور إيهاب»، وفي سبيل ذلك يخوض الشابان مجموعة من المغامرات التي تمتزج فيها الكوميديا بالمعاناة.

وللمسلسل «طابع جديد غير نمطي» وفق الناقد محمود مطر، الذي وصف المسلسل بأنه «دراما شبابية بامتياز، لا تركز على قصص الحب، بل تناقش قضايا أخرى أصبحت أكثر إلحاحاً في المجتمع، وهي صعوبات النجاح في الحياة العملية في ظل الأزمة الاقتصادية».

وقال مطر لـ«الشرق الأوسط»: «هذا العمل يكاد يكون أول مسلسل يخوض في عالم العقارات بتفاصيله الدقيقة، وهو عالم أثار استياء المصريين وسخريتهم أخيراً؛ بسبب كثرة ملاحقة العاملين فيه للجمهور عبر الهاتف، عارضين فيلات فاخرة بالملايين، ولعل هذا المسلسل يكون قد نجح في الكشف عن أسباب هذه الملاحقة، وارتباط ذلك بالعائد المادي الضخم الذي يحصلون عليه عند إتمام البيع».

والمسلسل المكون من 10 حلقات من تأليف عمرو أبو زيد وأحمد هشام، وإخراج مصطفى الصولي، ويشارك في البطولة مراد مكرم، وسلوى محمد علي، وبسمة نبيل، وباهر النويهي، ومروان فارس، وأحمد فاضل، ونورا عبد الرحمن، وأمجد الحجار، فضلاً عن عدد من ضيوف الشرف مثل بدرية طلبة، وعلاء مرسي، ومحمد عبد العظيم.

«يقود العمل الشباب إلى بداية الطريق، ويساعدهم على أن يعرفوا كيف يمكن أن يتحول الحلم إلى واقع»... هكذا بدأ المخرج مصطفى الصولي حديثه عن فكرة «6 شهور»، واصفاً المسلسل بأنه «يلمس فئة واسعة من الشباب المصري».

الفنانة نور إيهاب في لقطة من المسلسل (حساب WATCH IT على «فيسبوك»)

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يتناول المسلسل معاناة الشباب بعد التخرج من الجامعة، وكيف يظلون لعدة سنوات في حالة تشتت (توهان)، لا يعرفون ماذا يريدون، وما هي قدراتهم، وما هو شغفهم الحقيقي، وذلك من خلال الأحداث التي يمر بها مراد ولطيفة ومجموعة أخرى من شباب (الكول سنتر) و(السيلز)».

وأضاف: «يسير المسلسل تدريجياً معهم إلى أن يأخذ المشاهدين لمعرفة أسلوب التفكير السليم، والتمسك بالشغف؛ مما يجعلهم قادرين على اكتشاف أنفسهم، وتحديد أهدافهم وتحقيقها؛ وبذلك يخرج بهم من دائرة التشتت إلى الطريق الصحيح».

واختيار عالم العقارات كمحيط اجتماعي أساسي تدور داخله أحداث المسلسل لم يكن فقط بهدف التجديد أو مجرد عرض تخصص غير مطروق كثيراً في الدراما المصرية، إنما كان ثمة مبرر درامي يخدم القصة، بحسب الصولي «يبرز هذا العالم مدى المعاناة التي يتعرض لها حديثو التخرج في مصر؛ فذلك المجال يتطلب منهم جهداً كبيراً ومهارات خاصة، ورغم ذلك يسبب لهم إحباطات ولحظات فشل وإحراج كثيرة، وهو نموذج لمجالات كثيرة يضطرون للعمل فيها».

وفي سبيل محاكاة عالم «السيلز» بكل تفاصيله قام مخرج العمل بقضاء أيام كاملة داخل شركات العقارات، والتقى خلالها بالمديرين والموظفين؛ ليتعرف على حياتهم اليومية وأسلوب عملهم، والمصطلحات المتداولة بينهم؛ وهو ما أسفر عن «محاكاة الواقع» الذي أشاد به الجمهور والنقاد، وفق الصولي.

وتزامناً مع هذه المعاناة الشبابية في التوظيف بالمجتمع المصري، يتطرق المسلسل إلى قضايا إنسانية أخرى؛ لتتشابك الأبعاد الدرامية بتصاعد الأحداث، فيكتشف المشاهد وجود ترسبات نفسية داخلية لدى بطلي العمل؛ إذ يعاني مراد الذي توفي والده صغيراً وتولت أمه تربيته، من الإحساس الدائم بالذنب والحزن الشديد على حاله، لأنه غير قادر على التخفيف عنها، ولا على تحقيق توقع أبيه له بأنه سيصبح ذا شأن عظيم.

ومن جهة أخرى تعاني لطيفة من الإحساس المرضي بأنها «تحت المجهر» دوماً؛ مما يدفعها إلى الكذب المستمر، إلى جانب معاناتها من غياب الدفء الأسري؛ بسبب انفصال والديها، وهكذا ينتقل المشاهد من خلال هذه الأحداث ما بين الصراع الخارجي بين الشخصيتين الرئيسيتين للمسلسل سعياً وراء الفوز بفرصة العمل من جهة، وما بين الصراع الداخلي لدى كل منهما من جهة أخرى.

الفنان نور النبوي في لقطة من المسلسل (صفحة الفنان على «فيسبوك»)

ويأتي هذا التشابك بين الخطوط الدرامية المتعددة مقصوداً؛ بهدف بناء الشخصيات ومنحها عمقاً يبرر تصرفاتها في المسلسل بحسب الصولي الذي يوضح: «لم يكن تناول المشكلات الأخرى لمراد ولطيفة نوعاً من الحشو أو (المزايدة الاجتماعية)، إنما جاء لمزيد من فهم المشاهد لهما، فلولا هذه المعالجة ما كانت أفعالهما قد اكتسبت المنطقية، وما كان الجمهور ليتفاعل معهما بالقدر الكافي».

ويُعدّ المسلسل الذي ينتمي إلى الدراما الاجتماعية الكوميدية الخفيفة، هو العمل الدرامي الأول للمخرج الذي عمل طويلاً في مجال الإعلانات، وهو ماً أثار بعض التعليقات «السوشيالية» التي ربطت بين أسلوب إخراج المسلسل وهذا المجال.

وحول هذا الأمر يقرّ الصولي: «لا أنكر أنني تأثرت كثيراً خلال إخراج المسلسل بكوني مخرجاً للإعلانات، وشكل ذلك ميزة مهمة من وجهة نظري؛ لأن الإعلانات تقوم على تقديم كل ما تريده في ثوانٍ معدودة، وهو نفس الفكر الذي اتبعته في (6 شهور)؛ ولذلك جاء إيقاعه سريعاً بشكل لافت، إضافة إلى التكثيف الدرامي، والطابع الحيوي الجذاب، رغم أن العمل يتصدى لقضية شائكة تسودها المعاناة والإحباط».