جدة التاريخية... وجهة عالمية تبحر بزوارها في أعماق التاريخ

إطلالات لنجوم «مهرجان البحر الأحمر» وإعجاب بتراث المنطقة وثقافتها

الممثل الشهير ويل سميث خلال تجوله في المنطقة التاريخية بجدة (برنامج جدة التاريخية)
الممثل الشهير ويل سميث خلال تجوله في المنطقة التاريخية بجدة (برنامج جدة التاريخية)
TT

جدة التاريخية... وجهة عالمية تبحر بزوارها في أعماق التاريخ

الممثل الشهير ويل سميث خلال تجوله في المنطقة التاريخية بجدة (برنامج جدة التاريخية)
الممثل الشهير ويل سميث خلال تجوله في المنطقة التاريخية بجدة (برنامج جدة التاريخية)

بين جوانبها قصص وتفاصيل تاريخية تمتد لقرون مضت، ما إن تتجوّل بين شوارعها وتستكشف أزقتها ومبانيها القديمة ذات الطراز العمراني الفريد، تغمرك الدهشة زائراً، ويدفعك الفضول إلى معرفة تاريخ المنطقة والإبحار في أعماق تفاصيلها.

تلك هي المنطقة التاريخية في جدة (غرب السعودية) التي باتت اليوم «متحفاً مفتوحاً» يعكس تراث المنطقة وثقافتها الغنية، ووجهة عالمية للزائرين والحالمين ومقصداً للباحثين عن الجمال من جميع أنحاء العالم للتجوّل بين أزقتها والتعرف على معالمها وثقافتها والاستمتاع بحفاوة أهلها.

الممثل الشهير ويل سميث يوثق (برنامج جدة التاريخية)

ومع انطلاقة التظاهرة السينمائية العالمية ممثلة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي في جدة بدورته الثالثة، حرص العديد من نجوم المهرجان والمخرجين وصناع السينما المرموقين لزيارة المنطقة والتعرف على تاريخ المدينة والتجول بين مبانيها وحاراتها القديمة، التي تعود نشأتها إلى نحو 3 آلاف عام قبل توثيق رحلتهم بالصور التذكارية أمام أشهر المعالم التراثية.

وتوافد أبرز النجوم والمشاهير العالميين للتعرف على المنطقة عن قرب واستكشاف معالمها الأثرية منهم الممثل الشهير ويل سميث، والممثلة صوفيا فيرغارا اللذان انبهارا بجمال المباني ورواشينها الساحرة، ووثقا عبر مقاطع فيديو وصور جمال المكان وعراقته، وأبديا إعجابهما الشديد بتراث السعودية وثقافتها.

واستوقفت الزائرين تفاصيل البيوت التاريخية لما تضمّه من شواهد عديدة تحكي جماليات المدينة القديمة وتصميمها، كما تمثل أصالة الزمان والمكان للطراز المعماري الفريد من نوعه بواجهات صُنعت من الخشب الجاوي وأخشاب الساج الهندي، التي توفر التهوية الطبيعية للمنازل، وما تحتويه من متاحف أثرية وساحات عريقة وتنوع المخزون الثقافي فيها.

سائحون من مختلف دول العالم خلال زيارتهم للمنطقة (برنامج جدة التاريخية)

ولم يكن مستغرباً أن تحظى المنطقة التاريخية التي اختيرت ضمن قائمة التراث العالمي لدى منظمة «اليونيسكو» عام 2014، بشهرة كبيرة، حيث تشهد توافد الزائرين إليها على مدار العام من داخل السعودية وخارجها، من وزراء وسفراء وسياسيين وألمع نجوم الفن والرياضة.

ويجسد الفن العمراني للمنطقة أعمالاً هندسية تدفع للانبهار حيال مدى مهارة البنائين والنجارين في عمل المباني والنوافذ الخشبية المعروفة بـ«الروشان» التي تعمل على تغطية الفتحات المطلة من البيت إلى الخارج بالخشب الفاخر، وتعمل على تخفيف درجات الحرارة بطريقتها الفنية التي تسمح بدخول الهواء الخارجي وتهوية المنزل لتجعل منها لوحة فنية على جدران المباني، وإطلالتها على شوارعها العتيقة.

الممثلة صوفيا فيرغارا خلال تسوقها بالمنطقة التاريخية بجدة (إنستغرام)

وعند وصولك للمنطقة التاريخية ستلاحظ أبواب سور جدة القديمة، وأشهرها من الشرق «باب جديد» الذي بُني بداية الأربعينات في العهد السعودي، يليه «باب مكة» من الجهة الشرقية المقابلة لسوق البدو، ومن ثمّ «باب شريف» من المنطقة الجنوبية، قبل التوجه برحلة إلى أشهر البيوت الشهيرة في المنطقة، من أبرزها بيت نصيف، وبيت المتبولي، وبيت سلوم، وبيت الشربتلي، وبيت قابل، وبيت زينل، وبيت البترجي، وبيت باعشن وبيت سلوم، وقد رُممت كل هذه البيوت مؤخراً وفق أعلى المواصفات والمعايير.

ديفيد فيا نجم الكرة الإسباني خلال زيارته للمنطقة (برنامج جدة التاريخية)

وتبرز العديد من المواقع الضاربة في عمق التاريخ، أهمها مسجد الشافعي، ومسجد عثمان بن عفان، ويطلق عليه مسجد الأبنوس، ومسجد عكاش، وجامع الحنفي، ومسجد أبو عنبة، إلى جانب أعرق الأسواق الشعبية، التي تمثّل وجهة مفضّلة لمحبي التراث والقطع التذكارية، وتبعد المنطقة 20 دقيقة فقط عن أفضل تجارب التسوق والخيارات العالمية للمطاعم.

جانب من زيارة الممثل البريطاني هينري كافيل إلى المنطقة (برنامج جدة التاريخية)

وكان الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء السعودي، أطلق قبل عامين مشروع «إعادة إحياء جدة التاريخية» الذي هدف إلى تطوير المنطقة لتكون مركزاً للثقافة والأعمال ووجهة لرواد الأعمال، في سياق حرصه واهتمامه وحفاظه على المواقع التاريخية وصونها وتأهيلها تحقيقاً لمستهدفات «رؤية 2030».

وفي إطار الجهود المتواصلة لولي العهد السعودي لتنمية المنطقة وتطويرها، أعلن صندوق الاستثمارات العامة الشهر الماضي، عن تأسيس شركة تطوير البلد لتكون المطور الرئيسي لمنطقة جدة التاريخية (البلد)، وجعلها مركزاً اقتصادياً ووجهة ثقافية وتراثية عالمية.

الممثل الشهير ويل سميث خلال تجوله في المنطقة التاريخية بجدة (برنامج جدة التاريخية)

وتعكف وزارة الثقافة من خلال برنامج تطوير جدة التاريخية، على تطوير وتأهيل مناطق عدّة في قلب البلد، وتحويل أحيائها إلى نموذج مثالي يحافظ على مكانتها التراثية، لتصبح موقعاً نابضاً بالحياة وحافلاً بالتجارب الثقافية وبمتعة التسوق والاكتشاف.



«اشترِ الآن!»... وثائقي «نتفليكس» الجديد يكشف دهاليز مؤامرة التسوق

الصورة المصاحبة لبوستر الفيلم الوثائقي (نتفليكس)
الصورة المصاحبة لبوستر الفيلم الوثائقي (نتفليكس)
TT

«اشترِ الآن!»... وثائقي «نتفليكس» الجديد يكشف دهاليز مؤامرة التسوق

الصورة المصاحبة لبوستر الفيلم الوثائقي (نتفليكس)
الصورة المصاحبة لبوستر الفيلم الوثائقي (نتفليكس)

تُغري عبارة «اشترِ الآن» ملايين المستهلكين من حول العالم، لتبضع الكثير من السلع الاستهلاكية التي غالباً لا يحتاجون إليها، خصوصاً في فترة نهاية العام؛ حيث تنشط العروض الترويجية، وتزداد حملتا «الجمعة البيضاء» و«الجمعة السوداء» وغيرهما، وهي حيل يكشف دهاليزها الفيلم الوثائقي الجديد الذي أصدرته «نتفليكس» قبل أيام، تحت عنوان: «الشراء الآن: مؤامرة التسوق».

يأتي هذا الفيلم من تأليف وإخراج المرشحة لجائزة «إيمي» للأفلام الوثائقية، نيك ستيسي، لتنبيه المستهلك إلى الأكاذيب التي تم بيعها له وصارت تُكلفه الكثير، كما يكشف الستار عن حيل كبرى العلامات التجارية وأساليبها الذكية في اصطياد المستهلك وتحفيز رغبته الدائمة في الشراء، في عمليات تلاعب نفسي وعاطفي تضمن استمرار ضخ مزيد من الأموال لهذه الشركات العالمية.

خبراء الشركات العالمية يكشفون في الوثائقي كيف روّضت العلامات التجارية مستهلكيها (نتفليكس)

تلاعب نفسي

تقول المصممة السابقة في «أمازون»، مارين كوستا، التي ساعدت في تطوير الموقع: «إنك تتعرّض للخداع بنسبة 100 في المائة، وهذا علم مركب ومُتعمد، بهدف إقناعك بشراء المنتجات». وأشارت، خلال مشاركتها في الفيلم، إلى أن المسوقين يستخدمون الاختبارات والبيانات لتحديد كل التفاصيل، بما في ذلك الألوان، التي ستدر أكبر قدر من المال، من خلال تحفيز المستهلك على ضغط «اشترِ الآن»، وخيارات الشحن المجاني وغير ذلك.

بينما يكشف بول بولمان الذي أدار «يونيليفر»، وهي إحدى أبرز الشركات متعددة الجنسيات في العالم، وتُعد من أكبر منتجي السلع المنزلية، مثل مواد التنظيف وغيرها، عن أن شركته تصل لنحو ملياري مستهلك يومياً، مضيفاً: «لا أظن أن المستهلك هو الجاني في هذه الحالة، لأنه يتم تشجيعه على ذلك باستمرار». ويؤكد أنه حين تُرمى هذه المنتجات فإن ذلك لا يعني التخلص منها، فلا يوجد مكان للتخلص منها بشكل نهائي، بل ينتهي بها الأمر في مكان آخر على كوكب الأرض، مما يُنذر بمزيد من العواقب الوخيمة. ويتابع: «بعد 10 أعوام من إدارة (يونيليفر)، شعرت بأنني أستطيع إحداث تأثير أكبر في العالم بترك عالم الشركات».

من ناحيته، بيّن المدير التنفيذي لشركة «فريم وورك» المتخصصة في التقنية نيراف باتيل، الذي انضم إلى شركة «أبل» في عام 2009، أن النجاح الباهر الذي حقّقته «أبل» عبر إصداراتها المتعددة لجهاز «الآيفون» هو أمر أغرى معظم الشركات الإلكترونية الاستهلاكية التي اعتمدت هذا المسلك. وأضاف: «إذا كنت تصنع حواسيب محمولة، أو هواتف ذكية يملكها كل المستهلكين بالفعل، فسيعتمد نموذج عملك على أنهم بحاجة إلى استبدال ما لديهم». وتابع: «هناك قرابة 13 مليون هاتف يتم التخلص منها يومياً، وذلك رغم كونها بالغة التطور وباهظة الثمن».

يقدم الوثائقي صورة تخيلية لأطنان النفايات المتكدسة في المدن جرّاء هوس الشراء (نتفليكس)

هدر بيئي

وخلال اللقطات المتعددة المعروضة في هذا الوثائقي الصادم يمكن للمشاهد أن يرى بنفسه أكواماً من النفايات المتكدسة، كما أن الفيلم يقدّم أرقاماً جديرة بالاهتمام والتمعن، منها أن حجم النفايات البلاستيكية على مستوى العالم تصل إلى نحو 400 مليون طن كل عام، إلى جانب 92 مليون طن من نفايات المنسوجات سنوياً، وفي عام 2022 تجاوز حجم النفايات الكهربائية والإلكترونية حدود 62 مليون طن؛ مما يعني أن الإسراف في الشراء يشكّل أيضاً خطورة بالغة على الكوكب، ويتسبّب في تراكم النفايات على المدى الطويل.

ملصقات كاذبة

في مشاركة لها في الفيلم تقول المهندسة الكيميائية، جان ديل: «بناء على رأيي الذي بنيته من زيارة آلاف المتاجر، ومحاولة إيجاد مصانع تعيد تدوير الأشياء، تبيّن لي أن أغلب ملصقات قابلية إعادة التدوير على العبوات البلاستيكية كاذبة». وتضيف: «عملت في أشهر العلامات التجارية التي تصنع الأحذية والملابس والألعاب، وهذه الشركات تحرص فعلاً على جعل مصانعها تعمل دون إلحاق الضرر بالبيئة، إلا أنه بمجرد أن يصنعوا المنتج ويضعوه على رف المتجر، فإنهم يتبرؤون منه»، مشيرة إلى أن الغالبية العظمى من البلاستيك هي مواد غير قابلة لإعادة التدوير.

ويختتم الفيلم الوثائقي الذي يمتد لنحو 90 دقيقة، فصوله بتوجيه نصيحة إلى المستهلكين أن يكونوا أكثر وعياً، ويتجنبوا الوقوع في فخ إدمان التسوق أو اقتناء منتجات لا يحتاجون إليها، مع تأكيد أن المعلومات الواردة فيه لن تروق لمُلاك الشركات العالمية وتهدد بتضخم ثرواتهم التي تستند إلى هوس الشراء بالدرجة الأولى.