«بليلة فيا ضو قمر» رسالة أمل لمن يشعر باليأس

تتألف من طبقات محتوى تصاعدي بنهايتين

طوني داغر إطلالات قليلة بمعان كثيرة («إنستغرام» فؤاد يمين)
طوني داغر إطلالات قليلة بمعان كثيرة («إنستغرام» فؤاد يمين)
TT

«بليلة فيا ضو قمر» رسالة أمل لمن يشعر باليأس

طوني داغر إطلالات قليلة بمعان كثيرة («إنستغرام» فؤاد يمين)
طوني داغر إطلالات قليلة بمعان كثيرة («إنستغرام» فؤاد يمين)

قلّما نشهد في الفترة الأخيرة أعمالاً مسرحية تحمل رسائل اجتماعية عميقة بحيث لا تمر عند مشاهدها مرور الكرام، فخلال 75 دقيقة تطالعنا مسرحية «بليلة فيا ضو قمر» بمحتوى تصاعدي. ومنذ اللحظة الأولى يترك لدى مشاهدها علامات استفهام كثيرة. فتأتيه الأجوبة الواحدة تلو الأخرى في القسم الأخير منها مولدة عنده مفاجآت بالجملة.

«بليلة فيا ضو قمر» جرعة أمل يحتاجها اللبناني («إنستغرام» فؤاد يمين)

من المشهد الأول للمسرحية نرى وائل (فؤاد يمين) يجلس على سطح عمارة في بيروت يحاكي همومه بسيجارة إلكترونية. وضع السماعات على أذنيه ليستمتع بلحظات الوحدة التي ينشدها؛ ولكن دخول بريتا (سيرينا شامي) على عزلته هذه تقلب الأمور رأساً على عقب. فديناميكيتها البارزة تدفعه إلى إعادة التفكير بحالته. ومن هذه النقطة تحديداً تبدأ أحداث المسرحية بالتسارع، لتولد علاقة بين الاثنين تثير الجدل عند الحضور في صالة مسرح «مونو» بالعاصمة اللبنانية بيروت. وبين المزح والجد يأخذنا يمين إلى عالمه الكئيب، فيما تكسر بريتا عنده هذا الجمود، وتقول له بلغة جسد ديناميكية وشخصية طريفة «بتزهّق إنت»، لينجرف بصراحتها وحيويتها وجرأتها ويجاريها لا شعورياً، وكأنها خشبة خلاصه.

فؤاد يمين بأول مشهد من المسرحية («إنستغرام» فؤاد يمين)

نراهما أولاً يجلسان على سطح العمارة، ومن ثَمّ يتسلقان ليحطا على جانب خزان المياه؛ ومن ثم ترتقي علاقتهما إلى الأعلى بحيث يصبح هذا الخزان تلة حبهما. ومنه يشرفان على عالم الحب والذكريات والقمر. ومن حكاية أسطورية ترويها بريتا لوائل يبدأ المشاهد بفك اللغز. وتقول: تُعرف الليلة التي يبدو فيها القمر كبيراً ومضيئاً بـ«ليلة العشاق». وهي الليلة التي إذا مات فيها أحد الحبيبين ترتفع به الملائكة إلى القمر. وهناك يبقى عالقاً منتظراً وصول نصفه الثاني كي يكملا معاً صعودهما إلى السماء.

أما المفتاح الثاني لحل ألغاز المسرحية فيتمثل بإطلالة الممثل طوني داغر، فهو بالكاد يظهر 3 مرات على الخشبة. ولكن في كل مرة منها يترك تلميحاً يُسهم في تركيب حجر من أحجار «بازل» المسرحية. وتحل «قبلة يوضاس» بوضوح، للإشارة إلى تسليم وائل لقدره.

طيلة عرض المسرحية تبقى الابتسامة مرسومة على ثغر متابعها. حضور سيرينا الشامي وطاقتها اللافتة في تجسيد دورٍ مركّبٍ وصعبٍ لا يمر مرور الكرام. فيما فؤاد يمين الذي يفرض نفسه على الخشبة، لا يملّ مشاهده من قراءة أدائه وملامح وجهه. فالثنائي المتزوج منذ عدة سنوات استخدم هذا التناغم الموجود بينهما، والذي شهد طلعات ونزلات، ترجماه بلوحات تمثيلية يضرب فيها المثل لعشق بالغ للخشبة وامتلاكهما لها.

الثنائي يمين والشامي متناغمان إلى أبعد حدود في أدائهما («إنستغرام» فؤاد يمين)

مسرحية ذات نمط مختلف لا تشبه غيرها بحبكتها وألغازها ومفاجآتها. حتى ختامها يحمل نهايتين يتلوهما راوي القصة، ويترجمهما الثنائي بأدائهما المطعّم بالمدرستين السينمائية والدرامية، فيصفق الجمهور للنهاية الأولى على مضض؛ لأنها ليس «سعيدة»؛ ولكنه يقف مصفقاً بحماس للثانية التي تمدّه ببصيص أمل.

ويقاطع صوت يمين تصفيق الجمهور ليقول: «نتمنى لكل من يعاني من مشاكل وحدة وعزلة وهو بحاجة إلى الفضفضة أن يتصل بجمعية (إمبرايس ليبانون) التي تعنى بالصحة النفسية على الرقم 1564».

ثلاث مشكلات أساسية تطرحها المسرحية في قالب العلاج «الديلفري» من خلال الرسائل الإلكترونية هي: «أنا وحيد»، و«أرغب في النقاش، » و«اقتلني»، وهذه الأخيرة طلب خدمتها وائل، وتؤلف عقدة قصة المسرحية بأكملها.


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
TT

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

وأظهرت الدراسة، التي قادها فريق من جامعة كوينزلاند في أستراليا، ونُشرت نتائجها، الجمعة، في دورية «The Lancet Psychiatry»، أن كثيرين من المصابين بالاكتئاب لا يتلقون العناية اللازمة، ما يزيد من معاناتهم ويؤثر سلباً على جودة حياتهم.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 300 مليون شخص الاكتئاب، مما يجعله السبب الرئيسي للإعاقة عالمياً. وتشير التقديرات إلى أن 5 في المائة من البالغين يعانون هذا المرض. وضمّت الدراسة فريقاً من الباحثين من منظمة الصحة العالمية وجامعتيْ واشنطن وهارفارد بالولايات المتحدة، وشملت تحليل بيانات من 204 دول؛ لتقييم إمكانية الحصول على الرعاية الصحية النفسية.

وأظهرت النتائج أن 9 في المائة فقط من المصابين بالاكتئاب الشديد تلقّوا العلاج الكافي على مستوى العالم. كما وجدت الدراسة فجوة صغيرة بين الجنسين، حيث كان النساء أكثر حصولاً على العلاج بنسبة 10.2 في المائة، مقارنة بــ7.2 في المائة للرجال. ويُعرَّف العلاج الكافي بأنه تناول الدواء لمدة شهر على الأقل، إلى جانب 4 زيارات للطبيب، أو 8 جلسات مع متخصص.

كما أظهرت الدراسة أن نسبة العلاج الكافي في 90 دولة كانت أقل من 5 في المائة، مع تسجيل أدنى المعدلات في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا بنسبة 2 في المائة.

وفي أستراليا، أظهرت النتائج أن 70 في المائة من المصابين بالاكتئاب الشديد لم يتلقوا الحد الأدنى من العلاج، حيث حصل 30 في المائة فقط على العلاج الكافي خلال عام 2021.

وأشار الباحثون إلى أن كثيرين من المرضى يحتاجون إلى علاج يفوق الحد الأدنى لتخفيف معاناتهم، مؤكدين أن العلاجات الفعّالة متوفرة، ومع تقديم العلاج المناسب يمكن تحقيق الشفاء التام. وشدد الفريق على أهمية هذه النتائج لدعم خطة العمل الشاملة للصحة النفسية، التابعة لمنظمة الصحة العالمية (2013-2030)، التي تهدف إلى زيادة تغطية خدمات الصحة النفسية بنسبة 50 في المائة على الأقل، بحلول عام 2030. ونوه الباحثون بأن تحديد المناطق والفئات السكانية ذات معدلات علاج أقل، يمكن أن يساعد في وضع أولويات التدخل وتخصيص الموارد بشكل أفضل.

يشار إلى أن الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم، حيث يؤثر على ملايين الأشخاص من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، ويرتبط بشكل مباشر بمشاعر الحزن العميق، وفقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية، مما يؤثر سلباً على الأداء الوظيفي والعلاقات الاجتماعية.