الشاعر الإيطالي جوسيبي كونتي يتسلم في الرباط جائزة «الأركانة» العالمية للشعر

الشاعر الإيطالي جوسيبي كونتي يتسلم جائزة «الأركانة» العالمية للشعر لسنة 2022 (صفحة المكتبة الوطنية)
الشاعر الإيطالي جوسيبي كونتي يتسلم جائزة «الأركانة» العالمية للشعر لسنة 2022 (صفحة المكتبة الوطنية)
TT

الشاعر الإيطالي جوسيبي كونتي يتسلم في الرباط جائزة «الأركانة» العالمية للشعر

الشاعر الإيطالي جوسيبي كونتي يتسلم جائزة «الأركانة» العالمية للشعر لسنة 2022 (صفحة المكتبة الوطنية)
الشاعر الإيطالي جوسيبي كونتي يتسلم جائزة «الأركانة» العالمية للشعر لسنة 2022 (صفحة المكتبة الوطنية)

تسلَّم الشاعر الإيطالي جوسيبي كونتي، مساء الأربعاء، في الرباط، جائزة «الأركانة» العالمية للشعر لسنة 2022، التي يمنحها «بيت الشعر» في المغرب، بشراكة مع «مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير»، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل.

ووصف الشاعر والروائي حسن نجمي، الأمين العام للجائزة، كونتي بالشاعر الإيطالي الكبير، وقال عنه إنه «شفيف النظرة، عميق العبارة، حليف للكلمة المضيئة وصديق للحياة»، ويبقى من أهم شعراء الفضاء المتوسطي، وصديق غربي حر للثقافة العربية، وأحد مثقفي أوروبا المعاصرين، الذين عملوا على مد جسور العلاقة مع الثقافة والأدب المغربيين، كما أن له صداقة متينة مع عدد من الشعراء المغاربة والعرب.

وزاد نجمي أن هذا الشاعر الإيطالي «يعدّ اللغة العربية والحضارة العربية الإسلامية من مرجعيات كتابته ومتخيَّله»، مشيراً إلى أنه يدافع في تجربته الشعرية عن الحق في الحياة، وينتصر لكلمات الشرف والكرامة والدفاع عن الأرض والحرية، والوطن تراباً وإنساناً وتراثاً وأساطير وذاكرة وتاريخاً.

جانب من حفل الشاعر الإيطالي جوسيبي كونتي في الرباط (صفحة المكتبة الوطنية)

وتحدّث مراد القادري، رئيس «بيت الشعر» في المغرب، في معرض كلمة له بمناسبة هذا الحفل الذي احتضنته المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، عن «الأركانة» وأهدافها، كما استعرض تجربة الشاعر الإيطالي، سواء من حيث المتابعات النقدية التي تناولت مُنجَزه، أم التوجه الإبداعي الذي تقوم عليه إبداعاته.

وتوقفت وفاء نعيمي إدريسي، مديرة «مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير»، عند الدور الذي تقوم به «الأركانة»، خصوصاً من جهة تعزيز «الدبلوماسية الثقافية» لمكانة المغرب، ثقافياً وإنسانياً. وركز الأكاديمي والمُترجم الإيطالي سيموني سيبيليو، رئيس لجنة التحكيم، في معرض كلمته، على قيمة المُنجز الشعري لكونتي، وخصائصه الفنية وما يسعى إليه على المستوى الإنساني، واللقاء بين الشرق والغرب.

وشدد على أن كونتي يعطي في شعره «صوتاً لمن لا صوت له». وقال كونتي إن الجائزة، التي تأتي تقديراً لمنجزه الشعري المتميز «مهمة»، وأنه يتشرف باستقبالها.

وانطلقت «الأركانة» سنة 2002، وتُناهز قيمتها 12 ألف دولار، وتهدف لأن تكون «جائزة للصداقة الشعرية، يقدّمها المغاربة لشاعر يتميّز بتجربة في الحقل الشعري الإنساني ويدافع عن قيم الحرية والاختلاف والسلم».

وسبق أن فاز بهذه الجائزة أربعة شعراء مغاربة، هم: محمد السرغيني (2005)، والطاهر بن جلون (2010)، ومحمد بنطلحة (2016)، ومحمد الأشعري (2020)، و11 من الشعراء العرب والعالميين: الصيني بي داو (2003)، والفلسطيني محمود درويش (2008)، والعراقي سعدي يوسف (2009)، والأميركية مارلين هاكر (2011)، والإسباني أنطونيو غامونيدا (2012)، والفرنسي إيف بونفوا (2013)، والبرتغالي نونو جوديس (2014)، والألماني فولكر براون (2015)، والنيجري محمدين خواد (2017)، واللبناني وديع سعادة (2018)، والأميركي تشارلز سيميك (2019).

جانب من الحفل في الرباط (صفحة المكتبة الوطنية)

وتكوّنت لجنة تحكيم الجائزة، في دورتها الـ16، من: سيموني سيبيليو رئيساً، وعضوية الكاتبة والناشرة لينة كريدية (لبنان)، والشاعر أحمد الشهاوي (مصر)، والشاعر نجيب خداري (المغرب)، والناقد خالد بلقاسم (المغرب)، فضلاً عن الشاعر حسن نجمي. ومُنحت الجائزة للشاعر الإيطالي؛ «تقديراً للحوار الثقافيّ واللغويّ الذي تصوغه قصيدته شعرياً في بناء تركيبها ودلالاتها، ولما يكشف عنه هذا الحوار من بُعد إنساني مُضيء، لم تكف قصيدة الشاعر، مُنذ سبعينات القرن الماضي، عن توسيع أخيلته وآفاقه، بحس جمالي يرفدُ من مَعين هذه الأخيلة، ومن المدى المفتوح لهذه الآفاق». وأوضحت لجنة التحكيم، في شرح حيثيات فوز كونتي بـ«الأركانة»، أن قصيدته «كتابة حوارية بتجليات متجددة، فيها يتحقق الحوار بوصفه لقاء لغات وتفاعل رؤى. حمولات هذا اللقاء، الذي تُقيمه القصيدة بين رؤى تتداخل فيها ثقافات الغرب والشرق، يستضيفها التركيب الشعري وهو يستوي جمالياً في قصيدة الشاعر. تركيب نابع من منطقة التفاعل، وحامل أثر هذا التفاعل في الصوغ الشعري وفي بناء الدلالة».

وأضافت اللجنة أن قصيدة الشاعر الإيطالي تنطوي على توتر صامت، مَنبعه مشدود إلى «انشغال معرفي بالاختلاف بين الغرب والشرق، بَعد أن تشرّب الشاعر من ثقافتَيْهما، وأساطيرهما، ومن المُفارقات التي يُضمرها هذا الاختلاف».

لكن التوتر الساري، بتجليات عدة، في قصيدة هذا الشاعر، لا يُفضي إلى أي تصادم، بل يكشف عن «انسجام حيَوي خفي، ذي ممكنات إنسانية واعدة»؛ لأن نسغ المعنى، الذي تبنيه قصيدته، «ينتصر، وفق الممكن الشعري، للمحبة الكبرى التي تسري في كينونةِ كل شيء، بما يدعو إلى تعلم استثمار هذه المحبة في العلاقات الإنسانية».

يشار إلى أن كونتي من مواليد عام 1945، صدرت له مجاميع شعريّة عدة، منها: «المواسم» (1988)، و«أغاني الشرق والغرب» (1997)، و«المحيط والفتى» (2002)، و«جُروح وإزهارات» (2006).



«مخبأ» و«حكايات سميرة»... قصص حياة على الخشبة

المخرج شادي الهبر (شادي الهبر)
المخرج شادي الهبر (شادي الهبر)
TT

«مخبأ» و«حكايات سميرة»... قصص حياة على الخشبة

المخرج شادي الهبر (شادي الهبر)
المخرج شادي الهبر (شادي الهبر)

كان من المقرر أن يحتفل «مسرح شغل بيت» بذكرى تأسيسه الثامنة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بيد أن اندلاع الحرب في لبنان حال دون إقامة الحفل، فأُلغيت البرمجة التي كانت مقررة حتى إشعار آخر.

ممثلون هواة تابعون لـ«مسرح شغل بيت» (شادي الهبر)

اليوم يستعيد «مسرح شغل بيت» نشاطاته الثقافية ويستهلها بمسرحيتي «مخبأ» و«حكايات سميرة». ويعلّق مخرجهما شادي الهبر لـ«الشرق الأوسط»: «كانتا من ضمن نشاطات روزنامة الاحتفال بسنتنا الثامنة، فقررنا نقلهما إلى الشهر الحالي، ونعرضهما على التوالي في (مسرح مونو) خلال 16 و17 و18 و19 يناير (كانون الثاني) الحالي». لكل مسرحية عرضان فقط، تشارك فيهما مواهب تمثيلية جديدة متخرّجة من ورش عمل ينظمها «مسرح شغل بيت». ويوضح الهبر: «الهدف من هاتين المسرحيتين هو إعطاء الفرص لطلابنا. فهم يتابعون ورش عمل على مدى سنتين متتاليتين. ومن هذا المُنطلق كتب هؤلاء نص العملين من خلال تجارب حياة عاشوها. وما سنراه في المسرحيتين هو نتاج كل ما تعلّموه في تلك الورش».

* «مخبأ»: البوح متاح للرجال والنساء

تُعدّ المسرحية مساحة آمنة اختارتها مجموعة من النساء والرجال للبوح بمكنوناتهم. فلجأوا إلى مخبأ يتيح لهم التّعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بحرية. وفي هذا المكان الصغير بمساحته والواسع بأجوائه تجري أحداث العمل. ويشارك فيه 4 نساء و4 رجال. وتتراوح أعمارهم ما بين 20 و65 عاماً. وقد كتب محتوى النص كل واحد منهم انطلاقاً من تجاربه الحياتية. ويعلّق شادي الهبر: «إنها تجارب تنبع من واقع يشبه في موضوعاته وظروفه ما عاشه ناس كثر. وقد طلبت من عيسى بيلون أحد الممثلين فيها أن يضع لها التوليفة المناسبة. وخرج بفكرة محورها المخبأ. فحملت المسرحية هذا الاسم للإشارة إلى مشاعر نخبئها في أعماقنا».

يشارك في هذا العمل إيرما مجدلاني وكريستين مطر ومحمد علي بيلوني وغيرهم. وتتناول موضوعات اجتماعية مختلفة، من بينها ما يتعلّق بالعُقم والقلق والعمل بمهنة غير مرغوب بها. كما تطلّ على موضوع الحرب التي عاشها لبنان مؤخراً. فتحكي قصة شاب لبناني تعرّض منزله في الضاحية للقصف، فيقف أمام ما تبقّى منه ليتحدث عن ذكرياته.

مسرحية «مخبأ» تحكي عن مساحة أمان يتوق لها الناس (شادي الهبر)

ويتابع شادي الهبر: «تحمل المسرحية معاني كثيرة، لا سيما المتعلقة بما نخفيه عمّن هم حولنا، وأحياناً عن أنفسنا محاولين غضّ الطّرف عن مشاعر ومواقف تؤلمنا. فتكشف عن أحداث مرّ بها كلٌّ من الممثلين الثمانية، وتكون بمثابة أسرار يبوحون بها لأول مرة في هذا المكان (المخبأ). ويأتي المسرح كجلسة علاج تداوي الجراح وتبلسمها».

* «حكايات سميرة»: علاقات اجتماعية تحت المجهر

في المسرحية التي تُعرض خلال 18 و19 يناير على «خشبة مونو»، يلتقي الحضور بالممثلة لين جمّال بطلتها الرئيسة. فهي تملك كمية هائلة من القصص التي تحدث في منزلها. فتدعو الحضور بصورة غير مباشرة لمعايشتها بدورهم. وتُدخلهم إلى أفكارها الدفينة في عقلها الذي يعجّ بزحمة قصصٍ اختبرتها.

ويشارك في «حكايات سميرة» مجموعة كبيرة من الممثلين ليجسّدوا بطولة حكايات سميرة الخيالية. ومن الموضوعات التي تتناولها المسرحية سنّ الأربعين والصراعات التي يعيشها صاحبها. وكذلك تحكي عن علاقات الحماة والكنّة والعروس الشابة. فتفتح باب التحدث عن موروثات وتقاليد تتقيّد بها النساء. كما يطرح العمل قضية التحرّش عند الرجال ومدى تأثيره على شخصيتهم.

مسرحية «حكايات سميرة» عن العلاقات الاجتماعية (شادي الهبر)

مجموعة قصص صغيرة تلوّن المسرحيتين لتشكّل الحبكة الأساسية للنص المُتّبع فيها. ويشير الهبر إلى أنه اختار هذا الأسلوب كونه ينبع من بنية «مسرح شغل بيت».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «مسرحنا قائم على المختبر التمثيلي والتجارب فيه. وأردت أن أعطي الفرصة لأكبر عددٍ ممكن من متابعي ورش العمل فيه. فبذلك يختبرون العمل المسرحي ويُبرزون مواهب حرفية يتحلّون بها. وما حضّني على اتباع الأسلوب القصصي هو اتّسام قصصهم بخبراتهم الشخصية. فيضعونها تحت الضوء ضمن تجربة مسرحية جديدة من نوعها. فأنا من المخرجين المسرحيين الباحثين باستمرار عن التّجدد على الخشبة. لا أخاف الإخفاق فيه لأني أُخزّن الخبرة من أي نتيجة أحصدها».

ويوضح شادي الهبر أنه انطلاقاً من موقعه مُخرجاً يرمي إلى تطوير أي عمل مكتوب يتلقاه من طلّابه. «أطّلع عليه لأهندسه على طريقتي، فأبتعد عن السطحية. كما أرنو من خلال هذا التّطوير لجذب أكبر عدد ممكن من المجتمع اللبناني على اختلاف مشاربه». ويتابع: «وكلما استطعت تمكين هؤلاء الطلاب ووضعهم على الخط المسرحي المطلوب، شعرت بفرح الإضافة إلى خبراتهم».

ويختم الهبر حديثه مشجعاً أيّ هاوي مسرح على ارتياد ورش عمل «مسرح شغل بيت»، «إنها تزوده بخبرة العمل المسرحي، وبفُرص الوقوف على الخشبة، لأنني أتمسك بكل موهبة أكتشفها».