لورا طالب: شهرة البساط الشرقي في الغرب تفوق حضوره في بلادنا

تتحدّث لـ«الشرق الأوسط» عن مجموعتها «النسيج الكوني»

 لورا طالب في «معرض الفن العربي» (الشرق الأوسط)
لورا طالب في «معرض الفن العربي» (الشرق الأوسط)
TT

لورا طالب: شهرة البساط الشرقي في الغرب تفوق حضوره في بلادنا

 لورا طالب في «معرض الفن العربي» (الشرق الأوسط)
لورا طالب في «معرض الفن العربي» (الشرق الأوسط)

وأنت تتجوّل في أقسام «معرض الفن العربي»، تستوقفك لوحات تدخل في إطار «فنون المنسوجات». هي معلّقات مصنوعة باليد بحرفية عالية، تشبه إلى حد كبير فنّ حياكة السجاد. تأثرت الفنانة التشكيلية لورا طالب بحرفة والدها صناعة السجاد، ومنذ نعومة أظفارها تذكُره منكباً على الحياكة. اختارت أن تُكمل مشواره الفني على طريقتها، فتخصّصت في الـ«فاين آرت»، ومنه شقّت طريقها من السجاد الشرقي إلى فنون الحياكة.

بخيطان الصوف والقطن، انطلقت في رحلتها آخذة في الحسبان رواية التراث الشرقي بحداثة متقنة. فكانت صاحبة رؤية معاصرة تجمع فنوناً خزّنتها في ذاكرتها. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «جمعتُ هذه الفنون من حرفة والدي ومن أسفاري بين أوروبا والمشرق العربي. فنون المنسوجات الشرقية مزدهرة في الغرب أكثر من بلادنا».

الخط الكوفي يدخل في معلّقات الفنانة التشكيلية لورا طالب (الشرق الأوسط)

من أستراليا وكندا وفرنسا وإيطاليا والصين... قطفت ورود حرفتها. فهي تصنع البساط الشرقي الأصيل برسوم متطوّرة تتداخل فيها المواد. وعلى طريقة حياكة النول، تحْبك قطعها الفنية بأحجام مختلفة، تستخدم فيها إلى جانب خيوط القطن والصوف، الخشب والورق الصلب. كذلك تلجأ إلى الريشة لتلوّن البساط الشرقي بالأكليريك، فتحرّر الأنماط التقليدية من الثقافات والحضارات بأشكال وألوان محدثة.

تخبرنا طالب عن التقنية التي تعتمدها: «أحيك الخيوط التي تلفّ على النول، وهي تُعرف بخيوط السدى العامودية. ومن ثَم تتشابك مع أخرى بالعرض، ضمن ما يُعرف بـ(اللحمة). تلتحم لتؤلّف السجادة المراد صنعها».

تقول إنّ أفكارها تخرج منها تلقائياً، فهي ومضات تلمع في ذهنها لتترجمها قطعاً فنية: «خطرت لي يوماً فكرة استخدام خيوط معدنية. أبقيت على الخيوط الأساسية، وفي الوقت عينه جعلت المعدنية منها ظاهرة ونافرة، فولّدت مزيجاً فنياً للخيوط المُستعملة بما نراه في أعمالنا التقليدية والعصرية».

من مجموعتها «النسيج الكوني» (الشرق الأوسط)

اختار مهرجان «بيينال» في الصين أحد أعمالها لتحصد عنه جائزة «أفضل عمل بفنون المنسوجات». تقول: «لم أستطع يومها السفر، لكنني فرحتُ بالنتيجة. ومن ثَم أعلموني بأنّ العمل الفائز وُضع في متحف ببكين».

مجموعتها الفنية الجديدة المُشاركة في «معرض الفن العربي» تحمل اسم «النسيج الكوني»: «تتألف من معلّقات تمثّل بسطات شرقية لا تتجاوز أحجامها متراً، أتناول فيها الكرة الأرضية وعناصر الحياة، من هواء وماء وسماء وبحر وشمس... دخلت أعماق الأرض وتخيّلت طبقاتها الغنية بالمعادن، فرسمتها بخيوط ملوّنة وأخرى بالأبيض والأسود، تتدرّج أشكالها مثل أمواج البحر فتبدو من عالم الورائيات».

لا تكتفي لورا طالب بتطوير هذا الفن باستخدامها تقنيات مختلفة، بل «أضفتُ إلى بعض لوحاتي نصوصاً بالعربية، ولجأت إلى الخطّ الكوفي لأقدّمها بحلّة فنية جاذبة تُمتع العين».

الأرض تلمع بخيوط معدنية (الشرق الأوسط)

دمجت ما تعلّمته بهذه المعلقات، «الخياطة وحياكة السجاد وفن الموزاييك... جميعها أدرجتُها في لوحاتي من فنون المنسوجات بأسلوبي. يُخيّل لناظرها من بعيد أنها لوحات تشكيلية، وعندما يقترب يكتشف حياكة الخيوط فيها».

تأسف لازدهار هذا الفن في الغرب أكثر من البلدان العربية، وتعلّق: «هذه الفنون ليست مرغوبة كلياً في بلادنا. قلة من الناس تُدخل معلّقات فن المنسوجات في ديكورات منازلها، بينما في الغرب يبحثون عنها ويتنافسون على اقتناء الأجمل بينها».

سجاديات ملوّنة وأخرى مزخرفة تشتغلها طالب ابنة منطقة عكار بشغف، وتصفها بالسجاديات المعاصرة: «أجريتُ دراسة معمّقة حول هذا الفن، واكتشفت أنّ مدرسة الفنون الألمانية العريقة (باو هاوس) ابتكرته، فنفّذت سجاديات لأهم الفنانين في العصر الحديث، منهم ماتيس وبيكاسو. ومن الفنانين اللبنانيين الذي نفّذت لهم مدينة أوبيسون الفرنسية سجادة من هذا النوع، الشاعرة والفنانة التشكيلية الراحلة أيتل عدنان. أستعدّ لإصدار كتاب خاص عن هذا الفن قريباً».

تختم لورا طالب: «من خلال هذا الفن الذي أجيده أرفع الصوت لأؤكد بأنّ لبنان يملك قدرات عالية المستوى. ثمة إنجازات لبنانية لافتة على هذا الصعيد، وقلة من الناس على علم بها».


مقالات ذات صلة

لماذا يزداد شعورنا بالقلق ليلاً؟

صحتك من الشائع جداً أن يزداد شعورك بالقلق ليلاً (رويترز)

لماذا يزداد شعورنا بالقلق ليلاً؟

من الشائع جداً أن يزداد شعورك بالقلق ليلاً بمجرد غروب الشمس، في ظاهرة أطلقت عليها دراسة أجريت في عام 2022، اسم «فرضية العقل بعد منتصف الليل».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق «سانتا كلوز» يغادر للتو نيفيلسك في جزيرة سخالين (نوراد)

«سانتا كلوز» يوزع هداياه بمنطقة المحيط الهادئ في أقل من 24 ساعة

بدأ «سانتا كلوز» رحلته حول العالم، مع مليارات المحطات التي يجب عليه التوقف بها في غضون أقل من 24 ساعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق قضاء الكثير من الوقت في تصفح الإنترنت من أهم العادات التي تؤثر سلباً على نجاحنا (رويترز)

5 عادات سيئة تمنعك من تحقيق أهدافك

لدينا جميعاً بعض العادات السيئة التي يصعب التخلص منها، والتي تترك تأثيراً سلبياً عميقاً على قدرتنا على تحقيق أهدافنا والتمتع بحياة ذات مغزى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق وسام حنا يواكب مشاهدي «إل بي سي آي»

محطات التلفزة تستعد لأيام الأعياد ببرامج خاصة

بعض المحطات خلط أوراقه من جديد وانطلق بأفكارٍ تنشر الأجواء الإيجابية أيام الأعياد، وغيرها اكتفى ببرمجة خجولة من باب إثبات وجودها في المناسبة.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الصفات التي تجعل البالغين ناجحين مالياً تبدأ في مرحلة الطفولة (رويترز)

طفولتك تتحكم في نجاحك المادي بالمستقبل

تبدأ الصفات التي تجعل البالغين ناجحين مالياً في مرحلة الطفولة، وفقاً لأحدث النتائج التي توصلت إليها دراسة بدأت قبل 52 عاماً.

«الشرق الأوسط» (ويلينغتون)

من الفكرة إلى النص… رحلة لنحو 100 سينمائي في السعودية

من ورشة «كتابة السيناريو» التي أقيمت في الأحساء الأسبوع الماضي (هيئة الأفلام)
من ورشة «كتابة السيناريو» التي أقيمت في الأحساء الأسبوع الماضي (هيئة الأفلام)
TT

من الفكرة إلى النص… رحلة لنحو 100 سينمائي في السعودية

من ورشة «كتابة السيناريو» التي أقيمت في الأحساء الأسبوع الماضي (هيئة الأفلام)
من ورشة «كتابة السيناريو» التي أقيمت في الأحساء الأسبوع الماضي (هيئة الأفلام)

من عمق القصص المحليّة الدارجة في السعودية، استلهم نحو 100 كاتب مضمون الأعمال السينمائية الجديدة التي ينوون العمل عليها، كما أوضح الكاتب والمنتج المصري هيثم دبور، الذي قدم 4 ورشات عمل متخصصة تحت عنوان «كتابة السيناريو: من الفكرة إلى النص»، في مدن سعودية عدة، عُقدت آخرها بمنطقة الأحساء خلال الأسبوع الماضي.

تأخذ هذه الورش صُناع الأفلام في رحلة كتابة السيناريو من الفكرة وحتى نضوجه نصاً متكاملاً يُقدَّم في تجربة مميّزة للمشاهد، وهو ما يأتي ضمن برنامج «صنَّاع الأفلام» التابع لهيئة الأفلام السعودية، ويوضح دبور خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الفن السابع هو «فرصة للاطلاع على ثقافات مختلفة من مناطق سعودية، وسرد قصص محليّة أصلية»، ويضيف: «خلال الورشة نعمل على تطوير هذه القصص وتعليم مهارات الكتابة وكيفية تسويق النص للجهات الداعمة».

غزارة القصص السعودية المحلية تجذب الكتَّاب لتحويلها أفلاماً روائية (هيئة الأفلام)

تنوّع وفرادة

يؤمن دبور أن النص الجيّد هو أول مؤشرات الفيلم الجيد، كما يؤكد أن اختلاف مناطق الكُتاب المنضمين إلى ورشه ما بين جازان وجدة والأحساء وغيرها، يتيح فرصة التنوّع في الاستلهام والأفكار، خصوصاً أن كل ورشة كانت تحظى بأكثر من 20 متدرباً، وذلك بما يضمن غزارة القصص. وتابع بالقول: «كُتّاب السيناريو السعوديون لديهم أرض خصبة للأفكار والحكايات التي لم تُروَ بعد، أو ربما لم تتم روايتها بطريقة جيدة حتى الآن».

وتناولت الورش التي قدمها دبور أساسيات كتابة سيناريو الأفلام، وآلية تطوير الفكرة إلى سيناريو سينمائي، إلى جانب كيفية بناء الحبكة وتطوير الشخصيات الأساسية والفرعية، وأخيراً بناء المشهد وكتابة حوار مناسب للشخصيات. وهدفت كل ورشة لتطوير الفكرة إلى سيناريو فيلم متكامل العناصر الفنية، وتمكين الكاتب من القدرة على كتابة ملف تعريفي للتسويق له.

حضور كبير يشهده برنامج «صنَّاع الأفلام» الذي يشمل مناطق عدة (هيئة الأفلام)

تجارب سعودية

بسؤال دبور عن تجارب سعودية استوقفته بهذا الشأن، يشير إلى فيلم «هجان» للمخرج أبو بكر شوقي، وفيلم «مندوب الليل» للمخرج علي الكلثمي، باعتبارهما يمثلان ما يعنيه من قصص سعودية صِرفة، تحاول إظهار أصوات جديدة في المشهد السينمائي. وفي ختام حديثه، أبدى دبور سعادته بإعلان إدارة مهرجان برلين السينمائي الدولي عن مشاركة فيلمه «ضي... سيرة أهل الضي»، ضمن مسابقة «أجيال» للدورة الـ75 للمهرجان المقررة إقامتها في الفترة من 13 إلى 23 فبراير (شباط) المقبل، قائلاً: «هو من أكبر مهرجانات العالم ونمثل عبر هذه المشاركة السينما السعودية والمصرية معاً، ولعلي هنا أتفاءل بالفرص الجيدة المقبلة للإنتاجات المشتركة ما بين السعودية ومصر، لإنتاج أفلام روائية تنال استحسان الجمهور».

إقبال من الكتَّاب السعوديون على الإلمام بأساسيات كتابة السيناريو وتطوير أفكارهم (هيئة الأفلام)

ومن الجدير بالذكر أن هيثم دبور سبق له أن عمل على أفلام عدة، منها: «فوتوكوبي» الحاصل على جائزة أفضل فيلم بمهرجانات الجونة وطرابلس ومالمو، وجائزة أفضل سيناريو من مهرجان وهران 2018، وفيلم «عيار ناري» الذي عُرض في مهرجانات القاهرة والجونة ومالمو، وفيلم «وقفة رجالة» الذي حقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً، ويُعدّ من أكثر الأفلام المصرية تحقيقاً للإيرادات في السعودية، كما أنتج عدداً من الأفلام الطويلة والقصيرة مثل فيلم «ما تعلاش عن الحاجب» الحاصل على جائزة أفضل فيلم في مهرجان الجونة 2018.