أحمد ماطر وتوثيق المستقبل

أحمد ماطر في مرسمه (الفنان)
أحمد ماطر في مرسمه (الفنان)
TT

أحمد ماطر وتوثيق المستقبل

أحمد ماطر في مرسمه (الفنان)
أحمد ماطر في مرسمه (الفنان)

للفنان السعودي أحمد ماطر شغف بالتوثيق عبر الصور، له أعمال ومعارض ضمت صورا أيقونية مثل المشروع الذي سجل فيه التغيرات المعمارية والاجتماعية في مدن المملكة، ما بين الصور التي عبرت عن الحج، والتقطت من الطائرة، والصور التي التقطها لبعض القرى المهجورة في الصحراء، وهناك أيضا أعماله بالفيديو التي عرضها في معارض عالمية.

يعود للفنان ذلك الشغف في الدورة الثانية من بينالي الدرعية للفن المعاصر، ويقدم عبر التعاون مع المصور العالمي آرمين لينكه، وهو أستاذ جامعي في التصوير الفوتوغرافي ومتخصص في العمارة، مشروعا يصفه بـ«الضخم». يقول لـ«الشرق الأوسط» إن المشروع يسجل التطور المعماري والتاريخي في المملكة «حاليا نسافر، ونصور في مدن المملكة، وسنعرض الناتج بوصفه عملا مشتركا به دراسة معمارية».

التصوير والتوثيق من صميم الممارسة الفنية لماطر ولكنه يقول إنَّ المشروع الحالي «ضخم جدا، لأن التغييرات التي تحدث في المملكة كبيرة جدا، ومن جانبنا نحاول رصد كل التغييرات والتطورات على نحو فني». «المشروع يبدو متعدد الجوانب وأيضا بمختلف الأدوات فهو سيضم التصوير الفوتوغرافي والفيديو والعمل التركيبي... نربط تجربة التاريخ والتغيرات الحضرية المعمارية بالتغيرات المستقبلية ربطا ثقافيا واجتماعيا، لأن المرحلة سريعة التغير، والعمل ستكون له قيمة كبيرة جدا».

يضيف أن المشروع يأخذ التغيير المعماري مدلولا فقط، ولكن الجانب الأكبر من التوثيق سيتركز على الجانبين الثقافي والاجتماعي مع التركيز على أن السعودية أصبحت مختبراً عالمياً «الكل يجرب هنا، ويعمل هنا، هذه المرحلة مهمة جدا وجديدة بالنسبة إلينا كلنا».

أسأله عن انطباعاته الشخصية خلال تلك الجولات، فيقول «هي انطباعات عن النمو السريع، عن الابتكار للمستقبل. كثير من الناس في العالم قد يقولون إن بعض المشروعات غير ممكنة، أنا أرى أنه لا يوجد شيء غير ممكن، أعجبني التفكير في (غير الممكن بوصفه قيمة جمالية)».

فكرة التوثيق لغير الممكن تستهوي الفنان، يقول: «سهل أن نحاول إعادة ابتكار التاريخ والتجارب المعمارية الماضية، ولكن من الصعب جدا أن نقدم شيئاً جديداً للمجتمع والعالم، هذا أكثر ما أعجبني، وجذبني في هذه الرحلة».

في أعماله السابقة وثق الفنان للتطورات المعمارية الحالية، ولكنه هنا كما يقول يحول نظره للمستقبل، يقول إنَّ الاختلاف هو توثيق المستقبل المنتظر «أتحدث عن المستقبل والمشروعات القادمة، وحتى التصوير سيكون فيه نوع من التخيل للمستقبل فهذه التجربة جديدة بالنسبة إلي، أتكلم عن حلمنا القادم، أتخيل وأصور في المستقبل».

يشرح فكرته أكثر قائلا: «أقوم بالتصوير ضمن محاولة للوجود في الموقع المستقبلي، أصور المكان الذي سيكون هنا في المستقبل». يبدو ذلك أمرا مفهوما خاصة أن الفنان سيقوم بالتصوير في المدن الجديدة مثل نيوم.

المشروع الحالي بالنسبة إلى ماطر يبدأ مع البينالي، ولكنه ينوي أن يستمر بعد ذلك عبر معارض وورشات عمل وكتاب وأبحاث، «البينالي فتح لنا الباب لهذا المشروع الذي سيستمر في النمو حتى يصبح مشروعاً متكاملاً».


مقالات ذات صلة

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
TT

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)

على عمق يتخطى 100 متر تحت الأرض (328 قدماً) ثمة عالم مفقود من الغابات القديمة والنباتات والحيوانات. كل ما يمكنك رؤيته هناك قمم الأشجار المورقة، وكل ما تسمعه صدى أزيز حشرة الزيز وأصوات الطيور، الذي يتردد على جوانب الجروف، حسب «بي بي سي» البريطانية .على مدى آلاف السنين، ظل ما يعرف بـ«الحفرة السماوية» أو «تيانكنغ»، كما تُسمى باللغة المندرينية، غير مكتشفة، مع خوف الناس من الشياطين والأشباح، التي تختبئ في الضباب المتصاعد من أعماقها. إلا أن طائرات الدرون وبعض الشجعان، الذين هبطوا إلى أماكن لم تطأها قدم بشر منذ أن كانت الديناصورات تجوب الأرض، كشفت عن كنوز جديدة، وحوّلت الحفر الصينية إلى معالم سياحية. ويُعتقد أن ثلثي الحفر، التي يزيد عددها عن 300 في العالم، توجد في الصين، منتشرة في غرب البلاد، منها 30 حفرة، وتضم مقاطعة «قوانغشي» في الجنوب أكبر عدد من هذه الحفر، مقارنة بأي مكان آخر. وتمثل أكبر وأحدث اكتشاف قبل عامين في غابة قديمة تحتوي على أشجار يصل ارتفاعها إلى 40 متراً (130 قدماً). تحبس هذه الحفر الزمن في باطنها، ما يحفظ النظم البيئية الفريدة والدقيقة لقرون. ومع ذلك، بدأ اكتشافها يجذب السياح والمطورين، ما أثار المخاوف من أن هذه الاكتشافات المدهشة والنادرة قد تضيع إلى الأبد.

بوجه عام، تعد هذه الحفر الأرضية نادرة، لكن الصين، خاصة «قوانغشي»، تضم كثيراً منها بفضل وفرة الصخور الجيرية. جدير بالذكر هنا أنه عندما يذيب نهر تحت الأرض الصخور الجيرية المحيطة ببطء، تتكون كهوف تتمدد صعوداً نحو الأرض. وفي النهاية، تنهار الأرض تاركة حفرة واسعة، ويجب أن يكون عمقها وعرضها لا يقل عن 100 متر حتى تُعدّ حفرة أرضية. وبعض الحفر، مثل تلك التي جرى اكتشافها في «قوانغشي» عام 2022، أكبر من ذلك، مع امتدادها لمسافة 300 متر في الأرض، وعرضها 150 متراً.

من وجهة نظر العلماء، تمثل هذه الحفر العميقة رحلة عبر الزمن، إلى مكان يمكنهم فيه دراسة الحيوانات والنباتات، التي كانوا يعتقدون أنها انقرضت. كما اكتشفوا أنواعاً لم يروا أو يعرفوا عنها من قبل، بما في ذلك أنواع من أزهار الأوركيد البرية، وأسماك الكهوف البيضاء الشبحية، وأنواع من العناكب والرخويات. وداخل محميات من الجروف الشاهقة، والجبال الوعرة، والكهوف الجيرية، ازدهرت هذه النباتات والحيوانات في أعماق الأرض.