بدأت مجموعة من الجمعيات المهنية أعمالها في المشهد الثقافي لتنشيط حركة القطاعات وزيادة الإنتاج فيها، والانخراط في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تلبّي مقومات التنظيم والتطوير الضرورية لتدشين مرحلة تنموية ثقافية ومدّ جسور بين التجربة السعودية ونظيراتها العالمية.
وخلال عام 2021 تم إطلاق نحو 10 جمعيات مهنية غير ربحية، استوعبت مجمل القطاعات الثقافية المتعددة، شملت مجالات الأدب والنشر، والمكتبات والترجمة، والتراث والمتاحف، والمسرح والفنون الأدائية، والموسيقى والأفلام، والطهي والعمارةن والتصميم والفنون البصرية، وكشف عن أسماء مجلس إدارات الجمعيات، والمهام التي تتولاها.
ويترقب العاملون في الحقول الأدبية والفنية المختلفة، أن تثمر أعمال الجمعيات في خدمة الأهداف الوطنية في الشأن الثقافي، ورعاية المواهب، وتقديم صورة رصينة وأمينة عن الحراك الثقافي والأدبي السعودي، وأن يسفر هذا المزج بين القطاع الثقافي مع الآليات غير الربحية في ضمان استدامة الأداء والعطاء في مختلف فنون الثقافة والأدب والتراث وألوانها.
النهوض بالقطاع الثقافي السعودي
وخلال حفل افتتاح جمعية الأدب المهنية في النسخة الأخيرة من ملتقى الأدباء السعودي، قال الدكتور صالح زيّاد، رئيس مجلس إدارة جمعية الأدب: إن انطلاق الجمعية تتويج لجهد دؤوب لتدشين صياغة استراتيجية تضم خططاً وفعاليات وبرامج بما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للثقافة، وتوجهات دعم القطاع الثقافي وإنهاضه وتفعيل دوره وفتحه على العالم، وهي الأهداف التي تتضمنها «رؤية المملكة 2030». وأوضح زيّاد أن الجمعية تتطلع بصفتها المهنية وغير الربحية، إلى الاضطلاع بأربعة أدوار، دور تمثيلي لأدباء المملكة، ودور تشريعي وتنظيمي لما يتصل بالحقل الأدبي من الأنظمة واللوائح، ودور تعريفي وتعليمي وعملي يصل بين الأدباء والدارسين وجمهور الأدب، وذلك بما ينهض بحركة الأدب، ودور مرجعي للقيمة الأدبية.
تحديات الواقع وتطلعاته
وقال الصحافي الثقافي صادق الزهراني: إن خطوة ربط الجمعيات المهنية بالقطاع غير الربحي، مهمة على صعيد تمكين الاستدامة للفعل الثقافي وسلامة كفاءته الإدارية واستقراره المالي، الذي لطالما عانى من ضعف التمويل وتواضع الضمانة التي تؤهل لبناء مؤسسات نشطة وفعل ثقافي دائم وفاعل، مشيراً إلى أن المشهد الثقافي بانتظار أن تبدأ الجمعيات في إطلاق أعمالها، حيث «لم نلمس حتى الآن أثراً لها، رغم مرور أكثر من 24 شهراً على الإعلان عن بعض الجمعيات المهنية الثقافية في مختلف القطاعات»،
ولفت الزهراني إلى أن بعض تلك الجمعيات ستواجه بطبيعة الحال تحديات تنظيمية وأخرى من واقع القطاع، حيث لا يزال بعضها بكراً لم يحظَ باهتمام وتركيز باستثناء الاجتهادات الفردية السابقة، قبل أن تبدأ وزارة الثقافة في السعودية بإعادة الاعتبار لكثير من تلك القطاعات والبدء في مرحلة جديدة من الدعم والتمكين والنهوض بتلك المجالات لتشارك في مشهد ثقافي ناهض ومتطور، آملاً أن تسهم تلك الجمعيات في تلبية حاجات الممارسين والهواة والمهتمين في مختلف القطاعات الثقافية، وتوسيع نطاق الممارسة الأهلية للثقافة والفنون، وأن تكون هذه المنظمات بمثابة الروابط المهنية للمثقفين والفنانين السعوديين، وتمكين المحترفين في هذه القطاعات من تنمية مهاراتهم، وبناء مبادراتهم، وتطوير الوعي، وتكوين آليات الدعم، وتشكيل نموذج اجتماعي جاذب لاحتراف الثقافة والفنون.
نمو بمقدار 424 % للقطاع غير الربحي
واعتمدت استراتيجية وزارة الثقافة للقطاع غير الربحي التي أعلنت في مارس (آذار) 2021، بناء منظومة متنوعة من المنظمات غير الربحية في مختلف القطاعات الثقافية، تنتشر في جميع المناطق، وتشمل تكوين 16 جمعية مهنية في 13 قطاعاً ثقافياً؛ وذلك بعد دراسة مستفيضة قامت بها الوزارة تلخصت في أن «الثقافة في جوهرها فعل أهلي منتظم بتشريع حكومي، ومدعوم من القطاع الخاص».
وتأتي هذه الخطوة، في إطار نمو استثنائي شهده القطاع غير الربحي خلال السنوات السبع الماضية، حسب ما رصده أحدث تقرير لآفاق القطاع غير الربحي الذي تصدره مؤسسة الملك خالد كل عامين. وأورد التقرير الذي صدر بعد مرور 7 سنوات من عمر «رؤية السعودية 2030»، وما أولته من اهتمام استراتيجي بالقطاع غير الربحي، نمواً لافتاً وازدياداً من حيث عدد منظماته بمعدل 424 في المائة؛ مما يجعله في مقدمة القطاعات نمواً.
ورصد التقرير وتيرة متصاعدة في نمو المنظمات غير الربحية، تصل إلى أكثر من 36 ألف منظمة غير ربحية، وأوعزت تفسير هذا النمو خلال السبع سنوات الماضية، إلى انطلاق مجموعة من الممكنات التنظيمية التي ساهمت في تنمية القطاع وإطلاق قدراته الكامنة، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن حجم القطاع لا يزال محدوداً مقارنة بحجم النمو المتوقع والطموح المأمول منه في «رؤية السعودية 2030».