«بيروت للأفلام الوثائقية»: عام من الاحتفال بمدينة الثقافة

نسخة تاسعة غنية تُكرِّم شخصيات

ينظّم المهرجان أمسية للموسيقار إلياس الرحباني فيعرض فيلم «ثالث الرحابنة» (الجهة المنظّمة)
ينظّم المهرجان أمسية للموسيقار إلياس الرحباني فيعرض فيلم «ثالث الرحابنة» (الجهة المنظّمة)
TT

«بيروت للأفلام الوثائقية»: عام من الاحتفال بمدينة الثقافة

ينظّم المهرجان أمسية للموسيقار إلياس الرحباني فيعرض فيلم «ثالث الرحابنة» (الجهة المنظّمة)
ينظّم المهرجان أمسية للموسيقار إلياس الرحباني فيعرض فيلم «ثالث الرحابنة» (الجهة المنظّمة)

يتمسّك مهرجان «بيروت للأفلام الوثائقية» (BAFF)، كما في كل عام، بالعاصمة اللبنانية منارةً للثقافة. وفي نسخته التاسعة التي تنطلق في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل حتى 17 منه، يقدّم برنامجاً فنياً وتثقيفياً غنياً، فيعرض نحو 16 فيلماً وثائقياً، وينظّم محاضرات ومعارض، انطلاقاً من مبدئه هذا. تحتضن النشاطات خشبة مسرح «بيريت» التابع للجامعة اليسوعية في بيروت.

كما يأخذ في الاعتبار محاكاة جيل الشباب اللبناني، فيقيم عروضاً سينمائية في المكتبة الشرقية، ويوفّر للتلامذة دخولها مجاناً، فيستفيدون أيضاً من محتويات الكتب.

في هذا السياق، تؤكد مؤسِّسة المهرجان ومنظِّمته أليس مغبغب، أنّ أكثر ما يهمّها هو الإضاءة على لبنان المشعّ. وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «يحضر بلدنا في معظم أفلامنا وموضوعات نشاطاتنا، لاهتمامنا بإيصال تراثه عبر تاريخه. نتطلّع إلى المستقبل وكلنا أمل بغدٍ مشرقٍ يشبه ماضيه الجميل».

يتمسّك مهرجان «بيروت للأفلام الوثائقية» بالعاصمة اللبنانية منارةً للثقافة (الجهة المنظّمة)

يفتتح المهرجانَ فيلمٌ من إنتاج كندي بعنوان «لون الحبر»، فتشير مغبغب إلى أنها اختارت هذا الشريط المهم لارتباطه بشكل غير مباشر بلبنان: «الفيلم يحاكي ألوان الحبر وجماليتها. فهو لم يفقد بريقه رغم انتشار تقنية (الديجيتال) للكتب والمنشورات. بقيت فئة لا يُستهان بها مخلصة له». تستطرد: «في الفيلم، نزور 7 بلدان عالمية، من بينها لبنان صاحب أول بصمة في هذا المجال منذ آلاف السنين. يحتفظ متحف في النرويج بهذه البصمة بعدما أُخذت من وطننا».

إضافة إلى أرض الحرف والحبر والطباعة، يطلّ المهرجان على لبنان السينما. فيخصّ الشقيقَيْن الفرنسيَيْن اللبنانيَي الأصل بول وجان بيار رسام بفيلم عنهما. فهما أول مَن عمل في صناعة السينما الفرنسية بعد هجرتهما، فيتناول الفيلم حياتهما ومشوار النجاح.

وضمن تكريمه لشخصيات لبنانية، يمنح المهرجان جائزة «اليراعات الذهبية» الشهيرة للمخرجة إليان الراهب، فيكرّمها على مشوارها الفني، ولإخراجها أفلاماً من بينها ما تناول ذاكرة الحرب. بموازاة ذلك، تقدّم المُكرَّمة حصصاً تعليمية عن كيفية صناعة الأفلام الوثائقية. تعلّق مغبغب: «إنها مخرجة لامعة وكريمة. لن تبخل على مَن سيتابع صفوفها في الكشف عن أسرار هذه الحرفة».

المخرجة إليان الراهب تقدّم صفوفاً تعليمية عن فن الوثائقي (الجهة المنظّمة)

وضمن التكريمات أيضاً، ينظّم المهرجان أمسية خاصة بالموسيقار الراحل إلياس الرحباني، فيعرض في 8 نوفمبر المقبل فيلم «ثالث الرحابنة»، من إنتاج قطري للمخرجة فيروز سرحال، يتبعه تسليم الراهب جائزتها. ولن تغيب مئوية جبران خليل جبران، فتتابع مغبغب: «سنقيم 3 معارض عنه في 3 مراكز مختلفة؛ هي متحف الجامعة الأميركية ببيروت، والمكتبة الشرقية، ومتحف جبران ببلدته بشرّي».

المعرض الأول يقام في بداية ديسمبر (كانون الأول)، يتخلّله عرض أدائي من إخراج لينا أبيض، وبمشاركة ألفريد الخوري. من ثَم يُعرض في المكتبة الشرقية نحو 100 كتاب مترجم من «النبي» مع قراءات منه. ولأنّ كتباً لجبران بلغات أخرى، مثل الصينية والأوكرانية غير متوافرة في لبنان، يخصّص المهرجان معرضاً لها في ربيع 2024 بمتحفه في مسقطه. تمتد نشاطات المهرجان طوال أيام السنة، حتى ربيع وصيف 2024: «في هذا الموسم نخصّص احتفالات بمدينة طرابلس الشمالية، ونضيء على دورها الثقافي عبر التاريخ. كما نقيم ندوات وعروضَ أفلام في الفترة عينها».

إضافة إلى أرض الحرف والحبر والطباعة يطلّ المهرجان على لبنان السينما (الجهة المنظّمة)

أما في 9 نوفمبر المقبل، فمحبّو الأفلام الوثائقية العابرة إلى منطقة الخليج على موعد مع «الشاعرة»؛ وهو وثائقي من إنتاج سعودي وألماني وإخراج شتيفاني بروكهاوس وأندرياس فولف؛ يُعرّف الجمهور على حصة هلال وقصائدها عبر برنامج «شاعر المليون».

ومن الأفلام الوثائقية المُشاركة في النسخة التاسعة من «BAFF»، الكندي «مرآة الآخرين» والإيطالي «بيريغينو». كما يُعرض الفيلم البلجيكي «قبعة الفنان» والإسباني «غويا» والألماني «الوعد». أما الفيلم المُنتظر في هذه النسخة، فهو «معركة الأرز» الخاص بالاختصاصي البيئي يوسف طوق. توضح مغبغب: «من خلاله، نُعرّف التلامذة على هذا اللبناني العريق، أول مَن زرع أشجار الأرز في لبنان. كنا أدرجنا الفيلم في نسخة المهرجان عام 2019 وتعذّر عرضه لاندلاع (ثورة 17 أكتوبر). احتفظنا به إلى اليوم، خصوصاً أننا سنتنقّل فيه بين المدارس والمكتبة الشرقية».

يختتم المهرجان فعالياته في 17 نوفمبر بوثائقي عن الموسيقي شوبان، «شوبان أنا لا أخاف العتمة»، من إنتاج بولندي، يُعرض بالتعاون مع السفارة البولندية في لبنان. ومن ثَم يُعاد عرض «ثالث الرحابنة»، ليتبعه حفل الختام في حديقة الفرنكوفونية بالجامعة اليسوعية.


مقالات ذات صلة

فيلمان سعوديان يحصدان جوائز في «الفيوم السينمائي» بمصر

يوميات الشرق خالد ربيع خلال تسلّمه جائزة الفيلم السعودي (إدارة المهرجان)

فيلمان سعوديان يحصدان جوائز في «الفيوم السينمائي» بمصر

اختُتمت، مساء الجمعة، فعاليات الدورة الأولى لمهرجان الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة الذي أُقيم بمحافظة الفيوم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)

«القاهرة للسينما الفرانكفونية» يراهن على أفلام عالمية تعالج الواقع

بالتضامن مع القضية الفلسطينية والاحتفاء بتكريم عدد من السينمائيين، انطلقت فعاليات النسخة الرابعة من مهرجان «القاهرة للسينما الفرانكفونية»، الخميس.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق عروض الأراجوز تشهد إقبالاً كبيراً من تلاميذ المدارس (إدارة الملتقى)

ملتقى مصري لحماية الأراجوز وخيال الظل من الاندثار

مساعٍ لحماية الأراجوز وخيال الظل والعرائس التقليدية من الاندثار بوصفها من فنون الفرجة الشعبية بمصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)

«الفيوم السينمائي» يراهن على «الفنون المعاصرة» والحضور الشبابي

يراهن مهرجان «الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة» في نسخته الأولى التي انطلقت، الاثنين، على الفنون المعاصرة.

أحمد عدلي (الفيوم (مصر))
يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».