الرياض تختتم موسمها الثقافي... وجدة الوجهة المقبلة للكتاب

اختتم المعرض أيام الكتاب وأمسيات الثقافة بانتهاء آخر أيامه السبت (واس)
اختتم المعرض أيام الكتاب وأمسيات الثقافة بانتهاء آخر أيامه السبت (واس)
TT

الرياض تختتم موسمها الثقافي... وجدة الوجهة المقبلة للكتاب

اختتم المعرض أيام الكتاب وأمسيات الثقافة بانتهاء آخر أيامه السبت (واس)
اختتم المعرض أيام الكتاب وأمسيات الثقافة بانتهاء آخر أيامه السبت (واس)

اختتم معرض الرياض الدّولي للكتاب 2023 أيام الكتاب وأمسيات الثقافة بانتهاء آخر أيامه (السبت)، بعد 10 أيام من الاحتفاء بالكتاب والثقافة والفكر والمعرفة، في فضاء جمالي وإبداعي بديع وغنيّ بالعناوين والأسماء وروح الثقافة التي بثت في الجميع الحياة، بينما تستعد مدينة جدة لتكون الوجهة المقبلة للمؤلفين والكتّاب ودور النشر، وتحتضن معرضها الدولي للكتاب في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وتستمر معه صور الثقافة ونوافذها التي تُفتح للسعوديين طوال العام. وشهد معرض الرياض للكتاب حتى الساعات المتأخرة من يومه الأخير اكتظاظاً لأروقته وأجنحته التي تزيد على 800 جناح، من رواد المعرض والمتطلعين إلى ملاحقة فرصة الحصول على أحدث الإصدارات والاستمتاع بالجسور الثقافية التي يمدّها المعرض وبرنامجه الثقافي إلى مختلف الحضارات.

بينما استمرت العروض الفنية للدولة الضيف (عُمان) حتى الساعة الأخيرة من المعرض، وشهدت العروض الشعبية والفولكلورية التي قدمتها فرق وطنية عُمانية تفاعلاً واسعاً من الجمهور في الباحة الخارجية للمعرض، التي كانت فضاءً فنياً ومسرحياً للكثير من العروض طوال أيام المعرض، من بينها قافلة «تراحيل» التي احتفت بقيمة الشعر العربي ومكانته في التاريخ الأدبي العربي، وعروض موسيقية لفنانين سعوديين كانت تعبق ألحانهم ومعزوفاتهم في أجواء المكان، وتضفي لمسة إبداعية فريدة.

جسور الثقافية التي يمدّها المعرض وبرنامجه الثقافي إلى مختلف الحضارات

جوائز لدعم الثقافة النوعية

وعلى عادة معرض الرياض الدولي للكتاب، حمل اليوم الأخير البشرى إلى بعض دور النشر العربية الفائزة بجوائز المعرض التي أطلقت منذ دورتين لدعم الجهود المتميزة في عدد من قطاعات النشر والطباعة وتحفيز الابتكار والاستدامة. وقال الدكتور محمد حسن علوان، الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة في السعودية، إن الهيئة وضعت نصب أعينها دعم صناعة النشر بجميع السبل المتاحة انطلاقاً من الدور الريادي المعتاد للمملكة في محيطها العربي وأفقها العالمي، مبدياً تطلع الهيئة إلى تقديم تجربة متميزة في كل معرض للكتاب تحتضنه مدينة سعودية، وأضاف: «ليس فقط تجربة زائر متميزة، بل وتجربة عارض متفوقة أيضاً».

انطلقت جوائز المعرض منذ دورتين لدعم الجهود المتميزة في قطاع النشر (معرض الكتاب)

وخلال إعلان النتائج، فازت «الدار العربية للعلوم ناشرون» بجائزة التميز في النشر، وفازت «دار صفصافة» بجائزة التميز في النشر - فئة الترجمة -، و«دار هدهد» بجائزة التميز في النشر - فئة الأطفال -، وجاء الفائز بجائزة التميز في النشر - فئة المنصات الرقمية - من نصيب «مجموعة تكوين المتحدة» الفائز بجائزة التميز في النشر - فئة المحتوى السعودي - «دار أدب» التي تولت العمل على مبادرة 100 كتاب سعودي.

شهد المعرض حتى الساعات المتأخرة من يومه الأخير السبت اكتظاظاً في أروقته وأجنحته (واس)

جدة على موعد مع الكتاب

وتتهيأ مدينة جدة لاحتضان المعرض المقبل للكتاب، حيث قررت هيئة الأدب والنشر والترجمة في السعودية تنظيم معرض جدة الدولي للكتاب، في الفترة من (8 إلى 17 ديسمبر المقبل)، ومواصلة مواعيد الثقافة التي تنعش فضاء المدن السعودية وتحيي لياليها بروح الفكر والمعرفة والاستكشاف. ومن المرجح أن تشارك نحو 600 دار، في معرض جدة للكتاب، إلى جانب برنامج ثقافي واسع ينهض بالنقاشات التي يدلي بها نخبة من المثقفين والأدباء السعوديين والعرب، يحيون الأمسيات الحوارية والفنية الغامرة بالعناوين، وتتناول مختلف القضايا والموضوعات التي تمسّ الحراك الفكري والإبداع العربي، ويكون معرض جدة الدولي للكتاب وجهة جديدة للثقافة في السعودية. كما ستنظم الهيئة مؤتمرين في جدة بالتزامن مع المعرض، سيتناول الأول مجال النشر الرقمي، في حين يتناول الثاني مجال الخيال العلمي، وذلك بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين في هذه المجالات.



«المجتمعات المتنقّلة في العلا»... لوحة غنية بالحياة تشكَّلت عبر الزمن

البلدة القديمة مركز الاستقرار البشري في العلا منذ القرن الـ13 حتى الثمانينات (هيئة العلا)
البلدة القديمة مركز الاستقرار البشري في العلا منذ القرن الـ13 حتى الثمانينات (هيئة العلا)
TT

«المجتمعات المتنقّلة في العلا»... لوحة غنية بالحياة تشكَّلت عبر الزمن

البلدة القديمة مركز الاستقرار البشري في العلا منذ القرن الـ13 حتى الثمانينات (هيئة العلا)
البلدة القديمة مركز الاستقرار البشري في العلا منذ القرن الـ13 حتى الثمانينات (هيئة العلا)

استضافت محافظة العلا (شمال غرب السعودية) ندوة عالمية لفهم المجتمعات المتنقّلة، وأثر الترحال في رسم ملامح ما استقرّ عليه العالم اليوم، والتأمُّل في نشاط التنقّل بوصفه وسيلة للوصول إلى فرص جديدة، وتحسين ظروف الحياة، والاستكشاف.

وتحتضن العلا الندوة، من موقعها التاريخي ملتقى للتبادل التجاري واللغات والأفكار والعادات؛ وقد بقيت آثار ذلك حاضرة في أجزاء متفرّقة منها من خلال السجلّات الأثرية أو طبيعة الأرض أو القصص التي تلاها الناس وانتقلت عبر العصور.

وتاريخياً، مرّت شعوب مختلفة بالعلا أو اتّخذتها وطناً لها، فتركت بصمتها وخطّت آلاف النقوش.

ويعود تاريخ أقدم هذه النقوش إلى القرنين الـ9 والـ10 قبل الميلاد، بعضها دوّنه كتّاب محترفون، والبعض الآخر كتبه أشخاص عاديون. والنقوش يجري حفرها وطلاؤها وإبرازها، وتشمل اللغات الآرامية والثمودية والدادانية والمعينية والنبطية واليونانية واللاتينية والعربية، ومما سجّلوه في رحلات السفر والحج والزكوات.

وأضاء معرضٌ مُصاحب للندوة التي شهدت مشاركة خبراء ومتخصّصين وباحثين في مجالات علم الآثار وإدارة المواقع الثقافية، على تجربة التنقّل لدى مجتمعات منطقة العلا في شمال غرب شبه الجزيرة العربية عبر العصور، فحاول الكشف عن تاريخها العريق من خلال برنامج بحث أثري كبير، ركزت بحوثه على الثقافات المتنوّعة التي عبرت هذه المناطق، وربطت بين الطرق القديمة التي سهَّلت تبادل السلع والمعارف.

وكشفت التنقيبات والدراسات المستمرّة التي أجرتها «الهيئة الملكية للعلا» تأثير المجموعات المتنقّلة في المستوطنات المحلّية والزراعة، والتفاعل الحيوي والتعاملات بين هذه المجتمعات المتنقلة التي عبرت المنطقة والمجتمعات المستقرّة فيها؛ في حين قدَّم المعرض المُصاحب سرديةً ثريّةً بالتفاصيل، ولوحةً غنيةً من الحياة التي شكّلت ملامح العلا عبر الزمن.

أضاء المعرض على تجربة التنقّل لدى مجتمعات منطقة العلا (الشرق الأوسط)

التنقّل وظهور الإسلام

مع ظهور الإسلام في القرن الـ7 الميلادي، شهدت العلا زيادة أعداد المارّين فيها، وانتقلت نقطة التمركز البشري الرئيسية في وادي العلا إلى قرح في الجنوب، التي أصبحت المحطة الرئيسية للحجاج القادمين من سوريا وشمال أفريقيا إلى مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة.

وبحلول القرن الـ13، أصبحت بلدة العلا القديمة التي تقع بالقرب من دادان مركز التجمّع البشري الرئيسي، وبقيت كذلك حتى ثمانينات القرن الـ20. أما في بداية هذا القرن، أُنشئت سكة حديد بين دمشق والمدينة، بما ساعد في اختصار زمن رحلة الحج من 40 يوماً إلى 4 أيام فقط، وأسهم بذلك في زيادة عدد الحجاج.

قرح إحدى أهم مدن شبه الجزيرة العربية بين القرون الـ5 والـ12 (هيئة العلا)

مركز تجاري على مفترق طرق

كانت دادان التي تميَّزت بموقعها الاستراتيجي في وادي العلا وعلى طريق البخور مركزاً حضرياً حيوياً في شبه الجزيرة العربية خلال الألفية الأولى قبل الميلاد، وعاصمة لمملكتَي دادان ولحيان.

وتُبيّن الاكتشافات الأثرية الحديثة البراعة المعمارية والتأثر الفنّي بمصر وبلاد الرافدين والعالم اليوناني الروماني.

وفي القرن الأول قبل الميلاد، استقرّ الأنباط في الحجر القريبة التي كانت مركزاً تجارياً مزدهراً تحيط بها مقابر مزخرفة إلى الشمال من وادي العلا. وبعد ضمّ المملكة النبطية إلى الإمبراطورية الرومانية عام 106، واصلت الحجر دورها موقعاً استراتيجياً للرومان، مما رسَّخ مكانة المنطقة بوصفها محوراً دائماً للتجارة والتبادل الثقافي بين الحضارات.

حاول المعرض الكشف عن التاريخ العريق للمجتمعات المتنقّلة في العلا (الشرق الأوسط)

من حياة الصيادين إلى المزارعين

تكشف الأدلة الأثرية أنه قبل أكثر من 200 ألف عام، تنقّل عدد من الشعوب عبر هذه الأراضي كونهم صيادين وجامعي ثمار.

ومع مرور الزمن، تغيَّر هذا النمط الاقتصادي المتنقّل، في حين حافظت بعض المجتمعات على نمط الحياة البدوي الذي لا يزال جزءاً مهماً من التراث السعودي، واختارت أخرى الاستقرار وإنشاء الواحات.

وأظهرت الاكتشافات الأثرية الحديثة وجود مساكن شبه دائمة أو مأهولة بشكل دوري تعود إلى العصر الحجري الحديث، بالإضافة إلى اكتشاف قرية من العصر البرونزي في خيبر، مما يدلّ على تفاقُم استخدام الأراضي والاستفادة من الموارد الطبيعية.

ويشير ذلك إلى أنّ ظهور المستوطنات الحضرية في واحات العصر البرونزي أصبح محوراً للتبادلات الاجتماعية والاقتصادية، مما عزَّز الروابط والتعاملات بين المجموعات المستقرّة والبدوية في جميع أنحاء المنطقة.

وشهد، الخميس، ختام أعمال «ندوة العلا العالمية للآثار 2024» لبحث آثار وتراث المجتمعات المتنقّلة عبر الماضي والحاضر والمستقبل، بعد يومين من النقاشات الثرية بمشاركة علماء آثار وتراث ثقافي دوليين.

وتوفّر كلّ من «قمّة» و«ندوة» العلا العالمية للآثار فرصة للقاء الخبراء والمتخصّصين والباحثين في مجالات علم الآثار وإدارة المواقع الثقافية، وطرح الرؤى المعمّقة في مجالات عدة، تتعلّق بتطوير المواقع ذات الأهمية الأثرية والدلالات التاريخية وإدارتها.