قيل في التراث العربي: «كل ما لا يؤنّث لا يُعوّل عليه»، لتصبح هذه المقولة بمنزلة «شهادة إنصاف لحواء»، تؤكد خصوصية الحضور النسوي انطلاقاً من أكثر الأشياء المادية بساطةً حتى أكثر الأفكار الفلسفية عمقاً.
من هذا المفهوم، وُلدت فكرة مهرجان «هي الفنون» (She Arts) الدولي للاحتفاء بإبداعات المرأة في مختلف المجالات الفنية. وتشهد الدورة الثالثة التي افتُتحت (الخميس) في مركز «التحرير الثقافي» بالجامعة الأميركية (وسط القاهرة)، تنوّعاً في الأنشطة ما بين الموسيقى، عبر 14 حفلاً، والسينما عبر 4 أفلام، إلى ورش عمل وحلقات نقاشية وعرض مسرحي.
وأشاعت فرقة «لاس ميغاس» الإسبانية المكوَّنة من 4 عناصر نسائية حالة بهجة، خاصة في حفل الافتتاح، عبر إيقاعات الفلامنكو والرقصات الشعبية المحلية التي تفاعل معها الجمهور.
ويرفع المهرجان شعار «تاء التأنيث» ليس لانتماء جميع المُشارِكات فيه إلى الجنس اللطيف فحسب، بل أيضاً على مستوى المضمون الذي تطرحه الأغنيات والعروض الراقصة ومنتجات الحِرَف اليدوية النسائية، كذلك معرض التصوير الفوتوغرافي باسم «أنوثة».
ومن أبرز الفنانات المُشارِكات من مصر، المطربة دينا الوديدي، إلى عازفتَي «الهارب» منى واصف وفاطمة عادل، ومطربات الراب دارين، وفاتي، وهالة، وقائدة الأوركسترا دنيا الدغيدي، وفرقة «طبلة الست».
في هذا السياق، تؤكد مؤسِّسة المهرجان ومديرته نيفين قناوي لـ«الشرق الأوسط» أنّ الدورة تشهد مشاركة سعودية لافتة من خلال الفنانة «فلانة»، وهي مطربة وملحّنة ومؤلِّفة أغنيات جذبت الجمهور إلى فنّها المميز في فترة قصيرة، مشيرة إلى أنه «من مفاجآت الدورة أيضاً، عرض شديد الخصوصية تقدّمه فنانات لاجئات من السودان من خلال فريق (الجزيرة المعزولة)، للمرة الأولى، بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)».
وتضيف: «تشارك لاجئات من جنسيات مختلفة أخرى في معرض للحِرَف اليدوية، وتشهد العروض الموسيقية مشاركة لافتة من الولايات المتحدة وإيطاليا والبرتغال وأرمينيا ولبنان».
«فلانة» هو اللقب الذي اختارته الفنانة السعودية الشابة نادين لنجاوي، الحاصلة على شهادة في الهندسة المعمارية من جامعة «بيت الحكمة» في السعودية. بدأت تجربتها من خلال أغنيات بالعربية والإنجليزية عبر منصة «ساوند كلاود» عام 2012، فيما يعرف بـ«البوب الإلكتروني».
ولفتت الأنظار داخل المملكة وخارجها، وشاركت في مهرجانات أبرزها «وصلة للموسيقى البديلة»، و«ساوند ستورم ميدل إيست» بالعاصمة الرياض.
تنفي قناوي أن «يكون اسم المهرجان أو توجّهه العام ينطوي على تعصُّب أو إقصاء للآخر»، مؤكدة أنه «احتفاء بالخصوصية النسوية في الفن، أصل الحضارات ومفتاح الثقافات، خصوصاً أنّ بعض الفعاليات تقام بالتوازي في مركز (الجزويت) بمحافظتي المنيا والإسكندرية».
العلاقة بين الرقص والفلكلور أحد أبرز اهتمامات المهرجان، سواء في إطار عالمي ممثَّل بعروض وورش عمل تقدّمها فرقة «لاس ميغاس» الإسبانية، أو في إطار عربي من خلال أنشطة مُشابهة تقدّمها نغم صلاح التي شاركت في تصميم رقصات عرض «طريق الكباش» (2021)، إلى العرض الراقص من إخراج كارول عقاد.