«عزيمة»... فنون الحياة الاجتماعية تسافر من الرياض إلى المنامة

معرض لـ«مسك» يجمع 10 فنانين... يقدمون رؤية جديدة

عمل «الصبابات» للفنانة إلهام الدوسري (المصدر: «معهد مسك للفنون»)
عمل «الصبابات» للفنانة إلهام الدوسري (المصدر: «معهد مسك للفنون»)
TT

«عزيمة»... فنون الحياة الاجتماعية تسافر من الرياض إلى المنامة

عمل «الصبابات» للفنانة إلهام الدوسري (المصدر: «معهد مسك للفنون»)
عمل «الصبابات» للفنانة إلهام الدوسري (المصدر: «معهد مسك للفنون»)

لطالما ألهم الموروث الاجتماعي السعودي الغني الفنانين المحليين لتقديم أعمال إبداعية خارجة على المألوف، وهو ما يرتكز عليه معرض «عزيمة»، الذي ينظمه «معهد مسك للفنون»، ويعود بنسخته الجديدة مرتحلاً من الرياض إلى المنامة، حيث يفتتح غداً (الخميس) أبوابه في مركز الفنون بالبحرين، ليستمر حتى 23 سبتمبر (أيلول) الحالي، جامعاً 10 فنانين سعوديين وخليجيين، يقدمون أعمالاً بمضامين فنية تقترب من روح المجتمع.

معرض «عزيمة» الذي ينطلق اسمه من المصطلح العربي «عزومة» وتعني وليمة، يمثل الكلمة الدارجة في المجتمع السعودي «عزيمة»، وتعني حدثاً اجتماعياً أو مناسبة يجتمع فيها الأقارب والمعارف، كما أنها كلمة شائعة في جميع الدول الخليجية لها المدلول نفسه، ومن هذا المنطلق، يجسد المعرض ذلك من خلال عرض مجموعة من الأعمال الإبداعية الفنية التي تعكس هذا الشكل من التقاليد الاجتماعية، والتعمّق في التغيرات الاجتماعية التي طرأت على الذاكرة الجماعية.

تمازج فني خليجي

ويقدم المعرض 12 عملاً تناقش موضوع المناسبات التقليدية بأساليب إبداعية وفنية، للفنانين: تسنيم السلطان، وإلهام الدوسري، وعائشة السويدي، وإسحاق مدن، وشذى الحسيني، وسعد الهويدي، ونورة السركال، ومشاعل الساعي، وبدر البلوي وخالد البنّا. ويرسخ هذا المعرض فكرة الانتماء والتواصل الاجتماعي بين المجتمعات الخليجية؛ كون تقاليدها في «العزائم» والمناسبات متشابهة إلى حد كبير، وهو ما يبدو جلياً من خلال الأعمال المشاركة التي تستكشف ديناميكيات الذاكرة الجماعية في كيفية الاحتفال في المناسبات.

من الأعمال الفنية المشاركة بالمعرض (المصدر: «معهد مسك للفنون»)

ما بين «البشت» و«الكيرم»

الفنان سعد الهويدي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن مشاركته بعملين في المعرض، الأول «البشت» الذي يرمز إلى الزي الفاخر الذي يرتديه الرجال من دول الخليج العربي في المحافل والمناسبات الاجتماعية، قائلاً: «منطقة الأحساء تعدّ من أهم المناطق التي اشتغلت على صناعة البشت كحرفة خليجية، ونحن الخليجيين نتقاطع في نظرتنا واهتمامنا لهذه القطعة المهمة»، مبيناً أن هذا العمل الفني يتناول رمزية البشت وما يحمله من مضامين اجتماعية فريدة من نوعها.

وفيما يخص عمله الآخر «الكيرم»، أوضح الهويدي أنه يشير إلى لعبة شهيرة وصلت إلى الخليج من الهند وتغلغلت سريعاً بين الناس، وتشغل حيزاً كبيراً من ذاكرة طفولته، خاصة في المناسبات العائلية، حيث يلتف الشبان حول هذه اللعبة، ويتابع: «أتذكر أن الكيرم كان حاضراً قبل بدء العزيمة، ويتفاعل معه الجميع، كلاً بطريقته الخاصة، فهناك تنوع للمفاهيم حولها؛ ما يجعلها لعبة تشكل حالة مختلفة ما بين كل مجتمع وآخر».

«كراسي» المناسبات

من جانبه، يتحدث الفنان بدر البلوي لـ«الشرق الأوسط» عن عمله «كراسي» الذي يقوم على الصور الرقمية، حيث يتوسط العمل صورة كبيرة حولها مجموعة من الصور الصغيرة، مشيراً إلى أنه اختار أن تكون الكراسي فارغة من الأشخاص؛ كون الكرسي عنصراً أساسياً ومهماً في المناسبات الاجتماعية كافة، ويتابع: «من الجميل في هذا المعرض وجود تنوّع خليجي في الفنانين المشاركين، حيث قدم كل واحد منا منظوراً مختلفاً، لكن في إطار موضوع متكامل ومتماسك».

سلسلة «صبابات»

الفنانة إلهام الدوسري قدمت بدورها مجموعة صور بورتريه ضمن سلسلة «صبابات» التي تظهر النساء العاملات في الضيافة وتقديم المشروبات للزوار، بالزي الشعبي التقليدي الدارج منذ حقبة طويلة وحتى اليوم، حيث تبدو السيدات بالملابس البراقة ومفرق الشعر البارز، في إشارة إلى فخامة طاقم الضيافة في المناسبات والعزائم.

يظهر معرض «عزيمة» المورث الاجتماعي برؤية فنية (المصدر: «معهد مسك للفنون»)

حنين إلى الماضي

كما يعزز معرض «عزيمة» من النوستولجيا والحنين إلى الماضي، بما يُعيد المتلقي إلى ذاكرة الطفولة والكيفية التي كانت تتشكل فيها الروابط الاجتماعية، عبر مجموعة من الصور الفوتوغرافية والمنحوتات والتراكيب الفنية، التي تتوحد فنياً في هذا المعرض بما يقدم رؤية فنية للتجمعات الاجتماعية وتفاصيلها التي تبدو غير مرئية إلا أنها تتجسد بوضوح في «عزيمة».

جدير بالذكر أنه تمت استضافة المعرض في مملكة البحرين بعد ردود الفعل الإيجابية التي لقيها من زوّاره في أسبوع «مسك للفنون» الذي أُقيم بالرياض عام 2022. خاصة وأن هيئة البحرين للثقافة والفنون تُقدّم الكثير من البرامج التي تُعزّز جانب النظر إلى التقاليد الاجتماعية بطرق إبداعية وفنية، وذلك من منطلق التعاون بين الجهات الفنية في دول الخليج العربي.



ليام باين ليس أوّل ضحاياها... الشرفةُ كوسيلة انتحارٍ حتميّ

وفق علم النفس فإنّ مَن ينتحرون من أماكن مرتفعة يرغبون في تحويل موتهم إلى فعلٍ عام (رويترز)
وفق علم النفس فإنّ مَن ينتحرون من أماكن مرتفعة يرغبون في تحويل موتهم إلى فعلٍ عام (رويترز)
TT

ليام باين ليس أوّل ضحاياها... الشرفةُ كوسيلة انتحارٍ حتميّ

وفق علم النفس فإنّ مَن ينتحرون من أماكن مرتفعة يرغبون في تحويل موتهم إلى فعلٍ عام (رويترز)
وفق علم النفس فإنّ مَن ينتحرون من أماكن مرتفعة يرغبون في تحويل موتهم إلى فعلٍ عام (رويترز)

حملت آخر أغنية أصدرها ليام باين قبل 7 أشهر عنوان «Teardrops» (دموع). تحدّث عنها حينذاك قائلاً إنّ دموعاً كثيرة ذُرفت حتى تولد تلك الأغنية. أما سطورها التي شارك باين في كتابتها فتبوح بالكثير رغم طابعها الرومانسي؛ فهو يغنّي مثلاً: «أنا مكسور... أعاني كي أرى الشمس وهي تشرق... أنا أكره نفسي مؤخراً».

منذ صعوده نحو الشهرة مراهقاً ضمن صفوف فريق One Direction، صارع المغنّي البريطاني الشاب إدماناً على الكحول وأفكاراً انتحاريّة لم تفارقه، بل هي التي رسمت شكل نهايته في سن الـ31. لا ملايين المتابعين ولا ملايين الدولارات ردعته عن القفز من على شرفة غرفة الفندق في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس حيث كان في رحلة.

عثرت الشرطة في غرفة باين على مهدّئات ومنشّطات ومخدّرات وكحول، ما يرجّح فرضيّة أنه كان تحت تأثير تلك المواد أو بعضها عندما رمى بنفسه من الطبقة الثالثة. وإذا كان باين قد استعان بما يسهّل عليه تنفيذ فعلته، فهذه ليست حال كل مَن انتحروا برمي أنفسهم من أماكن مرتفعة.

شموع ورسائل من المعجبين في موقع انتحار ليام باين في بوينس آيرس (رويترز)

قفزات انتحاريّة... رياضيّة

بعد أن أجريت الفحوص على جثة بطلة الجودو النمساوية كلوديا هيل، لم تظهر أي آثار لموادّ مخدّرة. ففي حدثٍ شكّل صدمة للمجتمع النمساوي وللساحة الرياضية العالمية، رمت النجمة الأولمبية بنفسها من الطبقة السادسة من مبنىً في فيينا، وذلك في مارس (آذار) 2011. كانت هيل في الـ29 من العمر وتعمل كمدرّبة ومعلّقة تلفزيونية، بعد أن اعتزلت المباريات قبل سنتَين. وفق زملائها وأصدقائها، لطالما تمتّعت بشخصية قوية وروحٍ إيجابية حتى آخر ساعة قبل وفاتها، لذلك كان من الصعب عليهم تبرير ما فعلت.

بطلة الجودو النمساوية كلوديا هيل أنهت حياتها بالقفز من الطبقة السادسة عام 2011 (فيسبوك)

ليست هيل البطلة الأولمبية الوحيدة التي أنهت حياتها قفزاً، فزميلتها في رياضة الجودو الروسيّة إيلينا إيفاشينكو كانت هي الأخرى في الـ29 يوم رمت بنفسها من شرفة شقّتها الواقعة في الطبقة الـ15 من أحد مباني مدينة تيومين الروسية. حدث ذلك في يونيو (حزيران) 2013 وقد عُثر على رسالة وداع في جيب إيفاشينكو. ووفق مقرّبين منها، فإنّ الرياضية العالمية غرقت في الاكتئاب بعد فشلها في إحراز ميدالية في ألعاب لندن الأولمبية عام 2012، وهي حملت ذلك الذنب حتى الموت.

بطلة الجودو الروسية إيلينا إيفاشينكو انتحرت من شرفة شقتها في الطبقة الـ15 (أ.ف.ب)

من بين الرياضيين الذين قضوا بالطريقة ذاتها، بطل الرماية بالقوس المكسيكي كارلوس فاكا، الذي رمى بنفسه من الطبقة التاسعة في مبنى في مكسيكو، في مارس 2023 وهو كان في الـ20 من عمره. كذلك فعل حارس مرمى المنتخب الإسباني لكرة الماء خيسوس رولان عام 2006، عندما أنهى حياته في سن الـ38 برمي نفسه من على شرفة إحدى عيادات برشلونة، حيث كان يتلقّى علاجاً من الاكتئاب الذي غرق فيه بعد اعتزاله الرياضة عام 2004.

في الـ20 من عمره انتحر بطل الرماية المكسيكي كارلوس فاكا قافزاً من الطبقة التاسعة (فيسبوك)

ماذا يقول علم النفس؟

عن ظاهرة الانتحار من الشرفات والمباني والجسور، يقول علم النفس إنها الطريقة الخاصة بالأشخاص الذين صمّموا على الموت، لأنّه من النادر أن ينجو مَن يعتمد تلك الوسيلة لإنهاء حياته. يوضح الطبيب النفسي آدم كابلن في مقابلة مع شبكة «ABC» الأميركية أن مَن ينتحرون قفزاً لا تتجاوز نسبتهم الـ7 في المائة بين سائر المنتحرين، وهم يفعلون ذلك على الأرجح نظراً لعدم توفّر وسائل أخرى كالسلاح والأدوية، أو لأنهم يسعون وراء موتٍ حتميّ يضمنه القفز من مكان مرتفع.

ووفق مركز الوقاية من الانتحار في ولاية كاليفورنيا الأميركية، فإنّ مَن يرتكبون الانتحار برَمي أنفسهم من أماكن مرتفعة يرغبون في تحويل موتهم إلى فعلٍ عامّ. وهم يريدون بذلك أن يشاركوا معاناتهم علناً ويحرّروا الأسرار التي تؤلمهم، ويلقوا ببعض اللائمة على الآخرين، من الأقربين إلى الأبعدين كالمارّة الذين يحدث أن يشهدوا مباشرةً على هذا الموت التراجيدي.

وفق علم النفس إنها الطريقة الخاصة بالأشخاص الذين صمّموا على الموت (رويترز)

انتحار ملكة جمال من الطبقة 29

لم يرَ الناس من ملكة جمال الولايات المتحدة 2019 شيزلي كريست سوى وجهها الجذّاب وابتسامتها الدائمة ونجاحها كمذيعة ومحامية، إلى أن عُثر عليها جثة هامدة تحت أحد مباني منهاتن.

كانت كريست تقطن في المبنى المؤلف من 60 طبقة، وهي شوهدت للمرة الأخيرة في الطبقة 29 من حيث قفزت عام 2022 وهي في الـ31 من العمر. وفق والدتها، فإن كريست كانت تعاني من اضطراب الاكتئاب المستمر، حيث تبدو وكأنها بخير وتمارس حياتها بشكلٍ طبيعي ونشيط، لكنها تعاني سراً في المقابل.

ملكة جمال الولايات المتحدة 2019 شيزلي كريست التي رمت بنفسها من الطبقة 29 قبل سنتين (رويترز)

نهايات سينمائية

كان مصمّم الإنتاج أنطون فورست غارقاً في الاكتئاب، يوم قرر أن ينهي حياته عن 47 عاماً في نوفمبر (تشرين الثاني) 1991. قاوم السينمائي البريطاني الحائز على أوسكار عن فيلم «باتمان» آلامه النفسية باللجوء إلى الكحول والحبوب المهدّئة المحظورة. وقبل شهر من دخوله مركزاً للعلاج من الإدمان، غافل أصدقاءه خلال إحدى السهرات ورمى بنفسه من الطبقة الثامنة.

مصمم الإنتاج الحائز على أوسكار أنطون فورست انتحر من الطبقة الثامنة عام 1991 (فيسبوك)

كثيرون هم السينمائيون الذين اختاروا نهايةً أشبَه بمشهدٍ هوليووديّ. ففي عام 1979، وبعد أن أمضى سنواته الأخيرة بصحّةٍ واهنة، رمى المنتج والممثل الأميركي بيت سميث بنفسه من على سطح المبنى حيث يقيم. كان السينمائي الحائز على 3 جوائز أوسكار في الـ87 من عمره.

اختار المخرج الإيطالي ماريو مونيتشيللي نهايةً مشابهة عام 2010. فرغم سنواته الـ95، قفز السينمائيّ من نافذة أحد مستشفيات روما حيث كان يتلقّى العلاج من مرض السرطان الذي كان قد بلغ مراحل متقدّمة.

في سن الـ95 رمى المخرج الإيطالي ماريو مونيتشيللي بنفسه من نافذة غرفته في المستشفى (رويترز)

وفيما يشبه سلسلةً تراجيدية، سلك المخرج الإيطالي كارلو ليزاني المصير ذاته. فبعد 3 سنوات على انتحار زميله، رمى الرئيس السابق لمهرجان البندقيّة بنفسه من على شرفة منزله الكائن في الطبقة الثالثة من أحد مباني روما، وكان قد تخطّى كذلك عامه الـ90.

عاجل مقتل شخصين في غارة اسرائيلية على سيارة شمال بيروت مقتل 11 شخصاً في غارة إسرائيلية على مخيم المغازي وسط غزة