سرمدية ليل «الغراميل» في العلا تدهش زوار أسبوع التصاميم بباريس

الغامدي لـ«الشرق الأوسط»: استخدمتُ 101 قطعة جلدية واستعنتُ بـ12 حرفياً

يعكس العمل الشكل الفريد واللافت لمنطقة الغراميل في العلا (صور الفنانة)
يعكس العمل الشكل الفريد واللافت لمنطقة الغراميل في العلا (صور الفنانة)
TT

سرمدية ليل «الغراميل» في العلا تدهش زوار أسبوع التصاميم بباريس

يعكس العمل الشكل الفريد واللافت لمنطقة الغراميل في العلا (صور الفنانة)
يعكس العمل الشكل الفريد واللافت لمنطقة الغراميل في العلا (صور الفنانة)

تلفت منطقة الغراميل في العلا الأنظار بأشكالها الهندسية المدهشة، ومظهرها الحالم في الليل، ما ألهم الفنانة السعودية زهرة الغامدي عملها الجديد «الغراميل»، المعروض حالياً في باريس ضمن أسبوع التصاميم؛ وهو من تكليف «فنون العلا»، ضمن إصدارات مدرسة الديرة، شكلته الفنانة انطلاقاً من دهشتها بأحد أندر الأماكن وأكثرها سحراً في البلاد، الذي يوحي لزائره بجمال الفضاء الممتد بلا نهاية.

تتحدّث الغامدي لـ«الشرق الأوسط» عن نقطة انطلاق العمل، بالقول: «حين قرأت عن الغراميل، تخيّلت شكلها قبل الذهاب لمعاينتها. من هنا تكوّنت الفكرة»، هي التي لطالما اشتهرت باعتمادها على الجلد في تشكيل كثير من أعمالها، فيبرز في «الغراميل» بكونه خامة أساسية، كما اعتمدَت التطريز حرفةً، لشهرة مدينة العلا بهذا الفن.

12 حرفياً وتطريز فني

تتابع: «استعنتُ بـ12 حرفياً في مرحلة التطريز، كما أظهرتُ أزهار الأقحوان لتميُّز العلا بها في الربيع. من هنا بدأت برسم الورود وتوزيع القطع على الحرفيين لتطريزها»، مشيرة إلى أنّ اختيارها الألوان من فئة الرماديات ينسجم مع فكرة العمل بإظهار جمال الغراميل في المساء، وتكويناتها البديعة وسط الظلام.

تضيف: «بدأتُ بالعمل على قطع جلد بمقاسات مختلفة لتمنحني شكلاً مستوحى من جبال الغراميل»، مؤكدة أنّ هذا عملها الديكوري الأول، هي التي اعتادت صنع المجسّمات في مكان العرض أو أخذ مساحات كبيرة من الجدار وما إلى ذلك، لكنها عدَّت «الغراميل» تحدّياً، فتقول: «يكمن ذلك في محاولتي الحفاظ على هويتي الفنيّة مع تقديم عمل ديكوري».

أزهار الأقحوان التي تشتهر بها العلا تبدو واضحة في العمل (صور الفنانة)

أكثر من 100 قطعة جلد

لأنّ الغامدي اشتهرت باستخدامها خامات وفيرة في أعمالها الفنية، نسألها عن ذلك في «الغراميل»، فتجيب: «استخدمت 101 قطعة جلدية، أما التطريز فيشمل 200 قطعة لكونه يأتي من الجهتين (الأعلى والأسفل)، علماً بأنّ اختلاف المقاسات صعَّب العمل، فكان للماء دوره في تغيير المقاسات مما يتطلّب من الفنان مضاعفة جهده».

عطفاً على ما تتمتّع به العلا من نقوش نبطية ضاربة في القِدم تضفي جمالاً على صخورها وجبالها، تعمّدت الغامدي النقش بالمشرط الحاد على القطع، فبدت بعد حرقها كأنها تحمل نقوشاً تحاكي التي في العلا، ما لفت مَن قابلوا عملها المعروض حالياً في باريس بالدهشة، لمحاولته إظهار فرادة هذه المدينة التاريخية.

يثير العمل المعروض حالياً في باريس دهشة المتلقين (صور الفنانة)

مشهد خيالي في سرمدية الليل

تقول الغامدي: «منطقة الغراميل مميزة بغرابتها، وتشبه إلى حد كبير الهضاب الوهمية على كوكب خارج الأرض. فيها تشكيلات صخرية حمراء، غيّرت الرياح طبيعتها لتصبح أيقونة فريدة في مشهد صحراوي ساحر». وترى أنّ هذه المنطقة تخلق مشهداً خيالياً في الهواء الطلق، يمزج بين الغراميل والمجرات والعناقيد النجمية، ما يشكل رحلة من الغموض والإثارة.

تتابع: «من يرى الغراميل للوهلة الأولى، يراوده سؤال: هل هي هضاب خيالية أم جبال منحوتة أم جذوع نخيل مصنوعة من الصخر؟ يبدو الأمر أشبه بمشهد خيالي وسط الصحراء»، مشيرة إلى أنّ جمال المكان يتكثّف في الليل، عندما تُظلم السماء المتلألئة بالنجوم، لتشكل إحدى اللوحات الإلهية ذات الجمال الرائع.

زهرة الغامدي تستخدم المواد الطبيعية في صناعة أعمالها (حسابها الشخصي)

سيرة فنية

يُذكر أنّ زهرة الغامدي من مواليد مدينة الباحة، مقيمة في مدينة جدة. تستخدم المواد الطبيعية (التراب والجلد والأحجار) في صناعة أعمال فنية تبتكرها خصوصاً للمواقع التي تُعرَض فيها، وتشكّل امتداداً لروح الأرض وعمق الثقافة. تستوحي أعمالها من مفهوم تجسُّد الذاكرة، وتستكشف مواضع مثل الهوية الثقافية والحنين للماضي. وهي حصلت على دكتوراه من جامعة كوفنتري بإنجلترا، وخلال دراستها عملت على استكشاف فنون العمارة التقليدية في منطقة جنوب غرب السعودية.


مقالات ذات صلة

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يوميات الشرق يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

تحتفي وزارة الثقافة السعودية بنظيرتها العراقية في النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتين» خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
الخليج الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي (الشرق الأوسط)

ولي العهد السعودي يتلقى رسالة خطية من رئيس جنوب أفريقيا

تلقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، رسالة خطية، من سيريل رامافوزا رئيس جنوب أفريقيا، تتصل بالعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)

عقود من الرّيادة السعودية في فصل التوائم

«مؤتمر التوائم الملتصقة»، الذي يُسدل الستار على أعماله الاثنين، ينتشر في مقرّه وبالمعرض المصاحب له عدد من الزوايا التي تسلّط الضوء على تاريخ عمليات فصل التوائم.

غازي الحارثي (الرياض)
الاقتصاد الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

حقق 14 مبتكراً في 6 مسارات علمية جوائز النسخة الثانية من «جائزة الابتكار العالمية في تحلية المياه».

«الشرق الأوسط» (جدة)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
TT

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

تُثابر أليس مغبغب منظمة مهرجان «بيروت للأفلام الفنية» (باف) على تجاوز أي مصاعب تواجهها لتنظيم هذا الحدث السنوي، فترفض الاستسلام أمام أوضاع مضطربة ونشوب حرب في لبنان. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «علينا الانتصاب دائماً ومواجهة كل من يرغب في تشويه لبنان الثقافة. نعلو فوق جراحنا ونسير بثباتٍ للحفاظ على نبض وطن عُرف بمنارة الشرق. كان علينا أن نتحرّك وننفض عنّا غبار الحرب. ندرك أن مهمتنا صعبة، ولكننا لن نستسلم ما دمنا نتنفس».

الصورة وأهميتها في معرض العراقي لطيف الآني (المهرجان)

انطلقت في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي فعاليات مهرجان «بيروت للأفلام الفنية»، ويحمل في نسخته العاشرة عنوان «أوقفوا الحرب»، وتستمر لغاية 6 ديسمبر (كانون الأول). يعرض المهرجان 25 فيلماً، ويقيم معرض صور فوتوغرافية. ويأتي هذا الحدث بالتوازي مع الذكرى الـ50 للحرب الأهلية اللبنانية، وتجري عروضه في المكتبة الشرقية في بيروت.

وتتابع مغبغب: «رغبنا في لعب دورنا على أكمل وجه. صحيح أن كل شيء حولنا يتكسّر ويُدمّر بفعل حرب قاسية، بيد أننا قررنا المواجهة والمقاومة على طريقتنا».

تقع أهمية النسخة الـ10 بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية. ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها. فأُطلق في 25 نوفمبر معرض هادي زكاك عن صالات السينما في مدينة طرابلس، يحمل عنوان «سينما طرابلس والذاكرة الجماعية»، وذلك في المكتبة الشرقية في العاصمة بيروت. ويسلّط المعرض الضوء على هذه المدينة الثقافية بأسلوبه. كما عرض المهرجان في اليوم نفسه الوثائقي «أسرار مملكة بيبلوس» لفيليب عرقتنجي. وقد نال عنه مؤخراً جائزة لجنة التحكيم الكبرى في الدورة الـ24 لمهرجان السينما الأثرية (FICAB) في مدينة بيداسوا الإسبانية.

يُختتم المهرجان بالفيلم اللبناني «وعاد مارون بغدادي إلى بيروت»

وفي السابعة مساءً، اختُتم أول أيام الافتتاح بعرض المهرجان لفيلم هادي زكاك «سيلّما»، ويوثّق فيه سيرة صالات السينما في طرابلس، يومَ كانت السينما نجمة شعبيّة في المدينة الشماليّة.

وكما بداية المهرجان كذلك ختامه يحمل النفحة اللبنانية، فيعرض في 6 ديسمبر (كانون الأول) فيلم فيروز سرحال «وعاد مارون بغدادي إلى بيروت»، وذلك في الذكرى الـ30 لرحيله. في الفيلم زيارة أماكن عدّة شهدت على حياة بغدادي وأعماله، والتقاء بالمقربين منه لتمضية يوم كامل معهم في بيروت، حيث يسترجعون مسيرة بغدادي المهنية في ذكريات وصور.

وتشير مغبغب، في سياق حديثها، إلى أن المهرجان ولّد حالة سينمائية استقطبت على مدى نسخاته العشر صنّاع أفلام عرب وأجانب. وتضيف: «تكثر حالياً الإنتاجات الوثائقية السينمائية. في الماضي كانت تقتصر على إنتاجات تلفزيونية، توسّعت اليوم وصار مهرجان (باف) خير عنوان لعرضها».

فيلم فؤاد خوري يُوثّق الحرب اللبنانية (المهرجان)

ومن النشاطات التي تصبّ في تعزيز الصورة الفوتوغرافية أيضاً، معرضٌ للعراقي لطيف الآني، يحكي قصة العراق منذ 50 سنة ماضية، ينقل معالمه ويومياته كما لم نعرفها من قبل. وتعلّق مغبغب: «أهمية الصورة الفوتوغرافية تأتي من حفاظها على الذاكرة. ولذلك سنشاهد أيضاً فيلم فؤاد خوري عن ذاكرة الحرب اللبنانية».

ويغوص فيلم خوري في مسار هذا الفنان الذي أخذ دور موثّق الحرب، والشاهد على النّزاعات في الشرق الأوسط.

مغبغب التي تأمل بأن تجول بالمهرجان في مناطق لبنانية بينها بعلبك وصور، تقول: «الناس متعطشة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الموضوعات الفنية. إنها تشكّل لهم متنفساً ليتخلصوا من همومهم ولو لبرهة. وهذه الأفلام الواقعية والموثقة بكاميرات مخرجين كُثر، تجذبهم بموضوعاتها الاجتماعية والجمالية».

تقول أليس مغبغب إن عملها في المهرجان كشف لها عدد أصدقاء لبنان من دول أجنبية وعربية. ولذلك نتابع عروضاً لأفلام أجنبية من بينها مشاركة من إنجلترا بعد غياب عن المهرجان لـ4 سنوات. وسيُعرض بالمناسبة «الرجل المقاوم» و«شكسبيرز ماكبث» ثاني أيام المهرجان في 26 نوفمبر.

ويُخصّص «بيروت للأفلام الفنية» أيام عرضٍ خاصة ببلدان أجنبية، من بينها الإيطالي والبلجيكي والسويسري والبرازيلي والإسباني والألماني.

«أسرار مملكة بيبلوس» لفيليب عرقتنجي (المهرجان)

ويبرز فيلما «لاماتوري» و«أخضر على رمادي» للإيطاليين ماريا موتي وإميليا أمباسز في المهرجان. وفي ذكرى مئوية الفن السوريالي تشارك إسبانيا من خلال المخرجَين بالوما زاباتا وكانتين ديبيو، فيُعرض «لا سينغالا» و«دالي»، ويُعدّ هذا الأخير من أهم الأفلام الوثائقية عن الفنان الإسباني الراحل والشهير.

وفي 5 ديسمبر (كانون الأول) سيُعرض فيلم خاص بالمكتبة الشرقية مستضيفة المهرجان. وتوضح مغبغب: «عنوانه (المكتبة الشرقية إن حكت) من إخراج بهيج حجيج، ويتناول عرَاقة هذه المكتبة وما تحويه من كنوز ثقافية».

ومن الأفلام الأجنبية الأخرى المعروضة «إيما بوفاري» وهو من إنتاج ألماني، ويتضمن عرض باليه للألماني كريستيان سبوك مصمم الرقص الشهير، وهو يقود فرقة «ستانس باليه» المعروفة في برلين.

وفي فيلم «جاكوميتي» للسويسرية سوزانا فانزون تتساءل هل يمكن لمكانٍ ما أن يكون مصدر موهبة عائلة بأسرها. وتحت عنوان «من الخيط إلى الحبكة» يتناول مخرجه البلجيكي جوليان ديفو، فنّ النّسيج وما تبقّى منه حتى اليوم، فينقلنا إلى مصانع بروكسل وغوبلان مروراً بغوادا لاخارا في المكسيك.