نضال الأشقر لـ«الشرق الأوسط»: قلبنا المشهدية لتصبح «لعب كبار»

«مشكال» في نسخته الـ11 واحة فنون متعددة الأوجه

تتمسك نضال الأشقر بإبقاء مسرح المدينة نبض بيروت الثقافي (مسرح المدينة)
تتمسك نضال الأشقر بإبقاء مسرح المدينة نبض بيروت الثقافي (مسرح المدينة)
TT

نضال الأشقر لـ«الشرق الأوسط»: قلبنا المشهدية لتصبح «لعب كبار»

تتمسك نضال الأشقر بإبقاء مسرح المدينة نبض بيروت الثقافي (مسرح المدينة)
تتمسك نضال الأشقر بإبقاء مسرح المدينة نبض بيروت الثقافي (مسرح المدينة)

تدأب مؤسسة مسرح المدينة نضال الأشقر على إبقاء الفن ينبض بالعلم والأمل في كل نشاط تشهده خشبة مسرحها. فهي لا توفر جهداً لإحياء مهرجان «مشكال» الفني في موعده من كل عام، وتطبعه في كل مرة بنكهات وخيارات فنية تغرفها من خلفية مسرحية رائدة تتميز بها.

هذه السنة أعلنت الأشقر عن برنامج «مشكال» الملتقى الشبابي الغني بمواهب إبداعية محلية. ينطلق المهرجان في 11 سبتمبر (أيلول) الحالي ويستمر لغاية 14 منه. وتقرر أن يأخذ السنة الحالية منحى مغايراً، فيتفرغ فيه رواد فنون مختلفة لإحيائه. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يقوم طلاب وتلامذة ومواهب صاعدة بتنظيم هذا المهرجان، فيحيونه بمبادرات يحضرونها ويختارونها فيرافقون جيلاً جديداً يعلّمونه أصول لعبة الفن. هذه السنة رغبت في قلب قواعد اللعبة بحيث يأخذ الكبار مهمة تعليم الصغار، فيحيون مع الطلاب برنامجاً شيقاً متنوع الأوجه يفيدهم في شتى المجالات. والعنوان الكبير لـ(مشكال) في نسخته الـ11 هو (لعب الكبار)، وقد اخترت شخصياً عناصره الفنية التي يغلب عليها الحرفية التي نتوق إليها في عالم الفن».

السوبرانو غادة غانم وورشة عمل خاصة بالصوت (مسرح المدينة)

الحرفية هذه التي تتحدث عنها نضال الأشقر تكمن بأسماء فنانين لامعين لم يمروا على الساحة مرور الكرام، فتركوا إما بأصواتهم وتمثيلهم وإما بريشتهم وقدراتهم على خشبة المسرح بصمتهم المميزة. ومن بين هؤلاء غادة غانم وكريم دكروب وفايز قزق وغيرهم.

كل واحد من هؤلاء الفنانين سيمدّ الشباب الصاعد من طلاب وتلامذة وأصحاب مواهب منوعة بخبراتهم، وذلك من خلال ورش عمل أو محترفات تعليمية وعروض فنية مباشرة، وجميعها تقام على خشبة «مسرح المدينة» الواقع في شارع الحمراء.

ومؤخراً شهد هذا المسرح ورشة إعادة تأهيل كي يبقى في أبهى حلة، وكي يكون قادراً على مواكبة الفن المسرحي في لبنان وعلى المستوى المطلوب. وتخبرنا الأشقر: «بالفعل لقد أعدنا تأهيل مسرح المدينة واستغرقت هذه العملية نحو شهرين من الوقت. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنّ تمويل هذه العملية وكغيرها من الأمور التي يشهدها مسرحنا يعود إلى المجتمع المدني اللبناني. فلا تأتينا أي تبرعات من الخارج. كل التمويل محلي بفضل محبي المسرح. وهو أمر يزودني شخصياً بالثقة، فلا يزال هناك لبنانيون يهتمون بمسارحهم وببقائها على قيد الحياة».

عملية الترميم طاولت التقنيات في المسرح وأدوات الإضاءة والموكيت والصوتيات بمجملها. أما أبرز عمليات الترميم هذه فهي تلك الخاصة بخشبة المسرح. «لقد استبدلناها بخشبة جديدة وهي تعد من أكبر خشبات المسرح في بيروت. وأذكر يوم قررنا فرز مساحة لها عند إنشاء مسرح المدينة، اضطررت إلى إلغاء 6 صفوف من المقاعد، كي يبدو على ما هو عليه اليوم حجماً وسعة».

وبالعودة إلى برنامج «مشكال» في نسخته الـ11 لهذه السنة فهو ينطلق في 11 الحالي بعملين فنيين. يفتتح مع حفلة «بيكار بيروت» مع الفنانة هالة رمضان في الثامنة مساء. وهي فرقة شبابية لبنانية أسستها رمضان في عام 2018.

ويسبق هذا الحفل من الليلة نفسها عرض لفنان الكاريكاتور وليد شهاب ضمن ورشة تعليمية لهذا الفن، فتفتح لها أبواب صالة نهى الراضي في «مسرح المدينة» في السابعة مساء.

وفي اليوم الثاني من فعاليات «مشكال» أي في 12 الحالي، تنظم غادة غانم المتخصصة بالغناء الأوبرالي ورشة غناء شرقي جماعي مدتها 3 ساعات، يتخلّلها 45 دقيقة من تعليمها كيفية تحمية الصوت والتركيز على استخدام آلياته. وفي الساعتين والربع الباقيتين سيكون غناءً جماعياً، يتضمن أغنيات لفيروز وللراحلتين وردة الجزائرية وأم كلثوم وغيرهما. وتُنظّم هذه الورشة تحت عنوان «غني عليها تنجلي». وتعلق الأشقر لـ«الشرق الأوسط»: «غادة غانم هي سيدة في الغناء ومكافحة من أجل الفن الأصيل. وتنوي تأسيس نادي غناء نسائي لكل الأعمار قريباً».

وفي الثامنة من مساء 12 سبتمبر يقيم كريم دكروب ورشة عمل خاصة بفن مسرح الدمى اللبناني، يشارك فيه فنانون يعملون في هذا المجال منذ نحو 30 عاماً. وفي هذا المحترف المجاني سيتعلم هواته ورواده كيفية تحريك الدمى، وقواعد التمثيل التي يغيب فيها الممثل عن الخشبة وراء الدمية.

الممثل السوري فايز قزق يشارك في «مشكال» للعام الحالي (مسرح المدينة)

وتعد مشاركة الممثل السوري فايز قزق واحدة من الخيارات الرفيعة المستوى التي يقدمها المهرجان. ففي 13 الحالي وبالتحديد في الثالثة بعد الظهر منه، يقدم قزق «ماستر كلاس» عن أهمية مفهوم الارتجال، ويتناوله منهاجاً علمياً لدى الممثل المتدرب. والمعروف أن قزق هو ممثل ومخرج ومؤلف سوري. درّس إعداد وتدريب الممثل المسرحي في كلية «روز برودفورد» البريطانية. وتوضح نضال الأشقر: «لقد قصدته شخصياً في المعهد الفني العالي في سوريا حيث يعلّم، وطلبت منه مشاركتنا في نسخة السنة الحالية ووافق على أمل المشاركة مرة ثانية في العام المقبل». وفي الليلة نفسها يقام حفل تكريمي للمسرحي اللبناني الراحل مجدي بو مطر في السابعة مساء. وتحت عنوان «مجدي بو مطر شعلة نار» تقدم ندى حمصي عرضاً مسرحياً من كتابتها وإخراج لينا أبيض.

ويختتم «مشكال» فعالياته بعرض مسرحي «ستاند أب كوميدي» مع علاء أبو دياب بعنوان «مش أبيض».

وتشير الأشقر في سياق حديثها إلى أن «مسرح المدينة» سيبقى منارة بيروت الثقافية. وتتابع: «قد نكون الوحيدين الموجودين في شارع الحمراء البيروتي اليوم، فبعدما كان هناك نحو 14 مسرحاً وصالة سينما تلّون هذا الشارع العريق، صرنا المحترف الوحيد النابض اليوم، ونتمسك به فمن دونه ستفقد المدينة وهجها الفني».


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
TT

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، «تشريفاً تعتز به»، ومسؤولية في الوقت نفسه، مؤكدة أن «السينما العربية حققت حضوراً جيداً في المهرجانات الدولية». وأشارت، في حوارها مع «الشرق الأوسط»، إلى أنها تنحاز للأفلام التي تُعبر عن أصالة الفكرة وروح المغامرة، منوهة بعملها على فيلمها الطويل الأول منذ 3 سنوات، لكنها لا تتعجّل تصويره؛ كون الأفلام الطويلة تتطلّب وقتاً، ولا سيما الأفلام الأولى التي تحمل تحديات على صُعُد القصة والإنتاج والممثلين، مُشيدة بالخطوات التي قطعتها السينما السعودية عبر أفلام حقّقت صدى محلياً ودولياً على غرار «نورة» و«مندوب الليل».

بدأت هند الفهاد عملها عام 2012، فأخرجت 4 أفلام قصيرة شاركت في مهرجانات عدة وهي: «بسطة» الذي فاز بجائزة في «مهرجان دبي» 2015، و«مقعد خلفي»، و«ثلاث عرائس وطائرة ورقية»، و«المرخ الأخير» الذي جاء ضمن فيلم «بلوغ»، وتضمّن 5 أفلام قصيرة لـ5 مخرجات سعوديات، وشارك قبل 3 أعوام في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وبين حضورها المهرجان في أحد أفلامها قبل سنوات، ومشاركتها بلجنة تحكيم العام الحالي، ترى هند الفهاد فرقاً كبيراً، موضحة: «أن أكون مشاركة في فيلم ويعتريني القلق والترقب شيء، وأن أكون أحد الأعضاء الذين يُسمّون هذه المشروعات شيء آخر، هذا تشريف ومسؤولية، إذ أشاهد الأفلام بمنظور البحث عن الاختلاف والتميز وأساليب جديدة لصناع أفلام في تناول موضوعاتهم، وأجدني أنحاز للأفلام التي تعبّر عن أصالة الفكرة وتقدم حكاية لا تشبه أي حكاية، وتنطوي على قدر من المغامرة الفنية، هذه من الأشياء المحفزة في التحكيم، وقد ترأستُ قبل ذلك لجنة تحكيم أفلام الطلبة في مهرجان أفلام السعودية».

لا تتعجل الفهاد فيلمها الطويل الأول (الشرق الأوسط)

وعن رؤيتها للسينما العربية بعد مشاهدتها أحدث إنتاجاتها في «مهرجان القاهرة»، تقول هند الفهاد: «لا شك في أنها قطعت خطوات واسعة في السنوات الأخيرة بحضورها في المهرجانات الكبرى؛ لأن لدينا حكايات تخصّنا، وهناك مخرجون ومخرجات أثبتوا حضورهم القوي عبر أفكار وأساليب متباينة، وأنا أقول دائماً إن الفكرة ليست في القصة، وإنما في كيف تروي هذه القصة ليتفاعل معها الجمهور في كل مكان».

وتكشف المخرجة السعودية عن استعدادها لتصوير فيلمها الروائي الطويل الأول الذي تعمل عليه منذ سنوات، قائلة: «كتبته المخرجة هناء العمير، ووصلنا أخيراً لنسخة السيناريو المناسبة، لكن الأفلام الطويلة، ولا سيما الأولى تحتاج إلى وقت للتحضير، خصوصاً إذا كان في المشروع تحديات على صُعُد القصة والممثلين والإنتاج».

وتتابع هند: «لم أحدّد بعدُ توقيت التصوير. وعلى الرغم من أنه مشروعي الأساسي، لكن هناك مشروعات أخرى أشتغل عليها، وفي تعدّدها أضمن استمرارية العمل لأكون حاضرة في المجال، فقد تكون هناك فكرة رائعة، لكن حين تُكتب نكتشف أنه من الصعب تنفيذها، لأسباب عدة».

وعن نوعية الفيلم تقول: «اجتماعيّ دراميّ، تدور أحداثه في غير الزمن الحالي. وانتهت مرحلة تطوير النص لفيلمي القصير، ووصل إلى النسخة المناسبة، وأنا، الآن، أختار أبطاله، وهو يروي حكاية تبدو في ظاهرها بسيطة، وتحمل أوجهاً عدّة، فأنا لا أُعدّ الأفلام القصيرة مرحلة وانتهت، بل أحب العمل عليها بشغف كبير في ظل ما أريده، والمعطيات من حولي وكيف أتقاطع مع هذه الأشياء».

وحاز مشروع فيلمها الطويل «شرشف» على منحة إنتاج من معمل البحر الأحمر، وترى هند الفهاد أن التّحدي الحقيقي ليس في التمويل؛ لأن النص الجيد والسيناريو المكتمل يجلبان التمويل، مُشيدة بتعدّد جهات الدعم في المملكة من منطلق الاهتمام الجاد بالسينما السعودية لتأسيس بنية قوية لصناعة السينما أوجدت صناديق تمويل متعددة.

وعلى الرغم من عمل هند الفهاد مستشارة في تطوير المحتوى والنصوص الدرامية، فإنها تواصل بجدية الانضمام إلى ورش السيناريو؛ بهدف اكتساب مزيد من الخبرات التي تُضيف لها بصفتها صانعة أفلام، وفق تأكيدها.

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

بدأت هند الفهاد مشوارها قبل القفزة التي حققتها صناعة السينما السعودية. وعن ذلك تقول: «كنا نحلم بخطوة صغيرة فجاءنا بحرٌ من الطموحات، لذا نعيش لحظة عظيمة لتمكين المرأة ورعاية المواهب المحلية بشكل عام، وقد كنّا نتطلع لهذا التّحول، وأذكر في بداياتي أنه كان وجود السينما أَشبه بالحلم، لا شك في أن نقلة كبيرة تحقّقت، لكن لا تزال التجربة في طور التشكيل وتتطلّب وقتاً، ونحن مهتمون بتطوير المواهب من خلال مشاركتها في مشروعات عربية وعالمية لاكتساب الخبرات، وقد حقّقت أعمالٌ مهمة نجاحاً دولياً لافتاً على غرار (نورة) و(مندوب الليل)».

وتُعبر هند الفهاد عن طموحاتها قائلة: «أتطلع لأحكي قصصنا للعالم، فالسينما هي الصوت الذي يخترق جميع الحواجز».