كشفت نتائج 3 دراسات صادرة (الثلاثاء) عن وجود أداة جديدة على درجة عالية من الدقة، تساعد في تشخيص مرض التوحد لدى الأطفال في سن مبكرة.
وكانت الدراسات السريرية الثلاث، التي أجريت على أكثر من 1500 طفل، قد اختبرت عدداً من القياسات التي يمكن أن تساعد في تشخيص الأطفال المصابين بالتوحد قبل سن الثالثة.
وبحسب ما أكده الباحثون من مركز «ماركوس للتوحد» التابع لمنظمة رعاية صحة الأطفال في أتلانتا بالولايات المتحدة، أظهرت نتائج الدراسات الثلاث التي نشرت معاً اليوم، في دورية الجمعية الطبية الأميركية (JAMA) ودورية «جاما نتوورك أوبن» أن قياسات السلوكيات الظاهرية للأطفال يمكنها أن تساعد في تشخص مرض التوحد لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و30 شهراً.
واستطاع الباحثون عن طريق هذه القياسات، توفير مؤشر تشخيصي شامل، بالإضافة إلى قياسات فردية لمستويات الإعاقة الاجتماعية والقدرة اللفظية ومهارات التعلم غير اللفظية لكل طفل. كما يمكن لهذا المؤشر مساعدة الأطباء على تشخيص التوحد في وقت مبكر مع توفير قياسات موضوعية لنقاط القوة والضعف لدى كل طفل، للبدء في تقديم الرعاية للطفل والأسرة.
وقال الباحث الرئيسي الدكتور وارن جونز، مدير الأبحاث في مركز ماركوس للتوحد في كلية الطب بجامعة إيموري الأميركية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «تعتبر هذه النتائج تتويجاً لأكثر من 20 عاماً من الأبحاث، حيث أدت إلى تطوير أداة تشخيصية لمرض التوحد، وأصبحت الآن متاحة للاستخدام في الولايات المتحدة، بعد موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية».
ووفق منظمة الصحة العالمية، يعاني طفل واحد من كل 100 طفل على مستوى العالم من التوحد، الذي يشار إليه أيضاً باضطرابات طيف التوحد، وهي مجموعة من الاعتلالات المتنوعة المرتبطة بنمو الدماغ وتظهر لدى الأطفال في شكل صعوبات في التفاعل الاجتماعي وعمليات التواصل، والاستغراق في التفاصيل وردود الفعل غير الاعتيادية.
ويمكن للتدخلات النفسية والاجتماعية المدعومة بالبيانات أن تحسن من مهارات التواصل والسلوك الاجتماعي إلى جانب تأثيرها الإيجابي في تحسين جودة حياة المصابين بالمرض والقائمين على رعايتهم كما يعد التشخيص المبكر مهماً أيضاً في دعم الصحة والتعلم والرفاهية على المدى الطويل لجميع الأطفال المصابين بالتوحد.
التدخل المناسب
لأكثر من عقدين من الزمن، قام الدكتور جونز والمؤلف المشارك آمي كلين، مدير مركز ماركوس للتوحد في مركز الرعاية الصحية للأطفال في أتلانتا، بدراسة كيف ينظر الأطفال إلى البيئة الاجتماعية المحيطة بهم ويتعلمون منها، وكيف يختلف هذا عند الأطفال المصابين بالتوحد.
وأظهرت نتائج الأبحاث السابقة أن هذه الاختلافات تظهر في وقت مبكر من مرحلة الطفولة وترتبط بشكل مباشر بالفروق الجينية الفردية.
وخلال عملهما الحالي، طور جونز وكلين، تقنية جديدة لقياس هذه الاختلافات بشكل موثوق بوصفه مؤشراً حيوياً للأطباء يمكنهم استخدامه.
وقال الدكتور كلين، رئيس قسم التوحد وإعاقات النمو في كلية الطب بجامعة إيموري الأميركية: «إن الآثار بعيدة المدى لهذه النتائج قد تعني أن الأطفال الذين لديهم في الوقت الحالي إمكانية محدودة في الحصول على الرعاية الصحية، ينتظرون عامين أو أكثر قبل أن يتم تشخيصهم في سن الرابعة أو الخامسة، ولكن الآن يمكن تشخيصهم مبكراً». وأضاف: «يمكن وفق التقنية الحديثة تشخيص الطفل في عمر يتراوح بين 16 و30 شهراً».
وتابع: «بالإضافة إلى ذلك، تقيس هذه التكنولوجيا المستويات الفردية لكل طفل من الإعاقة الاجتماعية والقدرة اللفظية والقدرة على التعلم غير اللفظي، وهي معلومات مهمة للأطباء عند تطوير خطط علاج شخصية لمساعدة كل طفل على تحقيق أكبر المكاسب».
ويعلق جونز: «نأمل أن تؤدي هذه النتائج إلى تخفيف الأعباء الحالية على نظام الرعاية الصحية وتقليل قوائم الانتظار الطويلة للتقييم»، موضحاً أنه «عندما نتمكن من تقليل الوقت أمام عمليات التشخيص وبدء الدعم الطبي، يمكننا المساعدة في التأثير بشكل إيجابي على حياة العديد من الأطفال والأسر».
وأضاف: «إذا تولدت لدى الوالدين مخاوف بشأن نمو طفلهما، فيجب عليهما التحدث إلى طبيب الأطفال أو طبيب الرعاية الأولية»، مشدداً على أنه «يمكن للوالدين التعرف على المعالم المهمة في نمو الطفل والعلامات المبكرة لتأخر النمو، عبر العديد من الأدلة المتاحة الآن عتام حديثه، قال جونز: «نجري الآن دراسات حول فاعلية هذه الأداة في الفحص السكاني العام، ونختبر ما إذا كان يمكن التعرف على العلامات المبكرة للتوحد باستخدام الأداة الجديدة عند عمر 9 أشهر فقط».