أداة جديدة لتشخيص التوحد في وقت مبكر

يمكن للجهاز الجديد أن يؤثر إيجابياً على حياة العديد من الأطفال والأسر (فيزكيس - شاترستوك)
يمكن للجهاز الجديد أن يؤثر إيجابياً على حياة العديد من الأطفال والأسر (فيزكيس - شاترستوك)
TT

أداة جديدة لتشخيص التوحد في وقت مبكر

يمكن للجهاز الجديد أن يؤثر إيجابياً على حياة العديد من الأطفال والأسر (فيزكيس - شاترستوك)
يمكن للجهاز الجديد أن يؤثر إيجابياً على حياة العديد من الأطفال والأسر (فيزكيس - شاترستوك)

كشفت نتائج 3 دراسات صادرة (الثلاثاء) عن وجود أداة جديدة على درجة عالية من الدقة، تساعد في تشخيص مرض التوحد لدى الأطفال في سن مبكرة.

وكانت الدراسات السريرية الثلاث، التي أجريت على أكثر من 1500 طفل، قد اختبرت عدداً من القياسات التي يمكن أن تساعد في تشخيص الأطفال المصابين بالتوحد قبل سن الثالثة.

وبحسب ما أكده الباحثون من مركز «ماركوس للتوحد» التابع لمنظمة رعاية صحة الأطفال في أتلانتا بالولايات المتحدة، أظهرت نتائج الدراسات الثلاث التي نشرت معاً اليوم، في دورية الجمعية الطبية الأميركية (JAMA) ودورية «جاما نتوورك أوبن» أن قياسات السلوكيات الظاهرية للأطفال يمكنها أن تساعد في تشخص مرض التوحد لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و30 شهراً.

واستطاع الباحثون عن طريق هذه القياسات، توفير مؤشر تشخيصي شامل، بالإضافة إلى قياسات فردية لمستويات الإعاقة الاجتماعية والقدرة اللفظية ومهارات التعلم غير اللفظية لكل طفل. كما يمكن لهذا المؤشر مساعدة الأطباء على تشخيص التوحد في وقت مبكر مع توفير قياسات موضوعية لنقاط القوة والضعف لدى كل طفل، للبدء في تقديم الرعاية للطفل والأسرة.

وقال الباحث الرئيسي الدكتور وارن جونز، مدير الأبحاث في مركز ماركوس للتوحد في كلية الطب بجامعة إيموري الأميركية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «تعتبر هذه النتائج تتويجاً لأكثر من 20 عاماً من الأبحاث، حيث أدت إلى تطوير أداة تشخيصية لمرض التوحد، وأصبحت الآن متاحة للاستخدام في الولايات المتحدة، بعد موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية».

ووفق منظمة الصحة العالمية، يعاني طفل واحد من كل 100 طفل على مستوى العالم من التوحد، الذي يشار إليه أيضاً باضطرابات طيف التوحد، وهي مجموعة من الاعتلالات المتنوعة المرتبطة بنمو الدماغ وتظهر لدى الأطفال في شكل صعوبات في التفاعل الاجتماعي وعمليات التواصل، والاستغراق في التفاصيل وردود الفعل غير الاعتيادية.

ويمكن للتدخلات النفسية والاجتماعية المدعومة بالبيانات أن تحسن من مهارات التواصل والسلوك الاجتماعي إلى جانب تأثيرها الإيجابي في تحسين جودة حياة المصابين بالمرض والقائمين على رعايتهم كما يعد التشخيص المبكر مهماً أيضاً في دعم الصحة والتعلم والرفاهية على المدى الطويل لجميع الأطفال المصابين بالتوحد.

التدخل المناسب

لأكثر من عقدين من الزمن، قام الدكتور جونز والمؤلف المشارك آمي كلين، مدير مركز ماركوس للتوحد في مركز الرعاية الصحية للأطفال في أتلانتا، بدراسة كيف ينظر الأطفال إلى البيئة الاجتماعية المحيطة بهم ويتعلمون منها، وكيف يختلف هذا عند الأطفال المصابين بالتوحد.

وأظهرت نتائج الأبحاث السابقة أن هذه الاختلافات تظهر في وقت مبكر من مرحلة الطفولة وترتبط بشكل مباشر بالفروق الجينية الفردية.

وخلال عملهما الحالي، طور جونز وكلين، تقنية جديدة لقياس هذه الاختلافات بشكل موثوق بوصفه مؤشراً حيوياً للأطباء يمكنهم استخدامه.

وقال الدكتور كلين، رئيس قسم التوحد وإعاقات النمو في كلية الطب بجامعة إيموري الأميركية: «إن الآثار بعيدة المدى لهذه النتائج قد تعني أن الأطفال الذين لديهم في الوقت الحالي إمكانية محدودة في الحصول على الرعاية الصحية، ينتظرون عامين أو أكثر قبل أن يتم تشخيصهم في سن الرابعة أو الخامسة، ولكن الآن يمكن تشخيصهم مبكراً». وأضاف: «يمكن وفق التقنية الحديثة تشخيص الطفل في عمر يتراوح بين 16 و30 شهراً».

يعاني طفل من كل 100 طفل على مستوى العالم من التوحد (بابليك دومين)

وتابع: «بالإضافة إلى ذلك، تقيس هذه التكنولوجيا المستويات الفردية لكل طفل من الإعاقة الاجتماعية والقدرة اللفظية والقدرة على التعلم غير اللفظي، وهي معلومات مهمة للأطباء عند تطوير خطط علاج شخصية لمساعدة كل طفل على تحقيق أكبر المكاسب».

ويعلق جونز: «نأمل أن تؤدي هذه النتائج إلى تخفيف الأعباء الحالية على نظام الرعاية الصحية وتقليل قوائم الانتظار الطويلة للتقييم»، موضحاً أنه «عندما نتمكن من تقليل الوقت أمام عمليات التشخيص وبدء الدعم الطبي، يمكننا المساعدة في التأثير بشكل إيجابي على حياة العديد من الأطفال والأسر».

وأضاف: «إذا تولدت لدى الوالدين مخاوف بشأن نمو طفلهما، فيجب عليهما التحدث إلى طبيب الأطفال أو طبيب الرعاية الأولية»، مشدداً على أنه «يمكن للوالدين التعرف على المعالم المهمة في نمو الطفل والعلامات المبكرة لتأخر النمو، عبر العديد من الأدلة المتاحة الآن عتام حديثه، قال جونز: «نجري الآن دراسات حول فاعلية هذه الأداة في الفحص السكاني العام، ونختبر ما إذا كان يمكن التعرف على العلامات المبكرة للتوحد باستخدام الأداة الجديدة عند عمر 9 أشهر فقط».


مقالات ذات صلة

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الشباب والأطفال الأعلى تفاؤلاً يميلون إلى أن يكونوا أفضل صحة (رويترز)

كيف يؤثر التفاؤل على صحة الأطفال والشباب؟

كشفت دراسة جديدة عن أن صغار السن الأعلى تفاؤلاً بشأن مستقبلهم يميلون في الواقع إلى أن يكونوا أفضل صحة بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

كشفت دراسة علمية جديدة أن إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
TT

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)

تعرَّضت بطلات المسلسل المصري «وتر حساس»، الذي يُعرَض حالياً، لانتقادات على «السوشيال ميديا»؛ بسبب ما وصفها البعض بـ«علاقات مشوهة»، ووصل الأمر إلى تقدم نائبة مصرية ببيان عاجل، طالبت خلاله بوقف عرض المسلسل.

وأثار العمل منذ بداية بثه على قنوات «ON» جدلاً واسعاً؛ بسبب تناوله قضايا اجتماعية عدّها مراقبون ومتابعون «شائكة»، مثل الخيانة الزوجية، والعلاقات العائلية المشوهة، وطالت التعليقات السلبية صناع العمل وأداء بطلاته.

وقالت النائبة مي رشدي، في البيان العاجل: «إن الدراما تعدّ إحدى أدوات القوة الناعمة في العصر الحديث، لما لها من دور كبير ومؤثر في رسم الصورة الذهنية للمجتمعات والشعوب سلباً أو إيجاباً لسرعة انتشارها، وهي انعكاس ومرآة للمجتمع».

وأضافت: «هناك عمل درامي (وتر حساس) يُعرَض هذه الأيام على شاشات القنوات التلفزيونية، يحتاج من المهمومين بالمجتمع المصري إلى تدخل عاجل بمنع عرض باقي حلقات هذا المسلسل؛ لما يتضمّنه من أحداث تسيء للمجتمع المصري بأسره؛ فهو حافل بالعلاقات غير المشروعة والأفكار غير السوية، ويخالف عاداتنا وتقاليدنا بوصفنا مجتمعاً شرقياً له قيمه الدينية».

وتدور أحداث المسلسل، المكون من 45 حلقة، حول 3 صديقات هن «كاميليا» إنجي المقدم، وابنة خالتها «سلمى» صبا مبارك، و«رغدة» هيدي كرم، وتقوم الأخيرة بإرسال صورة إلى كاميليا يظهر فيها زوجها «رشيد»، محمد علاء، وهو برفقة مجموعة فتيات في إحدى السهرات، في حين كانت «كاميليا» تشك في زوجها في ظل فتور العلاقة بينهما في الفترة الأخيرة.

صبا مبارك ومحمد علاء في مشهد من المسلسل (قناة ON)

بينما تغضب «سلمى» من تصرف «رغدة» وتؤكد أنها ستكون سبباً في «خراب بيت صديقتهما»، وعند مواجهة كاميليا لزوجها بالصورة ينكر خيانته لها، ويؤكد لها أنها سهرة عادية بين الأصدقاء.

وتتصاعد الأحداث حين يعترف رشيد بحبه لسلمى، ابنة خالة زوجته وصديقتها، وتتوالى الأحداث، ويتبدل موقف سلمى إلى النقيض، فتبلغه بحبها، وتوافق على الزواج منه؛ وذلك بعد أن تكتشف أن كاميليا كانت سبباً في تدبير مؤامرة ضدها في الماضي تسببت في موت زوجها الأول، الذي تزوجت بعده شخصاً مدمناً يدعى «علي»، وأنجبت منه ابنتها «غالية».

وتعرف كاميليا بزواج سلمى ورشيد، وتخوض الصديقتان حرباً شرسة للفوز به، بينما يتضح أن الزوج الثاني لسلمى لا يزال على قيد الحياة، لكنه كان قد سافر للخارج للعلاج من الإدمان، ويعود للمطالبة بابنته وأمواله.

ويتعمّق المسلسل، الذي يشارك في بطولته لطيفة فهمي، ومحمد على رزق، وأحمد طارق نور، ولبنى ونس، وتميم عبده، وإخراج وائل فرج، في خبايا النفس الإنسانية، وينتقل بالمشاهدين إلى قضايا اجتماعية مثل فكرة الانتقام، والتفريط في الشرف، وتدهور العلاقات بين الأقارب، وصراع امرأتين على رجل واحد.

وتعليقاً على التحرك البرلماني ضد المسلسل، عدّ الناقد المصري محمد كمال أن «الأمر لا يستدعي هذه الدرجة من التصعيد». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن العمل بالفعل مليء بالعلاقات المشوهة، التي لا تقتصر على الخيانة الزوجية، وإنما تمتد إلى خيانة علاقة الأقارب والأصدقاء فيما بينهم؛ فيظهر معظم أبطال العمل غير أسوياء، فالشخصية الرئيسة الثالثة في العمل (رغدة) تخون أيضاً صديقتيها سلمى وكاميليا، وكل ما تسعى وراءه هو جني المال، والإساءة إليهما!».

ويتابع كمال: «فاجأتنا الأحداث كذلك بأن طليق سلمى، ووالد ابنتها كان ولا يزال مدمناً، وكان قد عقد اتفاقاً معها في الماضي بتزوير أوراق تفيد بوفاته؛ كي يثير شفقة والده، ويكتب ثروته بالكامل لابنته غالية، ويسافر هو للعلاج، مع وعدٍ بأنه لن يرجع، وهو جانب آخر من الأفعال المنحرفة».

كاميليا وسلمى... الخيانة داخل العائلة الواحدة (قناة ON)

ويتابع: «وهكذا كل شخوص المسلسل باستثناءات قليلة للغاية، فهناك مَن اغتصب، وسرق، وخان، وقتل، وانتحر، لكن على الرغم من ذلك فإني أرفض فكرة وقف عمل درامي؛ لأن المجتمعات كلها بها نماذج مشوهة، والمجتمع المصري أكبر مِن أن يمسه أي عمل فني، كما أن الجمهور بات على وعي بأن ما يراه عملٌ من خيال المؤلف».

ويرى مؤلف العمل أمين جمال أن «المسلسل انعكاس للواقع»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن قضية احتدام الصراع أصبحت سمة غالبة على علاقات البشر عموماً، وموجودة في العالم كله، ولا يمكن أن تنفصل الدراما عن الواقع».

وتابع: «المسلسل يأتي في إطار درامي اجتماعي مشوق، لذلك نجح في أن يجتذب الجمهور، الذي ينتظر بعد عرض كل حلقة، الحلقة الجديدة في شغف، ويظهر ذلك في تعليقات المشاهدين على (السوشيال ميديا)».

وأشار إلى أنه «بالإضافة لتقديم الدراما المشوقة، في الوقت نفسه أحرص على تقديم رسائل مهمة بين السطور، مثل عدم الانخداع بالمظهر الخارجي للعلاقات؛ فقد تكون في واقع الأمر علاقات زائفة، على الرغم من بريقها، مثل تلك العلاقات التي تجمع بين أفراد العائلة في المسلسل، أو العلاقة بين الصديقات».

من جهتها، هاجمت الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله المسلسل، وتساءلت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لماذا هذا الحشد لذلك الكم الكبير من الخيانات بين الأزواج والأصدقاء والأقارب؟»، وقالت: «لست ضد أن تعرض الدراما أي موضوع أو قضية من قضايا المجتمع، على أن تقدم معالجة فنية بها قدر من التوازن بين الأبعاد المختلفة، لا أن تقتصر على جانب واحد فقط».

وعن القول إن العمل يقدم الواقع، تساءلت ماجدة: «هل هذا هو الواقع بالفعل؟ أم أن الواقع مليء بأشياء كثيرة بخلاف الخيانات وانهيار العلاقات بين الناس، التي تستحق مناقشتها في أعمالنا الدرامية، فلماذا يختار العمل تقديم زاوية واحدة فقط من الواقع؟».

وعدّت «التركيز على التشوهات في هذا العمل مزعجاً للغاية، وجعل منه مسلسلاً مظلماً».