«التجريب المسرحي» في الخليج «مغامرة فنية» محفوفة بالتحديات

مخرجون ومؤلفون أكدوا خلال «القاهرة الدولي» أن تجربتي السعودية والبحرين الأبرز

تجربتا السعودية والبحرين الأبرز في مجال المسرح التجريبي (إدارة مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)
تجربتا السعودية والبحرين الأبرز في مجال المسرح التجريبي (إدارة مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)
TT

«التجريب المسرحي» في الخليج «مغامرة فنية» محفوفة بالتحديات

تجربتا السعودية والبحرين الأبرز في مجال المسرح التجريبي (إدارة مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)
تجربتا السعودية والبحرين الأبرز في مجال المسرح التجريبي (إدارة مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)

ضمن فعاليات مهرجان «القاهرة الدولي للمسرح التجريبي» التي تستمر حتى الثامن من سبتمبر (أيلول) الحالي، عُقدت مساء السبت بالمجلس الأعلى للثقافة بمصر ندوة «التجريب في المسرح الخليجي» بمشاركة عدد من الباحثين والمخرجين والمؤلفين من السعودية وسلطنة عمان والبحرين والإمارات.

واستعرض المتحدثون خلال الندوة البدايات الأولى لمبادرات التجريب، وأبرز التحديات التي تعوق انطلاقه إلى آفاق خليجية أرحب، واتفقوا على أن تجربتي السعودية والبحرين تعدان الأبرز في سياق التحول من المسرح التقليدي إلى فضاءات الحداثة.

الكاتب السعودي فهد ردة الحارثي (إدارة مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)

وقال المؤلف والمخرج المسرحي السعودي فهد ردة الحارثي إن «مبادرات التجريب في المسرح الخليجي انطلقت في بداياتها الأولى من السعودية بتأسيس (فرقة الطائف المسرحية) عام 1992 التي طرحت الأسئلة المركزية حول ماذا نجرب وكيف نجرب بعد أن تأثرت بعروض وأفكار مهرجان (القاهرة للمسرح التجريبي) الذي سبق تأسيسه قبل 4 سنوات من هذا التاريخ».

مشيراً إلى أن «مسرح (الصواري) في البحرين يعد الجناح الآخر الموازي الذي حلق به طائر التجريب خليجياً».

واستعرض «الحارثي» ملامح التجريب في مسرح الطائف، مؤكداً أنها «تضمنت اللعب بالظل والنور وفق محددات فكرية، وليست جمالية فقط، فضلاً على تحويل الضوء إلى كاميرا تقوم بتصغير أو تكبير وجه الممثل وكذلك تفكيك البنية التقليدية للنص المكتوب».

وأشار إلى أن «محاولات التجديد في المسرح لم تكن سهلة أبداً فهناك تيار فني محافظ قام بالهجوم العنيف على أصحاب تلك المحاولات، واتهمهم بأنهم يقدمون فناً يخالف الهوية المسرحية المتوارثة».

واستعرضت الباحثة والناقدة المسرحية العُمانية د. عزة القصابي جملة من التحديات التي تحد من إمكانية انطلاق التجريب المسرحي في الأفق الخليجي منها «انتشار ثقافة الكلمة والتواصل الشفهي والموروث الشعبي مع تراجع ثقافة الصورة ما يجعل المسرح عموماً لا يشكل عنصر جذب للأجيال الجديدة التي لا تدرس فن المسرح ضمن مناهجها الدراسية، ولا يجري اصطحابها وهم في سن مبكرة إلى قاعات وخشبات العرض المختلفة حتى ينشأوا على حب هذا الفن والتعلق به مستقبلاً وهو ما يتجلى بشكل واضح في القاعات الخاوية وعدم بيع سوى عدد محدود من التذاكر عند تقديم عرض مسرحي جديد مهما كان واعداً».

جانب من الندوة (إدارة مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)

وتابعت القصابي: «هناك أيضاً غياب المؤسسية وندرة التخطيط المسرحي وقلة البرامج والورش المختصة، صحيح أن هناك جهداً يظهر بين الحين والآخر لا يمكن إنكاره لتعويض هذا الغياب، لكنه يظل جهداً فردياً هنا أو هناك ولا يشكل تياراً فاعلاً في الثقافة العامة للمواطن الخليجي».

وخلصت في نهاية مداخلتها إلى أن «كل هذه التحديات تجعل التجريب المسرحي في الخليج نشاطاً نخبوياً لا يتصل بالقاعدة العريضة من الجماهيرية»، مشيرة إلى «أهمية تبني استراتيجية ترتكز على بناء بنية تحتية مسرحية قوية تكون أساس الانطلاق إلى الحداثة والتجديد في المسرح بشكل خاص والفن عموماً».

ورأى المؤلف والمخرج والناقد المسرحي البحريني يوسف الحمدان أن «التجريب ليس مهرجاناً أو موسماً أو جائزة، لكنه حالة مستمرة من العصف الذهني وطرح الأسئلة الشائكة لا سيما سؤال الحرية»، مؤكداً أن «الممثل والمؤلف والمخرج البحريني (عبد الله السعداوي) المولود في عام 1948 أدرك هذه الحقيقة مبكراً سواء من خلال بداياته الأولى في الثمانينات أو عبر مشاركته في تأسيس مبادرات جديدة في عالم المسرح في البحرين وقطر والإمارات ما يجعله مؤسس التجريب في المسرح الخليجي».

وتناول الباحث المصري المقيم في الإمارات مجدي محفوظ تجربة «مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة بدولة الإمارات» وعلاقتها بالتجريب مشيراً إلى أن «المهرجان يعد فضاءً مفتوحاً لاحتضان ودعم المواهب المسرحية الشابة وصقلها وتقديمها إلى الساحة على نحو لا يقتصر على مواطني الإمارات»، موضحاً أنه «على مدار الدورات الماضية من عمر المهرجان، ظهر جيل جديد من المسرحيين الذي تعمقوا في عناصر العرض المسرحي واستوعبوا أدواته وانطلقوا إلى آفاق التجريب الرحبة».


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
TT

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، «تشريفاً تعتز به»، ومسؤولية في الوقت نفسه، مؤكدة أن «السينما العربية حققت حضوراً جيداً في المهرجانات الدولية». وأشارت، في حوارها مع «الشرق الأوسط»، إلى أنها تنحاز للأفلام التي تُعبر عن أصالة الفكرة وروح المغامرة، منوهة بعملها على فيلمها الطويل الأول منذ 3 سنوات، لكنها لا تتعجّل تصويره؛ كون الأفلام الطويلة تتطلّب وقتاً، ولا سيما الأفلام الأولى التي تحمل تحديات على صُعُد القصة والإنتاج والممثلين، مُشيدة بالخطوات التي قطعتها السينما السعودية عبر أفلام حقّقت صدى محلياً ودولياً على غرار «نورة» و«مندوب الليل».

بدأت هند الفهاد عملها عام 2012، فأخرجت 4 أفلام قصيرة شاركت في مهرجانات عدة وهي: «بسطة» الذي فاز بجائزة في «مهرجان دبي» 2015، و«مقعد خلفي»، و«ثلاث عرائس وطائرة ورقية»، و«المرخ الأخير» الذي جاء ضمن فيلم «بلوغ»، وتضمّن 5 أفلام قصيرة لـ5 مخرجات سعوديات، وشارك قبل 3 أعوام في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وبين حضورها المهرجان في أحد أفلامها قبل سنوات، ومشاركتها بلجنة تحكيم العام الحالي، ترى هند الفهاد فرقاً كبيراً، موضحة: «أن أكون مشاركة في فيلم ويعتريني القلق والترقب شيء، وأن أكون أحد الأعضاء الذين يُسمّون هذه المشروعات شيء آخر، هذا تشريف ومسؤولية، إذ أشاهد الأفلام بمنظور البحث عن الاختلاف والتميز وأساليب جديدة لصناع أفلام في تناول موضوعاتهم، وأجدني أنحاز للأفلام التي تعبّر عن أصالة الفكرة وتقدم حكاية لا تشبه أي حكاية، وتنطوي على قدر من المغامرة الفنية، هذه من الأشياء المحفزة في التحكيم، وقد ترأستُ قبل ذلك لجنة تحكيم أفلام الطلبة في مهرجان أفلام السعودية».

لا تتعجل الفهاد فيلمها الطويل الأول (الشرق الأوسط)

وعن رؤيتها للسينما العربية بعد مشاهدتها أحدث إنتاجاتها في «مهرجان القاهرة»، تقول هند الفهاد: «لا شك في أنها قطعت خطوات واسعة في السنوات الأخيرة بحضورها في المهرجانات الكبرى؛ لأن لدينا حكايات تخصّنا، وهناك مخرجون ومخرجات أثبتوا حضورهم القوي عبر أفكار وأساليب متباينة، وأنا أقول دائماً إن الفكرة ليست في القصة، وإنما في كيف تروي هذه القصة ليتفاعل معها الجمهور في كل مكان».

وتكشف المخرجة السعودية عن استعدادها لتصوير فيلمها الروائي الطويل الأول الذي تعمل عليه منذ سنوات، قائلة: «كتبته المخرجة هناء العمير، ووصلنا أخيراً لنسخة السيناريو المناسبة، لكن الأفلام الطويلة، ولا سيما الأولى تحتاج إلى وقت للتحضير، خصوصاً إذا كان في المشروع تحديات على صُعُد القصة والممثلين والإنتاج».

وتتابع هند: «لم أحدّد بعدُ توقيت التصوير. وعلى الرغم من أنه مشروعي الأساسي، لكن هناك مشروعات أخرى أشتغل عليها، وفي تعدّدها أضمن استمرارية العمل لأكون حاضرة في المجال، فقد تكون هناك فكرة رائعة، لكن حين تُكتب نكتشف أنه من الصعب تنفيذها، لأسباب عدة».

وعن نوعية الفيلم تقول: «اجتماعيّ دراميّ، تدور أحداثه في غير الزمن الحالي. وانتهت مرحلة تطوير النص لفيلمي القصير، ووصل إلى النسخة المناسبة، وأنا، الآن، أختار أبطاله، وهو يروي حكاية تبدو في ظاهرها بسيطة، وتحمل أوجهاً عدّة، فأنا لا أُعدّ الأفلام القصيرة مرحلة وانتهت، بل أحب العمل عليها بشغف كبير في ظل ما أريده، والمعطيات من حولي وكيف أتقاطع مع هذه الأشياء».

وحاز مشروع فيلمها الطويل «شرشف» على منحة إنتاج من معمل البحر الأحمر، وترى هند الفهاد أن التّحدي الحقيقي ليس في التمويل؛ لأن النص الجيد والسيناريو المكتمل يجلبان التمويل، مُشيدة بتعدّد جهات الدعم في المملكة من منطلق الاهتمام الجاد بالسينما السعودية لتأسيس بنية قوية لصناعة السينما أوجدت صناديق تمويل متعددة.

وعلى الرغم من عمل هند الفهاد مستشارة في تطوير المحتوى والنصوص الدرامية، فإنها تواصل بجدية الانضمام إلى ورش السيناريو؛ بهدف اكتساب مزيد من الخبرات التي تُضيف لها بصفتها صانعة أفلام، وفق تأكيدها.

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

بدأت هند الفهاد مشوارها قبل القفزة التي حققتها صناعة السينما السعودية. وعن ذلك تقول: «كنا نحلم بخطوة صغيرة فجاءنا بحرٌ من الطموحات، لذا نعيش لحظة عظيمة لتمكين المرأة ورعاية المواهب المحلية بشكل عام، وقد كنّا نتطلع لهذا التّحول، وأذكر في بداياتي أنه كان وجود السينما أَشبه بالحلم، لا شك في أن نقلة كبيرة تحقّقت، لكن لا تزال التجربة في طور التشكيل وتتطلّب وقتاً، ونحن مهتمون بتطوير المواهب من خلال مشاركتها في مشروعات عربية وعالمية لاكتساب الخبرات، وقد حقّقت أعمالٌ مهمة نجاحاً دولياً لافتاً على غرار (نورة) و(مندوب الليل)».

وتُعبر هند الفهاد عن طموحاتها قائلة: «أتطلع لأحكي قصصنا للعالم، فالسينما هي الصوت الذي يخترق جميع الحواجز».