النساء أكثر تأثراً بالتعب المزمن من الرجال

متلازمة مدمِّرة تؤثر في سكان بريطانيا

متلازمة التعب المزمن حالة عصبية طويلة الأمد (بابليك دومين)
متلازمة التعب المزمن حالة عصبية طويلة الأمد (بابليك دومين)
TT

النساء أكثر تأثراً بالتعب المزمن من الرجال

متلازمة التعب المزمن حالة عصبية طويلة الأمد (بابليك دومين)
متلازمة التعب المزمن حالة عصبية طويلة الأمد (بابليك دومين)

تميل النساء المصابات بمتلازمة التعب المزمن (ME/CFS ) إلى الشكوى من أعراض متزامنة أكثر مقارنة بالرجال، وفق النتائج الأولية لدراسة تُعدّ الأكبر في العالم حول المرض، أجراها باحثون من جامعة إدنبرة الاسكتلندية.

وكشفت الدراسة المنشورة في دورية «المعهد الوطني للبحوث الصحية»، اليوم (الخميس)، أنّ النساء اللواتي يعانين متلازمة التعب المزمن يصبحن أكثر عرضة للإصابة بأعراض حادّة بشكل متزايد مع تقدّمهن في السن.

وهذه المتلازمة هي حالة عصبية طويلة الأمد يمكن أن تُحدث زيادة مفرطة في الأعراض، بسبب المستويات الطبيعية من المجهود والنشاط اليومي المعتاد، وقد تستمرّ شكوى النساء منها لأكثر من 10 سنوات.

في هذا السياق، قال البروفيسور كريس بونتينغ، من وحدة علم الوراثة البشرية في «مركز البحوث الطبية» بمعهد علم الوراثة والسرطان بجامعة إدنبرة، وقائد الدراسة: «هذه المتلازمة مرض مدمِّر يؤثر في أعداد كبيرة من سكان بريطانيا»، مضيفاً، في بيان: «اكتشفنا أنّ المرض يكون أسوأ بالنسبة إلى النساء، ولدى كبار السن بعد سنوات من الإصابة».

وحلّل باحثو الدراسة استبيانات استقصائية لأكثر من 17 ألف شخص يعانون متلازمة التعب المزمن، وتضمّنت معلومات حول المدّة التي عانى فيها المستجيب أعراض تلك المتلازمة، ومتى شُخِّص، وما إذا كان يعاني حالة مرضية أخرى متزامنة ونشطة مع أعراض المتلازمة، مثل القولون العصبي أو الألم العضلي الليفي، على سبيل المثال.

أظهرت النتائج تحيزاً جنسياً راسخاً بين مرضى متلازمة التعب المزمن، حيث شكلت النساء 83.5 في المائة من المشاركين في الاستبيان. وأبلغ ثلثا النساء (66.7 في المائة)، وأكثر بقليل من النصف (52.7 في المائة) من الرجال، عن وجود حالة متزامنة نشطة واحدة على الأقل. وبالمثل، أبلغ 39.2 في المائة من النساء و28.6 في المائة من الرجال عن حالة مصاحبة غير نشطة واحدة على الأقل.

وتُعدّ الحالة نشطة إذا عانى المُشارك أعراضاً في الأشهر الستة السابقة.

وكانت الحالات المتزامنة النشطة الأكثر شيوعاً هي متلازمة القولون العصبي (41.3 في المائة)، مع الاكتئاب السريري (32.4 في المائة)، والألم العضلي الليفي (29.5 في المائة)، وفقر الدم (14.1 في المائة)، وقصور الغدة الدرقية (12.8 في المائة).

وأبلغت النساء، في المتوسط، عن أعراض للمتلازمة أكثر من الرجال (42 مقارنة بـ36 في المائة). وكان أكثر هذه الأعراض شيوعاً هي ضبابية الدماغ؛ وهو مصطلح يُستخدم عادة لوصف الضعف الإدراكي الذي يعانيه المشاركون، إلى النوم غير الكافي وألم العضلات.

ولعلّ السمة الرئيسية للمتلازمة، التي تُسمّى الشعور بالضيق بعد بذل أي مجهود، هي تفاقم الأعراض بشكل كبير بعد بذل جهد بدني بسيط. وتشمل الأعراض الأخرى الألم وضباب الدماغ وتقييد الطاقة الشديد الذي لا يتحسّن مع الراحة. وحتى الآن، فإنّ الأسباب غير معروفة، ولا اختبار تشخيصي أو علاج حالياً.

ومن المعروف أنّ النساء أكثر عرضة للإصابة بتلك المتلازمة التي تُعرف أيضاً بمتلازمة التهاب الدماغ والنخاع المصحوب بألم عضلي، لكنّ الدراسة الأخيرة (DecodeME) أظهرت للمرة الأولى كيف تختلف تجربتهن مع تلك المتلازمة المرضية مقارنة بالرجال.

ويقول الخبراء إنّ الحصول على فهم أفضل لكيفية تأثير هذه المتلازمة على الأشخاص هو الخطوة الأولى لتطوير خيارات العلاج الفعالة.

وحدّد باحثو الدراسة أنّ كون المريضة امرأة تعاني متلازمة التعب المزمن لأكثر من 10 سنوات هو عامل خطر للإصابة بمرض شديد، مع زيادة شدّة الأعراض مع تقدُّم العمر.

ومن المقدَّر أنّ هذه المتلازمة تؤثر في أكثر من ربع مليون شخص من جميع الأعمار وجميع الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية في بريطانيا وحدها، وفق الدراسة.

في المرحلة التالية من المشروع، سيدرس الخبراء ما لا يقل على 20 ألف عيّنة من الحمض النووي لاكتشاف ما إذا كان المرض وراثياً جزئياً. وإذا كان الأمر كذلك فسيبحثون عن سببه.

ويأمل بونتينغ أن تضيء النتائج الجينية لهذه الدراسة على سبب كون مجموعات سكانية معيّنة أكثر عرضة للإصابة بهذه المتلازمة من غيرها.

وتضيف الرئيسة التنفيذية لمنظمة «أكشن فور إم إي»، المُساهمة في تمويل الدراسة، سونيا تشودري: «تضيء النتائج أيضاً على التأثير الخطير الذي تُحدثه المتلازمة على النساء المتأثرات بشكل غير متناسب، مقارنة بالرجال». وتوضح: «من المهم أيضاً أن ندرك مدى تأثيرها في الرجال»، مشدّدة على أنه لا تزال ثمة حاجة إلى مزيد من المشاركين في المرحلة المقبلة.


مقالات ذات صلة

صحتك استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

حذرت دراسة جديدة من الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر بين النساء الحوامل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)

مرض السكري قد يسرّع من انكماش المخ

كشفت دراسة جديدة أن مرض السكري من النوع الثاني قد يؤدي إلى انكماش المخ بشكل سريع مع التقدم في العمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«إثراء» تكرّس مؤتمر الفن الإسلامي بالظهران «في مديح الفنان الحِرفي»

الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
TT

«إثراء» تكرّس مؤتمر الفن الإسلامي بالظهران «في مديح الفنان الحِرفي»

الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)

افتتح الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، أمير المنطقة الشرقية، اليوم الأحد، أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية، بحضور الأمير سلطان بن سلمان، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، رئيس مجلس الأمناء لجائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد.

وينظم المؤتمر مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» بالظهران، بالتعاون مع جائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد، ويستمر حتى 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تحت شعار «في مديح الفنان الحِرفي».

ويحضر المؤتمر باحثون في الفن والتاريخ الإسلامي، ومثقفون وضيوف من مختلف دول العالم،

ويهدف إلى دعم وإحياء التقاليد الفنية الإسلامية بتسليط الضوء على أعمال الحِرفيين المعاصرين الذين يُبقون هذه التقاليد الفنية والحِرفية على قيد الحياة.

الحرف رحلة تعلّم

وفي كلمته، ثمن المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين ورئيس مجلس أمناء جائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد الأمير سلطان بن سلمان آل سعود، جهود «أرامكو» في مجال الإرث والحضارة ودعم المشاريع التراثية في المنطقة الشرقية، مستعرضاً الأهمية التاريخية للحِرف بوصفها مليئة بالتراث الحضاري للمناطق، وذلك عطفاً على إنجازات المملكة في المحافل الدولية والعالمية بمشاركات متنوعة، سواء من مؤسسات ومعارض ومؤتمرات ذات بُعد تاريخي واجتماعي تصبّ في المنفعة المجتمعية.

وأكد «الأهمية التاريخية للحرف على أنها رحلة تعلم وليست إنجازات»، لافتاً، في الوقت نفسه، إلى «دور المتاحف في تعزيز التاريخ بوصفها وجهة رئيسية لكل دولة». وأشار إلى جهود المملكة في تسجيل واحة الأحساء بصفتها موقعاً تراثياً عالمياً في منظمة اليونسكو.

الحرفي شاعر صامت

وفي كلمته ذكر مدير مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» عبد الله الراشد أن مدرسة الفنون الإسلامية يكاد يغيب عنها الصانع، قائلاً: «القطع الإسلامية لا تعرف من صنعها، أما القطع المعاصرة فيُحتفى بالصانع، وكأن الحرفي في الفنون الإسلامية يود أن يبقى في الظل والخفاء»، مشيراً إلى أن «الحرفي شاعر صامت»، فمن هذا المنطلق حرص «إثراء» على إقامة هذا المؤتمر «في مديح الفنان الحرفي»، والذي «يحوي أوراقاً بحثية وجلسات حوارية ومعارض مصاحبة من أنحاء العالم؛ لنستكشف جمال الحرف الإسلامية وتأثيرها العميق على الثقافة الإنسانية، ولنعبر بتقدير عالٍ لمن يبدعون بأيديهم تراثنا وهويتنا ويصنعونها في زمن جل ما يلمس ويستخدم يصنع بالآلة، لذا أتينا بهذه المعارض لنحتفي باليد البشرية».

ولفت الراشد إلى إطلاق ثلاثة معارض متزامنة مع أعمال المؤتمر في القطع الأثرية والفنون الإسلامية والأزياء التراثية من حول العالم، في حين يتزامن إطلاق المؤتمر مع تسمية عام 2025 عام الحرف اليدوية الذي أطلقته وزارة الثقافة، مما يضيف بعداً خاصاً لهذه المناسبة.

وأضاف: «جهودنا في (إثراء) للعام المقبل تتضمن تقديم عشرات البرامج الكبرى والمعارض والورش؛ كلها حول الحرف اليدوية نستهدف فيها آلاف الزوار».

كود المساجد

بدوره، أعلن رئيس مجلس أمناء الفوزان لخدمة المجتمع عبد الله بن عبد اللطيف الفوزان، اعتماد كود المساجد في المملكة، والذي عملت عليه الجائزة بالشراكة مع وزارة الشؤون الإسلامية واللجنة الوطنية لكود البناء، مشيراً إلى أنه سيجري تدشينه في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.

وأشار إلى أن المؤتمر ملهم لإحياء الإرث الحضاري والتاريخي للأجيال القادمة، منوهاً، في الوقت نفسه، بالمكانة التي يتمتع بها الفنان الحرفي عبر العصور، لذا جاءت الجائزة بوصفها مرجعاً ثقافياً وفكرياً ومظلة حاضنة للمبادرات، والتي تحافظ على الموروث بوصفه رؤية مستقبلية.