هند رستم أحبت لقب «مارلين مونرو الشرق» رغم أنها لم تكن تشبهها

ابنتها تحدثت لـ«الشرق الأوسط» عن أسباب رفض والدتها الزواج من رشدي أباظة

هند رستم قدمت أدواراً لافتة (أرشيفية)
هند رستم قدمت أدواراً لافتة (أرشيفية)
TT

هند رستم أحبت لقب «مارلين مونرو الشرق» رغم أنها لم تكن تشبهها

هند رستم قدمت أدواراً لافتة (أرشيفية)
هند رستم قدمت أدواراً لافتة (أرشيفية)

أكدت بسنت رضا، الابنة الوحيدة للفنانة المصرية الراحلة هند رستم، أن تجسيد سيرة والدتها في عمل درامي أمر مرفوض، ولا مجال للمناقشة فيه مطلقاً، وقالت في حوارها مع «الشرق الأوسط»، إنه لا توجد فنانة بإمكانها تقديم شخصية والدتها باقتدار، وأوضحت أن والدتها حسمت الأمر في حياتها؛ حيث كانت تردد دائماً: «ما اللافت في مسيرتي حتى يتم سرده في عمل فني؟».

الفنانة هند رستم وابنتها بسنت رضا (الشرق الأوسط)

في البداية، تحدثت بسنت رضا في الذكرى الـ12 لرحيل والدتها الذي وافق 8 أغسطس (آب) من عام 2011، عن نشأة هند الصارمة، وإقامتها بعد انفصال والديها في بيت جدتها لوالدها؛ حيث الأسرة ذات الأصول التركية التي فرضت عليها كثيراً من الممنوعات والاعتراضات بسبب عمل والدها الشرطي. ونفت بسنت أن تكون هند رستم قد تمردت على حياتها الأسرية بدخولها الفن: «هي امرأة جميلة ومختلفة، تتمتع بكثير من المميزات التي أهَّلتها لتقديم كثير من الأدوار المنوعة».

هند رستم لم تكن تحب لقب «ملكة الإغراء» (أرشيفية)

وحسب بسنت، فإن والدتها كانت ترفض لقب «ملكة الإغراء»؛ لأنه كان يضعها في خانة فنية واحدة، رغم قدرتها على تقديم أدوار منوعة، حتى أنها كانت تتساءل: «لماذا يطلقون على الفنانة فاتن حمامة لقب (سيدة الشاشة العربية)؟ وهل هذا اللقب كان بمنزلة تأشيرة مرور لتقديمها كل الأدوار، ونحن يتم تحجيم قدراتنا في قالب واحد؟».

ولفتت إلى أنها كانت تحب لقب «مارلين مونرو الشرق»، رغم أنها كانت لا تشبهها: «والدتي تشبه ريتا هيوارث أكثر».

خلاف مع فاتن حمامة

وتشير بسنت إلى أن «هذه الألقاب أطلقها عليها الإعلامي مفيد فوزي، وسبّبت خلافاً بين هند رستم وفاتن حمامة في ذلك الوقت، فوالدتي كانت تشعر بالقلق بسبب هذه الألقاب، رغم تقديمها أدواراً مميزة على غرار أفلام (صراع في النيل)، و(الراهبة)، و(شفيقة القبطية)، فتكوينها الجسدي وملامحها أهَّلتها لتلك الأدوار باقتدار»، لافتة إلى أن الفنانة الراحلة «عبَّرت عن غضبها من الألقاب من قبل بشكل علني».

الفنانة هند رستم في طفولتها (الشرق الأوسط)

وأوضحت بسنت أن والدتها التي رحلت عن عمر ناهز 82 عاماً، «ندمت كثيراً على عدم تقديمها أعمالاً تلفزيونية، فقد كانت تتمنى أن تظل بصمتها لدى الناس، وأن تدخل منازلهم، بعكس المسرح الذي رفضته بسبب الوقت الكبير الذي يتطلبه يومياً، فوالدتي كانت (بيتوتية) تنتهي من عملها وتعود فوراً للمنزل، حتى أنها لم يكن لديها أصدقاء مقربون بالوسط الفني».

الفنانة هند رستم وابنتها بسنت رضا في الحج (الشرق الأوسط)

رفض «مدرسة المشاغبين»

وأضافت بسنت أن والدتها رفضت تقديم شخصية «عفت» التي جسدتها الفنانة الراحلة سهير البابلي في مسرحية «مدرسة المشاغبين»، مضيفة: «رفضتها بشكل قاطع، بسبب وجود قامات كوميدية شهيرة تخوفت من وجودها بجانبهم، بجانب رفضها لمسلسل (عائلة شلش)، وكذلك أفلام (أبي فوق الشجرة)، و(امرأة مجهولة)، و(النظارة السوداء)، و(الطاووس)».

وأكدت ابنة الفنانة الراحلة أن فيلم «توحة» كان وراء خلاف والدتها مع الفنانة الراحلة تحية كاريوكا: «كاريوكا تميزت بالأدوار الشعبية في هذه المرحلة، وشعرت حينها بأن هند باتت منافسة لها، واقتحمت منطقتها؛ لكن المخرجين كان لهم رأي مخالف، فالممثل بإمكانه تقديم كافة الأدوار، لذلك وافقت والدتي على العرض المقدم لها، فهي ليست المنتجة؛ بل هي ممثلة تجيد تقديم كافة الشخصيات».

هند رستم (أرشيفية)

وقدمت هند رستم أدواراً بسيطة في بداياتها الفنية؛ لكن المخرج حسن رضا (والد بسنت) قدَّمها في فيلم من بطولتها، وبعد ذلك تبناها المخرج حسن الإمام، وحسب بسنت فإنها «كانت تردد دائماً أنه الأستاذ الذي تعلمت منه كل شيء».

ورغم ظهورها اللافت في كثير من الأدوار، فإن هند رستم لم تكن تجيد الرقص الشرقي، ورفضت تقديم تابلوهات راقصة: «كانت ترقص بمساعدة المدرب علي رضا الذي كان يقف أمامها لتقلد حركاته».

وعن علاقة هند رستم بالفنان فريد شوقي، قالت بسنت: «قدما سوياً (ديو) فنياً في كثير من الأعمال، وكانت هناك علاقة أسرية بينهما، وكانت في قمة سعادتها بعد التعديلات القانونية التي أحدثها فيلم (كلمة شرف) الذي شاركا فيه سوياً».

واكتفت هند رستم بحياتها الخاصة عقب اعتزالها الفن، وكانت ترفض الظهور الإعلامي بشكل قاطع، تقول بسنت: «عُرض عليها الظهور في برنامج مع الفنانة صفاء أبو السعود ورفضت، وعرضت عليها الإعلامية هالة سرحان شيكاً على بياض، وقالت لها: بإمكانك تحديد المبلغ الذي تريدينه مقابل الظهور معي، إلا أنها رفضت، وقالت حينها: إذا فكرت في الظهور فسيكون للتلفزيون المصري، وبالفعل كانت آخر إطلالة إعلامية لها مع الإعلامي محمود سعد قبل رحيلها».

البحث عن الاستقرار

وذكرت بسنت سبب رفض والدتها الزواج من الفنان رشدي أباظة، قائلة: «والدتي كانت تريد الاستقرار، بينما كان معروفاً عن أباظة عدم الاستقرار الأسري في ذلك الوقت؛ لكنها شعرت بالاستقرار مع الدكتور محمد فياض (طبيب النساء والتوليد) لأكثر من 50 عاماً، بعد أن تعرفت عليه مصادفة بعيادته».

لقطة من فيلم «باب الحديد» الشركة المنتجة

وكانت الفنانة الراحلة هند رستم تخاف الإصابة بالسرطان مثل والدتها، وكان لديها هوس المرض والموت، وهو كان طبيباً في بداية حياته، وهي نجمة معروفة؛ لكنها شعرت بأنه الرجل الذي تريد استكمال حياتها معه، وكانت تردد دائماً: «أنا مدام دكتور فياض»، فهو يستحق لأنه كان مصدر سعادتها، وهي بادلته الشعور ذاته، وكانت حريصة على راحته، وكانت تعشق هدوءه وعقله ورزانته وحكمته، وعاشت حزينة بعد وفاته؛ حسب ابنتها بسنت.

وأوضحت بسنت رضا أن زواج والدتها من الدكتور فياض لم يكن عقبة أمام استكمال مشوارها الفني، فبعد زواجها منه عام 1960، قدَّمت أقوى أعمالها، قبل أن تعتزل الفن عام 1978.

أسباب الاعتزال

عن اعتزال هند رستم الفن، قالت بسنت: «المفارقة في حياة والدتي أنها بدأت حياتها الفنية مبكراً، في سن 15 عاماً، بشغف، رغم معارضة أسرة والدها ومقاطعتهم لها وتبرؤهم منها، بعكس أسرة والدتها، واعتزلت الفن مبكراً في نهاية السبعينات من القرن الماضي بلا ندم، حتى آخر يوم من عمرها».

وأرجعت بسنت رضا سبب اعتزال والدتها إلى «تدني مستوى السينما في ذلك الوقت، واختلاف الجو العام في تلك المرحلة، وعدم الالتزام بالمواعيد، وتدهور الاستوديوهات، والاتجاه لتأجير منازل للتصوير، وهذا لم يكن يروق لها؛ حيث شعرت بأن ذلك لا يليق بها بعد تاريخ طويل، لذلك اتخذت قرارها بلا رجعة رغم المغريات، واعتزلت في عز مجدها الفني».

الكاتبة الصحافية مريم الشريف، مؤلفة كتاب «أنا مدام الدكتور فياض... هند رستم»، قالت إن سبب تسمية الكتاب بهذا الاسم هو أنه اللقب الذي كانت تفضله الفنانة هند رستم، مضيفة: «الدكتور فياض كان يشعرها بالاستقرار والسكينة، بعيداً عن ضغوط العمل وضجيج النجومية»، وأوضحت مريم الشريف أن «هند رستم كانت فتاة خجولة في صغرها، ولا تحب تذكر طفولتها بسبب انفصال والديها».

وأضافت مريم الشريف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك كثير من الشخصيات الذين أثروا في حياتها المهنية، وساهموا في منحها الفرصة كي تكون نجمة شاشة إلى جانب موهبتها وجمالها، منهم المخرج الكبير حسن الإمام الذي قدم لها عدداً من الأعمال الفنية المهمة في مشوارها الفني الكبير، إلى أن حصل خلاف بينهما ومقاطعة، ثم صلح على يد الفنان محمود المليجي».


مقالات ذات صلة

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يوميات الشرق His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يخرج فيلم «His Three Daughters» عن المألوف على مستوى المعالجة الدرامية، وبساطة التصوير، والسرد العالي الواقعية. أما أبرز نفاط قوته فنجماته الثلاث.

كريستين حبيب (بيروت)
ثقافة وفنون «المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

«المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

رغم وفاته في سن السادسة والثلاثين، فإن الكاتب المسرحي والمخرج السينمائي والممثل الألماني راينر فيرنر فاسبندر (1945 - 1982) ترك وراءه كنزاً من الإبداع

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

قالت المخرجة المغربية أسماء المدير، إن رحلتها من أجل الحصول على تمويل لفيلمها «كذب أبيض» لم تكن سهلة.

انتصار دردير (سلا (المغرب))
يوميات الشرق ماغي سميث في لقطة من عام 2016 (أ.ف.ب)

ماغي سميث سيدة الأداء الساخر

بأداء عملاق وخفة ظل وسخرية حادة تربعت الممثلة البريطانية ماغي سميث على قلوب معجبيها، كما جمعت بين الجوائز وبين حب الجمهور.

عبير مشخص (لندن)
يوميات الشرق داليا تشدّد على أنها لن تطلب العمل من أحد (الشرق الأوسط)

داليا البحيري لـ«الشرق الأوسط»: لن أطرق باب أحد من أجل العمل

قالت الفنانة المصرية داليا البحيري إن التكريم الذي يحظى به الفنان يكون له وقع رائع على معنوياته إذ يُشعره بأنه يسير في الطريق الصحيح.

انتصار دردير (سلا (المغرب))

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
TT

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

للرجلِ الذي يلفظ آخر أنفاسه في الغرفة المجاورة خلف الباب الموارب، ثلاث بناتٍ بطباعٍ على درجة عالية من التناقض. يتلاقين على انتظار موت والدهنّ ويتباعدن لأسباب كثيرة.

يدخل فيلم «His Three Daughters» (بناتُه الثلاث) ضمن خانة الدراما العائلية النفسية، وهو صنفٌ سينمائيّ وتلفزيونيّ مرغوب في الآونة الأخيرة. وبما أن نتفليكس لا تتأخر في اقتناص كل ما هو رائج، فقد تفرّدت المنصة العالمية بعرض الفيلم الذي كتبه وأخرجه الأميركي أزازيل جاكوبس. الأخير معروف بقلمه وكاميرته اللذَين يضعان العلاقات العائلية على طاولة التشريح، من دون تجميل ولا تسطيح.

على ما يشي العنوان، فإنّ البنات الثلاث هنّ محور الحكاية. أما باقي الشخصيات فيمكن إحصاؤها على أصابع اليد الواحدة؛ الممرضان المنزليان اللذان يعالجان الوالد، وحارس المبنى حيث شقة الرجل المريض، إضافةً إلى صديق إحدى البنات.

كبراهنّ، كايتي (تؤدّي دورها كاري كون)، ذات شخصية متحكّمة. تريد أن تمسك بزمام الأمور متسلّحةً بصرامتها وبلسانها القادر على الكلام لدقائق طويلة، من دون توقّفٍ أو إفساحٍ في المجال لسواها في الردّ. تركت كايتي عائلتها على الضفة الأخرى من مدينة مانهاتن الأميركية، وانضمّت إلى شقيقتَيها بعد انقطاع طويل بين الثلاث.

الممثلة كاري كون بدور الابنة الكبرى كايتي (نتفليكس)

ثم تأتي كريستينا (إليزابيث أولسن)، الفائقة الحساسية والهشاشة. تبدو مسالمة، وتستعين بجلسات اليوغا للحفاظ على سكينتها. لكنّ ذلك الهدوء يخفي تحته الكثير من القلق. أحد أسباب توتّر كريستينا أنها فارقت طفلتها في ولاية بعيدة، من أجل الاعتناء بوالدها.

أما ريتشل (ناتاشا ليون) فمقيمة دائمة في البيت الوالديّ، وهي التي كانت تملك حصرية الاهتمام بالأب قبل انضمام كايتي وكريستينا إليها. لكن منذ حضرتا، امتنعت هي عن دخول غرفته وآثرت الغرق في عزلتها، وفي رهانات سباق الخيل، وفي سجائر الحشيش. لا يفصل بينها وبين ضيفتَيها اختلاف الطبع فحسب، بل رابط الدم كذلك، إذ يتّضح خلال الفيلم أنّها ابنة الزوجة الثانية للأب، التي تزوّجها بعد وفاة الأولى.

ناتاشا ليون بدور ريتشل وإليزابيث أولسن بدور كريستينا (نتفليكس)

لولا خروج ريتشل بين الحين والآخر إلى باحة المبنى من أجل التدخين، لانحصرت الحركة داخل الشقة، وتحديداً في غرفة المعيشة والمطبخ وغرفة ريتشل. أما حجرة الوالد فلا تدخلها الكاميرا، لتقتصر الحركة منها وإليها على ابنتَيه والممرضين.

تكاد العين تحفظ تفاصيل المكان لفرط تركيز عدسة المخرج جاكوبس عليها. هنا لوحة الحائط، وهناك كرسي الوالد الذي تركه فارغاً، وتلك كنبة الصالون. جمادٌ يعكس الوقت الذي يمرّ بطيئاً وصامتاً في حضرة الموت الداهم. برز هذا النوع من الدراما الأحاديّة المساحة والمحدّدة الشخصيات، كردّة فعلٍ فنية على جائحة كورونا. وهنا، تجلس البنات الثلاث وجهاً لوجه، كما فعل جميع أفراد العائلات خلال الحجر المنزليّ.

الممثلات الثلاث مع المخرج أزازيل جاكوبس (إنستغرام)

ترمي كايتي وريتشل وكريستينا بخلافاتهنّ واختلافاتهنّ على الطاولة. وعندما لا يتواجهن، تدخل كل واحدةٍ إلى صومعتها؛ الكبرى تحضّر الطعام بانهماكٍ هستيريّ، والثانية تتفرّج دامعةً على فيديوهاتٍ لابنتها، فيما تجحظ عينا الثالثة غير الشقيقة في عالمها الموازي.

تقدّم الممثلات الثلاث أداءً قد يأخذ إحداهنّ بسهولة إلى الأوسكار، ولعلّ ناتاشا ليون «ريتشل» هي الأكثر ترشيحاً نظراً إلى فرادة الشخصية المركّبة التي لعبت، من دون التقليل من قيمة ما قدّمته زميلتاها كاري كون وإليزابيث أولسن. مسافة الفيلم مُفردةٌ بكاملها لأدائهنّ، فهنّ يستحوذن على المساحة وعلى السرديّة. وتأتي بساطة التنفيذ السينمائي والحوارات المتقنة، لتضع نفسها في خدمة البراعة التمثيلية.

الأداء الذي قدّمته ناتاشا ليون ربما يأخذها إلى ترشيح لجائزة أوسكار (نتفليكس)

يحتدم الصراع بين كايتي وريتشل على خلفية اتهام الأولى للثانية بقلّة المسؤولية وبإهمال الوالد. تدخل كريستينا بينهما كقوّة حلّ نزاع بما أنها الأكثر دبلوماسيةً، قبل أن تنفجر غضباً هي الأخرى. لعلّ ذلك الغضب يصبّ في مصلحة العلاقة «الأخويّة» التي تُرمَّم تدريجياً عبر الفيلم. فالبناء الدرامي ينطلق من الحقد الدفين والاتهامات المتبادلة، لينتقل من دون تسرّع إلى المصارحة والمصالحة.

كمَن يفكّك عَقد العلاقة بتأنٍّ، يعمل المخرج من دون أن يُغرق شخصياته في فيضٍ من العواطف. تصل الرسائل بلا استثارة مشاعر الجمهور، ما يدعم واقعيّة القصة. تأخذ كل شخصية وقتها في الكشف عن مكامن الظلام في نفسها، قبل أن ينجلي نورُها لاحقاً، وتتّضح الأسباب الكامنة وراء مواقفها الغريبة وتصرّفاتها المعقّدة.

يجري تفكيك الشخصيات وتمر السجالات بسلاسة، أي أنّ من يختارون متابعة «His Three Daughters» لن يشعروا بثقل المواقف ولن يختبروا مشاهد مزعجة، رغم أن زوايا الحكاية هي العلاقات العائلية السامة والمرض والموت.

بطلات الفيلم في جلسة تصوير ترويجية له (إنستغرام)

يهبط الفيلم في نصفه الثاني ويغرق في حوارات فلسفية طويلة، لكن سرعان ما يطرأ تطوّرٌ مفاجئ ينقذ الموقف من الملل ويكرّس المصالحة بين الأخوات، لا سيّما كايتي وريتشل.

لكنّ انزلاقاً سينمائياً صغيراً لا يلغي واقع أن «His Three Daughters» يقدّم تجربة درامية مميزة وفريدة، يستطيع أن يتماهى مع واقعيتها كل من اختبر خلافاتٍ عائلية. ولعلّ هذا الصدق في المعالجة إلى جانب بساطة التصوير، من بين الأسباب التي دفعت إلى حصول الفيلم على تصنيف ممتاز عبر مواقع تقييم الأفلام.