«مغامرات جيمو»... دراما غنائية مفعمة بالبهجة تكشف عن مواهب ذوي الاحتياجات الخاصة

«تلقائية» أداء أبطال المسرحية جذبت الجمهور

المسرحية كوميديا قائمة على الفنتازيا
المسرحية كوميديا قائمة على الفنتازيا
TT

«مغامرات جيمو»... دراما غنائية مفعمة بالبهجة تكشف عن مواهب ذوي الاحتياجات الخاصة

المسرحية كوميديا قائمة على الفنتازيا
المسرحية كوميديا قائمة على الفنتازيا

قدّم العرض المسرحي «مغامرات جيمو» الذي يُعرض على خشبة «مسرح الشمس» في ضاحية مدينة نصر (شرق القاهرة) دراما غنائية مفعمة بالبهجة تكشف عن مواهب ذوي الاحتياجات الخاصة. واتسم أداء أبطالها بـ«التلقائية».

ويدور العرض حول فنان شامل متعدد المواهب يرقص ويغني ويعزف الموسيقى ويُمثل، لكنّ أصدقاءه يؤكدون له أنه «لا قيمة لكل مواهبه ما لم يصل إلى (الترند)، وينال ثقته ورضا من يتحكمون به ويقفون وراءه». ويتعجب الفنان من الأمر ويتصور أن «الترند» هو شخص من لحم ودم لا بدّ من مقابلته على الفور، حتى يحقق ذاته ويرى طموحاته الشخصية في الشهرة والنجاح على أرض الواقع.

ديكور وأزياء مبهجة في المسرحية

من هنا تبدأ رحلة البحث والمغامرات، حين يزور البطل الكثير من المدن والأماكن؛ لكن أكثر ما يلفت نظره مدينة يسكنها الصمت ويعيش أهلها من دون ترفيه وترتسم على وجوه سكانها ملامح الحزن. يتأثر بشدة لمعاناتهم، ويقرر أن يقترب منهم ليفهم قصتهم، فيفاجأ بأنهم «ممنوعون من الضحك أو الغناء أو العزف؛ بل إن أي شكل من أشكال البهجة محرم عليهم». هنا تحدث نقطة التحول، حين ينسى الفنان طموحه الشخصي، وتصبح كل قضيته إسعاد سكان المدينة، خصوصاً أنه اعتاد على الضحك والاستمتاع بحياته حين كان يعيش لنفسه فقط. ويعرف أن السبب يعود إلى «لوك لوك» الشخصية الشريرة التي تُحرّم على السكان الفرحة وتنشر ثقافة الخوف، فيقرر أن يواجهها وينهي حالة الحصار التي يعيشونها وراء النوافذ المغلقة.

لقطة من المسرحية حيث يجسد كريم الحسيني شخصية متعددة المواهب

تكتسب المسرحية خصوصيتها من مشاركة عدد كبير من ذوي الاحتياجات الخاصة، ضمن الاستعراضات الغنائية، التي رسمت على العمل جواً من البهجة للقصة التي كتبها صلاح متولي. واللافت أن ظهور ذوي الاحتياجات لم يأتِ بشكل منفصل، وإنما كانوا ضمن نسيج الفريق التمثيلي بشكل معتاد؛ «بهدف دمجهم في المجتمع، وعدم النظر إليهم باعتبارهم يمثلون كياناً منفصلاً عن الآخرين»، حسب مخرج المسرحية محمد عشري، الذي أضاف لـ«الشرق الأوسط»: «كان الحل الأسهل الذي يمكن اللجوء إليه، هو جعل جميع الممثلين من ذوي الهمم من كل الأعمار، لكني فضلت الحل الأصعب الذي يتمثل في الاكتفاء باختيار 18 ممثلاً من هؤلاء ينتمون إلى (فرقة الشمس) المسرحية، من إجمالي 35 ممثلاً، هم عدد المشاركين في العرض، حتى تتحقق فكرة الدمج سواء على مستوى العرض أو على مستوى المجتمع».

اتسم العرض بالاستعراضات الجماعية (من المسرحية)

وأشار عشري إلى أن «التحدي الآخر الذي خضته في العمل، هو كيفية تقديم منتج بمواصفات فنية رفيعة تحقق المتعة للمتلقي، بحيث لا يتحول الهدف النبيل المتعلق بمشاركة ذوي الهمم إلى مبرر لتقديم (عمل ضعيف)، وأعتقد أن التوفيق كان حليفنا بالنظر إلى ردود الفعل والإقبال الجماهيري والإشادة النقدية بالعمل، فضلاً عن مدى فترة العرض ودخولنا في الموسم الثاني».

أداء جماعي اتسم بالتلقائية والكوميديا (من المسرحية)

واتسم أداء الممثلين في المسرحية بـ«التلقائية»، حيث استطاع الفنان كريم الحسيني تجسيد حالة التحوّل من الحلم الشخصي إلى الحلم العام ببراعة، كما قدمت إسراء حامد شخصية «ترند» ببساطة وإقناع، في حين جسّد عصام مصطفى شخصية «لوك لوك» من دون مبالغات أو افتعال. وعززت الأزياء التي صممتها سماح نبيل حالة البهجة المستهدفة، أما الاستعراضات التي صممها مخرج العمل محمد عشري، فقد كان لها نصيب الأسد من مساحة العرض لتضفي حالة خاصة من السعادة على الجمهور.

تأسست «فرقة الشمس» في عام 2018 باعتبارها «أول فرقة مسرحية تستهدف دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع»، حسب القرار الصادر عن وزارة الثقافة المصرية. وتتبع الفرقة البيت الفني للمسرح برئاسة المخرج خالد جلال.


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
TT

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم، حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر، كما أعرب عدد كبير من متابعي «السوشيال ميديا» من جيل التسعينات والثمانينات عن حزنهم العميق لرحيل ملحنهم «المحبوب» الذي يعتبرونه أفضل من عبّر عن أحلامهم وصدماتهم، مشيرين إلى أن رحيله «خسارة فادحة» لعالم الموسيقى والغناء عربياً.

وبدأ الملحن المصري محمد رحيم مسيرته المهنية مبكراً، إذ تعاون مع نخبة كبيرة من النجوم بمصر والعالم العربي، وكان قاسماً مشتركاً في تألقهم، كما صنع لنفسه ذكرى داخل كل بيت عبر أعماله التي تميزت بالتنوع ووصلت للعالمية، وفق نقاد.

الشاعر فوزي إبراهيم والمطربة آية عبد الله والملحن محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ومن بين النجوم الذين تعاون معهم رحيم عمرو دياب، ونانسي عجرم، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

وقدم رحيم أول ألحانه مع الفنان عمرو دياب أواخر تسعينات القرن الماضي، قبل أن يكمل عامه الـ20، من خلال أغنية «وغلاوتك» ضمن شريط «عودوني»، التي حققت نجاحاً كبيراً وكانت بداية الطريق لأرشيف غنائي كبير صنع اسم رحيم في عالم الفن.

وقدم رحيم، الذي رحل السبت عن عمر يناهز الـ45 عاماً، مع عمرو دياب أغنية «حبيبي ولا على باله»، التي حصد عنها دياب جائزة «ميوزك أورد» العالمية عام 2001.

بدأ رحيم في عصر ازدهار «شرائط الكاسيت»، التي كانت الملاذ الوحيد لمحبي الأغاني وخصوصاً في مواسم الإجازات، وانتظار محلات وأكشاك بيع الشرائط في الشوارع والميادين بمصر كي تعلن عبر صوت صاخب طرح «شريط جديد».

الملحن محمد رحيم والمطربة جنات (حساب رحيم على فيسبوك)

ووفق موسيقيين؛ فإن الملحن الراحل قد نجح في صناعة ألحان يعتبرها جيل التسعينات والثمانينات «نوستالجيا»، على غرار «أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق، و«أنا في الغرام» لشيرين، وغيرهم. لذلك لم يكن مستغرباً تعليقات نجوم الغناء على رحيل رحيم بكلمات مؤثرة.

ويرى الشاعر والناقد الموسيقى المصري فوزي إبراهيم أن «محمد رحيم ملحن كان يتمتع بموهبة فريدة، وألحانه تميزت بالبساطة والقرب من ذائقة الجمهور التي يعرفها بمجرد سماعها، لذلك اقتربت موسيقاه من أجيال عدة».

لم يقم الموسيقار الراحل باستعارة أو اقتباس جمل موسيقية مطلقاً خلال مشواره، بل اعتمد على موهبته الإبداعية، برغم ترجمة أعماله للغات عدة، وفق إبراهيم، الذي أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن محمد منير وصف رحيم بأنه (أمل مصر في الموسيقى)، مثلما قالها عبد الحليم حافظ للموسيقار بليغ حمدي».

محمد حماقي ومحمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

«بدأ شاباً وكان يعي متطلبات الشباب»، على حد تعبير الناقد الموسيقى المصري أمجد مصطفى، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتباط جيل التسعينات بأعماله يرجع لكونه نجح في القرب منهم والتعبير عن أحلامهم ومشاعرهم، بجانب ثقافته الموسيقية المبكرة التي حملت أبعاداً مختلفة».

ولفت مصطفى إلى أن «رحيم كان تلميذاً للملحن الليبي ناصر المزداوي، الذي يتمتع بتجارب عالمية عديدة، كما أن رحيم كان متميزاً في فن اختيار الأصوات التي تبرز ألحانه، بجانب إحساسه الفني الذي صنع شخصيته وميزته عن أبناء جيله».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب رحيم على فيسبوك)

وكان للملحن المصري بصمة واضحة عبر أشهر شرائط الكاسيت مثل «الحب الحقيقي» لمحمد فؤاد، و«عودوني» لعمرو دياب، و«غزالي» لحميد الشاعري، و«أخبارك إيه» لمايا نصري، و«صورة ودمعة» لمحمد محيي، و«شوق العيون» لرجاء بلمليح، و«وحداني» لخالد عجاج، و«حبيب حياتي» لمصطفى قمر، و«عايشالك» لإليسا، و«جرح تاني» لشيرين، و«قوم أقف» لبهاء سلطان، و«ليالي الشوق» لشذى، و«ليلي نهاري» لعمرو دياب، و«طعم البيوت» لمحمد منير، وغيرها من الألحان اللافتة.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حساب رحيم على فيسبوك)

من جانبها قالت الشاعرة المصرية منة القيعي إنها من جيل التسعينات وارتباطها بأغاني رحيم لم يكن من فراغ، خصوصاً أغنية «غلاوتك»، التي أصرت على وجودها خلال احتفالها بخطبتها قبل عدة أشهر، رغم مرور ما يقرب من 26 عاماً على إصدارها.

وتوضح منة لـ«الشرق الأوسط» أن «رحيم كان صديقاً للجميع، ولديه حس فني وشعور بمتطلبات الأجيال، ويعرف كيف يصل إليهم بسهولة، كما أن اجتماع الناس على حبه نابع من ارتباطهم بأعماله التي عاشت معهم ولها ذكرى لن تزول من أذهانهم».

الملحن محمد رحيم والموسيقار الراحل حلمي بكر (حساب رحيم على فيسبوك)

وتؤكد منة أن «ألحان رحيم جزء لا يتجزأ من الهوية المصرية، والقوى الناعمة التي تملكها مصر، وفنه الراسخ هو (تحويشة) عمره، فقد بدأ صغيراً ورحل صغيراً، لكن عمره الفني كان كبيراً، وأثر في أجيال عديدة». على حد تعبيرها.