«مهرجانات بعلبك» تحتفي بـ«الجذور في أيدينا»... سلام وسحر

حوار فني لبناني - إسباني في «معبد باخوس»

الجذور الإسبانية والعربية في حوار داخل القلعة الرومانية (تصوير: وائل حمزة)
الجذور الإسبانية والعربية في حوار داخل القلعة الرومانية (تصوير: وائل حمزة)
TT

«مهرجانات بعلبك» تحتفي بـ«الجذور في أيدينا»... سلام وسحر

الجذور الإسبانية والعربية في حوار داخل القلعة الرومانية (تصوير: وائل حمزة)
الجذور الإسبانية والعربية في حوار داخل القلعة الرومانية (تصوير: وائل حمزة)

في الحفل الثالث من «مهرجانات بعلبك الدولية»، جمعت توليفة موسيقية الرقص إلى الغناء، وألحان لبنان إلى الفن الأندلسي وسحر إسبانيا. بالعربية والإسبانية، صدحت أصوات المغنين، كما بدا ذوبان الموسيقى الإسبانية وانصهارها بالعربية، مزيحاً متناغماً يحلو سماعه وهو يتردد في فضاء مدينة الشمس ومعبد باخوس، داخل القلعة التاريخية المهيبة.

واختير لهذه الأمسية الخاصة، المشغولة بهدف خلق حوار بين ثقافتين متشابكتين ومتباعدتين في آن واحد، عنوانٌ دال، هو: «الجذور في أيدينا».

مصمّم حفل «الجذور بين أيدينا» ناتشو أريماني (تصوير وائل حمزة)

صمم هذه الأمسية خصيصاً لـ«مهرجانات بعلبك» عازف الغيتار الإسباني ناتشو أريماني، وهو شهير بتعدد الآلات التي يعزف عليها، وبحساسيته الكبيرة لإيقاع الفلامنكو، إلى كونه ملحناً ومغنياً. وهو الذي اشتغل هذه التوليفة المُقدمة في بعلبك لليلة واحدة، مساء أمس (الجمعة)، واختار للمشاركة فيها موسيقيين إسباناً ولبنانيين، مستفيداً من معرفته الوثيقة بالموسيقى العربية وعلاقته الخاصة بلبنان.

تمتع الحضور بهذا الحوار الموسيقي الذي دار بين موسيقيين إسبان ولبنانيين؛ حيث شاركت بوصلات، راقصة الفلامنكو الإسبانية كارين لوغو، ومن لبنان كارلوس متربيان، كما صدحت بصوتها الفيروزي العذب المغنية اللبنانية فابيان ضاهر، وأنشدت كذلك جوقة جامعة القديس يوسف بقيادة ياسمينة صباح.

في كلمتها الافتتاحية، وصفت رئيسة المهرجان نايلة دوفريج الفنان ناتشو، مصمم الحفل، بأنه «رسول سلام، استطاع أن يجمع موسيقيين ومغنيين وراقصين استثنائيين وجوقة»، فجعل ذلك المساء ساحراً. كما وصفته بأنه «إسباني، إلا أن تفانيه في الموسيقى اللبنانية يجب أن يجعله مواطناً لبنانياً».

رئيسة «مهرجانات بعلبك» نايلة دوفريج في كلمتها الافتتاحية (تصوير وائل حمزة)

وقدم الفنانون 11 لوحة متتالية على مدى ساعتين ونيف، تنقل فيها المتفرج بين الموسيقى الإسبانية الأندلسية والعربية المتنوعة، بنكهتها الرحبانية.

كانت البداية مع عزف البديع أريماني ومجموعة من الموسيقيين، ثم غنى: «بانتظاركم»، قبل أن تغني المجموعة «كومولا ماريا»... وتوالت اللوحات، فأطلت راقصة الفلامنكو كارين لوغو لتشعل المسرح بخبطات أقدامها وصيحاتها.

من دون استراحة، انتقل الجمهور إلى أغنية «الحلوة دي قامت تعجن في الفجرية»، تلتها «البنت الشلبية»، وترنيمة «يا مريم البكر»... ما بين صوت ضاهر وإنشاد كورال الجامعة اليسوعية، مروراً بأغنية «لبيروت من قلبي سلام لبيروت، وقُبل للبحر والبيوت»، وصولاً إلى «بحبك يا لبنان يا وطني بحبك»، لينتهي الحفل بنشيد إسباني.

وفي الختام، جمع الأداء المميز الثنائي الإسباني واللبناني أريماني وضاهر ورقص الفلامنكو لكارين لوغو مع الفولكور اللبناني لكارلوس متربيان. كانت السهرة على مفترق الشرق والغرب، هنا، حيث شيد الرومان أحد أضخم معابدهم.



مهرجان «شاشات الواقع» في دورته الـ19 بانوراما سينما منوعة

من أفلام شاشات الواقع «النهار هو الليل» لغسان سلهب (المكتب الإعلامي للمهرجان)
من أفلام شاشات الواقع «النهار هو الليل» لغسان سلهب (المكتب الإعلامي للمهرجان)
TT

مهرجان «شاشات الواقع» في دورته الـ19 بانوراما سينما منوعة

من أفلام شاشات الواقع «النهار هو الليل» لغسان سلهب (المكتب الإعلامي للمهرجان)
من أفلام شاشات الواقع «النهار هو الليل» لغسان سلهب (المكتب الإعلامي للمهرجان)

كان من المقرر إقامة مهرجان «شاشات الواقع» من قبل جمعية «سينما متروبوليس» في سبتمبر (أيلول) الفائت، لكن الحرب دفعت بمنظميه لتأجيله حتى موعد آخر.

اليوم وبعد افتتاح سينما «متروبوليس» في منطقة مار مخايل ببيروت، قرر المشرفون على المهرجان إطلاقه من 10 لغاية 21 يناير (كانون الثاني) الحالي.

نحو 35 فيلماً وثائقياً طويلاً وشرائط سينمائية قصيرة، يتألف منها برنامج عروض المهرجان. ويتميز هذه السنة بحضور كثيف لصنّاع السينما اللبنانيين. ويبرز فيها أسماء مخرجين صاعدين ومحترفين، وغالبيتهم تشارك في أوقات عروض أفلامهم شخصياً. ويلي كل عرض حلقات نقاش يستفيد منها الحضور لتلقّي أي جواب على أسئلتهم.

وتقول المشرفة على مهرجان «شاشات الواقع» نسرين وهبي، إن هذه الدورة التي تحمل رقم الـ19 منوعة. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «ميزة الدورة هو تدشينها أول النشاطات الكبرى في سينما (متروبوليس) التي افتتحناها مؤخراً. ففي الماضي القريب كنّا نتنقل بين صالات لبنانية مختلفة لتنظيم المهرجان. أما اليوم فصار للمهرجان عنوان واحد يختصر المسافات بالنسبة لروّاده».

تشير وهبي في سياق حديثها إلى أن الحضور اللبناني يبرز في هذه الدورة. ويوجد فريق خاص مهمته اختيار الأفلام المعروضة. وتتخلل هذه البانوراما السينمائية المنوعة والغنية أعمال عالمية.

وبالتعاون مع مهرجان «ريف» السينمائي البيئي، ومع مخرجين حققوا نجاحات باهرة في عالم السينما، تتوزع عروض المهرجان.

فيلم الختام للمهرجان «نحن في الداخل»

يُفتتح المهرجان بعرض فيلم «رسائل»، من فكرة وإنتاج جوزف خلّوف في عام 2023 خلال الحرب على غزّة، فاجتمع 18 مخرجاً لبنانياً للتعبير عن مشاعرهم عبر رسائل تبادلوها وحولوها إلى أفلام قصيرة. واكتمل العمل على هذه الأفلام في أواخر مايو (أيار) 2024، من دون إدراكهم بأن العدوان الشامل كان يتجه نحوهم. وليصبح لبنان الهدف التالي للدمار.

أما فيلم الختام، فعنوانه «نحن في الداخل» للمخرجة فرح قاسم. ومعه وبعد غياب 15 عاماً تعود إلى لبنان للعيش بقرب والدها المتقدم بالعمر. ويحاول الاثنان العثور على لغة مشتركة تسمح لهما بإجراء محادثة أخيرة. في النهاية، يتضح أن اللغة الوحيدة التي يفهمها هي الشعر. حصل الفيلم على تنويه خاص في مهرجان «Vision du Réel 2024»، ونجمة الجونة الذهبية للفيلم الوثائقي وجائزة «NETPAC» في مهرجان الجونة السينمائي.

«الواقع الافتراضي» تجربة مختلفة

من العروض الجديدة التي يتبناها «شاشات الواقع» في دورته الـ19 فيلم «نحلم بلبنان». وهو شريط يكرّم لبنانيين تربطهم علاقة وثيقة بوطنهم. ويعدّ من نوع الواقع الافتراضي لسينتيا صوما ومارتن واهليش. وتؤكد صوما في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأن التجربة كانت جديدة عليها، وقد استغرقت نحو عام كامل لتنفيذها. وعن ميزة هذا الشريط تقول: «تم استخدام عدة تقنيات سينمائية مستحدثة. فتوضيبه يدخله فن (الرسوم المتحركة) وتقنية الـ360 وأخرى تعرف بـ(رباعية الأبعاد). وهذه الأخيرة تتيح لمشاهده الشعور وكأنه يجلس مع أبطاله مباشرة». ويضع مشاهد هذا الفيلم نظارات خاصة لمدة 30 دقيقة مدة العمل. وتنقسم موضوعاته على 10 دقائق لكل من أبطاله الذين يأخذوننا بجولة في مناطق لبنانية. وتوضح سينتيا صوما: «3 أبطال من طرابلس والأشرفية وصيدا يجسدون قصة الفيلم. الأول اسمه رفيق، فنان ومختص بالصحة النفسية. والثانية هي جوزفين التي حوّلت محطة بنزين إلى مطبخ جماعي بعيد انفجار بيروت. والثالثة بتول وهي من مدينة صيدا، حيث افتتحت مختبراً صديقاً للبيئة».

«نحلم بلبنان» أول تجربة من سينما الواقع الافتراضي

الفيلم من نوع «في آر» (VR)، ويشكّل مبادرة أطلقتها الأمم المتحدة من خلال خلية «unschool» و«الأونيسكو».

ومن الأفلام المعروضة في المهرجان «داهومي» (Dahomey) الذي فاز بجائزة «الدب الذهبي» في مهرجان برلين السينمائي 2024. ويحكي عن كنوز وآثارات تم تهريبها من مملكة داهومي الأفريقية. وقد تحولت اليوم إلى جمهورية بنين، فيسود الجدل بين طلاب جامعة «أبومي - كلافي» لإيجاد الطريقة المناسبة لإعادتها إلى أرض الوطن.

ومن النشاطات والعروض التي يتضمنها «شاشات الواقع» لقاء سينمائي مع المخرج غسان سلهب، إضافة إلى عرض سينمائي، ترافقه موسيقى حيّة من أداء سينثيا زافين ورنا عيد، بعنوان «فلسطين سردية منقّحة».

وتحضر برمجة خاصة حول التنوّع البيولوجي بالشراكة مع منظمي مهرجان «ريف» البيئي.

وبالتعاون مع «المركز الثقافي الفرنسي» يتم عرض بعض الأفلام في سينما «مونتاين» التابعة له. ومن الأفلام الوثائقية البارزة في المهرجان «باي باي طبريا» للينا سويلم. وتحكي فيه عن مقاومة نساء فلسطين عبر الزمن. أما فيلم «بنات ألفة» لكوثر بن هنية فيشارك أيضاً في المهرجان، ويحكي قصة ألفة التي تتولى رعاية 4 بنات. وتنقلب حياتها رأساً على عقب حينما تختفي اثنتان من ابنتيها في ظروف غامضة.