الفيلة تحرص على تنويع ما تأكله على العشاء

على غرار البشر

أظهرت النتائج أن أشجار الأكاسيا الأيقونية في السافانا الأفريقية هي أفضل أنواع الغذاء للأفيال (بابليك دومين)
أظهرت النتائج أن أشجار الأكاسيا الأيقونية في السافانا الأفريقية هي أفضل أنواع الغذاء للأفيال (بابليك دومين)
TT

الفيلة تحرص على تنويع ما تأكله على العشاء

أظهرت النتائج أن أشجار الأكاسيا الأيقونية في السافانا الأفريقية هي أفضل أنواع الغذاء للأفيال (بابليك دومين)
أظهرت النتائج أن أشجار الأكاسيا الأيقونية في السافانا الأفريقية هي أفضل أنواع الغذاء للأفيال (بابليك دومين)

«من خلال معرفة ما تأكله الحيوانات، يمكننا إدارة عمليات حفظ الأنواع الشهيرة، مثل الأفيال ووحيد القرن، وحمايتها من خطر الانقراض بشكل أفضل لضمان نمو أعدادها بطرق مستدامة»، وفق تايلر كارتزينيل، الأستاذ المساعد للدراسات البيئية والبيولوجيا العضوية في جامعة براون الأميركية.

تايلر الباحث الرئيسي لدراسة حديثة سعت إلى تقصي عادات الأفيال في اختيار الغذاء المناسب، أضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه في المناطق التي قد تتفوق فيها أعداد الأفيال على الموارد المتاحة، قد يواجه دعاة الحفاظ على البيئة تحديات مع الأفيال التي تغزو المحاصيل وتتنافس مع الماشية؛ حيث ينشأ الصراع بين الإنسان والحياة البرية من حوله.

وكما يعرف الجميع، فالفيلة تتغذى على النباتات العشبية، ولكن تحديد أنواع النباتات التي تأكلها الحيوانات العاشبة الشهيرة تلك أمر أكثر تعقيداً.

استخدمت الدراسة التي شارك فيها فريق عالمي من الباحثين طرقاً مبتكرة لتحليل العادات الغذائية لمجموعتين من الأفيال في كينيا للإجابة عن أسئلة مهمة تتعلق بسلوكيات البحث عن الغذاء لدى تلك المجموعات الحيوانية.

وتساعد نتائج الدراسة التي نُشرت، أمس (الأربعاء)، في دورية «رويال سوسيتي أوبن ساينس» علماء الأحياء على فهم السلوكيات الغذائية لهذا النوع من الأفيال، التي تجعل أفرادها لا تكتفي بالشبع وإنما بالرضا أيضاً عن طعامها.

إحدى الأدوات الرئيسية التي استخدمها العلماء لإجراء دراستهم تسمى «ترميز الحمض النووي»، وهي تقنية وراثية متطورة تسمح للباحثين بمطابقة أجزاء الحمض النووي التي تمثل طعام الفيل بمكتبة الحمض النووي للنباتات.

وكما أظهرت النتائج أن أشجار الأكاسيا الأيقونية في السافانا الأفريقية هي أفضل أنواع الغذاء في النظام الغذائي لهذه الأفيال.

عملت جامعة براون على تطوير تطبيقات لهذه التقنية «جمعت بين باحثي البيولوجيا الجزيئية وعلوم الحاسوب لحل المشكلات التي يواجهها دعاة الحفاظ على البيئة في هذا المجال»، وفق كارتزينيل الذي شدد على أن هذا هو أول استخدام لذلك التطبيق للإجابة عن سؤال قديم: كيف يقرر أعضاء مجموعة اجتماعية - الأسرة مثلاً - الأطعمة التي يجب تناولها؟!

وعن الأسباب وراء عدم وجود صورة واضحة عما تأكله هذه الثدييات الكبيرة، أوضح أن «السبب هو أن هذه الحيوانات من الصعب والخطير مراقبتها عن قرب، كما أنها تتحرك لمسافات طويلة، وتتغذى في الليل وفي الأدغال الكثيفة، والكثير من النباتات التي تتغذى عليها صغيرة الحجم جداً».

وأضاف كارتزينيل الذي أجرى البحث الميداني في كينيا، أن الأمر لا يقتصر على صعوبة مراقبة الأفيال، ولكن من المستحيل تقريباً تحديد طعامها بالعين، حتى بالنسبة لعالم نبات خبير.

قارنت مجموعة البحث التقنية الجديدة بنتائج طريقة أخرى تسمى تحليل النظائر المستقرة (قياس كمياتها ونسبها في العينات)، التي تتضمن تحليلاً كيميائياً لشعر وبراز الحيوانات.

كان اثنان من مؤلفي الدراسة، جورج ويتيمير في جامعة ولاية كولورادو، وتور سيرلينج من جامعة يوتا، قد أظهرا سابقاً أن الأفيال تتحول من أكل الأعشاب الطازجة في ظروف سقوط المطر إلى أكل الأشجار خلال موسم الجفاف الطويل. وفي حين نجحت هذه الدراسة في تحديد الأنماط الغذائية واسعة النطاق للأفيال، إلا أنها لم تستطع تمييز أنواع النباتات المختلفة في النظام الغذائي للفيل.

قام فريق الدراسة الجديدة بجمع التحليلات المجمعة لنظائر الكربون المستقرة من براز وشعر الأفيال مع بيانات التمثيل الغذائي للحمض النووي، وبيانات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والاستشعار عن بعد لتقييم التباين الغذائي للفيلة الفردية في المجموعتين، كما قارنوا الوجبات الغذائية للفيلة كأفراد عبر الزمن.

أظهرت تحليلاتهم أن الاختلافات الغذائية بين الأفراد كانت في كثير من الأحيان أكبر بكثير مما كان يُفترض سابقاً، حتى بين أفراد الأسرة الواحدة الذين بحثوا معاً عن الغذاء في يوم معين.

قال كارتزينيل: «نعلم الآن أن العائلات تضم أفراداً بشخصيات مختلفة بالإضافة إلى احتياجات غذائية مختلفة بناءً على العمر والحجم والجنس وغيرها من الخصائص. فقد اتضح أن الأفيال تنوع نظامها الغذائي ليس فقط على أساس ما هو متاح، ولكن أيضاً بناء على تفضيلاتها واحتياجاتها الفسيولوجية»، ضارباً مثالاً على ذلك بأنه قد يكون لدى أنثى الفيل الحامل رغبة ملحة ومتطلبات غذائية مختلفة في أوقات مختلفة من الحمل.

وأضاف: «الآن بعد أن علمنا أن الأفيال لها أذواق مختلفة، قد نتمكن من استخدام هذا النهج لمعرفة المزيد عن السمات التي تمكننا من القيام بعمل جيد بشأن الحفاظ على تلك الموارد المهمة».



انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
TT

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

تُثابر أليس مغبغب منظمة مهرجان «بيروت للأفلام الفنية» (باف) على تجاوز أي مصاعب تواجهها لتنظيم هذا الحدث السنوي، فترفض الاستسلام أمام أوضاع مضطربة ونشوب حرب في لبنان. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «علينا الانتصاب دائماً ومواجهة كل من يرغب في تشويه لبنان الثقافة. نعلو فوق جراحنا ونسير بثباتٍ للحفاظ على نبض وطن عُرف بمنارة الشرق. كان علينا أن نتحرّك وننفض عنّا غبار الحرب. ندرك أن مهمتنا صعبة، ولكننا لن نستسلم ما دمنا نتنفس».

الصورة وأهميتها في معرض العراقي لطيف الآني (المهرجان)

انطلقت في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي فعاليات مهرجان «بيروت للأفلام الفنية»، ويحمل في نسخته العاشرة عنوان «أوقفوا الحرب»، وتستمر لغاية 6 ديسمبر (كانون الأول). يعرض المهرجان 25 فيلماً، ويقيم معرض صور فوتوغرافية. ويأتي هذا الحدث بالتوازي مع الذكرى الـ50 للحرب الأهلية اللبنانية، وتجري عروضه في المكتبة الشرقية في بيروت.

وتتابع مغبغب: «رغبنا في لعب دورنا على أكمل وجه. صحيح أن كل شيء حولنا يتكسّر ويُدمّر بفعل حرب قاسية، بيد أننا قررنا المواجهة والمقاومة على طريقتنا».

تقع أهمية النسخة الـ10 بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية. ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها. فأُطلق في 25 نوفمبر معرض هادي زكاك عن صالات السينما في مدينة طرابلس، يحمل عنوان «سينما طرابلس والذاكرة الجماعية»، وذلك في المكتبة الشرقية في العاصمة بيروت. ويسلّط المعرض الضوء على هذه المدينة الثقافية بأسلوبه. كما عرض المهرجان في اليوم نفسه الوثائقي «أسرار مملكة بيبلوس» لفيليب عرقتنجي. وقد نال عنه مؤخراً جائزة لجنة التحكيم الكبرى في الدورة الـ24 لمهرجان السينما الأثرية (FICAB) في مدينة بيداسوا الإسبانية.

يُختتم المهرجان بالفيلم اللبناني «وعاد مارون بغدادي إلى بيروت»

وفي السابعة مساءً، اختُتم أول أيام الافتتاح بعرض المهرجان لفيلم هادي زكاك «سيلّما»، ويوثّق فيه سيرة صالات السينما في طرابلس، يومَ كانت السينما نجمة شعبيّة في المدينة الشماليّة.

وكما بداية المهرجان كذلك ختامه يحمل النفحة اللبنانية، فيعرض في 6 ديسمبر (كانون الأول) فيلم فيروز سرحال «وعاد مارون بغدادي إلى بيروت»، وذلك في الذكرى الـ30 لرحيله. في الفيلم زيارة أماكن عدّة شهدت على حياة بغدادي وأعماله، والتقاء بالمقربين منه لتمضية يوم كامل معهم في بيروت، حيث يسترجعون مسيرة بغدادي المهنية في ذكريات وصور.

وتشير مغبغب، في سياق حديثها، إلى أن المهرجان ولّد حالة سينمائية استقطبت على مدى نسخاته العشر صنّاع أفلام عرب وأجانب. وتضيف: «تكثر حالياً الإنتاجات الوثائقية السينمائية. في الماضي كانت تقتصر على إنتاجات تلفزيونية، توسّعت اليوم وصار مهرجان (باف) خير عنوان لعرضها».

فيلم فؤاد خوري يُوثّق الحرب اللبنانية (المهرجان)

ومن النشاطات التي تصبّ في تعزيز الصورة الفوتوغرافية أيضاً، معرضٌ للعراقي لطيف الآني، يحكي قصة العراق منذ 50 سنة ماضية، ينقل معالمه ويومياته كما لم نعرفها من قبل. وتعلّق مغبغب: «أهمية الصورة الفوتوغرافية تأتي من حفاظها على الذاكرة. ولذلك سنشاهد أيضاً فيلم فؤاد خوري عن ذاكرة الحرب اللبنانية».

ويغوص فيلم خوري في مسار هذا الفنان الذي أخذ دور موثّق الحرب، والشاهد على النّزاعات في الشرق الأوسط.

مغبغب التي تأمل بأن تجول بالمهرجان في مناطق لبنانية بينها بعلبك وصور، تقول: «الناس متعطشة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الموضوعات الفنية. إنها تشكّل لهم متنفساً ليتخلصوا من همومهم ولو لبرهة. وهذه الأفلام الواقعية والموثقة بكاميرات مخرجين كُثر، تجذبهم بموضوعاتها الاجتماعية والجمالية».

تقول أليس مغبغب إن عملها في المهرجان كشف لها عدد أصدقاء لبنان من دول أجنبية وعربية. ولذلك نتابع عروضاً لأفلام أجنبية من بينها مشاركة من إنجلترا بعد غياب عن المهرجان لـ4 سنوات. وسيُعرض بالمناسبة «الرجل المقاوم» و«شكسبيرز ماكبث» ثاني أيام المهرجان في 26 نوفمبر.

ويُخصّص «بيروت للأفلام الفنية» أيام عرضٍ خاصة ببلدان أجنبية، من بينها الإيطالي والبلجيكي والسويسري والبرازيلي والإسباني والألماني.

«أسرار مملكة بيبلوس» لفيليب عرقتنجي (المهرجان)

ويبرز فيلما «لاماتوري» و«أخضر على رمادي» للإيطاليين ماريا موتي وإميليا أمباسز في المهرجان. وفي ذكرى مئوية الفن السوريالي تشارك إسبانيا من خلال المخرجَين بالوما زاباتا وكانتين ديبيو، فيُعرض «لا سينغالا» و«دالي»، ويُعدّ هذا الأخير من أهم الأفلام الوثائقية عن الفنان الإسباني الراحل والشهير.

وفي 5 ديسمبر (كانون الأول) سيُعرض فيلم خاص بالمكتبة الشرقية مستضيفة المهرجان. وتوضح مغبغب: «عنوانه (المكتبة الشرقية إن حكت) من إخراج بهيج حجيج، ويتناول عرَاقة هذه المكتبة وما تحويه من كنوز ثقافية».

ومن الأفلام الأجنبية الأخرى المعروضة «إيما بوفاري» وهو من إنتاج ألماني، ويتضمن عرض باليه للألماني كريستيان سبوك مصمم الرقص الشهير، وهو يقود فرقة «ستانس باليه» المعروفة في برلين.

وفي فيلم «جاكوميتي» للسويسرية سوزانا فانزون تتساءل هل يمكن لمكانٍ ما أن يكون مصدر موهبة عائلة بأسرها. وتحت عنوان «من الخيط إلى الحبكة» يتناول مخرجه البلجيكي جوليان ديفو، فنّ النّسيج وما تبقّى منه حتى اليوم، فينقلنا إلى مصانع بروكسل وغوبلان مروراً بغوادا لاخارا في المكسيك.