قصص حب عبد الحليم حافظ... ذكريات مشحونة بالألم

ابن شقيقه يروي لـ«الشرق الأوسط» كواليس علاقة «العندليب» بالمرأة

العندليب في إحدى حفلاته
العندليب في إحدى حفلاته
TT

قصص حب عبد الحليم حافظ... ذكريات مشحونة بالألم

العندليب في إحدى حفلاته
العندليب في إحدى حفلاته

لا يكاد يُذكر اسم عبد الحليم حافظ حتى تطفو ذكريات الشجن، ووهج الحب الأول، ومشاعر التعاطف مع مطرب خطفه المرض باكراً، بعدما شغل الناس بأغنياته عن الحب الذي عاش محروماً منه.

هذه المفارقة استدعاها مصريون مع حلول الذكرى الـ94 لميلاده، فشغلت حكايات «العندليب» الجمهور، وعدَّه متابعون «أيقونة الحب الحزين»، بينما تساءل آخرون عن السر وراء إخفاق قصص الحب في حياة مطرب الحب، ولماذا شُحِنت دائماً بالألم؟

حليم يغني في أحد أفلامه

عن هذه المفارقة، يعلّق محمد شبانة، وهو ابن شقيق الفنان الراحل: «قصص الحب في حياة عمي تبدو سلسلة من التعاسة وعدم الاكتمال، كأنه يطارد خيط دخان، وفق إحدى أغنياته الخالدة (قارئة الفنجان)».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «الحب الأول في حياته كان الأقوى والأكثر عنفواناً وصدقاً، حين عشق فتاة في الإسكندرية أثناء زيارته المدينة الساحلية خلال إجازة الصيف. هناك وقعت عيناه على السيدة ديدي. سرعان ما تقدّم لخطبتها، فلاقى اعتراضاً من جدّها بذريعة الفوارق الطبقية، إذ كانت سليلة عائلة أرستقراطية».

يكمل القصة: «الرفض كان مؤلماً لحليم، خصوصاً أنه بدأ يصبح مشهوراً. زاد الألم حين أُصيبت الحبيبة بمرض خطير، فسافر إليها وهي تتلقّى العلاج في لندن، حيث أوصته بالزواج والبحث عن السعادة. حاول التأكيد لها أنها ستعيش وسيتزوّجها، لكنها ماتت بين يديه، فغنّى لها أغنيته الحزينة (في يوم في شهر في سنة... تهدا الجراح وتنام... وعُمر جرحي أنا... أطول من الأيام)».

عبد الحليم في غرفة نومه

عن قصة الحب الشهيرة بين حافظ وسعاد حسني، يقول شبانة: «حليم كان يساندها خلال صعودها التمثيلي، ويؤمن بموهبتها. صحيح استيقظت مشاعره تجاهها، كما بادلته هي الحب، لكن الأمر لم يكن بالقوة والتكامل بحيث ينتهي بالزواج، إذ حالت التناقضات دونه»، نافياً حدوث زواج سرّي بينهما: «العقد الذي يتداوله البعض على أنه وثيقة زواج، مزوّر، وبياناته تحتوي على عديد من المغالطات».

ويوضح: «عبد الحليم كان يسعى إلى تعويض يتمه عبر مطاردة الحنان في علاقاته النسائية، وإن كان عزاؤه الحقيقي فنه وإبداعه».

ومنذ اللحظة الأولى، بدت مسيرة عبد الحليم تجسيداً لأغنيته «موعود معايا بالعذاب يا قلبي». فقد وُلد في قرية الحلوات بمحافظة الشرقية عام 1929، وسرعان ما توفيت والدته بعد أيام من إنجابه. ولم يمر عام على ولادته، حتى رحل أبوه هو الآخر.

وفتح «العندليب» أفقاً جديداً للغناء العربي بحنجرته الذهبية ونبرة الشجن، إلى جانب تعاونه مع كبار الشعراء والملحنين مثل محمد الموجي، وبليغ حمدي، وكمال الطويل، وحسين السيد، وعبد الرحمن الأبنودي، ونزار قباني.

وعرّضته إصابته بمرض البلهارسيا لنوبات نزيف مؤلمة جعلت حياته تتحوّل إلى مأساة، حتى غادر الدنيا في مارس (آذار) عام 1977.

عبد الحليم في فترة مرضه (أرشيفية)

ويرى الناقد الفني طارق الشناوي أنه «على مر التاريخ، فإنّ قصص الحب التي تعيش هي التي لم تكتمل ولم تحظَ بنهاية سعيدة، كما حدث في علاقة عبد الحليم العاطفية وسعاد حسني»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنّ «قصص الحب الحزينة والمؤلمة في حياة (العندليب) كثيرة ومتشعّبة، ولا تقف عند حدَي ديدي و(السندريلا)، لكن المُلاحَظ أنّ كثيراً منها خاضها حليم بعقله بحثاً عن وقود إلهام ومصدر طاقة ليكمل المشوار».


مقالات ذات صلة

احتفالية كبرى لاستعادة أغاني أم كلثوم في باريس

يوميات الشرق أكثر من فعالية تحتفي بذكرى أم كلثوم (مشروع القاهرة عنواني)

احتفالية كبرى لاستعادة أغاني أم كلثوم في باريس

أعلن مسرح فيلهارموني دي باريس، الذي يعدّ أشهر المسارح في العاصمة الفرنسية، عن استضافة حفل غنائي لاستعادة أغاني «كوكب الشرق» أم كلثوم في الذكرى الخمسين لرحيلها.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق أنغام تطلق ألبومها الجديد «تيجي نسيب» (الشركة المنتجة)

أنغام تراهن على مواكبة الصيحات الموسيقية بألبومها الجديد

تراهن الفنانة المصرية أنغام على مواكبة أحدث الصيحات الموسيقية العالمية في ألبومها الجديد «تيجي نسيب» الذي احتفلت بإطلاقه، الأربعاء، في حفل كبير بإحدى دور العرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق ملصقات وسلع تحمل صور إلفيس بريسلي في برمنغهام ببريطانيا (إ.ب.أ)

سحر إلفيس بريسلي يتوهَّج في ذكرى ميلاده الـ90

تعمُّ الاحتفالات أرجاء بريطانيا إحياءً للذكرى الـ90 لميلاد أسطورة الغناء إلفيس بريسلي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الممثل بن أفليك وزوجته السابقة جنيفير لوبيز (رويترز)

بعد زواج دام عامين... جينيفر لوبيز وبن أفليك يتوصّلان إلى تسوية طلاق

توصّل النجمان الأميركيان بن أفليك وجينيفر لوبيز إلى تسوية بشأن طلاقهما، بعد 5 أشهر من الانفصال الذي أنهى زواجهما الذي دام عامين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق المُلصق الترويجي للأغنية (حساب تامر حسني بفيسبوك)

تامر حسني ورامي صبري يخطفان الاهتمام في «فعلاً ما بيتنسيش»

تصدرت أغنية «فعلاً ما بيتنسيش» التي جمعت تامر حسني ورامي صبري في «ديو غنائي» للمرة الأولى في مشوارهما «تريند» موقع «يوتيوب».

داليا ماهر (القاهرة)

هل تستطيع الروبوتات الجراحية تعويض نقص الأطباء في مصر؟

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
TT

هل تستطيع الروبوتات الجراحية تعويض نقص الأطباء في مصر؟

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)

أثار إعلان وزارة الصحة المصرية اعتزامها التوسع في استخدام الروبوتات الجراحية جدلاً، إذ اعتبره البعض تحركاً من الحكومة نحو تقليل الاعتماد على الأطباء، تزامناً مع الخلاف الحادث حالياً مع نقابة الأطباء حول مشروع قانون «المسؤولية الطبية».

لكن الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة المصرية، قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن سعي الوزارة للتوسع في استخدام الروبوتات الجراحية هدفه معاونة الجراحين وتسهيل مهمتهم وزيادة إنتاجيتهم، وليس من أجل تقليل الاعتماد على الأطباء أو الاستغناء عنهم.

واجتمع وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار، الثلاثاء الماضي، مع ممثلي إحدى الشركات الصينية الرائدة في مجال الروبوتات الجراحية، وكشفت الوزارة في بيان أن الاجتماع بحث آفاق التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات الجراحية بمستشفيات وزارة الصحة.

«اتجاه الوزارة للتوسع في استخدام الروبوتات الجراحية ليس له علاقة بالخلاف حول قانون أو غيره، ولا يهدف لاستبدال الأطباء»، بحسب حسام عبد الغفار، الذي أكد «أن الروبوت لا يعمل مستقلاً، لكنه يحتاج لطبيب ماهر ومحترف لتشغيله، والهدف من ذلك جعل الطبيب الجراح الماهر يجري الجراحات في أي مكان عن بعد دون أن يتحرك الطبيب من مكانه الموجود فيه».

مصر تعاني من نقص في عدد الأطباء (وزارة الصحة المصرية)

من جانبه، قال يحيى دوير، عضو مجلس نقابة أطباء القاهرة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الروبوتات الجراحية موجودة بمصر بأعداد قليلة، ولا يتم العمل أو التدريب عليها؛ لأنها تحتاج إلى فترة تدريب طويلة».

ونوه دوير إلى أن «استبدال الطبيب المصري بالروبوت والعلاج عن بعد مسألة مستبعدة؛ نظراً لبعض العوامل، منها الخوف من عدم استقرار الإنترنت والتيار الكهربائي داخل المستشفيات، بالإضافة إلى عدم وجود الغطاء القانوني اللازم لإتمام الجراحات بالروبوت عن بعد، فنحن بالأساس ليس لدينا غطاء قانوني يسمح بمناظرة المريض عن بعد، فكيف ستتم جراحات عن بعد؟... ناهيك على التكلفة الباهظة لمثل هذه التطبيقات، وموازنة وزارة الصحة في مصر لا تسمح بذلك».

ورداً على تلك النقاط، قال متحدث الصحة: «نحن قلنا إننا منفتحون على العرض الذي قدمته لنا الشركة الصينية؛ نظراً لما سيحققه من فوائد، ولكن آليات التنفيذ على أرض الواقع ستكون في مرحلة لاحقة، وسيتم توفير اللازم، وجزء من الخطة حال تنفيذها سيكون بناء الكوادر الطبية القادرة على تشغيل الروبوتات واستخدامها بشكل صحيح».

وأوضح: «لدينا روبوتات جراحية بالفعل في معهد الأورام ومعهد ناصر، وأثبتت كفاءة عالية، أي أن الأمر ليس جديداً علينا».

وبحسب آخر رصد صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء في مصر، فقد انخفض عدد الأطباء بالبلاد إلى 97.4 ألف طبيب في عام 2022، مقابل 100.7 ألف طبيب في عام 2021، بانخفاض بلغت نسبته 3.3 في المائة.

وزير الصحة المصري في جولة تفقدية لأحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وتفيد الأرقام بأن مصر لديها طبيب لكل 1162 شخصاً، بينما المعدل العالمي، طبقاً لمنظمة الصحة العالمية، هو طبيب لكل 434 شخصاً.

وشهدت السنوات الماضية هجرة العديد من الأطباء إلى خارج مصر، بقصد العمل والاستقرار في أوروبا أو أميركا، وكذلك بعض الدول العربية وخاصة الخليجية، بحسب نقابة الأطباء المصرية.

ويقول يحيى دوير إن هجرة الأطباء من الأسباب الرئيسية لما يمكن وصفه بـ«التصحر الطبي» في مصر، والسبب في رأيه بحث العديد من الأطباء المصريين عن فرص عمل أفضل خارج البلاد؛ «نظراً لضعف الأجور مقارنة بدول أخرى، حيث لا يتجاوز راتب الطبيب بمصر بعد 10 سنوات من الخبرة 120 دولاراً أميركياً شهرياً».

ومن الأسباب الأخرى لهجرة الأطباء، بحسب دوير: «بيئة العمل غير الصحية، حيث نقص المعدات الطبية الحديثة، وغياب الدعم الإداري في عدد من المنشآت الصحية، وضعف الاستثمار في التعليم الطبي المستمر مع صعوبة التفرغ للعمل البحثي والتطوير، وتأجيج العلاقة بين المريض والطبيب، حيث ترسخ بعض المسلسلات والأفلام ثقافة خاطئة بين الطبيب والمريض وتصور الطبيب بصورة غير لائقة»؛ وفق تعبيره.

مصر تدرس الاستعانة بالروبوتات لمساعدة الجراحين (وزارة الصحة المصرية)

وعن مشروع قانون المسؤولية الطبية، يقول دوير إن «مصر تعد آخر دولة في العالم تقوم بصياغة مشروع قانون المسؤولية الطبية، حيث كان يحاكم الأطباء بقانون العقوبات مثلهم مثل المجرمين الجنائيين، وللأسف مشروع القانون الجديد لا يفرق ما بين الخطأ الطبي والخطأ الطبي الجسيم، ولا يعترف بالمضاعفات الوارد حدوثها والمنصوص عليها في أدلة العمل الإكلينيكية العالمية».

وبحسب دوير، فإن ما يقرب 62 في المائة؜ من أطباء مصر هاجروا أو يعملون خارج البلاد، فضلاً عن أعداد كبيرة داخل مصر مقيدة بالنقابة ولا تمارس الطب.

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)

في المقابل، أكد حسام عبد الغفار، متحدث وزارة الصحة، «أن مشروع قانون المسؤولية الطبية تم إعداده بناء على مطالبات الأطباء أنفسهم وليس هناك خلاف حوله سوى في نقطة واحدة تتعلق بما يقولون إنه يسمح بحبس الأطباء، وهذه النقطة تحتاج فقط للتوضيح لإنهاء الجدل، فيما عدا ذلك فنحن منفتحون على جميع مطالب الأطباء، طالما لا تخالف الدستور».