أسطورة «تايتانيك» لا تزال تجذب المغامرين والهواة... وآخرهم ركاب الغواصة «تايتان»

تساؤلات حول معايير السلامة وبناء الغواصة

الغواصة «تايتان» في صورة أرشيفية (رويترز)
الغواصة «تايتان» في صورة أرشيفية (رويترز)
TT

أسطورة «تايتانيك» لا تزال تجذب المغامرين والهواة... وآخرهم ركاب الغواصة «تايتان»

الغواصة «تايتان» في صورة أرشيفية (رويترز)
الغواصة «تايتان» في صورة أرشيفية (رويترز)

ما سر الافتتان الدائم بالسفينة «تايتانيك»؟ منذ غرقها في رحلتها الأولى من ساوثهامبتون ببريطانيا إلى نيويورك في 15 أبريل (نيسان) عام 1912، أصبحت قصة غرق الباخرة وموت 1500 شخص على متنها من القصص الخالدة التي جذبت الناس لمعرفة المزيد عنها، بداية من رواية «ليلة للذكرى» التي نشرت في عام 1955، مروراً بفيلم «تايتانيك» للمخرج جيمس كاميرون في عام 1997، وكثير من القصص والمسلسلات التليفزيونية والكتب.

هالة الغموض التي أحاطت بالباخرة، التي وصفت قبل رحلتها الأولى بأنها «عصية على الغرق»، وركابها من الأثرياء ونجوم المجتمع في ذلك الوقت، إضافة إلى ركاب الدرجة الثالثة فيها، أثارت كثيراً من الاهتمام والبحث. ومنذ اكتشاف حطام السفينة في قاع البحر عام 1985 ازداد الاهتمام بها ليتوج بفيلم جيمس كاميرون عنها، وكان من بطولة ليوناردو ديكابريو وكيت وينسليت، وبفضله تحولت تراجيديا «تايتانيك» لتحرك مخيلة أجيال جديدة.

تلك الجاذبية ربما يكون سببها التراجيديا وحجم الكارثة والقصص التي كشفت بعدها عن الصراع بين الطبقة الثرية من الركاب وبين الطبقات الأقل ثراء من ركاب الدرجة الثالثة، وما حدث من تفضيل ركاب الدرجة الأولى لركوب قوارب الإنقاذ. غير أن هناك أيضاً عنصر الفخامة، فالسفينة المنكوبة، وفق الصور الأرشيفية وبفضل إعادة تصورها في فيلم جيمس كاميرون، كانت رمزاً للفخامة والثراء، وكل ما هو فخم يجذب العين ويثير الاهتمام.

رغم المأساة التي تجسدها «تايتانيك»، فإن هناك جذباً قوياً للعودة لذلك العالم الغارق في أعماق المحيط، وتعدى ذلك القصص والأفلام والمسلسلات التليفزيونية ليصل للسياحة. حيث انطلقت الرحلات السياحية الحصرية لرؤية ذلك الهيكل الغارق، وتعدّ غواصة «أوشن غيت» تجسيداً لتلك الجاذبية الغريبة.

حطام «تايتانيك»... (رويترز)

«أوشن غيت» و«تايتانيك»

مع التقدم التكنولوجي في الغواصات البحرية، أصبح ممكناً لمن يريد، (ومن يستطيع) دفع مبالغ طائلة، أن يطل على حطام السفينة، ليصبح «من القلائل الذين يمكنهم رؤية (تايتانيك) بأعينهم»، وفق الدعاية التي أطلقتها «أوشن غيت» للترويج لرحلاتها.

وقد أطلقت الشركة أولى رحلاتها للحطام في عام 2021 بسعر 250 ألف دولار للشخص الواحد، ورغم الانتقادات لها بأنها تنظم رحلات لمكان «مقبرة» تحت الماء، فإن ذلك لم يمنع الرحلات من الاستمرار ومن تحول زيارة «تايتانيك» لصناعة سياحية مربحة لدرجة أن «أوشن غيت» أعلنت عن تنظيم 5 رحلات لهذا العام و5 رحلات أخرى لسنة 2024.

مجال المقارنة بين «تايتانيك» وغواصة «تايتان» صعب جداً، ولكن الأولى هبطت لقاع المحيط من دون تخطيط لذلك تبعاً لحادث ارتطام بجبل جليدي، أما الغواصة الحديثة فقد استعملت أحدث ما توصلت له التكنولوجيا الحديثة للوصول لمكان حطام السفينة. ومع اختفاء الغواصة وتسارع وقع عمليات البحث عنها، ثارت التساؤلات حول متانة بنائها واستيفائها معايير السلامة والاحتياطات اللازمة.

وفق صحيفة «نيويورك تايمز»؛ فقد حذر ديفيد لوكريدج، المدير السابق للعمليات البحرية في شركة «أوشن غيت» في يناير (كانون الثاني) 2018 من احتمالات كارثية، مشيراً إلى «مخاوف تتعلق بالسلامة حول التصميم التجريبي للغواصة»، ووفقاً للصحيفة؛ فقد كان لوكريدج يعمل على تقرير عن الغواصة، ليصدر في النهاية مذكرة قال فيها إنها بحاجة إلى مزيد من الاختبارات، وشدَّد على «الأخطار المحتملة على ركاب (تايتان)، إذا وصلت إلى أعماق قصوى».

وفي دعواه؛ أوضح لوكريدج أن مَنفذ الرؤية في الطرف الأمامي من الغواصة مصمَّم لتحمُّل الضغط على عمق 1300 متر فقط، على الرغم من أن «أوشن غيت» كانت تخطط لنقل السياح إلى أعماق تصل لنحو 4 آلاف متر.

وأشارت وثائق الدعوى إلى «رفض شركة (أوشن غيت) دفع تكلفة بناء مَنفذ رؤية يلبي العمق المطلوب؛ وهو 4 آلاف متر، للشركة المصنِّعة».

وكتب محامو لوكريدج، في مذكرة المحكمة: «لن يكون الركاب الذين سيدفعون الثمن على دراية بهذا العيب في التصميم التجريبي، ولن يجري إبلاغهم به».

وبدلاً من النظر في مخاوف لوكريدج، أو إخضاع الغواصة لإجراءات تصحيحية، قامت «أوشن غيت» بطرد لوكريدج بشكل فوري، ورفعت دعوى قضائية ضدَّه اتهمته فيها بانتهاك اتفاقية عدم إفشاء معلومات سرّية، وفق الصحيفة.

الغواصة «تايتان» في صورة أرشيفية (د.ب.أ)

فهل تحققت مخاوف لوكريدج؟ ليس واضحاً حتى الآن، ولكن هناك كثير من الأسئلة حول سلامة جسم الغواصة ومدى صلابته في مواجهة ضغط المياه الهائل. ذكرت صحيفة «غارديان» أمس أن السفينة صنعت من ألياف الكربون المستخدمة على نطاق واسع رغم أنها عرضة للفشل، بعكس السفن الأخرى في أعماق البحار التي تستخدم الفولاذ أو التيتانيوم ويمكن أن تتحمل ضغط المياه.

تجربة شخصية: سقطت الغواصة مثل الصخرة في الماء

مايك رايس، أحد المغامرين الذين شاركوا في رحلة سابقة على متن الغواصة لزيارة حطام «تايتانيك»، تحدث مع تليفزيون «بي بي سي» عن تجربته، واصفاً عملية الغوص بأنها «عملية أساسية وبسيطة». وفق وصفه؛ فالغواصة تسقط في الماء مثل الصخرة وتغوص حتى تصطدم بالقاع، وقتها تعتمد على محركات دافعة تشبه (على حد قوله) «المراوح الصغيرة التي تستخدم في المكاتب». يمضي قائلاً: «عندما تلمس الغواصة القاع، لا تعرف أين أنت على وجه الدقة، كنا نتخبط في الظلمة الدامسة في قاع المحيط باحثين عن الحطام».

يعرف رايس خطر المغامرة التي انطلق فيها: «كنا مدركين تماماً المخاطر، فليس الأمر نزهة، كان علينا التوقيع على وثيقة قبل الرحلة، ذكرت فيها كلمة (الموت) 3 مرات. قمت بأكثر من رحلة مع هذه الشركة، وفي كل مرة كانت هناك احتمالية فقدان الاتصال مع العالم».

الروبوت «فيكتور 6000» قبل إنزاله الماء للبحث عن الغواصة «تايتان»... (رويترز)



زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
TT

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)

في حوارات جدّية تتّسم بالموضوعية وبمساحة تعبير حرّة يطالعنا الإعلامي زافين قيومجيان ببرنامجه التلفزيوني «شو قولك» وعبر شاشة «الجديد» ينقل للمشاهد رؤية جيل الشباب لمستقبل أفضل للبنان.

ويأتي هذا البرنامج ضمن «مبادرة مناظرة» الدّولية التي تقوم على مبدأ محاورة أجيال الشباب والوقوف على آرائهم. اختيار الإعلامي زافين مقدّماً ومشرفاً على البرنامج يعود لتراكم تجاربه الإعلامية مع المراهقين والشباب. فمنذ بداياته حرص في برنامجه «سيرة وانفتحت» على إعطاء هذه الفئة العمرية مساحة تعبير حرّة. ومنذ عام 2001 حتى اليوم أعدّ ملفات وبرامج حولهم. واطّلع عن كثب على هواجسهم وهمومهم.

يرتكز «شو قولك» على موضوع رئيسي يُتناول في كل حلقة من حلقات البرنامج. وينقسم المشاركون الشباب إلى فئتين مع وضد الموضوع المطروح. ومع ضيفين معروفَين تأخذ الحوارات منحى موضوعياً. فيُتاح المجال بين الطرفين للنقاش والتعبير. وبتعليقات قصيرة وسريعة لا تتجاوز الـ90 ثانية يُعطي كل فريق رأيه، فتُطرح سلبيات وإيجابيات مشروع معيّن مقترح من قبلهم. وتتوزّع على فقرات محدّدة تشمل أسئلة مباشرة وأخرى من قبل المشاهدين. ولتنتهي بفقرة الخطاب الختامي التي توجز نتيجة النقاشات التي جرى تداولها.

ويوضح قيومجيان لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف البرنامج إلى خلق مساحة حوار مريحة للشباب. ومهمتي أن أدير هذا الحوار بعيداً عن التوتر. فلا نلهث وراء الـ(تريند) أو ما يُعرف بالـ(رايتينغ) لتحقيق نسبِ مشاهدة عالية. وبذلك نحوّل اهتمامنا من محطة إثارة إلى محطة عقل بامتياز».

تجري مسبقاً التمرينات واختيار الموضوعات المُراد مناقشتها من قبل الشباب المشاركين. فالبرنامج يقوم على ثقافة الحوار ضمن ورشة «صنّاع الرأي»؛ وهم مجموعات شبابية يخضعون سنوياً لتمارين تتعلّق بأسلوب الحوار وقواعده. ويطّلعون على كلّ ما يتعلّق به من براهين وحجج وأخبار مزيفة وغيرها. فيتسلّحون من خلالها بقدرة على الحوار الشامل والمفيد. ويوضح زافين: «عندما يُختار موضوع الحلقة يجري التصويت لاختيار المشتركين. وبعد تأمين الفريقين، يلتقي أفرادهما بضيفي البرنامج. ومهمتهما دعم الشباب والوقوف على آرائهم. ونحرص على أن يكونا منفتحين تجاه هذا الجيل. فأهمية البرنامج تتمثل في التوفيق بين المشتركين بمستوى واحد. ولذلك نرى الضيفين لا يتصدران المشهدية. وهي عادة متّبعة من قبل المبادرة للإشارة إلى أن الشباب هم نجوم الحلقة وليس العكس».

يمثّل المشاركون من الشباب في «شو قولك» عيّنة عن مجتمع لبناني ملوّن بجميع أطيافه. أما دور زافين فيكمن في حياديته خلال إدارة الحوار. ولذلك تختار المبادرة إعلاميين مخضرمين لإنجاز هذه المهمة.

طبيعة الموضوعات التي تُثيرها كلّ مناظرة حالياً ترتبط بالحرب الدائرة في لبنان.

ويستطرد زافين: «عادة ما تُناقش هذه المناظرات موضوعات كلاسيكية تهمّ الشباب، من بينها الانتحار والموت الرحيم، ولكن هذه الاهتمامات تقلّ عند بروز حدث معيّن. فنحاول مواكبته كما يحصل اليوم في الحرب الدائرة في لبنان».

ضرورة فتح مطار ثانٍ في لبنان شكّل عنوان الحلقة الأولى من البرنامج. وتناولت الحلقة الثانية خدمة العلم.

ينتقد قيومجيان أسلوب بعض المحاورين على الشاشات (زافين قيومجيان)

«شيخ الشباب» كما يحبّ البعض أن يناديه، يرى زافين أن مهمته ليست سهلةً كما يعتقد بعضهم. «قد يُخيّل لهم أن مهمتي سهلة ويمكن لأي إعلامي القيام بها. فالشكل العام للبرنامج بمثابة فورمات متبعة عالمياً. والمطلوب أن يتقيّد بها فريق العمل بأكمله». ويستطرد: «يمكن عنونة مهمتي بـ(ضابط إيقاع) أو (قائد أوركسترا)؛ فالمطلوب مني بصفتي مقدّماً، التّحكم بمجريات الحلقة ومدتها ساعة كاملة. فالتجرّد وعدم التأثير على المشاركين فيها ضرورة. أنا شخصياً ليس لدي هاجس إبراز قدراتي وذكائي الإعلامي، والمقدم بصورة عامة لا بدّ أن ينفصل عن آرائه. وأن يكون متصالحاً مع نفسه فلا يستعرض إمكانياته. وهو أمر بتنا لا نصادفه كثيراً».

يقول زافين إن غالبية إعلاميي اليوم يتّبعون أسلوب «التشاطر» على ضيفهم. وهو أمر يبيّن عدم تمتع الإعلامي بالحرفية. ولنتمكّن من الإبقاء على هذا الأسلوب المرن لا بدّ أن نتدرّب على الأمر. وأن نملك الثقة بالنفس وهو ما يخوّلنا خلق مساحة حوار سليمة، تكون بعيدة عن الاستفزاز والتوتر وتأخذ منحى الحوار المريح».

يستمتع زافين قيومجيان بتقديم برنامجه «شو قولك»، ويقول: «أحب اكتشاف تفكير الشباب كما أني على تماس مستمر معهم من خلال تدريسي لطلاب الجامعة، وأنا أب لشابين».

يحضّر زافين قيومجيان لبرنامج جديد ينوي تقديمه قريباً عبر المحطة نفسها. ولكنه يرفض الإفصاح عن طبيعته. ويختم: «سيشكّل مفاجأة للمشاهد وأتمنى أن تعجبه».