نيوزيلندا تستعيد بقايا بشرية تعود إلى شعوبها الأصلية

في عملية شُبّهت بـ«أحجية ضخمة»

بقايا الماوري الأصليين على منصة أثناء احتفال بوهيري في متحف «تي بابا» في ويلينغتون (صفحة متحف «تي بابا» على «فيسبوك»)
بقايا الماوري الأصليين على منصة أثناء احتفال بوهيري في متحف «تي بابا» في ويلينغتون (صفحة متحف «تي بابا» على «فيسبوك»)
TT

نيوزيلندا تستعيد بقايا بشرية تعود إلى شعوبها الأصلية

بقايا الماوري الأصليين على منصة أثناء احتفال بوهيري في متحف «تي بابا» في ويلينغتون (صفحة متحف «تي بابا» على «فيسبوك»)
بقايا الماوري الأصليين على منصة أثناء احتفال بوهيري في متحف «تي بابا» في ويلينغتون (صفحة متحف «تي بابا» على «فيسبوك»)

تسترجع نيوزيلندا تدريجياً من مؤسسات في مختلف أنحاء العالم، بقايا بشرية تعود إلى الحقبة الاستعمارية كان ناهبو قبور سرقوها وباعوها في الخارج على أنّها رفات.

عندما وصل المستكشف والبحّار البريطاني جيمس كوك إلى نيوزيلندا عام 1769، أظهر المستوطنون الأوروبيون اهتماماً بمجموعتي ماوري وموريوري اللتين تمثلان السكان الأصليين لجزر تشاتام.

وأقدم تجار من المستعمرين على شراء أسلحة ومنحوتات وقلائد أو مقايضتها، فضلاً عن رؤوس موشومة محنّطة ومحفوظة.

وبحجة البحوث العلمية، نهب لصوص قبور في القرن التاسع عشر بقايا بشرية تابعة لقدماء من السكان الأصليين من مواقع دفنهم في مختلف أنحاء البلاد، في خطوة لا تزال تثير غضب وحزن نيوزيلنديين كُثر حتى اليوم.

لكن منذ العام 2003، يجوب خبراء من متحف «تي بابا» الوطني النيوزيلندي في ويلينغتون دولاً كثيرة بحثاً عن هذه الرفات، في إطار برنامج تموّله الحكومة ويغطي تكاليف المسائل اللوجيستية وتلك المرتبطة باستعادة البقايا.

وفي حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية، يقول تي هيركيكي هيرويني، الذي يدير برنامج استعادة البقايا البشرية في المتحف: إنّ «استعادة هذه الرفات تحمل أهمية لمختلف الشعوب الأصلية التي تعرّضت بقايا أسلافها للتداول أو الجمع أو النقل إلى الخارج».

ويشير إلى أن بقايا نحو 900 من السكان الأصليين جرت استعادتها بفضل هذا البرنامج، لافتاً إلى أنّ رفات 300 إلى 400 آخرين لا تزال محفوظة داخل مؤسسات خارجية.

وكانت سبع مؤسسات ألمانية أعادت الأسبوع الفائت إلى نيوزيلندا بقايا 95 نيوزيلندياً وستة رؤوس موشومة ومحنّطة.

ويجهد تي أريكيرانغي ماماكو - أيرنسايد، المقيم في كوبنهاغن والمسؤول عن مشروع استعادة الرفات في متحف تي بابا، لتحديد المتاحف التي لا تزال تحتفظ بما يُعدّ في ثقافة ماوري «بقايا الأجداد»، أي الجماجم والعظام وأجزاء أخرى من الجثث.

ويُطلق ماماكو - أيرنسايد مفاوضات مع المتحف المعني لاستعادة البقايا البشرية، في عملية يُشبّهها بـ«الأحجية الضخمة». ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية «قد يكون لص قبور سرق بقايا بشرية من موقع واحد، لكنّ مجموعته ربما قد وُزّعت على عدد كبير من المتاحف في العالم».

- «كشبكة إجرامية»

ويشير إلى أنّ «الصورة تصبح أكثر وضوحاً» مع إحراز البرنامج تقدّماً. وكانت أولى المتاحف الاستعمارية في نيوزيلندا تتاجر بقطع كثيرة مع هواة جمع أجانب باعوها بعد ذلك إلى مؤسسات حول العالم.

ويقول ماماكو - أيرنسايد: إنّ «ما كان يحصل يُشبه إلى حد ما شبكة إجرامية، لكنّه لم يُعدّ غير شرعي؛ لأنّ الاتجار بالرفات البشري لم يكن آنذاك يُعدّ مسألة غير أخلاقية».

ويتواصل ماماكو - أيرنسايد أيضاً مع المؤسسات لمعرفة أي بقايا من مجموعاتها «جُمعت وجرى الاتجار بها من نيوزيلندا بشكل غير قانوني».

وقبل استرجاع البقايا البشرية، يتّبع ماماكو - أيرنسايد بروتوكولاً دقيقاً ينص خصوصاً على طلب أن يمضي بعض الوقت بمفرده مع الرفات.

ويقول «نعرّف عن أنفسنا حتى يُدركوا هويتنا، ثم نشير إلى هدفنا المتمثل في المساعدة على إيجاد مسار تعود من خلاله الرفات إلى نيوزيلندا»، مضيفاً «إنّ ما نقوم به روحاني ومؤثر جداً».

وبعد وصولها إلى ويلينغتون، تُعاد الرفات إلى قبيلتها، بعد حفلة يُطلق عليها تسمية «بوهيري» ويجري خلالها الترحيب بالبقايا البشرية. وعندها فقط يعدّ ماماكو - أيرنسايد أن مهمته قد أُنجزت.

ويقول «إنّ ما نقدِم عليه هو معالجة صدمة نشأت لدى أفراد مجموعة أصلية سُرق رفات أجدادها وأُبعد عن موطنها»، مضيفاً «تستمر رحلة الأجداد حتى بعد وفاتهم، ولا تنتهي ما دام السكان الأصليون لم يسترجعوا الرفات».



اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
TT

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية والنصائح التي يوجهنها للجمهور بناء على تجاربهن، وهو أمر برز خلال لقاءات إعلامية عدة في الأسابيع الماضية.

أحدث هذه التصريحات كانت من نصيب الفنانة المصرية رانيا يوسف، في برنامج «ع الرايق»، بعدما تطرقت لتعرضها للضرب من زوجيها الأول والثاني، مع نصيحتها للفتيات بألا تقل فترة الخطوبة قبل الزواج عن 3 أو 4 سنوات، فضلاً عن نصيحتها لبناتها بعدم الزواج قبل سن الـ30 عاماً.

وقالت رانيا إن «طبيعة العلاقات في الوقت الحالي أصبحت تتطلب مزيداً من العمق والتفاهم بين الطرفين، بعيداً عن السطحية والانجذاب المؤقت»، محذرة من تعامل النساء بمشاعرهن عند البحث عن الشراكات العاطفية التي تحقق لهن السعادة والاستقرار.

وجاءت تصريحات رانيا بعد وقت قصير من تصريحات للفنانة زينة عن حياتها الشخصية وإنجابها طفليها التوأم بمفردها في الولايات المتحدة وصعوبة الأيام الأولى لهما مع مرضهما، بالإضافة إلى الفترة التي قضتها بمفردها في الغربة. وكذلك تطرقت إلى تفاصيل كثيرة عن حياتها، خصوصاً في ظل تحملها مسؤولية دور الأم والأب ووجودها مع نجليها بمفردها.

الفنانة المصرية زينة (فيسبوك)

وكانت الفنانة لبلبة قد أثارت جدلاً مشابهاً عندما تحدثت عن طفولتها الصعبة التي عاشتها واضطرارها للعمل من أجل الإنفاق على عائلتها بجانب انشغالها بمسؤوليات الأسرة وأشقائها، الأمر الذي جعلها تحاول أن تعوض ما لم تعشه في طفولتها.

من جهتها، تؤكد الناقدة المصرية ماجدة موريس أن «بعض الفنانين لا يكون قصدهم دائماً إثارة الجدل بالحديث عن حياتهم الشخصية أو مواقف سابقة مروا بها»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التصريحات تخرج بشكل عفوي، لكن التفاعل يحدث معها نتيجة اهتمام الجمهور بمتابعتهم».

وأضافت أن «رانيا يوسف على سبيل المثال مرّت بتجارب مختلفة، وبالتالي عندما تتحدث عن صعوبة ثقتها في الرجال، بالإضافة إلى نصيحتها بتأجيل خطوة الزواج للفتيات؛ فهي تحاول إبداء رأي تعتقد أنه صواب»، لافتة إلى أهمية التعامل مع الفنانين باعتبارهم بشراً من حقهم الإدلاء بآرائهم، لكن ليس بالضرورة أن تكون جميع آرائهم صحيحة أو غير قابلة للتغير مع مرور الوقت.

الفنانة المصرية لبلبة (فيسبوك)

وهنا يشير مدرس علم الاجتماع بجامعة بني سويف، محمد ناصف، إلى «ضرورة التفرقة بين المواقف الشخصية والخبرات التي يتحدث بها الأشخاص العاديون، وبين المشاهير الذين تكون لديهم قاعدة جماهيرية ومصداقية ربما أكثر من غيرهم وإمكانية وصول لأعداد أكبر من الجمهور عبر البرامج والمنصات»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «جزءاً من الجدل يكون مجتمعياً في الأساس، لكن بدايته تكون من تصريحات المشاهير».

وأضاف أن «هناك تبايناً في الآراء قد يصل لدرجة التناقض بين الأفراد داخل المجتمع، وهو أمر يتوجب فهمه في إطار الخلفيات الاجتماعية والعادات والخبرات التي يمر بها كل فرد، وبالتالي ستجد من يقتنع بكل رأي يقال حتى لو لم يكن صحيحاً من الناحية العلمية»، لافتاً إلى ضرورة فتح نقاشات أعمق حول بعض الآراء عبر وسائل الإعلام.

وهو الرأي الذي تدعمه الناقدة المصرية، موضحة أن «آراء الفنانين تسلط الضوء على موضوعات قد تكون محل جدل مجتمعي، لكن تبرز لوسائل الإعلام مع إعلانها من المشاهير»، لافتة إلى أن «بعض الآراء قد تعرض أصحابها لانتقادات من شرائح أكبر عبر مواقع التواصل، لكن على الأرجح يكون لدى الفنان القدرة على تحمل تبعات موقفه وشرح وجهة نظره التي ليس بالضرورة أن تتسق مع رأي الغالبية».