«باب عشق»... ماذا لو حكم المدينة شاعر بقلب فارس؟

المسرحية المصرية مستوحاة من التراث الشعري العربي

الصراع من أجل الفوز بالحكم والحياة المترفة (البيت الفني للمسرح)
الصراع من أجل الفوز بالحكم والحياة المترفة (البيت الفني للمسرح)
TT

«باب عشق»... ماذا لو حكم المدينة شاعر بقلب فارس؟

الصراع من أجل الفوز بالحكم والحياة المترفة (البيت الفني للمسرح)
الصراع من أجل الفوز بالحكم والحياة المترفة (البيت الفني للمسرح)

خطأ واحد في حياة المرء قد يتسبب في إنهاء حياته، وكذلك يمكن لقصيدة واحدة أن تقتل صاحبها! حول هذه الفكرة يدور العرض المسرحي المصري «باب عشق» حيث يكتب شاعر مجهول قصيدة للوصول لقلب أميرة لكنها تكون وراء قتله هو وشخص آخر مع اختلاف ظروف نهايتهما، وتتوالى الأحداث.

المؤلف يرى أن الاستلهام من التراث بات ضرورة ملحّة (البيت الفني للمسرح)

يُعد العرض ثاني عروض فرقة مسرح «الطليعة» خلال هذا العام بعد العرض المسرحي «بيت روز»، وذلك في إطار شعار أطلقه البيت الفني للمسرح بمصر في يناير (كانون الثاني) الماضي وهو «2023... عام جديد ومسرح جديد»، والعمل للكاتب إبراهيم الحسيني، وهو النص الفائز بجائزة «ساويرس الثقافية» في التأليف المسرحي لعام 2022.

و خلال نحو 90 دقيقة يعيش الجمهور في فضاء الحكي والشعر، حيث استُلهم النص من التراث العربي، وتحديداً من القصيدة الدعدية نسبةً إلى «دعد» وهو اسم المرأة التي قيلت فيها، وقد عُرفت أيضاً باسم «القصيدة اليتيمة»؛ باعتبار أنه لا يُعرف لها شاعر، وإن كان بعض المصادر ـومنها «فهرسة ابن خير الإشبيلي»ـ قد نسبتها إلى الشاعر دوقلة المنبجي.

وتدور أحداث المسرحية حول «دعد» وهي امرأة جميلة وابنة أحد الملوك، اشترطت لمن يتقدم للزواج منها أن يكون شاعراً فصيح المعاني والبيان، وأن يكتب لها قصيدة تصف جمالها، فنظم لها أحد الشعراء قصيدة سُميت لاحقاً بـ«الدعدية» نسبةً إليها، وبينما كان في طريقه إلى مدينتها كي يُسمعها ما نظم لها من شعر، استضافه أحد الذين مرَّت ناقته بمكانهم، فقصَّ عليه حكايته وأنشده قصيدته، فما كان من الرجل إلا أن قتل هذا الشاعر لكي يأخذها منه ويتوجه بها إلى «دعد» ليفوز بقلبها.

لكن تمر الأحداث وتكتشف أنه محتال لأنه يخطئ ويقول لها إنه من مدينة «الجبل» في حين أن أحد أبيات القصيدة وهو (إن تَتْهَمِي فتهامة وطني)، يدل على أنه من «تهامة» فما كان منها إلا أن دبّرت مجموعة من الحيل والمؤامرات لكي تتخلص منه.

يُعد العمل غنائياً استعراضياً؛ حيث جاء مكتوباً بالفصحى، ومحملاً بمعانٍ وقضايا متعددة متشابكة مع الواقع مصحوباً باستعراضات وأغانٍ مسجَّلة وحية كتب كلماتها الشاعر درويش الأسيوطي. واللافت أن الأغاني الثماني التي يضمها ليست جمالية بقدر كونها وظيفية؛ إذ تعمل كل منها على توضيح معنى ما داخل العمل من دون أن تعلق عليه أو تسهم في وجوده.

الأميرة تشترط أن يكون من يتزوجها شاعراً (البيت الفني للمسرح)

وطوال العرض يجد المتلقي نفسه محاطاً بمجموعة من التساؤلات التي تطرحها البطلة والأحداث ما بين الماضي والحاضر، والواقع والخيال، وفي مقدمتها ماذا يحدث لو أن البلاد حكمها الشعراء الذين يتميزون بالحكمة؟ لكن في الوقت نفسه ماذا عن الاحتياج إلى القوة؟! أيضاً ماذا يمكن أن يحدث لو أن شاعراً بقلب فارس هو من حَكَم المدينة؟ كما تقود الجميلة «دعد» الجمهور إلى التفكير في قضايا إنسانية عامة، فبعد أن تفشل في الوصول إلى السعادة واستقرار مملكتها عبر الزواج من شاعر، وعقب محاولاتها للتخلص من المحتال تقول: «إن الواقع من حولنا مليء بالقبح والمؤامرات، وإن هذا القبح للأسف يدعونا لأن نكون نحن أيضاً من صناعه في لحظة معينة، وذلك في محاولة منّا للتخلص منه». وتتابع: «نحن نصنع قبحاً موازياً له، فرغم إرادتنا نقع في الخطأ».

الاستلهام من التراث مَلمَح أساسي في كتابات المؤلف إبراهيم الحسيني، فقد سبق له تقديم أعمال عن «إخناتون» و«سنوحي» و«مراكب الشمس» و«سعيد الوزان» وغيرها جنباً إلى جنب احتفائه بالواقع ومشكلاته وتفاصيله، وحول ذلك يقول لـ«الشرق الأوسط»: «استوحيت (باب عشق) من التراث الشعري العربي، وأرى أنه بات أمراً ضرورياً للغاية أن نعود إلى تراثنا»، ويبرر ذلك بقوله: «إن الأجيال الجديدة لا تعي تراثها ولا تاريخها، كما أصبح مستوى تعلم اللغة العربية متدنياً للغاية، وبالتالي هناك حاجة مُلحة للتشبث بجذورنا؛ لأنها شئنا أم لم نشأ وثيقة الارتباط بالأخلاقيات والجماليات والحكايات»، ويردف: «ومن ثم أضحى الاستلهام من التراث العربي أو التاريخ الإنساني بشكل عام يشكل واحداً من أهم مصادر الأدب المطلوبة للارتقاء به».

المسرحية تتطرق إلى الخداع والطمع الإنساني (البيت الفني للمسرح)

جاء اختياره القصيدة «الدعدية» هذه المرة على وجه الخصوص لأنها تحمل بين طياتها قصة حالمة مسكونة بالمعاني والدلالات، كما تحتمل الكثير من التأويلات الراهنة، يقول الحسيني: «كلما بحثت في التاريخ أو الحكايات التراثية وجدت مادة غنية للغاية من الممكن استلهامها للتعبير عن الزمن الحالي أو ما سبقه».

المؤلف يرى أن الاستلهام من التراث بات ضرورة ملحّة (البيت الفني للمسرح)

«باب عشق» إخراج حسن الوزير، موسيقى وألحان محمد حسني، أزياء مها عبد الرحمن، استعراضات محمد بحيري، تمثيل ماهر محمود، وهالة ياسر، وفكري سليم، وأحمد حسن، ومحمد أمين، ومحمد صلاح، وإسلام بشبيشي، ودنيا عوني.


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
TT

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)

على عمق يتخطى 100 متر تحت الأرض (328 قدماً) ثمة عالم مفقود من الغابات القديمة والنباتات والحيوانات. كل ما يمكنك رؤيته هناك قمم الأشجار المورقة، وكل ما تسمعه صدى أزيز حشرة الزيز وأصوات الطيور، الذي يتردد على جوانب الجروف، حسب «بي بي سي» البريطانية .على مدى آلاف السنين، ظل ما يعرف بـ«الحفرة السماوية» أو «تيانكنغ»، كما تُسمى باللغة المندرينية، غير مكتشفة، مع خوف الناس من الشياطين والأشباح، التي تختبئ في الضباب المتصاعد من أعماقها. إلا أن طائرات الدرون وبعض الشجعان، الذين هبطوا إلى أماكن لم تطأها قدم بشر منذ أن كانت الديناصورات تجوب الأرض، كشفت عن كنوز جديدة، وحوّلت الحفر الصينية إلى معالم سياحية. ويُعتقد أن ثلثي الحفر، التي يزيد عددها عن 300 في العالم، توجد في الصين، منتشرة في غرب البلاد، منها 30 حفرة، وتضم مقاطعة «قوانغشي» في الجنوب أكبر عدد من هذه الحفر، مقارنة بأي مكان آخر. وتمثل أكبر وأحدث اكتشاف قبل عامين في غابة قديمة تحتوي على أشجار يصل ارتفاعها إلى 40 متراً (130 قدماً). تحبس هذه الحفر الزمن في باطنها، ما يحفظ النظم البيئية الفريدة والدقيقة لقرون. ومع ذلك، بدأ اكتشافها يجذب السياح والمطورين، ما أثار المخاوف من أن هذه الاكتشافات المدهشة والنادرة قد تضيع إلى الأبد.

بوجه عام، تعد هذه الحفر الأرضية نادرة، لكن الصين، خاصة «قوانغشي»، تضم كثيراً منها بفضل وفرة الصخور الجيرية. جدير بالذكر هنا أنه عندما يذيب نهر تحت الأرض الصخور الجيرية المحيطة ببطء، تتكون كهوف تتمدد صعوداً نحو الأرض. وفي النهاية، تنهار الأرض تاركة حفرة واسعة، ويجب أن يكون عمقها وعرضها لا يقل عن 100 متر حتى تُعدّ حفرة أرضية. وبعض الحفر، مثل تلك التي جرى اكتشافها في «قوانغشي» عام 2022، أكبر من ذلك، مع امتدادها لمسافة 300 متر في الأرض، وعرضها 150 متراً.

من وجهة نظر العلماء، تمثل هذه الحفر العميقة رحلة عبر الزمن، إلى مكان يمكنهم فيه دراسة الحيوانات والنباتات، التي كانوا يعتقدون أنها انقرضت. كما اكتشفوا أنواعاً لم يروا أو يعرفوا عنها من قبل، بما في ذلك أنواع من أزهار الأوركيد البرية، وأسماك الكهوف البيضاء الشبحية، وأنواع من العناكب والرخويات. وداخل محميات من الجروف الشاهقة، والجبال الوعرة، والكهوف الجيرية، ازدهرت هذه النباتات والحيوانات في أعماق الأرض.