بلدة آيرلندية تمنع أطفالها من استخدام الهواتف الذكية

دشن الآباء هذه المبادرة بسبب المخاوف من تسبب استخدام الهواتف في زيادة القلق (أ.ف.ب)
دشن الآباء هذه المبادرة بسبب المخاوف من تسبب استخدام الهواتف في زيادة القلق (أ.ف.ب)
TT

بلدة آيرلندية تمنع أطفالها من استخدام الهواتف الذكية

دشن الآباء هذه المبادرة بسبب المخاوف من تسبب استخدام الهواتف في زيادة القلق (أ.ف.ب)
دشن الآباء هذه المبادرة بسبب المخاوف من تسبب استخدام الهواتف في زيادة القلق (أ.ف.ب)

استناداً إلى مبدأ «القوة في العدد»، تجمّع آباء في بلدة غريستونز الآيرلندية، وتوحدوا في مواجهة أطفالهم، ومنعهم من استخدام الهواتف الذكية حتى يلتحقوا بمرحلة التعليم الثانوي.

تبنت اتحادات الآباء في المدارس الابتدائية الثماني الموجودة في المنطقة قاعدة عدم استخدام الهواتف الذكية؛ من أجل تكوين جبهة موحدة ضد تجمع الأطفال في إطار جماعة ضغط. قالت لورا بورن، التي لديها ابن في المرحلة الابتدائية: «إذا فعل الجميع ذلك في كل الأنحاء لن يشعر أحد بأنه غريب. إن هذا يجعل الأمر في غاية السهولة. كلما طالت مدة حفاظنا على براءتهم، كان ذلك أفضل».

وكانت المدارس والآباء في البلدة بمقاطعة ويكلاو قد دشنوا تلك المبادرة خلال الشهر الماضي على خلفية المخاوف من تسبب استخدام الهواتف الذكية في زيادة القلق، وتعريض الأطفال إلى مواد مخصصة للبالغين. يمثل هذا نموذجاً نادراً لبلدة كاملة تتخذ موقفاً مشتركاً فيما يتعلق بهذا الأمر، طبقاً للتقرير الذي نشرته صحيفة «الغارديان» الإنجليزية.

ويتمثل الاتفاق الطوعي الاختياري في منع الأطفال من استخدام الهواتف الذكية، سواء كان ذلك في المنزل أو المدرسة أو أي مكان آخر، إلى أن يصلوا إلى مرحلة التعليم الثانوي. وهناك أمل في أن ينجح تطبيق ذلك على كل الأطفال في المنطقة في الحد من ضغط الأقران وتخفيف مشاعر الاستياء.

وقالت ريتشيل هاربر، مديرة مدرسة «سانت باتريك»، التي قادت المبادرة: «فترات الطفولة تصبح أقصر فأقصر»، مشيرة إلى أن الأطفال ذوي التسعة أعوام بدأوا يطلبون امتلاك هواتف ذكية. وأضافت قائلة: «لقد بدأ هذا يتسلل إليهم في مرحلة مبكرة من العمر، ويستمر حدوثه بدرجة أكبر. ونحن نرى هذا بوضوح».

وكانت المدارس قد منعت في السابق استخدام الأجهزة داخلها، أو وضعت قيوداً على هذا الأمر، لكنها ظلت تشهد أثر مواقع التواصل الاجتماعي على الأطفال الذين لديهم هواتف، وكيف تسبب ذلك في إثارة فضول تلاميذ آخرين.

وقد جذبت تلك المبادرة اهتمام اتحادات الآباء في آيرلندا، وخارجها، وحثّت ستيفن دونيلي، وزير الصحة الآيرلندي، الذي يعيش بالقرب من بلدة غريستونز، على التوصية بتطبيق هذا الأمر بوصفه سياسة عامة على مستوى البلاد.



«رديء الصنع»... معرض مصري مستوحى من أسواق الألعاب الشعبية

من مجموعة «أنصال حادة» في المعرض (الشرق الأوسط)
من مجموعة «أنصال حادة» في المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«رديء الصنع»... معرض مصري مستوحى من أسواق الألعاب الشعبية

من مجموعة «أنصال حادة» في المعرض (الشرق الأوسط)
من مجموعة «أنصال حادة» في المعرض (الشرق الأوسط)

قد يستدعي زائر معرض «رديء الصنع» للفنان المصري علي حسان، ذلك الشعور «الطفولي» القديم بمجرد دخوله إلى محل ألعاب؛ فتُشتته الدُمى بفساتينها وابتساماتها، وألعاب الصيد بتحدياتها، إلا أن هذا الشعور سرعان ما تصحبه تأملات وهواجس أخرى عما يختبئ وراء قصة تلك الألعاب كما تُعبر عنها لوحات المعرض الذي يستضيفه غاليري «زهوة» بالقاهرة، ويُواصل أعماله حتى نهاية الشهر الحالي.

ويسجّل المعرض الفني الذي يضم 29 عملاً تجربة ذاتية واستكشافية ممتدة عبر نحو ثلاث سنوات، عايشها الفنان المصري علي حسان عبر جولاته داخل أسواق ألعاب الأطفال الشعبية، لا سيما في سوق «المنشية» ومحيط «سيدي بشر» في مدينة الإسكندرية (شمال مصر)، التي راكم من خلالها مشاهدات حول تلقي الأطفال تلك الألعاب ما بين فضول واستكشاف، وصولاً لفرحة سريعة يتبعها إحباط، وأحياناً ألم، حيث تتسبب في جرح بعضهم بسبب حِدتها ورداءة تصنيعها.

إحدى لوحات المعرض تستدعي تراث «صندوق الدنيا» (الشرق الأوسط)

الأمر الذي حفّز لديه طاقة تأملية لذلك الطيف الواسع من المشاعر التي يصفها لـ«الشرق الأوسط» بأنها تمثل «شكلاً من استهلاك الطموح الذي تُصدّره سوق الألعاب رديئة الصنع، فتُحبط الأطفال أكثر مما تجلب لهم السعادة».

وتعكس لوحات المعرض حالة من النقد عبر رؤية جمالية تتأمل رحلة اقتناء لعبة من وسط كومة من القطع البلاستيكية العشوائية داخل أروقة بيع الألعاب الضيقة: «هذا التكدس بألعاب رديئة الصنع، تبدو متسقة مع نداءات الباعة الجائلين في الأزقة الشعبية التي تردد دون انقطاع دعوات شراء تلك الألعاب بشكل مُلِحّ يُصعّد من حالة ترقب الأطفال للحصول على تلك الألعاب»، كما يقول صاحب المعرض.

عناصر متداخلة من الألعاب في واحدة من لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

ويضيف: «تلك اللعبة سريعة الزوّال التي تحتوي بعضها على أنصال حادة تجرح أيدي الأطفال، كانت دافعي لمراجعة مفهوم الألعاب وفلسفتها، ومحاولة فهم كيف أصبحت الألعاب، وربما الثقافة الشعبية بشكل أعم، منفذاً إنتاج محتوى سطحي أو استغلالي يعكس حالة عامة من الانحدار أو الرداءة».

من أعمال معرض «رديء الصنع» (الشرق الأوسط)

ويقسّم الدكتور علي حسان، أستاذ التصوير بكلية الفنون الجميلة، لوحات المعرض مجموعاتٍ عدة، تجمع كل مجموعة تقنية عرضاً وموضوعاً مختلفاً يشكّلون في مجموعهم رؤيته الفنية منها مجموعة «أنصال حادة» التي استخدم فيها ألوان الفحم في رسم دُمى بوجه برئ مُصمت الانفعال بحجم كبير، لتبدو وكأنها تُواجه الزائر بنديّة، في لعبة فنية مقصودة: «فكرت من خلال هذا الحجم طرح سؤال عن السيطرة؛ كيف تُسيطر الألعاب على الناس؟»، كما يقول علي حسان.

دمى صغيرة استعان بها الفنان في صياغة عمله (الشرق الأوسط)

أما اللوحات الزيتية في المعرض فتبدو مُفعمة بالتفاصيل الصاخبة التي تُحاكي صخب أزقة الألعاب الشعبية، فجعل اللوحات مسرحاً لطبقات حكائية متداخلة عايشها خلال جولاته وأضاف إليها عناصر تراثية استدعاها من ذاكرته، كما في لوحة «بيانولا» التي تستلهم «صندوق الدنيا» الذي كان يُحرّك مُخيلة الأطفال في الموالد الشعبية، فجعله بتركيبته الشعبية مُحاصراً بألعاب بلاستيكية حديثة نمطية، التي رغم ما تبدو عليه من مرح إلا أنها تعكس روح الخامة البلاستيكية الرخيصة سريعة التلف، وبالتالي سريعة النسيان.

د. علي حسان مع جانب من لوحاته (علي حسان)

ويقول: «المفارقة بين زيف الشكل الخارجي، ووعوده البراقة هي ثيمة تبدأ من عالم الصِغار وتمتد بصياغات مختلفة في عالم الكِبار بعد ذلك»، كما يقول صاحب المعرض.

ويطرح معرض «رديء الصنع» صيّغاً تعبيرية مختلفة لفكرة الزيف، عبر أكثر من مجسّم لـ«ميكي ماوس»، حيث يُعيد الفنان علي حسّان صياغة هذا الرمز الأشهر في عالم الألعاب بصورة اعتمدت على منحه حُلة برّاقة باستخدام حِليات كريستالية مُزيفة، تُضاعف من فكرة الأوهام التي تعززها تلك الصناعة، فيما تظهر تكرارات لـ«ميكي ماوس» في ثنايا الأعمال المرسومة ليبدو جزءاً لا يتجزأ من ميراث ألعاب الطفولة على امتداد الأجيال.