نجح فريق بحثي من مركز علم المصريات الطبية الحيوية في جامعة مانشستر البريطانية، في الكشف عن مزيد من الأسرار عن حياة المومياء «تاكابوتي»، التي توجد في متحف «أولستر» بالعاصمة الآيرلندية بلفاست.
وكانت أبحاث سابقة قد استخدمت التصوير المقطعي المحوسب، لكشف سبب وفاة تلك المومياء، إذ ثبتت وفاتها بعد «طعنها بفأس، وليس بسكين»، كما كان يُعتقد سابقاً. وقادت الدراسة الجديدة التي نشرت في العدد الأخير من دورية «جورنال أوف أركيلوجيكال ساينس»، إلى تقديم رؤى عن حياتها وموتها وتحنيطها عبر التحليل الجينومي والبروتيني باستخدام خمسين «ملليغراماً» من عضلات العظام والفخذ، ومن بين أهم ما توصلوا إليه أنها «تحمل جينات أوروبية مصدرها الأم».
وكشف الباحثون عبر تحليل الحمض النووي الموجود في عضيات الخلايا البشرية، الذي يعرف باسم «دنا ميتوكوندريا» عن مجموعة من الجينات المتوارثة من الأم، تعرف باسم مجموعة «هابلوغروب H4a1» التي توجد بشكل سائد اليوم في أوروبا.
ويدعم هذا الاكتشاف نظرية كانت ترى أن عائلة الأم لهذه المومياء ربما نشأت خارج مصر، إذ إن اسم الأم الموجود على تابوت المومياء هو «تسنيريت»، وهو غير معروف في أي مكان آخر بالمصادر المصرية، بينما والدها، نيسبار، الذي كان يعمل كاهناً لآمون كما هو مبين من تابوت تاكابوتي، صاحب أصول مصرية.
ومن الأسرار الأخرى التي كُشف عنها، هو أن تاكابوتي، حاولت الفرار من الشخص الذي طعنها بالفأس، لأن البروتينات التي حُلّلت، تشير إلى نشاط طويل لعضلات الساق في الساعات التي سبقت وفاتها.
وقال الباحثون إنه «من المحتمل أن المومياء عاشت في طيبة خلال الفترة التي كان (الكوشيون) يشنون حملات عسكرية ضد (الآشوريين)، وربما تكون قد وقعت في إحدى هذه الصراعات». واهتم الباحثون أيضاً بأسرار تحنيط المومياء، فإلى جانب ما كشفه التصوير المقطعي المحوسب في دراسات سابقة من أن تحنيط المومياء يعكس التغييرات في الممارسة خلال الفترتين الوسيطة الثالثة والمتأخرة، حيث بذلت محاولات أكبر لجعل المومياء تبدو أكثر «واقعية»، ويشمل ذلك الاحتفاظ غير المعتاد برأس الشعر الطبيعي بالكامل بدلاً من حلق الرأس أو إضافة وصلات شعر، فإن هناك أسراراً أخرى كشفت عنها الدراسة الجديدة، بعد أن أخذ الباحثون عينة إبرة 20 - 30 ملليغراماً من مواد التعبئة التي أُدخلت أثناء التحنيط.
ووجد الباحثون أن من بين المواد المستخدمة في التحنيط «نشارة خشب شجر الأرز»، وباستخدام تحليل الكربون المشع لمعرفة عمر الأشجار التي استقت منها هذه النشارة، وجد الباحثون أن «تاريخ مادة الكربون المشع يشير إلى التحنيط في الفترة الانتقالية الثالثة، وهو ما يتفق مع التاريخ الموجود على التابوت الخاص بالمومياء، الذي يشير إلى الأسرة الخامسة والعشرين».