ملحم زين يحقق حلماً قديماً بإحيائه «مهرجانات بعلبك»

الفنان اللبناني لـ«الشرق الأوسط»: هذه المشاركة نقطة تحوّل في مسيرتي

الفنان اللبناني ملحم زين (الشرق الأوسط)
الفنان اللبناني ملحم زين (الشرق الأوسط)
TT
20

ملحم زين يحقق حلماً قديماً بإحيائه «مهرجانات بعلبك»

الفنان اللبناني ملحم زين (الشرق الأوسط)
الفنان اللبناني ملحم زين (الشرق الأوسط)

كثيرةٌ هي انشغالات الفنان اللبناني ملحم زين هذه الفترة. بين الاستعداد لإحياء «ليلة العمر» في إطار مهرجانات بعلبك الدولية، والتحضير لألبوم جديد، وتنفيذ جزءٍ ممّا عجزت عن تنفيذه السلطات الرسمية في لبنان، لا أفضليّة؛ اعتاد المطرب إتقان التزاماته كلها.

ميني ألبوم ومشاريع إنمائية

يقول زين في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن الإصدار المقبل سيتّخذ شكل «ميني ألبوم يضم مجموعة من الأغاني التي تتنوّع ما بين فولكلورية، وشعبية، ورومانسية». من دون أن يحدد تاريخاً لإصدار العمل المنتَظر بعد غياب 4 سنوات عن الألبومات، يكتفي الفنان بالتلميح إلى أن الموعد بات قريباً، موضحاً أن «التروّي في الإصدارات هو لصالح النوعيّة».

من بين الأغنيات التي يعمل عليها ملحم زين حالياً، ما هو عراقي بالتعاون مع الفنان نور الزين، إضافةً إلى عودةٍ للّون الرومانسي بتوقيع الفنان مروان خوري. أما اللونان المصري والخليجي، حتى وإن لم تكن لهما حصّة في الميني ألبوم المقبل، فهما في بال الفنان اللبناني الذي يحضّر لمجموعة من الأغاني المصرية والخليجية، وفق تأكيده.

«هذه المشاركة شرف لي وهي نقطة تحوّل في مسيرتي الفنية، لا سيّما أنني ابن المنطقة»

الفنان اللبناني ملحم زين

ليس ملحم زين سفيراً للأغنية اللبنانية الفولكلورية من بين أبناء جيله فحسب، فقد أضيف إلى ألقابه مؤخراً لقب سفير النوايا الحسنة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وفي انعكاسٍ سريع لحُسن النوايا، موّل زين بمساعدة مجموعة من الأصدقاء ورجال الأعمال وفاعلي الخير، مشروع تركيب عواكس ضوئية على عدد من أوتوسترادات لبنان، من جنوبه إلى شماله مروراً بالعاصمة بيروت.

ملحم زين يطلق ميني ألبوم قريباً (الشرق الأوسط)
ملحم زين يطلق ميني ألبوم قريباً (الشرق الأوسط)

وفي خطوة ثانية تهدف إلى تفادي حوادث السير، أخذ الفنان على عاتقه إنارة طريق رئيسية في قضاء بعلبك، بعد أن تكررت عليها الحوادث وأدت إلى سقوط عدد كبير من الضحايا. وإذ يصف زين اللقب الأممي بالمسؤولية الإنسانية الكبيرة، يكشف عن «مشروع قادم لإنارة بيروت بالكامل ورَدم كل الحُفَر على طرقاتها».

الطريق إلى معبد باخوس باتت مُضاءة، وقلعة بعلبك تنتظر ابنها في 14 يوليو (تموز) المقبل. هو حلم قديم لطالما راود ملحم زين وباتت تفصله أسابيع عن تحقيقه. يقول إن مشاركته في هذا الحدث الثقافي العريق هو «محطة مميزة في حياة كل فنان يحظى بفرصة الوقوف في هذا الصرح التاريخي»، ويضيف زين: «هذه المشاركة شرف لي وهي نقطة تحوّل في مسيرتي الفنية، لا سيّما أنني ابن المنطقة».

على بُعد شهرين تقريباً من الليلة المنتظرة، نفدت البطاقات إلى حفل ملحم زين، ما يطرح تساؤلات عمّا إذا كانت إدارة المهرجان ستعلن عن عرضٍ إضافي. مع العلم أن عرضاً خاصاً بأهالي «مدينة الشمس» سيسبق الحفل، إذ يغنّي ملحم زين للبعلبكيين في الـ13 من يوليو، وهو تقليدٌ يحرص منظّمو المهرجان على إحيائه سنوياً.

ليس ملحم زين وحده من تلمع عيناه عندما يفكّر بوقفته القريبة في معبد باخوس، فالرهبة نفسها يتقاسمها وإياه شريكه في الحفل، المايسترو أندريه الحاج. يتولّى قائد الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية تنفيذ العمل الأوركسترالي للسهرة الاستثنائية، التي يجتمع فيها أكثر من 40 عازفاً، إلى جانب الكورس.

بما أن الآلات الموسيقية ستتنوّع ما بين شرقية وغربية، يعمل الحاج على «ترتيبٍ غربيّ بروح عربية» للأغاني التي سيؤدّيها ملحم زين. ويقول المايسترو، إن برنامج الحفل الذي تسلّمه من زين، يحتوي على مجموعة غنية من الأعمال.

في ليلته البعلبكية، يقدّم المطرب اللبناني عدداً لا بأس به من أغنياته الخاصة، مثل «ما في جرح»، «ردّوا حبيبي»، و«غيبي يا شمس»، «ضلّي اضحكي»، وغيرها. كما يوجّه تحيةً لروح عملاق الأغنية اللبنانية، الفنان وديع الصافي من خلال أغانٍ مثل «على الله تعود» و«عندك بَحريّة»، وهي الأغنية التي كانت فاتحة خير على ملحم زين يوم كان بعدُ متبارياً في برنامج المواهب «سوبر ستار»، وكانت السبب وراء إطلاق لقب «ريّس الأغنية اللبنانية» عليه.

يلفت المايسترو أندريه الحاج إلى أن «التعامل مع ملحم زين سهل جداً لأنه يعرف ما يريد». ويضيف أن «ملحم يشبه الأوركسترا ويليق بها، أي أنه يجيد الغناء برفقتها كما أنه عالمٌ بهويتها الأكاديمية». وممّا سيضفي سحراً إلى ليلة زين في بعلبك، وفق رأي الحاج، هو أنه «ابن المنطقة وصوته يليق بعراقة المكان».

المايسترو الحاج، الذي كانت له محطات عربية وأوروبية بارزة، أهمها في دار الأوبرا في عُمان وفي القاهرة، يرى في الحفل المرتقب ضمن مهرجانات بعلبك «تتويجاً لمسيرته الموسيقية». يقول إنه لا يستطيع توقّع الشعور الذي سينتابه هناك، عندما سيرفع عصاه معلناً انطلاق «ليلة العمر».



معرض في الرياض يُجسّد الهوية الثقافية للفلكلور من خلال الفن

دعوة لإعادة التفكير في مفاهيم الهوية ودور الفن في مجتمعات تتغير بوتيرة متسارعة (معرض شذرات)
دعوة لإعادة التفكير في مفاهيم الهوية ودور الفن في مجتمعات تتغير بوتيرة متسارعة (معرض شذرات)
TT
20

معرض في الرياض يُجسّد الهوية الثقافية للفلكلور من خلال الفن

دعوة لإعادة التفكير في مفاهيم الهوية ودور الفن في مجتمعات تتغير بوتيرة متسارعة (معرض شذرات)
دعوة لإعادة التفكير في مفاهيم الهوية ودور الفن في مجتمعات تتغير بوتيرة متسارعة (معرض شذرات)

دعوة لإعادة التفكير في مفاهيم الهوية، ودور الفن في مجتمعات تتغير بوتيرة متسارعة، يشجع عليها معرض «شذرات من الفلكلور» الذي يستضيفه حي جاكس في الدرعية، بمشاركة نخبة من أبرز المصممين والفنانين من مختلف دول العالم.

وفي وقت يتسارع فيه نمو المشهد الفني في منطقة الشرق الأوسط، تستضيف الرياض معرض «شذرات من الفلكلور»، الذي يُجسّد الهوية الثقافية من خلال الفن، ويجمع بين الموروث والتجريب المعاصر، ويُعيد صياغة مفهوم الوصول إلى التعبير الفني داخل السعودية وخارجها، ويتزامن المعرض مع عام الحِرف اليدوية 2025 في المملكة، وهي مبادرة تحتفي بالإرث الحرفي وتُعيد تقديمه ضمن السياق الفني المعاصر.

ويتجاوز المعرض النظر إلى التراث الشعبي، من مجرد موروث شفهي، من حكايات وأساطير يتم تناقلها عبر الأجيال، إلى لغة من الرموز والنقوش، ووسيلة لحفظ الثقافة وتوارثها، إذ لطالما كان التراث حاضناً للتاريخ ومحفزاً للابتكار.

من معرض «شذرات من الفلكلور» الذي يستضيفه حي جاكس في الدرعية (معرض شذرات)
من معرض «شذرات من الفلكلور» الذي يستضيفه حي جاكس في الدرعية (معرض شذرات)

وفي معرض «شذرات من الفلكلور»، تعيد كل من حمرا عباس، لولوة الحمود، راشد آل خليفة، ورائدة عاشور تقديم مكونات من الموروث الثقافي ضمن رؤى معاصرة، حيث لا يُقدَّم الفلكلور بوصفه أثراً جامداً من الماضي، بل بوصفه أرشيفاً حيّاً للهوية، يُعاد تشكيله عبر الزمن والمكان.

ويعمل كل فنان من خلال «شذرات» من المعرفة المتوارثة، سواء في الهندسة، الخط، المواد، أو التجريد، وتُمثل أعمالهم صدىً للماضي، مع إثبات وجودها في الحاضر من خلال تصورات معاصرة للأشكال والرموز المتجذرة.

وعبر اجتماع الفنانين الأربعة معاً لأول مرة، يفتح المعرض باباً لحوار ثقافي متعدد الأطراف حول التراث والرمزية والسرد البصري.

المعرض بمشاركة نخبة من أبرز المصممين والفنانين من مختلف دول العالم (معرض شذرات)
المعرض بمشاركة نخبة من أبرز المصممين والفنانين من مختلف دول العالم (معرض شذرات)

الفلكلور: حوار مستمر بين الماضي والحاضر

وحسب السردية التي يقدمها معرض «شذرات من الفلكلور»، فإن المعرض لا يسعى إلى تعريف الفلكلور بمصطلحات جامدة، بل يقدمه كحوار مستمر بين الماضي والحاضر، وامتداد للتفسير وإعادة الاختراع، وأن كل فنان مشارك، يقدم جزءاً من هذه القصة الكبرى، داعياً لإعادة النظر فيما يرثه الأفراد والمجتمع، وما يحتفظون به، وما يعيدون تشكيله.

ويمتد الحوار بين التقليد وإعادة الاختراع ليشمل تصميم المعرض ذاته، حيث يستلهم خطوطه من المتاهات المعمارية التقليدية في منطقة نجد، وقد صُممت المساحة كمتاهة متداخلة، مقسمة إلى أجزاء منفصلة لكنها مترابطة، تماماً كما هو الحال في الفلكلور، إذ تقف كل قصة بذاتها، لكنها تظل جزءاً من نسيج أكبر، لتأخذ الزوار في رحلة استكشافية غنية بالتفاصيل.

كل فنان مشارك يقدم جزءاً قصة الفلكلور وإعادة النظر فيه (معرض شذرات)
كل فنان مشارك يقدم جزءاً قصة الفلكلور وإعادة النظر فيه (معرض شذرات)

وتتيح الممرات الواسعة والزوايا الخفية لحظات من التقارب والاكتشاف، بينما يشكل العمود المركزي ركيزة رمزية تربط المعرض بجذوره التراثية، وتحتضن في الوقت ذاته روح التغيير والتجديد.

كما أن المواد المختارة تضيف عمقاً جديداً لهذه التجربة، من خشب الأكاسيا الذي يشكل الإطار الهيكلي، مستحضراً قدرة التراث على البقاء؛ مع دمج التاريخ في نسيج المكان ذاته، وفي هذه البيئة الغامرة، يتعزز التباين بين الماضي والحاضر، مما يسمح لأعمال الفن المعاصر بالتفاعل المباشر مع التراث المعماري والمادي الذي تعيد تفسيره.

المعرض لا يسعى إلى تعريف الفلكلور بمصطلحات جامدة (معرض شذرات)
المعرض لا يسعى إلى تعريف الفلكلور بمصطلحات جامدة (معرض شذرات)

تحوّل المشهد الثقافي في السعودية

تقول ليزا دي بوك، القيّمة الفنية للمعرض، إن (شذرات من الفلكلور) لا يقتصر على عرض أعمال فنية؛ بل يُجسّد حراكاً فنياً يُسلّط الضوء على الأصوات التي تُعيد تشكيل المشهد الفني في السعودية وخارجها.

وتضيف: «من خلال إبراز هذه الأصوات، يُساهم المعرض في صياغة التاريخ الفني، ويضمن أن يُصان الإرث الثقافي ويُعاد تخيّله بشكل حيوي للأجيال القادمة».

ومن جهته، يرى حسن القحطاني، مؤسس مبادرة «ثاء» المشاركة في تنظيم الحدث، أن الفلكلور «سرد حي ومتغيّر، يربط الماضي بالحاضر، ويُساهم في تشكيل الهويات المستقبلية»، مبيناً أن «المعرض يُعيد تخيّل التقاليد ضمن سياق معاصر، ويحتفي بالقصص المتجددة التي تُعرّف من نكون وإلى أين نمضي».