أدونيس: المرأة الشاعرة سبقتنا بكثير وعلى الشباب ألا يتابعونا

بعد أن جال الشاعر والمفكر السوري أدونيس على معالم تاروت، رابع أكبر جزيرة في الخليج، متلمساً خطى الفينيقيين، الذين مرّوا بها مع من مرّوا من البابليين والكنعانيين، الأقوام الذين منحوا الجزيرة اسمها (تاروت)؛ نسبةً إلى عشتار أو «عشتاروت» إلهة الحبّ والجمال... نزل أدونيس، ظهر اليوم الأحد، ضيفاً في القطيف على الكاتب والإعلامي محمد رضا نصر الله، عضو مجلس الشورى السابق، وسط كوكبة من الشعراء والأدباء من القطيف والأحساء، وضيوف من مهرجان إثراء القراءة «اقرأ»، الذي نظّمه مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء»، بالظهران.

استمع أدونيس إلى ثلاثة أصوات شعرية نسائية هي: رباب السماعيل، وحوراء الهميلي، وفاطمة الدبيس، تلتها مداخلة للأكاديمية والناقدة الدكتورة سماهر الضامن، كما استمع إلى قصائد شعرية لشعراء أمثال رائد الجشي، ومحمد الماجد، وعلي سباع.

وأبدى أدونيس إعجابه بالتجارب الشعرية النسائية، قائلاً: «أعتقد أن الصوت الشعري القادم في العالم العربي سيكون من جهة الأنثى؛ فهي تمثل الصوت الداخلي الحميم الذي يميز كل واحد عن الآخر»، وصانعاً فرادته.

وأضاف: «هذا العالم الخاص بفراسته وأفقه العنيف الداخلي ومشكلاته العاطفية، ما زال مكبوتاً في الثقافة العربية، وكأن الإنسان ليس موجوداً في ذاته بقدر وجوده الجمعي، وحين ننظر إلى ثقافتنا نبدو وكأننا نكتب قصيدة واحدة، لكن التفرد والكشف الجديد الذي ننتظره سيأتي من المرأة».

وقال أدونيس: «لو قارنّا، اليوم، بين جيل ما سُمّي الحداثة مثل: نازك الملائكة، وبدر شاكر السيّاب، وأقرانهما، مروراً بنزار قباني، ومحمود درويش، وما مثّلته مجلة (شعر)، إذا قارنّا ما كتبه هؤلاء بما تكتبه المرأة العربية الشابة، اليوم، فأنا أُفضّل شعر المرأة، وقد سبقتنا بكثير؛ لأن المعنى العميق المخبوء بدأ يظهر في شعر المرأة وليس الرجل، فالثقافة العربية ما زالت ذكورية...». وختم قائلاً: «علينا أن نكرر ثقتنا بصوت الأنوثة المقبل».

عدد من الشعراء والمثقفين في لقاء مع ادونيس (الشرق الأوسط)

أدونيس للشباب: لا تتابعونا

أما نصيحة أدونيس للشباب فهي: «الخطوة الأولى ألّا يتابعونا، وأن يستقلّوا عنا». وأضاف: «ولكنْ أتمنى، في المقابل، أن يعوا أن القراءة خطِرة، وخطِرة جداً، كمثل الكتابة، فعلينا أن نعيد النظر في قراءاتنا جذرياً، فنحن لا نقرأ جيداً أبداً حين لا نقرأ إلا أنفسنا، ونحنُ لا نقرأ النصّ في ذاته ولذاته، وإنما نقرأ صاحبه أولاً، ونقرأ انتماءاته ثانياً، وأحياناً نفضِّل الانتماءات المذهبية التي لا قيمة لها في قراءاتنا للآخر».

وقال أدونيس: إنّ «الأزمة العميقة الحقيقية في الثقافة العربية ليست أزمة كتابة أبداً، لكن أزمتنا العميقة والحقيقية هي في القراءة... فنحن لا نقرأ؛ لأننا لا نقرأ إلا أنفسنا».