نجح باحثون من جامعة «غرونوبل» الفرنسية في كشف تركيبة الألوان المستخدمة في إعداد «كتاب الموتى» الفرعوني، وهو مجموعة من الوثائق الدينية والنصوص الجنائزية التي كانت تُستخدم في مصر القديمة، لتكون دليلاً للميت في رحلته إلى العالم الآخر.
وخلال الدراسة المنشورة في العدد الأخير من دورية «ساينتفيك ريبورتيز»، حقق الباحثون في سلسلة من أوراق البردي المصورة من المجموعة الخاصة لعالم المصريات الفرنسي شامبليون (23 ديسمبر 1790 - 4 مارس 1832)، التي تعرض مشاهد من كتاب الموتى، ونجحوا في الكشف عن طبيعة الأصباغ المختلفة، المستخدَمة في إنتاج الألوان الزاهية بتلك الأوراق. وحفظت عائلة شامبليون هذه الأوراق على مدار القرنين الماضيين، ولم تُجرَ أي عمليات ترميم لها على الإطلاق، ما يجعل نتائج التحليل الذي أجراه الباحثون كاشفاً لطبيعة المواد التي استخدمها الفنان الفرعوني دون أي تدخل حديث.
ومن خلال الجمع بين مجموعة من أدوات التحليل، منها «الفحص المجهري البصري»، و«مطيافية رامان»، و«حيود الأشعة السينية السنكروترونية»، تمكّن الباحثون بقيادة بولين مارتينيتو، الباحث بجامعة «غرونوبل» والمركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا، من كشف أنواع الأصباغ المستخدمة لإعطاء أوراق البردي القديمة من مجموعة شامبليون ألوانها الزاهية التي لا تزال تحافظ عليها.
ووجدوا أن معظم الأصباغ التي تم تحديدها هي صبغة الأزرق المصري المصنوع من «النحاس الأصفر»، ومعدن «المالاكيت» المسؤول عن اللون الأخضر، ومعادن «الهيماتيت» و«الزنجفر» للعناصر الحمراء، و«الأوربينت» و«الريغار» للأصفر، و«الرصاص الأبيض» للأجزاء البيضاء، وأسود الكربون لرسم خطوط الكنتور. ويقول الباحثون في مقدمة دراستهم إن الفراعنة، إلى جانب الكشف عن طبيعة الأصباغ المستخدمة، نجحوا أيضاً في «تسليط الضوء على مهارة الحرفيين المصريين في استخدام مزيج من الأصباغ للحصول على ظلال مختلفة، واستخدام المواد المساعدة مثل المجففات لتحسين الالتصاق بلون معين، كما أظهروا براعة الفنان المصري وإبداعه في الخطوة الأخيرة، عند إضافة (الكفاف الأسود) الذي يعطي الرسم التوضيحي قوة».