عبد الرحمن الراشد: لا حياد في الإعلام والمجال مهدد بتغوّل غير المهنيين

قال إن المؤسسة تحد من هدر المواهب وتلاشيها

عبد الرحمن الراشد خلال مشاركته في المؤتمر
عبد الرحمن الراشد خلال مشاركته في المؤتمر
TT

عبد الرحمن الراشد: لا حياد في الإعلام والمجال مهدد بتغوّل غير المهنيين

عبد الرحمن الراشد خلال مشاركته في المؤتمر
عبد الرحمن الراشد خلال مشاركته في المؤتمر

قال الكاتب والصحافي السعودي عبد الرحمن الراشد، إن الممارسة المهنية المنضبطة بأصول الصناعة الإعلامية هي الحد الفاصل بين إعلامي وآخر، وذلك بعدما أصبح مجال الإعلام متاحاً للجميع، بفضل تحول الأدوات وانخراط الكثير من الأفراد في الفضاء الإعلامي، مشيراً إلى أنه لا يوجد حياد في الإعلام، وأن المؤسسات والأفراد العاملين في هذا المجال يتبنون وجهات نظر مختلفة، ويحاولون بثها وطرحها عبر وسائلهم ومنصاتهم المختلفة.

وأكد الراشد، الذي ساهم في إطلاق وإدارة العديد من المشروعات الإعلامية المؤثرة عربياً، أن دخول غير المتخصصين في مجال الإعلام ليس خطأ من جهة المبدأ، لكنه تسبب بأضرار على مستوى المسؤولية الأدبية والاجتماعية التي كانت تلتزم بها المؤسسات الإعلامية عادة، موضحاً أن المسؤولية القانونية بمقدورها أن تعيد البوصلة إلى الاتجاه الصحيح في ضبط التجاوزات التي يرتكبها الأفراد.

وتابع الراشد، أن السعودية مهيأة إيجابياً لتطوير حالة الإعلام لديها، وتقليص الفجوة في الفضاء الإعلامي، مؤكداً أن ذلك يبدأ بدراسة معمقة للوضع الراهن ولنقاط الضعف، وقراءة مشهد المستقبل القريب للقطاع، وإعادة ترتيب الوضع العام، لإطلاق مؤسسات وطنية إعلامية قادرة وفاعلة، وأن جزءاً كبيراً من ذلك تقع مسؤوليته على الجامعات للوفاء بهذا الدور الرئيسي، وتمكين مؤسسات القطاع الخاص للقيام بأداء إعلامي مهم وضروري لمواكبة التغيير في السعودية.

وخلال جلسة حوارية ضمن فعاليات «مؤتمر الإعلام الوطني»، الذي تنظمه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قدمها المذيع مفرح الشقيقي، أوضح الراشد أن المؤسسات الإعلامية الراسخة مرخصة رسمياً لمهام إنتاج الرسالة الإعلامية وقيادة المشهد الإعلامي، فيما أصبح الفضاء اليوم مفتوحاً للجميع، وهذا ينطبق على كل الفنون ومنها الصحافة وبقية أشكال الإعلام.

وأضاف الراشد، أن قواعد المسؤولية ارتبطت غالباً بالمؤسسات أكثر من الأفراد، مؤكداً أن هذا لا يعفي الأفراد من المسؤولية، مشبّهاً الكلمة بالرصاصة عندما تنطلق لا تعود، وهذا ينطبق على فهم قيمة المسؤولية في شقيها الأدبي والاجتماعي، والمسؤولية القانونية التي تطورت أكثر مؤخراً في السعودية، بفضل تكييف ومتابعة ورصد التجاوزات وضبطها قانونياً.

وقال الراشد في الجلسة التي حملت عنوان «الإعلام الوطني وتحديات الممارسة المهنية»، إن العالم يعيش في عصر مختلف ومتغير لقطاع الإعلام، تغيرت فيه الأدوات، في حين بقيت المهنة على قواعدها، والصناعة على أصولها ومبادئها الرئيسية، لم تتغير، مؤكداً أن كل مهنة تتطلب تأسيساً علمياً وتدريباً مهنياً لأفرادها، لا سيما في وجه طغيان إعلام الأفراد في هذا الوقت، مبدياً خشيته على المهنية الإعلامية من تغوّل الآخرين، مشيراً إلى المواهب التي ظهرت على الإعلام الجديد، والتي تتمتع بروح طبيعية وتلقائية، وتمتلك مساحة واسعة للتحرك بأريحية ومن دون تكلفة عالية، بل ربما تدرّ الربح بفضل توجّه شركات الإعلان إليها لكسب جماهيريتها، لكن هذا الأداء والجماهيرية قد يتلاشيان مع غياب المؤسسة التي تضمن دوام العطاء والأداء، وإلا تبخّرت تلك المواهب، مستشهداً بنماذج وتجارب سعودية حققت نجاحاً في الإعلام الجديد، لكنها اختفت بعد فترة من النجاح، بسبب عدم قدرة الأفراد على الاستمرار، كما هو الحال في المؤسسات، وكذلك الحال مع الكثير من تطبيقات الهاتف الذكي التي استخدمت منصات إعلامية، وحققت نجاحات وانتشاراً واسعاً، ومن ثمّ تلاشت وانتهت تماماً، وهذا يعكس من جانب حجم الحراك الكبير والمضطرب لحالة الإعلام.

وعن توقعاته بشأن مستقبل المؤسسات الإعلامية، قال الراشد إن الخطورة على الإعلام تأتي من ضعف المداخيل التي تقتل المؤسسات، لا سيما أن تكلفة الإنتاج في الإعلام التقليدي عالية، وأي ضعف في القدرة المالية سينعكس في ضعف الإنتاج وربما موت المؤسسة.

وختم الراشد أن الإعلام يعيش في مرحلة انتقالية، وهناك فوضى في القطاع تتطلب نظرة أوسع لتنظيمه خلال العقد المقبل، وأن الخطوات في السعودية على أهميتها لكنها تبقى ناقصة لتحقيق مواكبة كاملة، ويتطلب الأمر المزيد من الجهد والتمكين لضمان نجاح الأداء الإعلامي.

وفي نهاية الجلسة التي حضرها نحو 100 مشارك من رواد الإعلام وطلابه، أعلن الدكتور سعد آل سعود عميد كلية الإعلام والاتصال في جامعة الإمام محمد بن سعود، عن اختيار عبد الرحمن الراشد شخصية المؤتمر الوطني للإعلام، تقديراً لحضوره المهني في المشهد الإعلامي السعودي والعربي.


مقالات ذات صلة

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

إعلام الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية» في الرياض.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
العالم العربي عائلات المعتقلين تتعرض لتهديدات حوثية لإرغامها على الصمت (إعلام محلي)

الحوثيون يهدّدون عائلات المعتقلين بالانتقام إن تحدثوا للإعلام

أفادت مصادر يمنية في صنعاء بأن الجماعة الحوثية تهدّد عائلات المعتقلين لديها على خلفية المطالبة بالإفراج عنهم بعد أكثر من شهرين على اختطافهم

محمد ناصر (تعز)
إعلام منازل ومبانٍ مدمَّرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)

كيف يؤطّر الإعلام المعارك ويتلاعب بسردياتها؟

سواء في الحرب الروسية - الأوكرانية، أو حروب الشرق الأوسط راهناً، لعب الإعلام دوراً مثيراً للجدل، وسط اتهامات بتأطير مخاتل للصراعات، وصناعة سرديات وهمية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
آسيا خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

أفادت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بأنها سجّلت 336 اعتداءً على صحافيين وعاملين في وسائل إعلام منذ عودة «طالبان» لحكم أفغانستان في أغسطس 2021.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
TT

احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)

احتفت مصر بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ، عبر فعاليات متنوعة في متحفه وسط القاهرة التاريخية، تضمّنت ندوات وقراءات في أعماله وسيرتيه الأدبية والذاتية، واستعادة لأعماله الروائية وأصدائها في السينما والدراما.

وأعلن «متحف نجيب محفوظ» التابع لصندوق التنمية الثقافية في وزارة الثقافة، أن الاحتفال بـ«أديب نوبل» يتضمّن ندوة عن إبداعاته ومسيرته، يُشارك فيها النّقاد، إبراهيم عبد العزيز، ومحمد الشاذلي، والدكتور محمود الشنواني، والدكتور تامر فايز، ويديرها الدكتور مصطفى القزاز. بالإضافة إلى افتتاح معرض كاريكاتير عن نجيب محفوظ، وشاعر الهند الشهير رابندراناث طاغور، ومعرض لبيع كتب نجيب محفوظ.

وأوضح الكاتب الصحافي والناقد محمد الشاذلي أن «الاحتفالية التي أقامها (متحف نجيب محفوظ) في ذكرى ميلاده الـ113 كانت ممتازة، وحضرها عددٌ كبير من المهتمين بأدبه، وضمّت كثيراً من المحاور المهمة، وكان التركيز فيها على السيرة الذاتية لنجيب محفوظ».

«متحف نجيب محفوظ» احتفل بذكرى ميلاده (صفحة المتحف على فيسبوك)

ولد نجيب محفوظ في حيّ الجمالية بالقاهرة التاريخية في 11 ديسمبر (كانون الأول) عام 1911، وقدم عشرات الأعمال الروائية والقصصية، بالإضافة إلى سيناريوهات للسينما، وحصل على جوائز عدة أهمها جائزة «نوبل في الأدب» عام 1988، ورحل عن عالمنا عام 2006.

حضر الاحتفالية بعض ممن كتبوا عن سيرة نجيب محفوظ، من بينهم إبراهيم عبد العزيز، الذي له أكثر من كتاب عن «أديب نوبل»، بالإضافة إلى الطبيب الدكتور محمود الشنواني الذي رافق الأديب لمدة 30 سنة تقريباً، وفق الشاذلي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تَحدّث كلُّ شخص عن الكتاب الذي أصدره عن نجيب محفوظ. وإبراهيم عبد العزيز كان مرافقاً له في ندواته، وتحدّث عن كتاب (أنا نجيب محفوظ)، الذي تضمّن ما قاله محفوظ عن نفسه، بيد أني أرى أن كتابه الأهم هو (ليالي نجيب محفوظ في شيبرد) لأنه كان عبارة عن كناسة الدكان، فقد رصد السنوات الأخيرة لنجيب محفوظ».

وعن كتاب الشاذلي حول نجيب محفوظ يقول: «تعرّفت عليه بصفتي صحافياً منذ بداية الثمانينات، وقد تحدّثت عن موضوعين تناولتهما في كتابي عنه (أيام مع نجيب محفوظ ذكريات وحوارات)، وهو ما أُشيع عن هجومه على العهد الناصري، خصوصاً في روايته (الكرنك)، وهذا ليس صحيحاً، وفي الحقيقة كان محفوظ يُركّز على حقوق الإنسان والحريات أكثر من أي شيء آخر، وقد أنصف عبد الناصر في كثيرٍ من كتاباته، خصوصاً شهاداته عن هذا العصر، والنقطة الثانية ما أُشيع حول الاتهامات التي وجّهها بعضهم لنجيب محفوظ بحصوله على (نوبل) بدعم إسرائيل، وهذا ليس صحيحاً بالمرّة، وكانت تُهمة جاهزة لمن أراد إهانة الجائزة أو النّيل ممّن حصل عليها».

وأشار الشاذلي إلى أن محفوظ كان له رأيُّ مهم في السينما، وقد ترأس مؤسسة السينما في إحدى الفترات، وكان يرى أنه أصبح كاتباً شعبياً ليس بفضل القراءات ولكن بفضل السينما، فكان يحترم كلّ ما له علاقة بهذه المهنة، ويعدّها مجاورة للأدب.

محفوظ وطاغور في معرض كاريكاتير (منسق المعرض)

وتحوّلت روايات نجيب محفوظ إلى أعمال سينمائية ودرامية، من بينها أفلام «بداية ونهاية»، و«الكرنك»، و«ميرامار»، و«ثرثرة فوق النيل»، وثلاثية «بين القصرين»، و«قصر الشوق»، و«السكرية»، وأيضاً «زقاق المدق»، و«اللص والكلاب»، بالإضافة إلى مسلسلات «الحرافيش - السيرة العاشورية»، و«أفراح القبة»، و«حديث الصباح والمساء».

وضمّ المعرض الذي أقيم بالتعاون بين سفارة الهند في القاهرة، ومتحف الكاريكاتير بالفيوم، ومنصة «إيجيبت كارتون»، 38 لوحة لفنانين من 12 دولة من بينها مصر والهند والسعودية وصربيا والصين ورومانيا وروسيا وفنزويلا.

وأشار الفنان فوزي مرسي، أمين عام «الجمعية المصرية للكاريكاتير» ومنسِّق المعرض إلى أن هذا المعرض اقتُرح ليُعرض في الاحتفال بذكرى طاغور في مايو (أيار) الماضي، إذ عُرض في المركز الثقافي الهندي، وكذلك في يوم الاحتفال بعيد ميلاد «أديب نوبل» المصري نجيب محفوظ.

وقال مرسي لـ«الشرق الأوسط»: «يُعدّ المعرض جزءاً من الاحتفالية التي نظّمتها وزارة الثقافة (لأديب نوبل) الكبير، واهتمّ معظم الفنانين برسم البورتريه بشكلٍ تخيُّلي، في محاولة لعقد الصلة بين طاغور ومحفوظ».

فنانون من 12 دولة رسموا الأديبين طاغور ومحفوظ (منسق المعرض)

وفي السياق، أعلنت «دار المعارف» عن إصدار كتابٍ جديدٍ عن نجيب محفوظ في الذكرى الـ113 لميلاده، وكتب إيهاب الملاح، المُشرف العام على النشر والمحتوى في «دار المعارف» على صفحته بـ«فيسبوك»: «في عيد ميلاد الأستاذ نُقدّم هدية للقراء ولكل محبي نجيب محفوظ وهي عبارة عن كتاب (سردية نجيب محفوظ) للناقد الدكتور محمد بدوي».