ما الحدود الفاصلة بين «السرقة» و«التأثر» تشكيلياً؟

وسط اتهامات حادة للمصرية غادة والي

مصممة الغرافيك المصرية غادة والي (فيسبوك)
مصممة الغرافيك المصرية غادة والي (فيسبوك)
TT

ما الحدود الفاصلة بين «السرقة» و«التأثر» تشكيلياً؟

مصممة الغرافيك المصرية غادة والي (فيسبوك)
مصممة الغرافيك المصرية غادة والي (فيسبوك)

تلقت مصممة الغرافيك المصرية غادة والي انتقادات حادة، بعد دفاعها عن نفسها في مواجهة اتهامات فنان روسي لها بسرقة أعماله وتوظيفها في جداريات بمحطة مترو بالقاهرة العام الماضي، وفي حملة دعائية لصالح شركة مشروبات غازية عالمية قبل أعوام. ونفت غادة والي سرقتها أعمال الفنان جورجي كوراسوف، مؤكدة في حوارها مع الإعلامي عمرو أديب عبر برنامج «الحكاية» المذاع على «إم بي سي مصر»، أن «الفنان الروسي ينهل من المدرسة التكعيبية التي أسسها بيكاسو، وهو نفس ما فعلته، وبالتالي لا توجد سرقة». وأضافت: «يسعى الفنان الروسي لركوب (الترند) واكتساب الشهرة، عبر اتهامها زوراً من حين إلى آخر دون تقديم إثباتات». وتابعت: «أعماله ليست موثقة طبقاً لحقوق الملكية العالمية، ومن الواضح أنه يسعى لدخول السوق المصرية على حسابي».

واعتبر متابعون أن «دفاع غادة والي لم يكن مقنعاً، بسبب التشابه الصارخ بين رسوماتها ونظيرتها للفنان الروسي»، بينما طالبها نشطاء «بالاعتراف بالخطأ والاعتذار لجميع الأطراف». واستشهد هؤلاء بتكرار عمرو أديب وصفه للأزمة بأن هناك «تطابقاً»، فضلاً عن قيام إدارة هيئة مترو القاهرة بإزالة اللوحات الأربع محل النزاع بين الطرفين في محطة «كلية البنات»، بالخط الثالث.

بينما اعتبرت غادة والي أن «الأمر لا يعدو كونه مجرد تشابه كبير»؛ لكنها عادت في نهاية الحلقة وأقرت بأنه «من الوارد أن يكون واحد من فريق المصممين العاملين معها قد اقتبس أعمال الفنان الروسي تحت ضغط العمل».

وأثارت أزمة غادة والي تساؤلات عديدة بشأن الحدود الفاصلة بين «التأثر» أو «الاستلهام» من ناحية، وبين «السرقة» أو «الاقتباس» من ناحية أخرى. ويقول الفنان التشكيلي المخضرم عز الدين نجيب، لـ«الشرق الأوسط»: «في التأثر يكون هناك تقارب بسيط بين عملين؛ لكن يظل الفنان (المتأثر) محتفظاً بالحد الأدنى من شخصيته الإبداعية وعالمه الخاص، أما في حالة السرقة أو الاقتباس فإن (السارق) يلغي شخصيته تماماً، ويركز كل مجهوده في النقل الكامل الحرفي للعمل المسروق، ومن ثَمّ يعود ويضع بعض الرتوش هنا أو هناك، مدّعياً وجود فروق سطحية لا تغير من حقيقة أن سطواً فنياً قد حصل بالفعل».

وكان السجال بين غادة والي وكوراسوف قد تصاعد إعلامياً وقضائياً في الآونة الأخيرة، عبر التراشق بين محامي كل طرف، وتبادل الاتهامات والتهديد باتخاذ الإجراءات القانونية لمعاقبة الطرف الآخر.

وتعد غادة والي التي تخرجت في الجامعة الألمانية بالقاهرة عام 2011 وأكملت دراستها في إيطاليا، من أشهر المصممين الشباب في مصر، وشاركت في بعض المشروعات الكبرى والحملات الدعائية لبعض العلامات التجارية، كما اختارتها مجلة «فوربس» عام 2017 واحدة من أفضل 30 مصمماً تحت سن الثلاثين.

من جانبه يوضح الدكتور ياسر عمر أمين -وهو محامٍ وباحث في الملكية الفكرية وقانون سوق الفنِّ- أنه «يكفي لكي يقع الطرف المتهم بالسرقة تحت طائلة القانون أن يكون هناك تقليداً جزئياً أو كلياً للعمل موضع النزاع، وبالتالي نكون بصدد جريمة تعاقب عليها المادة 181 من تقنين الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002».

وأضاف أمين قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «التأثر مباح، ويصبح مجرَّماً إذا تحوَّل لنوع من التقليد عند درجة محددة، وهنا نكون بصدد اعتداء ينطوي على نقلٍ مطابقٍ لمصنف ما، أو الاعتداء على ما يميز التعبير الخاص عن فكر فنان ما».

وبشأن حدود حرية الاقتباس من الحضارات القديمة، وهي القضية التي أثارتها غادة والي مؤكدة أن الفنان الروسي اقتبس كذلك من الحضارة الفرعونية، وهو نفس ما فعلته، أوضح الناقد التشكيلي سمير غريب أنه «يجوز أن ينقل فنان تشكيلي أو مصمم عن جدارية قديمة أو تمثال شهير في حضارة ما، بشرط أن يذكر المصدر بدقة، حتى لا يتحول الأمر إلى سرقة فنية». وأضاف: «لا بد من توثيق النقل أو التقليد، إنما التأثر أو الاستلهام لخلق عمل جديد تماماً لا يُشترط معه ذكر المصدر؛ لأن التأثر حق مباح للجميع».



إطلاق مشروع لرصد السياسات اللغوية في الدول العربية

من النّدوة الدّوليّة لمناقشة تقرير السّياسات اللُّغويّة في الدّول العربيّة (مجمع الملك سلمان)
من النّدوة الدّوليّة لمناقشة تقرير السّياسات اللُّغويّة في الدّول العربيّة (مجمع الملك سلمان)
TT

إطلاق مشروع لرصد السياسات اللغوية في الدول العربية

من النّدوة الدّوليّة لمناقشة تقرير السّياسات اللُّغويّة في الدّول العربيّة (مجمع الملك سلمان)
من النّدوة الدّوليّة لمناقشة تقرير السّياسات اللُّغويّة في الدّول العربيّة (مجمع الملك سلمان)

أطلق مجمع الملك سلمان العالمي للُّغة العربيَّة، بالتعاون مع المنظَّمة العربيَّة للتَّربية والثَّقافة والعلوم (ألكسو)، الاثنين، مشروع «منظومة السِّياسات اللُّغويَّة في الدول العربيَّة»، الذي يشتمل على إطلاق منصَّة رقميَّة تحتوي على وثيقة المشروع، وتقريراً ومنصَّة رقميَّة تضمُّ جميع السِّياسات اللُّغويَّة في الدُّول العربيَّة.

جاء الإطلاق ضمن أعمال النَّدوة التي نُفِّذت في مقر المنظَّمة بالعاصمة التونسية، وشهدت مشاركةً واسعةً من الخبراء اللُّغويِّين والمختصِّين بالتَّخطيط اللُّغوي، والمؤسَّسات اللُّغويَّة المرتبطة بسياسات اللُّغة وتخطيطها في الدُّول العربيَّة، ومندوبي الدُّول العربيَّة في المنظَّمة، وأمناء اللِّجان الوطنيَّة، الذين تجاوز عددهم 50 مشاركاً.

وبيَّن المجمع أنَّ هذا المشروع جاء انطلاقاً من إيمانه بقيمة التَّخطيط اللُّغوي؛ تحقيقاً للأهداف التي يسعى إليها عن طريق إجراء الدِّراسات والبحوث ونشرها، وإصدار التَّقارير الدوريَّة عن حالة اللُّغة العربيَّة ومؤشِّراتها.

وتتمثل فكرته في جمع السياسات اللغوية المعلنة الصادرة من جهات رسمية في الدول العربية، بلغ مجموعها ألفي قرار تقريباً، وتصنيفها بعد ذلك وفقاً لمجالاتها، وتواريخ إصدارها، وأعدادها في كل دولة، وأنواع التَّخطيط اللُّغوي الذي تنتمي إليه، وأهدافها.

واشتمل التقرير الختامي على دراسة للتاريخ اللغوي للدول العربية، وأهم التحديات اللغوية التي تواجه اللغة العربية، وأبرز التوصيات والحلول التي تسعى للنهوض بها في مجالات الحياة المتعددة.

وتميز المشروع بالبعد الاستراتيجي للمنظومة وأهميتها في اتخاذ القرار اللغوي على المستويين الدولي والإقليمي، وريادته من حيث الكم والكيف؛ إذ تجمع المنظومة بيانات السِّياسات اللُّغويَّة في البلاد العربيَّة - غير المتاحة في مدوَّنة واحدة - للمرَّة الأولى.

وتضمُّ المنظومة بيانات متخصِّصة في السِّياسات اللُّغويَّة عن 22 دولةً عربيَّةً، وتتيح مادةً ضخمةً بالغة الأهميَّة لفتح المجال أمام صنَّاع القرار، والباحثين، والدَّارسين، والمختصِّين؛ لإنجاز عمل لغوي استراتيجي فاعل إقليمياً وعالمياً.

وتسهم الشراكة بين المَجمع والمنظمة في تعزيز مبادرات نشر اللغة العربية، والمحافظة على سلامتها، وإبراز قيمتها الثقافية الكبرى، إضافة إلى تسهيل تعلُّمها وتعليمها، والارتقاء بالثقافة العربية.