رابعة الزيات لـ«الشرق الأوسط»: أنا امرأة تعبت وحفرت بالصخر

طبعت المشاهد بأسلوب تلفزيوني خاص بها

الإعلامية اللبنانية رابعة الزيات (رابعة الزيات)
الإعلامية اللبنانية رابعة الزيات (رابعة الزيات)
TT

رابعة الزيات لـ«الشرق الأوسط»: أنا امرأة تعبت وحفرت بالصخر

الإعلامية اللبنانية رابعة الزيات (رابعة الزيات)
الإعلامية اللبنانية رابعة الزيات (رابعة الزيات)

سارت الإعلامية رابعة الزيات بخطوات ثابتة في مشوارها المهني. فهي جاهدت وتعبت كي تثبت مكانتها ولو بدأت بعمر متأخر. مشت لفترة بين النقاط لتبقى بأمان. ومؤخراً حققت قفزة نوعية بأسلوبها الحواري في برامج تلفزيونية تقدمها.

وتؤكد رابعة لـ«الشرق الأوسط» أنها واجهت وتحدّت ونجحت في تغيير الفكرة السائدة عن المرأة الإعلامية.

مع الأسف عندما نختلف بالآراء تتجه الغالبية نحو الشخصي خصوصاً مع النساء

رابعة الزيات

طبعت رابعة الزيات الشاشة الصغيرة بأسلوب خاص، وهي اليوم تحقق ما كانت تطمح إليه من تجدد. وتحرص في حواراتها مع نجوم الفن والتمثيل كما مع الأشخاص العاديين، على طرح أسئلة تنبع من الواقع. فيشعر المشاهد بأنها تتكلم بلسان حاله.

وهي كغيرها من الوجوه الإعلامية النسائية واجهت انتقادات عدة لطرحها الأمور كما هي. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «مع الأسف عندما نختلف بالآراء تتجه الغالبية نحو الشخصي خصوصاً مع النساء. فهناك إعلاميون ورجال كثر يتناولون مواضيع جريئة ولكنهم مقبولون من باب المجتمع الذكوري المهيمن. وهذا الاختلاف لا ينحصر بك بل يطال أفراد عائلتك».

 

تتميز رابعة الزيات بأسلوب حواري خاص بها (رابعة الزيات)

 

انعزلت مع نفسها أكثر من مرة وأحياناً كانت تهرب إلى مدينتها الأم صور الجنوبية لتبتعد عن «القيل والقال» وكثرة الكلام. «قررت ألا أسمع النقد أبداً مع أني أستوعب طبيعة مجتمعنا المحافظ. فهو يدعي التحرر ولكن بشكل سطحي. قاطعت وسائل التواصل الاجتماعي، وصرت آخذ هذه الانتقادات بعين الاعتبار. وبدأت في تغيير مقاربتي للموضوعات».

تعلمت رابعة الزيات من مشوارها دروساً عديدة، الأمر الذي زودها بالقوة والثقة بالنفس.  وتعلق: «كنت أعرف تماماً أنه علينا أن نذهب إلى الأخير في أمر نؤمن ونقتنع به».

تفتخر الزيات بما أنجزته وفي رأيها أنه لا يرتكز على خلفية سطحية. «أنا امرأة تعبت وحفرت بالصخر لأصل إلى ما أنا عليه اليوم. والموضوع ليس بروباغندا كما يخيل للبعض. قررت أن تحمل برامجي مضموناً غنياً وليس فارغاً. راجعت حساباتي أكثر من مرة لأني لست ساعية وراء شهرة آنية وكاذبة. جميعنا نحب أن يعرفنا الآخر. ولكن إثارة الجدل يجب أن تترافق مع الوعي. فتحريك السائد كمن يرمي حجراً في بحيرة فيحدث هزة».

 في برنامجها الحواري «شو القصة» استطاعت الزيات ملامسة ضيوفها وحثهم على البوح بأسلوب سلس وناضج. في رأيها التجارب وتراكمها تحيي الفرص وتصقلها. «في برنامجي (بعدنا مع رابعة) استطاعت استقطاب المشاهد فكان طابعه عائلياً وجميلاً. ولكنه حصر رابعة في وجه وإطار واحد من دون أن يضيف إليها. ولكن مع (فوق الـ18) و(شو القصة) قطفت ثمار التعب الذي بذلته. فلا افتعال فيهما من باب التجربة المهنية. وجمعت من أخطائي وشكلي الخارجي وتجاربي كلها ما أنا عليه اليوم. كل هذه العناصر صنعت هويتي الإعلامية التي أعتز بها».

خلال استضافتها للفنان راغب علامة في حلقة خاصة بعيد الفطر كانت صريحة. فاعترفت برد على سؤال طرحه عليها بأنها كذبت مرات. «ولماذا أنكر ذلك؟ فجميعنا نضطر أحياناً إلى تجميل موقف ما بكذبة. فهي أفضل من أن نجرح الآخر أو نتسبب له بالحزن».

تحمل رابعة الزيات عملها معها حتى إلى منزلها العائلي. «أحب أن أخبر أولادي بمواقف وبحالات قد يكتسبون منها الدروس. زوجي زاهي وهبي يعاني من انكبابي الدائم على العمل. فلا أتوقف عن المتابعة والبحث، وأقيّم وأنتقد وأتصل وأعمل قبل الحلقة وبعدها. حتى والدي الذي هو على مشارف التسعينات أستشيره. فأعمل كثيراً على نفسي وهو أمر ينبع من شغفي بمهنتي».

 

وعندما تحدثت عن والدها كان من البديهي سؤالها عن مدى تأثره بما خاضته في مشوار إعلامي مضن. وتقول: «كنت أخشى أن أزيد من أحزانه وبكيت مرات كثيرة. ولكنه كان يساندني ويقدم لي النصيحة اللازمة». 

تعترف رابعة بأنها عندما تخوض معركة ما، لا بد أن تكملها حتى النهاية. «هو ما طبقته في حياتي الخاصة في زواجي وطلاقي الأولين. وكذلك اعتمدت هذا المبدأ في تربية أولادي، وفي ممارستي لمهنة الإعلام في عمر متأخر إلى حد ما. كانت معارك متتالية زادتني صلابة ورثتها عن أمي. فهي من النساء الأوائل اللاتي انخرطن في المجتمع سيدة أعمال في جنوب لبنان. كانت امرأة منتجة ربت 5 أولاد وحدها، حينها كان والدي يعمل في الخارج ليؤمن لنا لقمة العيش. كنت أراقبها وأساعدها في العمل وتعلمت منها الكثير. فهي وحدها من لها الفضل الأكبر علي».

في رأيها التميز في عالم الإعلام يصعب يوماً بعد يوم. فهو يتجه أكثر فأكثر نحو الـ«بيزنيس». «لم يعد هناك من معايير بعد أن اختلفت بفعل التطور. ولكن المحتوى الجيد لا يزال يفرض نفسه على الساحة. وفي زمن الـ(سوشيال ميديا) الفضاء مفتوح أمام الجميع. لقد فترت علاقتي مع الشاشة الصغيرة منذ فترة، واستبدلتها بلقطات من الـ(سوشيال ميديا) أشاهدها وأنا أرتشف فنجان قهوتي. ولكن قلة من الإعلاميين تلفتني لأني أبحث عن اللمعة والجديد».

 وعما إذا ترى في الذكاء الصناعي خطراً عليها تختم لـ«الشرق الأوسط»: «لا لم يخيفني أبداً ما دام خالياً من الروح والإبداع. قد ينفع في قراءة الأخبار والتلقين، ولكنه لن يستطيع أن يحل يوماً مكان الروح والانفعالات البشرية».   



عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».