معرض «هروب» عندما تتكلم النوتات الموسيقية

يجمع بين الريشة وتقنية نفخ الحبر وفن الحساب

يجمع في لوحاته بين فن الحساب ونفخ الحبر على الورق (غاليري أرت أون 56)
يجمع في لوحاته بين فن الحساب ونفخ الحبر على الورق (غاليري أرت أون 56)
TT

معرض «هروب» عندما تتكلم النوتات الموسيقية

يجمع في لوحاته بين فن الحساب ونفخ الحبر على الورق (غاليري أرت أون 56)
يجمع في لوحاته بين فن الحساب ونفخ الحبر على الورق (غاليري أرت أون 56)

على موسيقى باخ تتجول في معرض «هروب» للفنان التشكيلي محمود حمداني، في غاليري «أرت أون 56» في الجميزة. فهو يترجم في لوحاته ولعه بالموسيقى بريشة تجمع ما بين فنون هندسية وحسابية، وتقنية نفخ الحبر على الورق. أربعة عناوين يعتمدها حمداني للتعريف بلوحاته. «الطريق الذي لا ينتهي»، و«طمأنينة»، و«قصائد»، و«آثار». تقف أمام الأعمال محاولاً تفسير خطوط أفقية محاطة بخربشات كثيفة، ومرات أخرى تتعمق في صور أشجار عارية وأشكال فنية محددة على خلفية مساحة بيضاء لافتة. فولادة أعماله، كما يقول، ترتكز على آلية العمل ومساره، ويتصلان اتصالاً لصيقاً بفكرة «البحث عما لا يمكن العثور عليه».

فهو شخصياً عندما يرسم يستمع إلى موسيقى باخ، ويراها تتجذر في لوحاته وتتعمق فيها إلى حد ملامسة ريشته. فيأتي معرضه «هروب» تحية إلى حبه للموسيقى وللغنائية الشعرية المتجذرة في روحه. وتتكرر عنده العناصر الفنية مع اختلافها، ليبني سيمفونيته الموسيقية، وتخرج مكللة بالصمت من ناحية وبحيوية ريشة إيحائية غنية من ناحية ثانية، فتطرح عند مشاهدها تساؤلات كثيرة يحاول فك ألغازها طيلة زيارته للمعرض.

في مجموعته «الطريق الذي لا ينتهي» يلمس ناظرها الهروب الذي يقصده الرسام بعنوان معرضه. فتحلق في اللوحات نوتات موسيقية مترجمة برؤية بصرية غامضة، تنثر موسيقاها بين أشكال هندسية اعتمد فيها الرسام دقة في مادة الحساب. وفي «طمأنينة» و«قصائد» و«آثار» تصغي إلى حكايات تروى بلغة موسيقية بالريشة.

من بعيد قد تتراءى لك القطعة الفنية مجرد مربعات هندسية عادية. ولكن حين تقترب منها تفاجأ بمسار ريشة غير عادية. فهي تولّد منمنمات فنية تتطلب الكثير من الدقة والتركيز وطول البال. تفسرها أحرف أو نوتات وأرقام تصطف كالعسكر المنضبط، فيقولبها ضمن دوائر بالأسود والأبيض، ومدروزة على كامل اللوحة كأنها تنتمي إلى فن التطريز اليدوي، تطبعك بإيحاءاتها. قد تراها ملامح وجه أو نواة طفل في رحم أمه، ومرات أخرى تأخذك في طلعات ونزلات تشبه السلالم الموسيقية.

يحضر في معرض الفنان الإيراني محمود حمداني الصمت بشكل ملحوظ. فهو يرافق زائره بكل خطوة من خطواته. ومع موسيقى باخ الصادحة في صالات المعرض يلتزم الصمت الذي تفرضه عليك ريشة حمداني، فتمارس نوعاً من رياضة «اليوغا» والتأمل بكل طيبة خاطر تغسلك من الأفكار السطحية.

وبتقنية النفخ بالحبر التي يتبعها، يترك حمداني فضاءً واسعاً للتكهنات، ومستخدماً في لوحات أخرى ريشة رفيعة، يصور المحتوى كأنه شرايين صغيرة تنبض فيها الحياة، فتحدث حولها لمعات رقيقة يحكمها النور والظل، ومرات أخرى تتحول إلى جذوع شجر ملتوية ولكنها جذور تتصل بأرض صلبة.

يرى حمداني أن عامل الصدفة الذي يلتقي بالإرادة يحضر في مجموعاته الفنية في غاليري «أرت أون 56». وأن بعض أعماله تأتي نتيجة عمليات بحث ودراسات حول هذين العاملين. ويستند فيها إلى قصيدة للشاعر الصيني غو شينغ التي يذكر فيها مشاعره وأفعاله التي يقودها قلبه. فحمداني استعار منها صوراً تفسر أسلوبه في الرسم. إذ يقول الشاعر الصيني: «لا أستطيع استخدام قلم الرصاص ولا الريشة بل فقط حيوات عشتها».

وعلى حائط أبيض في الصالة الرئيسية للمعرض، كتب حمداني أنه استوحى أعماله الفنية من موسيقى باخ. وهي محاولة لترجمة موسيقاه إلى نص بصري، حيث يلعب الاختزال والتقشف اللوني أدواراً مهمة في ضبط نظام اللوحة، وكذلك في إقامة التوازن فيها من دون أخذها إلى أُطر مقفلة.

ومن خلال هذه الكتابات التي يوقعها باسمه يمكن لزائر المعرض أن يفك ألغاز لوحاته ويقرأ شعر غو شينغ. وتنتهي هذه القراءات بعبارة يقول فيها الرسام: «كل هذه اللوحات هي كناية عن اكتشافات للثنائيات الأساسية التي نتعامل معها كل يوم بقليل من الحذر والوعي».



انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
TT

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة حتى 21 ديسمبر (كانون الأول) الجاري في مركز «سوبر دوم جدة»، بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة، موزعة على نحو 450 جناحاً، مع جهات حكومية وهيئات ومؤسسات ثقافية سعودية وعربية.

ويشتمل المعرض على برنامج ثقافي ثري، يضم أكثر من 100 فعالية متنوعة، تتخللها محاضرات وندوات وورش عمل، يقيمها نحو 170 متخصصاً، إضافة إلى منطقة تفاعلية مخصصة للأطفال، تقدم برامج ثقافية موجهة للنشء بمجالات الكتابة والتأليف والمسرح، وصناعة الرسوم المتحركة، وأنشطة تفاعلية مختلفة.

برنامج ثقافي ثري يضم أكثر من 100 فعالية متنوعة (هيئة الأدب)

ويتضمن المعرض ركناً للمؤلف السعودي، معرِّفاً الحضور على آخر إصداراته، ومهيأ للزوار منطقة خاصة بالكتب المخفضة، التي تأتي ضمن جهوده في الحث على القراءة، وإتاحتها للجميع عبر اختيارات متعددة، معززة بمناطق حرة للقراءة.

من جانبه، أوضح الدكتور عبد اللطيف الواصل، مدير إدارة النشر بالهيئة، أن المعرض يعكس اهتمامهم بدعم وتطوير ونشر الثقافة والأدب في السعودية، مؤكداً دوره الريادي، حيث يسلط الضوء على جهود الأدب والأدباء المحليين والعرب والعالميين، عبر فعاليات وأنشطة مجتمعية بمعايير عالمية، وإيجاد فرص تفاعلية لزواره في قوالب فنية وأدبية متنوعة، وصولاً إلى تعزيز مكانة جدة بوصفها مركزاً ثقافيّاً تاريخيّاً.

المعرض يعكس الاهتمام بدعم وتطوير ونشر الثقافة في السعودية (هيئة الأدب)

ويحتفي المعرض بـ«عام الإبل 2024»، لما تُمثِّله من قيمة ثقافية في حياة أبناء الجزيرة العربية منذ فجر التاريخ، حيث خصص جناحاً للتعريف بقيمتها، وإثراء معرفة الزائر عبر جداريات عدة بأسمائها، ومواطن ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقصائد شعرية تغنَّى بها العرب فيها على مر العصور.

ويستقبل «معرض جدة للكتاب» زواره يوميّاً من الساعة 11 صباحاً حتى 12 مساءً، ما عدا الجمعة من الساعة 2 ظهراً إلى 12 مساءً.

المعرض يُعزز جهوده في حث الزوار على القراءة عبر اختيارات متعددة (هيئة الأدب)

ويُعد ثالث معارض الهيئة للكتاب خلال 2024، بعد معرض «الرياض» الذي اختتم فعالياته أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومعرض «المدينة المنورة» المنتهي في أغسطس (آب).