توجّه لمضاعفة دور المجتمع المحلي والتطوعي في إدارة التراث الثقافي السعودي

مرحلة مهمة يشهدها التراث الثقافي في السعودية (هيئة التراث على «تويتر»)
مرحلة مهمة يشهدها التراث الثقافي في السعودية (هيئة التراث على «تويتر»)
TT

توجّه لمضاعفة دور المجتمع المحلي والتطوعي في إدارة التراث الثقافي السعودي

مرحلة مهمة يشهدها التراث الثقافي في السعودية (هيئة التراث على «تويتر»)
مرحلة مهمة يشهدها التراث الثقافي في السعودية (هيئة التراث على «تويتر»)

في إطار مرحلة مهمة يشهدها التراث الثقافي في السعودية، من جهة صونه والاهتمام به وإعادة الاعتبار للكثير من الإرث الثقافي السعودي المادي وغير المادي، المتنوع والمتوزع بين مناطق السعودية الشاسعة، يزيد التوجه إلى إشراك المجتمعات المحلية، الحاضن الطبيعي للتراث الثقافي السعودي في جهود إدارة التراث والاهتمام بها وصونها، كشواهد تاريخية باقية على ثراء المجتمع السعودي عبر التاريخ وعلى إرثه العريق.

قصور وبيوت تراثية، وقرى كاملة هجرها أهلها في وجه الحداثة، فيما احتفظت بعبق التاريخ بين جدرانها، وقلاع وحصون وبقايا أسوار كانت تضم داخلها مجتمعات نابضة بالحياة والقصص، شهدت ملاحم وبطولات مجتمعية خالدة، ومساجد تاريخية عتيقة كانت مركز المجتمعات ونواة تشكلها، وأسواق فَقَدت دويّ الناس والباعة والجوّالين بالبضائع بين أروقتها، ولم تفقد بريق التاريخ الذي يلمع على جدرانها وبقايا حوانيتها، ومدارس تاريخية كانت ملتقى الدارسين والمتعلمين، حيث يلتئم طلبة العلم حول شيوخهم لفك الحرف وحفظ المتن واستبصار الحكمة.

وتسعى هيئة التراث في السعودية، إلى الحفاظ على الإرث الثقافي والقيم الاجتماعية ونشرها، وذلك من خلال توفير وتشجيع المناخ الملائم للإبداع وزيادة المحتوى السعودي، كما تدعم الهيئة التي انطلقت عام 2020 كجزء من تشكيلات وزارة الثقافة السعودية، جهود تنمية التراث الوطني ورفع مستوى الاهتمام والوعي به، وأطلقت برنامج «بصمة التراث»، الذي يعنى بتنمية قدرات الكوادر الوطنية وبناء مهارات الفاعلين في صون التراث المحلي عبر الدورات التدريبية وورش العمل التوعوية والتثقيفية التي تقدم للطلاب والممارسين المختصين في مجال إدارة التراث الثقافي لتنمية وتطوير قدراتهم ورفع مستوى الوعي العام لكافة أفراد المجتمع.

يتحقق الحفاظ على ذخائر التراث الثقافي عبر تمكين المجتمع المحلي من إدارته والتعامل الأمثل معه (هيئة التراث على تويتر)

وقال خالد الحميدي، الباحث في التراث و الموروث الثقافي، إن دوراً مهماً يمكن أن يضطلع به المجتمع المحلي في إدارة الموروث الثقافي في مختلف المناطق السعودية، مشيراً إلى أن أفراد المجتمع من المهتمين ممن عاصر وهج تلك المواقع التراثية والثقافية، ملمّ بقيمتها وعارف بتفاصيل جميلة وشيقة حول هذا التراث، ويستطيع الكثير منهم وباقتدار نقل ملامح الجمال الحقيقي والمتفرد للتراث الثقافي كلٌ في منطقته، وإبرازه كعمل إنساني ثقافي ينافس نظيره في المناطق الأخرى سواء خارج الوطن أو داخله.

ويضيف الحميدي: «إذا تم تفعيل المهرجانات التراثية التي يشارك بها أفراد المجتمع المحلي بشكل جيد، فإن ذلك من شأنه إثراء التراث الثقافي والحفاظ عليه عبر الأجيال، وهذا كله يصب في المحصلة النهائية في تأسيس وعي جديد لدى تلك المجتمعات، كما أن دور المرأة لا يقل أهمية في الكشف عن التراث الثقافي الخاص بنساء الجزيرة العربية، وفي اكتمال عقد هذه المنظومة الاجتماعية باعتبارها حاضنة للثقافات وناقلة لها و منتجة ومربية لأجيال يحملون في داخلهم تقديراً عالياً ومعرفة دقيقة بأهمية التراث الثقافي لمناطقهم».

وأكد الحميدي أن ذلك يتحقق ليس فقط من خلال المحافظة المادية والعلمية على ذخائر التراث الثقافي، بل عبر تمكين المجتمع المحلي من إدارته والتعامل العلمي الأمثل معه، وتدريبهم على المهارات اللازمة لهذه المهمة، وإشراكهم في وضع الخطط المناسبة للإدارة، وطرح برامج مستدامة للتعامل مع التراث والحفاظ عليه، والتبليغ عن الاكتشافات والمواقع التراثية، ومحاولة الدمج والمواءمة بين متطلبات التطور، التي ينشدونها والموروث الثقافي لديهم، ولفت انتباه المجتمع إلى أن هذا التراث الثقافي بالإمكان الاستفادة منه كرافد من الروافد الاقتصادية التي تعود بالخير على المجتمع و المنطقة.



فصيلة «خارقة» من البشر لا يحتاجون إلى نوم ساعات طويلة

اكتشف العلماء 7 جينات مختلفة ترتبط بقلة ساعات النوم (غيتي)
اكتشف العلماء 7 جينات مختلفة ترتبط بقلة ساعات النوم (غيتي)
TT

فصيلة «خارقة» من البشر لا يحتاجون إلى نوم ساعات طويلة

اكتشف العلماء 7 جينات مختلفة ترتبط بقلة ساعات النوم (غيتي)
اكتشف العلماء 7 جينات مختلفة ترتبط بقلة ساعات النوم (غيتي)

«يحتاج الإنسان إلى النوم ما بين 7 و9 ساعات ليلاً؛ ليتمكّن من استعادة نشاطه والحفاظ على صحته»... هذا ما نسمعه دوماً. وهناك اعتقاد سائد، كأنه قاعدة لا تقبل الكسر، هو أن النوم لفترة أقل تترتب عليه مشكلات صحية على المديين القصير والطويل، وأعراض مثل، ضعف الذاكرة، والاكتئاب، والخرف، وأمراض القلب، وضعف جهاز المناعة... بيد أن العلماء توصّلوا، خلال السنوات الأخيرة، إلى وجود «فصيلة» من البشر لا يحتاجون إلى نوم فترات طويلة، ولا تتأثر صحتهم بقلّة ساعاته، وفق «وكالة الأنباء الألمانية».

وهذه الفئة من البشر، وفق العلماء، مجهّزون جينياً للنوم من 4 إلى 6 ساعات فقط ليلاً، من دون أن يؤثّر ذلك على صحتهم أو أن يترك لديهم شعوراً بالإرهاق في اليوم التالي، ويقول الباحثون إن المسألة تتوقف لديهم على جودة النوم وليست على طول ساعاته.

«فصيلة» من البشر لا يحتاجون إلى نوم فترات طويلة (غيتي)

ويأمل الباحثون معرفة الأسباب التي تجعل هؤلاء الأشخاص أقل احتياجاً إلى النوم مقارنة بغيرهم، حتى يستطيعوا التوصل إلى فهم أفضل لطبيعة النوم لدى الإنسان.

يقول الباحث لويس بتسيك، اختصاصي طب الأعصاب بجامعة كاليفورنيا في سان فرنسيسكو: «في الحقيقة نحن لا نفهم ماهية النوم، ناهيك بأسباب الاحتياج إليه، وهي مسألة مثيرة للدهشة، لا سيما أن البشر ينامون في المعتاد ثلث أعمارهم». وكان العلماء في الماضي يعتقدون أن النوم أكبر من مجرد فترة للراحة، ووصفوه بأنه مرحلة لخفض طاقة الجسم استعداداً لاستعادة النشاط مجدداً في اليوم التالي.

وكان العالم توماس أديسون، مخترع المصباح الكهربائي، يصف النوم بأنه «إهدار للوقت»؛ بل و«إرث من زمن رجل الكهف»، وكان يزعم أنه لا ينام أكثر من 4 ساعات ليلاً. بيد أن العلماء في العصر الحديث وصفوا النوم بأنه عملية «نشطة ومركبة» تُعبَّأ خلالها مخازن الطاقة في الجسم، ويُتخلص فيها من السّموم، وتُجدَّد في أثنائها الروابط العصبية وتُثبَّت الذكريات، وقالوا إن الحرمان منه تترتب عليه مشكلات صحية جسيمة.

مَن تزداد لديهم معدّلات إفراز هرمون «أوريكسين» لا يحتاجون لنوم ساعات طويلة (غيتي)

وترتبط معرفة البشر بالنوم بشكل أساسي بنموذج علمي طرحه الباحث المجري السويدي ألكسندر بوربيلي في سبعينات القرن الماضي، حين قال إن النوم يقترن بعمليتين منفصلتين؛ هما «الإيقاع اليومي»، ويقصد به الساعة البيولوجية للجسم، والتوازن بين النوم والاستيقاظ (Sleep Homeostasis)، وهو التفاعلات الجسمانية التي تتحكّم في توقيت وطول ساعات النوم؛ إذ يرتبط النظام الأول بتغيرات الضوء في البيئة وأوقات الليل والنهار، ويرتبط الثاني بضغوط جسمانية داخلية تزداد خلال الاستيقاظ وتنخفض في أثناء النوم.

وفي حديث للموقع الإلكتروني «Knowable Magazine»، يؤكّد الباحث لويس بتسيك، المختص في الأبحاث الطبية، أنهم كانوا على علم بأن البشر ينقسمون إلى «عصافير صباحية» و«بُومٍ ليلي»، وأن الغالبية العظمى تقع في منطقة متوسطة بين الشريحتين، مضيفاً أن «الفئة التي لا تحتاج إلى النوم فترات طويلة كانت دائماً موجودة، ولكنهم غير ملحوظين؛ لأنهم عادة لا يذهبون إلى الطبيب».

ووفق الموقع، فقد سُلّطت الأضواء على شريحة البشر الذين لا يحتاجون إلى النوم فترات طويلة؛ عندما توجهت امرأة مسنة للطبيب بتسيك وزميله ينغ هيو فو، اختصاصي علوم الوراثة، وهي تشكو من إصابتها بما وصفتها بـ«لعنة» قلّة النوم؛ إذ كانت تستيقظ في ساعات مبكرة للغاية وتعاني، على حد وصفها، من «برودة الجو والظلام والوحدة»، وأوضحت أن حفيدتها ورثت عنها عادات النوم نفسها لساعات محدودة. ويقول الباحث ينغ هيو فو إن طفرة جينية معينة اكتُشفت لدى هذه المرأة، وبمجرد نشر نتائج البحث، بدأ الآلاف من هذه الشريحة، التي تستيقظ باكراً للغاية، يكشفون عن أنفسهم. وربط الباحثان بتسيك وزميله ينغ هيو فو هذه الظاهرة باسم طفرة في أحد الجينات يعرف بـ«DEC.2».

وعن طريق تقنيات الهندسة الوراثية، أحدث الباحثان تعديلات الجين نفسه لدى الفئران، وترتب على ذلك أن تلك الفئران أصبحت هي الأخرى أقل احتياجاً إلى النوم مقارنة بأقرانها. وتبيّن للباحثين أن إحدى وظائف هذا الجين هي التحكم في مستويات أحد الهرمونات التي تُفرَز في المخ، ويعرف باسم «أوريكسين»، ويتمثل دوره في تنشيط اليقظة، في حين أن نقصه يؤدي إلى حالة مرضية تعرف باسم «Narcolepsy»؛ أي «التغفيق»، وهي اضطراب في النوم يؤدي إلى الشعور بالنّعاس الشديد خلال ساعات النهار. وكشفت التحليلات عن أن الأشخاص الذين لا يحتاجون إلى النوم ساعات طويلة تزداد لديهم معدّلات إفراز هرمون «أوريكسين».

ومع استمرار التجارب، اكتشف الفريق البحثي 7 جينات مختلفة ترتبط بقلة ساعات النوم، وركزوا على جين معين يطلق عليه اسم «ADRB1» وهو ينشط في جذع المخ، وتتمثل وظيفته في ضبط عملية النوم. وعندما استطاع الباحثون، عبر تقنية خاصة، تنشيط هذه المنطقة من المخ التي تسمى «Dorsal Pons»، اتضح أن الفئران التي لديها طفرة في هذا الجين كانت تستيقظ بشكل أسهل وتظلّ مستيقظة لفترات أطول. كما وجدوا أيضاً أن حدوث طفرة في الجين المعروف باسم «NPSR1» يؤدي إلى قلة ساعات النوم من دون أي مشكلات في الذاكرة، بعكس ما قد يحدث مع غالبية البشر في حال انخفاض عدد ساعات النوم التي يحصلون عليها.

ويؤكد الباحثون أن هذه الشريحة من البشر، كما أثبتت الاختبارات على فئران التجارب، محصّنون، فيما يبدو، ضد الأمراض التي تحدث بسبب قلة النوم، كما أن حالتهم الصحية تكون في العادة جيدة بشكل استثنائي، وعادة ما يتميزون بالطّموح والتفاؤل والطاقة، ويكتسبون مرونة نفسية لمقاومة التوتر، وقدرة عالية على تحمل الألم، بل ربما تكون أعمارهم أطول مقارنة بغيرهم.