وقفت شابة عربية بملامحها الحنطية على مسرح (Barbican) وسط لندن، الذي يقع في أكبر مركز من نوعه للفنون في أوروبا، تنشد أغنية من التراث السوداني على أحد المقامات الغنائية، وبدأت كأنها ترسل عبر حنجرتها بكلمات حزينة رسالة أمل لعودة الاستقرار لبلدها لتنفجر القاعة بالتصفيق لها.
كانت الشابة من ضمن 34 عضواً في كورال أكاديمية الفنون والتراث العربي في بريطانيا التي أحيت ليلة فنية أول من أمس امتزجت فيها الأغاني من مختلف الأوطان العربية والمتنوعة من حيث اللهجات والقوالب الموسيقية والغنائية واستعرضت التنوع الكبير للمقامات العربية التي تصل إلى 54 مقاماً أساسياً إضافة إلى أكثر من 100 مقام فرعي ومحلي وعدد لا محدود من الإيقاعات.
اختارت الفرقة بقيادة المايسترو السوري باسل صالح من كل بستان زهرة وكل زهرة يفيض في عبيرها الكثير من القصص والحكايات القديمة الجديدة المفعمة بالحب والحنين والفرح والحزن والشوق والفخر ابتداءً من الموشحات الكلاسيكية العربية والأندلسية والأغاني الفلكلورية الشعبية مروراً بالقدود والقصائد والمواويل مروراً على الجورجينا واللامي إلى أغاني السلم الخماسي والراي وفنان العرب محمد عبده، تناغم الجمهور مع تلك المقاطع الموسيقية وبدأت القاعة وهي تردد المواويل والموشحات إضافة إلى بعض المؤلفات الجديدة التي تحاكي روح هذه الحضارة وموروثها الفكري والموسيقي.
وعن هذا تقول المخرجة العراقية زينب الجواري التي أسست أكاديمية الفنون والتراث العربي في بريطانيا مع الفنان التشكيلي العراقي باسم مهدي إن هذا الكورال جاء بدافع إحياء الفنون العربية الأصيلة المتطورة، مشيرة إلى أن التطور والتنوع جاءا نتيجةً لتعاقب الحضارات المختلفة على الوطن العربي التي يصل عمر البعض منها إلى 7000 سنة.
وتضيف أن أعضاء الكورال المؤلف من حوالي 34 عضواً من النساء والرجال من مختلف أرجاء الوطن العربي والذين يقطنون في العاصمة لندن وما حولها تم تدريب العديد منهم ليقدموا مختلف ألوان الغناء العربي الغني، مضيفة «نحن نفخر بالكورال وما حققه في كل حفل يقيمه ليأخذ جمهوره العربي والغربي في رحلة عبر صوت العالم العربي».