نجوى كرم... المكانة محفوظة ولكن!

أصدرت أغنيتَي «شغّل موسيقى» و«عشر دقايق» من ألبومها «كاريزما»

الغلاف الرسمي لأولى أغنيات نجوى كرم من ألبومها الجديد
الغلاف الرسمي لأولى أغنيات نجوى كرم من ألبومها الجديد
TT
20

نجوى كرم... المكانة محفوظة ولكن!

الغلاف الرسمي لأولى أغنيات نجوى كرم من ألبومها الجديد
الغلاف الرسمي لأولى أغنيات نجوى كرم من ألبومها الجديد

تسبق نجوى كرم فنانين إلى التجديد المُبتكر، ومفاجأة الجمهور بالاختلاف والتمايز. وحين لم يجرؤ أحد، قبل أكثر من عقد، تجرّأت وغنّت الإيقاعي السريع بسحر الطبلة والـ«دوم تاك»، وكانت السبّاقة في نفض الماضي للالتحاق بالآتي. راح بعضٌ يكرّس نهاية زمن الألبوم بذريعة متطلّبات العصر وتغيُّر شكل العطاء الفني، لتعود هي وتؤكد أنّ الأصل لا يهتزّ وإن سطت عليه فورات واستبعدته موجة طارئة.

«كاريزما» اسم ألبوم «شمس الأغنية اللبنانية»، بإصدار شركة «روتانا». ليت خيار افتتاح أولى أغنياته وقع على «عشر دقايق» بدلاً من «شغّل موسيقى» التي أطلقتها إلى الجمهور ولم تكن بحجم التوقعات. حدوث العكس، لم يعلن عن بداية موفقة تماماً، من دون أن يعني ذلك تعميم الانطباع حيال الألبوم كاملاً. الورود مُحتملة ضمن الباقة، وعادة نجوى كرم الحرص على تنوّع الحديقة.

الانطلاق بـ«شغّل موسيقى» (كلمات عامر لاوند، وألحان علي حسون وتوزيعه)، يترك باباً مفتوحاً على رجاء أن يكون الآتي أفضل. فالأغنية عادية في موضوعها وتركيبتها، لا تعلق في الذهن على الفور. حاول مخرج الفيديو كليب، دان حداد، تأطيرها بصورة خلّاقة، وكسبَ رهانات تتعلق بالإطلالة المتفوّقة للنجمة، لجهتي الحضور والأزياء، لكنّ إحساساً بالخيبة تسرَّب.

معضلة نجوى كرم في بعض أغنياتها الأخيرة، الموضوع الميّال إلى التكرار. يكاد فنّ السنوات الماضية يتشابه، بتوجّه ممل إلى الحبيب الهائمة بغرامه. خروج «عشر دقايق»، ثاني أغنيات ألبومها الجديد (كلمات وسام الأمير وألحانه، بعد غياب عن تعاون يجمعهما)، من الفكرة المُعادَة، وهي غالباً الشوق نفسه للرجل؛ منحها قيمة فنية، تُضاف إليها لمسات الشعر الغنائي والنغم. فهي، إلى كونها تُذكّر بـ«نجوى الزمن الجميل»، تبدو جديدة في طرحها موضوعاً خارج الاستهلاك. عن الحب الفجائي المستتر خلف كذبة، وذلك الخفقان غير المفهوم؛ تغنّي.

لا يزاحم أحد نجوى كرم على مكانتها. نجمة من لبنان تلمع على مسارح العالم. لكن ذلك لا يعني أنّ كل ما غنّته أخيراً جدير بالتصفيق. باسم التجديد وتصدّر «الترند»، تتورّط، مثل آخرين، بغناء لا يدوم. يشتعل ثم يهمد. لا يرتقي إلى بصمة. مَن نشأ على أغنياتها، تعزّ عليه المقارنات، وسيظلّ يراها جائزة وإن تغيّر الزمن وأشكال التسويق ومفاهيم النجاح.

الغلاف الرسمي لألبوم نجوى كرم الجديد

اليوم، تتكلم الأرقام. وتحت الفيديو كليب على «يوتيوب»، رقم مشاهدات يتبارى الفنانون على الأصفار الإضافية في آخره. وهذه الأرقام لا علاقة لها دائماً بالنوع والقيمة الفنية. معاييرها أحياناً غير منصفة. وحجمها مستمدّ من شعبية المغنّي، قبل التقييم النقدي الرصين للأغنية من كلمات ولحن وتوزيع وأداء وصورة، فتكسب إثره موقعها المُستحق.

اختيار الأغنيات، معضلة كبرى. أي هَمّ يسيطر أمام عدد الكلام وتعدّد الألحان في حوزة الفنان؟ لا يبدو الهَم نوعياً، بقدر ما هو رغبة في محاكاة زمن السهل. وليس المقصود بالنوعي طربيات كلثومية وغناء القصيدة والمعلّقات. بل ما يحمل معنى. Make sense، بالإنجليزية. فلا تكون الأغنية فقاعة سرعان ما تتلاشى ليتطاير الوَقْع والأثر.

الغناء تسالٍ، سيُقال. وهو ملء الوقت الثقيل بلحظات لطيفة. وأيضاً، استراحة من فداحة الحياة والوجوه العابسة. كله يصحّ. لكن ذلك لا يعني إرسال المستوى الفني إلى المقاعد الخلفية والتلويح له من مسافات. الأشطر، هو القادر على الترفيه اللائق واكتساح المنصات بالمحتوى القيِّم. فلا تولد الأغنية وبيدها سجل وفاتها. ولا يكون عيشها مقتصراً على أيام وشهر. وفي حدّ أقصى على شهور قليلة بدفعٍ من نجومية الفنان. لا نزال نغني روائع أيام خلت، وفي كل حفل، يصدح الجمهور بالساكن في الذاكرة، منذ «عم يرجف قلبي يا إمي»، و«روح روحي»، و«على مهلك يا هوا» و«ورود الدار»... وإن شئنا العدّ لطالت السطور وفاح العطر.

نجوى كرم السبّاقة في التجديد والخروج عن المألوف (تويتر نجوى كرم)

«حرّك إحساسي بحركاته، خربطلي قلبي ودقاته، شو عم بصير... سحرني وتمكّن مني، برضايي ومش غصباً عني، شعور خطير»، تغنّي «عشر دقايق» من نَفَس وسام الأمير، صديق نجاحات ومراحل.

يغلب «شغّل موسيقى» إحساسٌ بالوقوع في أسر «الترند». فالجملة الدارجة «شغّل موسيقى حزينة»، مُلحقةً بـ«دُور ولفّ المدينة، والخالص عمره يموت، علِّي علِّي هالصوت»، تتيح التساؤل: ما هذا الكلام؟! يسمّونها «الست نجوى» لمكانتها ووفائها لإعلاء الأغنية اللبنانية. المكانة محفوظة لكن بعض الأغنيات لا يضيف.



حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
TT
20

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

سادت حالة من الحزن في الوسطين الفني والرسمي المصري، إثر الإعلان عن وفاة الفنان نبيل الحلفاوي، ظهر الأحد، عن عمر ناهز 77 عاماً، بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

وكان الحلفاوي قد نُقل إلى غرفة العناية المركزة في أحد المستشفيات، الثلاثاء الماضي، إثر تعرضه لوعكة صحية مفاجئة، وهو ما أشعل حالة من الدّعم والتضامن معه، عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي.

ونعى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الفنان الراحل، وقال في بيان: «كان الفقيد قامة فنية شامخة؛ إذ قدّم عبر سنوات إبداعه الطويلة أعمالاً فنية جادة، وساهم في تجسيد بطولات وطنية عظيمة، وتخليد شخوص مصرية حقيقية خالصة، وتظلّ أعماله ماثلة في وجدان المُشاهد المصري والعربي».

الفنان الراحل نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

وعبّر عددٌ من الفنانين والمشاهير عن صدمتهم من رحيل الحلفاوي. منهم الفنانة بشرى: «سنفتقدك جداً أيها المحترم المثقف الأستاذ»، مضيفة في منشور عبر «إنستغرام»: «هتوحشنا مواقفك اللي هتفضل محفورة في الذاكرة والتاريخ، الوداع لرجل نادرٍ في هذا الزمان».

وكتبت الفنانة حنان مطاوع: «رحل واحدٌ من أحب وأغلى الناس على قلبي، ربنا يرحمه ويصبّر قلب خالد ووليد وكل محبيه»، مرفقة التعليق بصورة تجمعها به عبر صفحتها على «إنستغرام».

الراحل مع أحفاده (حسابه على «إكس»)

وعدّ الناقد الفني طارق الشناوي الفنان الراحل بأنه «استعاد حضوره المكثف لدى الأجيال الجديدة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتاد أن يتصدّر الترند في الكرة والسياسة والفن»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحلفاوي رغم موهبته اللافتة المدهشة وتربيته الفنية الرّاسخة من خلال المعهد العالي للفنون المسرحية، لم يُحقّق نجوميةَ الصف الأول أو البطل المطلق».

وعبر منصة «إكس»، علّق الإعلامي اللبناني نيشان قائلاً: «وداعاً للقدير نبيل الحلفاوي. أثرى الشاشة برقِي ودمَغ في قلوبنا. فقدنا قامة فنية مصرية عربية عظيمة».

ووصف الناقد الفني محمد عبد الرحمن الفنان الراحل بأنه «صاحب بصمة خاصة، عنوانها (السهل الممتنع) عبر أدوار أيقونية عدّة، خصوصاً على مستوى المسلسلات التلفزيونية التي برع في كثير منها»، لافتاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «السينما خسرت الحلفاوي ولم تستفِد من موهبته الفذّة إلا في أعمال قليلة، أبرزها فيلم (الطريق إلى إيلات)».

حنان مطاوع مع الحلفاوي (حسابها على «إنستغرام»)

وُلد نبيل الحلفاوي في حي السيدة زينب الشعبي عام 1947، وفور تخرجه في كلية التجارة التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي تخرج فيه عام 1970، ومن ثَمّ اتجه لاحقاً إلى التلفزيون، وقدّم أول أعماله من خلال المسلسل الديني الشهير «لا إله إلا الله» عام 1980.

ومن أبرز أعمال الحلفاوي «رأفت الهجان» عام 1990 الذي اشتهر فيه بشخصية ضابط المخابرات المصري «نديم قلب الأسد» التي جسدها بأداءٍ يجمع بين النبرة الهادئة والصّرامة والجدية المخيفة، بجانب مسلسل «غوايش» و«الزيني بركات» 1995، و«زيزينيا» 1997، و«دهشة» 2014، و«ونوس» 2016.

مع الراحل سعد أردش (حسابه على «إكس»)

وتُعدّ تجربته في فيلم «الطريق إلى إيلات» إنتاج 1994 الأشهر في مسيرته السينمائية، التي جسّد فيها دور قبطانٍ بحريّ في الجيش المصري «العقيد محمود» إبان «حرب الاستنزاف» بين مصر وإسرائيل.

وبسبب شهرة هذا الدور، أطلق عليه كثيرون لقب «قبطان تويتر» نظراً لنشاطه المكثف عبر موقع «إكس»، الذي عوّض غيابه عن الأضواء في السنوات الأخيرة، وتميّز فيه بدفاعه المستميت عن النادي الأهلي المصري، حتى إن البعض أطلق عليه «كبير مشجعي الأهلاوية».

نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

ووفق الناقد محمود عبد الشكور، فإن «مسيرة الحلفاوي اتّسمت بالجمع بين الموهبة والثقافة، مع دقة الاختيارات، وعدم اللهاث وراءَ أي دور لمجرد وجوده، وهو ما جعله يتميّز في الأدوار الوطنية وأدوار الشّر على حد سواء»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لم يَنل ما يستحق على مستوى التكريم الرسمي، لكن رصيده من المحبة في قلوب الملايين من جميع الأجيال ومن المحيط إلى الخليج هو التعويض الأجمل عن التكريم الرسمي»، وفق تعبيره.