الإيراني مصطفى زماني بطل «يوسف الصدّيق»: أمثّلُ الناس لا الدولة

حاوره نزار الفارس فغلبت «العادية» أسئلته

الممثل الإيراني مصطفى زماني ظلّ صاحياً طوال اللقاء (لقطة من الحلقة)
الممثل الإيراني مصطفى زماني ظلّ صاحياً طوال اللقاء (لقطة من الحلقة)
TT

الإيراني مصطفى زماني بطل «يوسف الصدّيق»: أمثّلُ الناس لا الدولة

الممثل الإيراني مصطفى زماني ظلّ صاحياً طوال اللقاء (لقطة من الحلقة)
الممثل الإيراني مصطفى زماني ظلّ صاحياً طوال اللقاء (لقطة من الحلقة)

وجود الممثل الإيراني مصطفى زماني الشهير بشخصية «يوسف النبي» في مسلسل «يوسف الصدّيق» في العراق، حرّك الحسّ الصحافي لدى نزار الفارس. سعيه إلى استضافته في برنامجه «تابوو» (قناة «دجلة الفضائية»)، بدا هَماً يغلب الهَم الأهم: محتوى اللقاء. طرح عليه السؤال المُتوقَّع ودفع الحوار باتجاه تفوّق الضيف على المُحاور.

وعدُه ببداية نارية، لم يحل دون سيطرة «العادية» على أجواء لم تشتعل. ليس المقصود بالاشتعال الرخُص، إنما تنقيبٌ صحافي في دواخل ضيف قليل الإطلالات حتى في بلده. ولأنّ الإعلامي العراقي نزار الفارس فاز بالسَبَق، وَجَب عدم الاكتفاء؛ فتتجاوز الأسئلة نوعها النمطي: «ما شعورك والعالم العربي كله تعلّق بك؟»، أو «ما شعورك بالاستقبال الرائع في الدول العربية؟».

 

مصطفى زماني بشخصية «يوسف الصدّيق» (تويتر)

 

 

 

حتى محاولة صبّ الزيت على النار، تعامل معها الممثل الإيراني بحنكة. لم يترك مجالاً لمُحاوره الذي وصفه بـ«الشاطر»، بجرّ الحديث إلى غير اتجاه. والأخير حاول «حشره» بسؤالين أو ثلاثة، لتمرّ البقية بلا وَقْع يُذكر. في الأول، أمِل اعترافه بما يحرّك الفضول على مواقع التواصل: «هل حقاً أحببتَ (زليخة)؟ هل كوّنت حيالها مشاعر؟». نجا الضيف: «أنا ممثل، أؤدي الدور فقط».

وفي الثاني، رمى سؤالاً بنكهة الفخّ: «إن خُيِّرتَ أداء سيرة أحد الخلفاء الراشدين الأربع، أيّهم تختار؟». تنصّل مرة أخرى: «الأمر يعود للنص. عليَّ قراءته أولاً». باقي الأسئلة «المثيرة» راحت تحوم حول المسائل الشخصية في البشر: «هل أنت ملتزم دينياً؟»، «هل رزتَ المقامات في نجف وكربلاء؟»... مصطفى زماني حسم اللعب لمصلحته: «أنا ممثل، خصوصيتي الدينية لي. لا أجاوب على هذه الأسئلة».

وهو إذ زار أرض العراق ومعالمه، وأطلع مُحاوره على تنقلاته بناء على طلبه، ظلّ فناناً حذراً من المطبات. لم ينطق بحرف قبل وضعه في الميزان. كان عليه التأكد من عدم إساءة الفهم ووضْع الحد للتأويل. لذا، صارح مُحاوره: «أنا قليل الكلام، ليس غروراً، بل لأنني أخشى الاستنتاجات. أفضّل البال المرتاح».

من اليمين نزار الفارس يحاور مصطفى زماني (لقطة من الحلقة)

رغم الشهرة الهائلة لشخصية «نبي الله يوسف» في أحد أضخم المسلسلات الإيرانية العابرة للحدود (2008)، ظلّ خصماً لمواقع التواصل. التفّ مُحاوره على سؤال من باب آخر: «ماذا عن المعجبات، لا بدّ أنهنّ كثيرات؟». انتقى الردّ المناسب: «من الطبيعي هذا الحوم، لكنّ ذلك لا أهمية له».

كان «فيسبوك» آنذاك في بداياته واستخدامه يقتصر على محدودين. مصطفى زماني نصير الظلّ على الضوء، والعزلة على الصخب. يُخبر الفارس أنّ انخراطه بالشارع ضئيل، فإن حدث وأصابته سهامٌ من قلوب خافقة، وبلغه الهيام، تعامل معه باحترام ممثل لجمهوره. حدود ولياقات.

حضر المترجم في الحوار لتسهيل التواصل. الفارس يسأل بلهجته العراقية، وزماني يردّ بالفارسية، وبينهما مَن يمدّ الجسور. على المستوى التقني، كان من الأجدر إخفاء صوت الضيف فلا يُسبب وصوت المترجم معاً، تشويشاً على المتابع، مما يتطلّب جهداً للفهم.

رفع في وجهه هاتفه، وعلى شاشته صورة لمحمد رمضان. سأله: «هل تعرفه؟ هذا الـ(نمبر وان)؟». ردّ الضيف بالنفي، فمعرفته بالموسيقى العربية تقتصر على بعض طربيات أم كلثوم، فيما الميل أكبر إلى الفن الكردي وأغنيات شمال إيران.

الفارس مجتهد، لكنه يُخطئ حين يضع الضيف في جيبه. تخرج الحلقة من دون الإشارة إلى تعب تطلّبه الإعداد ومن دون اكتراث إلى الاستفادة المعمّقة من مقابلة نادرة. لا تنتهي المَهمة ببداية التصوير، لتصبح بقية المراحل تحصيلاً حاصلاً. هي السؤال بسؤاله، والجواب وما وراءه، والسعي إلى عمق فلا تطفو اللحظات على السطح.

تقدّم الآلاف لدور «يوسف النبي»، وأُسدي إلى مصطفى زماني. عَبَر الاختبار الأول، فالثاني بعد شهر بما يتعلق بالمكياج والملابس. في الثالث، امُتحنت قدراته التمثيلية، ليخضع بعد نجاح الامتحان إلى دورات في الفروسية والمبارزة بالسيوف. مسار قبل الوصول ومتاعب تُجمّل النتائج.

أحبّ بين فيض مواقف المسلسل المؤثرة، انتشال «مالك بن زعر» ليوسف الطفل من الجُبّ. وأكثر ما علَّم، مشهد بيع يوسف كـ«عبد» في سوق النخاسة مقابل 250 دبناً؛ ليظهر له الوحي الإلهي ويُطمئنه بأنّ الدنيا أحوال، ويمهّد له قدره ليبلغ بالمحن والعذابات عرش «عزيز مصر».

دُهش نزار الفارس لاحترافه، وهو يُخبره أنّ خاله توفي في اليوم عينه وهو يصوّر «عرس يوسف». أتمّ عمله وبعد نهاية التصوير، أطلع المخرج على فقدانه أحد الأعزاء. وامتدّ الإعجاب إلى التغزّل بعينَي الضيف الجميلتين، ليأتيه الردّ بأنهما هبة من الله ولا يد له في امتلاك النعمة. قدّم أدواراً في غير مسلسلات، لكنّ دور العمر ظلّ «يوزرسيف»، وسَّع جمهوره القادر على التعرّف إليه، وإن خرج ملتحياً ومتنكراً بملابس مختلفة وقبعة.

حمله النجاح إلى دول أوروبية وخليجية، وفق ما راح يعدّد. عند العرب، «لم أشعر بغربة. والحب العربي الكبير حفّزني للمجيء إلى العراق». يخرج من المقابلة بالتأكيد على أنه فنان يتجاوز ما يُفرّق: «أنا ممثل، يعني أنني نائب عن الناس، لا عن دولتي. هم يرونني قدوة ويحمّلونني مسؤولية».



مهرجان الرياض للمسرح ‬⁩يطلق دورته الثانية بـ20 عرضاً وتكريم السباعي

نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)
نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)
TT

مهرجان الرياض للمسرح ‬⁩يطلق دورته الثانية بـ20 عرضاً وتكريم السباعي

نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)
نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)

انطلق، الأحد، مهرجان الرياض للمسرح بدورته الثانية، ويستمر لاثني عشر يوماً من العروض المسرحية المتنوعة، ومنصة محورية لدعم المسرحيين السعوديين، واكتشاف وتطوير المواهب الناشئة، والاحتفاء بالأعمال المميزة.

وشهد حفل افتتاح الدورة الثانية من المهرجان تكريم شخصية هذا العام؛ وهو الأديب والصحافي والمؤرخ الراحل أحمد السباعي، الذي اشتُهر بلقب «أبو المسرح السعودي»، وجَرَت تسميته شخصية العام في المهرجان؛ تقديراً لإسهاماته في إدخال المسرح السعودية وتطوير الفنون في المملكة.

وقُدِّم على خشبة مسرح مركز المؤتمرات بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بمدينة الرياض حيث يقام المهرجان، عرضٌ مسرحي يحكي انطلاقة المسرح في المملكة على يد الرائد أحمد السباعي، مطلع الستينات الميلادية من القرن العشرين.

والسباعي، المولود عام 1905، عمل، مطلع مشواره العملي، في قطاع التعليم، وشرع خلالها في الكتابة بصحيفة «صوت الحجاز»، التي تولّى رئاسة تحريرها لاحقاً، وأسس صحيفة «الندوة»، ثم مجلة «قريش» الأدبية.

ويسجَّل للسباعي أنه كان من أوائل الدائبين على إنشاء المسرح السعودي في بواكيره، وذلك في مطلع الستينات، واستقطب مدربين ذوي دراية وخبرة، للتمثيل من مصر، وجهز عرض الافتتاح، لكن محاولته لم تكلَّل بالنجاح وقتها، وتُوفي عام 1984. ‏

من حفل افتتاح المهرجان في دورته الثانية بالرياض (واس)

تطلعات طموحة للإبداع

تمثل الدورة الثانية للمهرجان امتداداً للنجاح الذي حققته الدورة الأولى، مع تطلعات طموحة لتقديم مزيد من الإبداع والتميز في السنوات المقبلة. يشارك، في نسخة هذا العام، 20 عرضاً سعودياً مع برنامج يشمل 3 ندوات، و6 ورش عمل، و20 قراءة نقدية، وتتوزع العروض المشارِكة على مسارين؛ أحدهما للمسرح المعاصر ويضم 11 عرضاً، والآخر للمسرح الاجتماعي ويضم 9 عروض.

وقال سلطان البازعي، الرئيس التنفيذي للهيئة، إن مهرجان الرياض للمسرح في دورته الثانية يمثل إنجازاً جديداً لمسيرة المسرح السعودي، وانطلاقة نحو آفاق مسرحية مشرقة. وأضاف: «يجسد المهرجان قيمنا المشتركة، ونهدف إلى أن يكون المسرح السعودي مسرحاً يعكس هويتنا وثقافتنا، في ظل دعم القيادة الرشيدة، ونسعى إلى تحقيق مزيد من النجاحات». وأفاد البازعي بأن المهرجان سيشهد مشاركة 20 عملاً مسرحياً في مسارين مختلفين، إضافة إلى 3 ندوات حوارية، و3 ورش عمل، و20 قراءة نقدية، خلال 10 أيام من الإبداع المسرحي في تجربة ثرية واستثنائية. من جهته، أشار الدكتور راشد الشمراني، مدير المهرجان، إلى أن مهرجان الرياض للمسرح يمثل خطوة نوعية لتعزيز مكانة المسرح في المشهد الثقافي السعودي، موضحاً أن المهرجان يهدف إلى اكتشاف الطاقات الإبداعية ودعمها، إلى جانب تطوير المحتوى المسرحي وتوسيع قاعدة الجمهور، بما يُعزز دور المسرح بوصفه منصة للحوار والتواصل الإنساني، ويسهم في بناء مجتمع واعٍ بفنون الأداء والمسرح. وخلال الحفل، جرى تكريم لجنة الفرز والمشاهدة في المهرجان التي كان لها دور بارز في الدورة الحالية، وضمت نخبة من الأسماء وهم: حمد الرميحي، وعبد الناصر الزاير، وعبد الله ملك، والدكتور عزيز خيون، والدكتور خالد أمين. ويشهد المهرجان عرض مسرحيات الفرق المتأهلة في مسابقة المهرجان، والقادمة من 8 مدن، بالإضافة إلى مجموعة من الفعاليات الثقافية؛ منها ندوات وقراءات نقدية وورشة عمل، كما سيقدم المهرجان عروضاً يومية متنوعة وثقافية تعكس التنوع والإبداع.