«شو بطبخ بكرا؟»... سؤال حيّر ربات المنازل

«ماماز جوي» صاحبة صفحة إلكترونية معروفة على «إنستغرام»... (إنستغرام)
«ماماز جوي» صاحبة صفحة إلكترونية معروفة على «إنستغرام»... (إنستغرام)
TT

«شو بطبخ بكرا؟»... سؤال حيّر ربات المنازل

«ماماز جوي» صاحبة صفحة إلكترونية معروفة على «إنستغرام»... (إنستغرام)
«ماماز جوي» صاحبة صفحة إلكترونية معروفة على «إنستغرام»... (إنستغرام)

سؤال حيّر أجيالاً من ربات المنازل عبر الزمن؛ استحوذ على اهتمامهن وشكّل أحد همومهن اليومية. «شو بطبخ بكرا؟»... كان ولا يزال السؤال الذي تطرحه ربة المنزل على أفراد عائلتها. بذلك ربما يساعدونها في عملية البحث هذه، التي ترافقها على مدار أيام السنة.

وعادة ما تطرح الأم هذا السؤال على أولادها، وهم أول من تتنبه إلى إرضاء أذواقهم، فتحاول عبر طرح السؤال عليهم التقليل من إمكانية ممارسة عادتهم المشهورة بطلب الطعام «الديلفري».

الرزنامة السنوية وجدت الحل

في الماضي القريب اتبعت دور نشر الرزنامات السنوية قاعدة تفيد النساء في هذا الموضوع، فكانت أوراقها على مدى أيام السنة تطبع على ناحيتين («القفا» والوجه). تحمل كل ورقة تاريخ اليوم والشهر والسنة من ناحية؛ ومن الجهة الثانية أسماء أطباق لكل يوم. فكان يحضر فيها الطبق الأساسي والسلطة وطبق الحلويات، فتكتمل مكونات المائدة العائلية يومياً، وتوفر على سيدة البيت إضاعة الوقت في البحث عن الأطعمة المناسبة.

وفي الأحياء الشعبية وبين جيران الحي الواحد الذين يزور بعضهم بعضاً في الصبحيات والعصريات كانت النساء يتبادلن هذا السؤال... فمع فكرة من هنا، وطبق من هناك، تأخذ في التجهيز لمائدة كل يوم، فتستعير السيدة أفكار جارتها أو والدتها أو حماتها.

وبعض ربات المنازل، وتوفيراً للوقت ولخيبات الأمل من قبل الزوج والأولاد في عدم استساغتهم هذا الطبق أو ذاك، يركنّ إلى وضع لائحة طعام لأيام الأسبوع بأكمله. وبعد مناقشات مع أفراد العائلة يلغين بعضها أو يضفن عليها، فيكون الجميع مسروراً، ويعرفون سلفاً ما ينتظرهم من طعام.

أسماء أطباق لبنانية تزود بها لانا ياسين ربات المنازل (إنستغرام)

الـ«سوشيال ميديا» والأفكار الكثيفة

راهناً؛ يَركَنُ بعض ربات المنازل من الأجيال الشابة إلى وسائل التواصل الاجتماعي لإيجاد جواب عن سؤالهن الأزلي هذا. فتفلفش الصفحات الإلكترونية الخاصة بالطبخ والطهاة المعروفين، تدون وصفة الشيف أو «بلوغر الطعام» بحذافيرها وتنقلها إلى صحون مائدتها. أحياناً تكون هذه الوصفات كلاسيكية نابعة من الطعام المحلي المعروف، وأحياناً أخرى تذهب بعيداً معها إلى مطابخ غربية إيطالية أو فرنسية... وغيرها، فتجد الوصفات التي توفر لها تحضير أطباق خارجة عن المألوف تستكشف طعمها مع أفراد عائلتها.

شاشات التلفزة والفضائيات العربية تسهم، هي الأخرى، في حل مشكلة الأمهات، فتخصص يومياً برامج طبخ يقدمها طاهٍ معروف على الهواء مباشرة.

«شو بطبخ بكرا؟»... سؤال حير ربات المنازل على مدى أجيال (إنستغرام)

وعادة ما تقدم هذه الفقرة صباحاً أو ظهراً، كي يتوفر لربة المنزل الوقت الكافي لشراء مكونات الطعام الخاصة بالطبق النجم.

لانا ياسين... ديزاينر وجدت الحل

الصفحات الإلكترونية الخاصة بالطعام وأنواع الأكل تعدّ ولا تحصى على مواقع إلكترونية مثل «إنستغرام» و«فيسبوك». فهي صارت «ترينداً» معتمداً من قبل ربات منازل أو رجال مختصين في فن الطهي.

ولكن لانا ياسين دخلت هذا المجال من باب آخر لترد على سؤال لطالما سمعته من والدتها: «شو بطبخ بكرا؟»، فابتكرت 49 بطاقة تشبه ورق اللعب، وكتبت على كل منها الطبق المنتظر.

«ماماز جوي» صاحبة صفحة إلكترونية معروفة على «إنستغرام»... (إنستغرام)

وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «تركت بين هذه الأوراق اثنتين منها (جوكر)، بحيث يمكن لربة المنزل الاستعانة بطعام الديلفري. وهناك 5 أخرى خصصتها للأطباق الخاصة، من ابتكارها أو المفضلة لدى أفراد عائلتها». وتقول لانا إن هذه الفكرة ابتكرتها من سؤال يومي تطرحه عليها والدتها وهما يرتشفان فنجان القهوة الصباحي... «لقد حفظت هذا السؤال: (شو بطبخ اليوم؟) أو (شو بطبخ بكرا؟) منذ نعومة أظافري. فكان بمثابة التقليد اليومي الذي لا تنسى أمي طرحه علينا».

ولأنها تعمل في مجال التصميم الغرافيكي، فقد أرفقت لانا هذا الابتكار برسوم تزين اسم الطبخة. «رحت أضيف الألوان والرسوم على كل ورقة كي أزيدها وهجاً. وتلاقي هذه الفكرة رواجاً كبيراً في لبنان وخارجه. فيختارها الناس هديةً يحملونها معهم لشقيقة أو صديقة أو والدة مهاجرة. وأحد أصدقائي أرسل لي صورة فوتوغرافية عن مدى فرحة والدته بهذه الأوراق. فهو قدمها لها هدية في مناسبة عيد الأم اشتراها (أون لاين)».

«شو بطبخ بكرا؟»... سؤال ردت عليه لانا ياسين بـ49 ورقة (إنستغرام)

ومن أسماء الأطباق التي توردها لانا على هذه الأوراق الـ49 «اللوبية بالزيت» و«الملوخية» و«الصيادية» و«كبة بالصينية». كما أدرجت أكلات أخرى مشهورة في لبنان والعالمين العربي والغربي... «كان عليّ أن ألون هذه الأطباق بتلك المشهورة في بلادنا وقد استقدمناها من بلاد الغرب، مثل (الباستا) والـ(لازانيا) والـ(اسكالوب)... وغيرها. وقريباً أفكر في إطلاق مجموعة أوراق أخرى تحت عنوان (شو طابخين اليوم؟) تعلق على باب الثلاجة وتمد ربة المنزل بأفكار منوعة».



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.