التفاح يتحوّل من فاكهة إلى مكوّن رئيسي في السَّلطات

فوائده لا تُحصى ومذاقه يتناغم مع كل شيء

سلطة العدس الأسود الصحية مع التفاح الأخضر والبصل الأحمر وجبن الفيتا للشيف أسماء درويش (الشرق الأوسط)
سلطة العدس الأسود الصحية مع التفاح الأخضر والبصل الأحمر وجبن الفيتا للشيف أسماء درويش (الشرق الأوسط)
TT

التفاح يتحوّل من فاكهة إلى مكوّن رئيسي في السَّلطات

سلطة العدس الأسود الصحية مع التفاح الأخضر والبصل الأحمر وجبن الفيتا للشيف أسماء درويش (الشرق الأوسط)
سلطة العدس الأسود الصحية مع التفاح الأخضر والبصل الأحمر وجبن الفيتا للشيف أسماء درويش (الشرق الأوسط)

«تفاحة في اليوم تُبقي الطبيب بعيداً»... مقولة متداولة عن التفاح في الكثير من الثقافات بسبب فوائده الكثيرة، لكن لا يعني ذلك أن تتناوله بالضرورة مباشرةً من سلة الفواكه، أو حتى في فطيرة التفاح الشهيرة؛ فثمة استخدامات أخرى متعددة ما بين المأكولات البحرية ووصفات الدجاج والبرغر والسَّلطات فضلاً عن المخبوزات والحلويات.

في ظل القائمة الطويلة للوصفات التي تتيح لك استخدام التفاح كمكون أساسي في الطعام، أو حتى دمجه معها كضيف خفيف في أيام الصيف، فإنك بالضرورة ستجد الطبق الذي يناسب ذوقك أو النكهة التي تفضلها، هكذا ينصح الشيف عصام راشد.

ويزيد راشد من نصائحه في حديث إلى «الشرق الأوسط» بتجريب ثنائي المأكولات البحرية والتفاح، لا سيما التفاح الأخضر، إنه «غذاء مثالي للباحثين عن الصحة والرشاقة»، وإذا «كان التفاح كما يقول المثل يغنيك عن الطبيب؛ فإن السي فود كما هو معروف أيضاً يفيد القلب والذاكرة».

يضع راشد بين أيدينا مجموعة من الأطباق التي تجعلك تتوقف عن الاعتقاد بأن التفاح مكانه الوحيد هو ذلك الطبق المبهج الممتلئ بالفواكه أو تلك السلة التي تعلو مائدتك، لتنقل هذه الفاكهة المفيدة إلى مطبخك، وفي مقدمتها سمك السلمون المشوي مع التفاح بالكراميل والقرفة؛ والسمك المدخن مع شيبس التفاح المقرمش، أما الروبيان المشوي مع التفاح والبصل الأخضر المدخن والسمسم المحمص والبابريكا؛ فهو خيار مناسب لعشاء صيفي أنيق وبسيط في الوقت ذاته.

لكن حتى لو دمجته مع أنواع أخرى من الأسماك مثل البلطي أو البوري، حسب شيف راشد، فإنك ستعيد طهيه كثيراً؛ لتحصل على نكهة مدهشة من التمازج بينهما؛ حيث يعزز التفاح طعم البروتين المفضل للمأكولات البحرية، كما يمنحها نكهة منعشة لطيفة، وحين تتبّل السمك جيداً، جرِّبْ إضافة الكركم، ولفّ السمك والتفاح بأوراق الموز أو ورق الزبدة.

كما يقدم الشيف أحمد علام، وصفات متنوعة من الأكلات المضاف إليها التفاح، ومنها آموس بوش سالمون تارتار مع التفاح الأخضر وجل اليوزو والسمسم، كما يقدم كبدة البط بمشروم الترافيل المغلفة بالغناش الأحمر مع سيرنيكي محشي بالتوت الأحمر، وصوص التفاح الأخضر، ويقدم معه عيش البريوش المحمص وصوص التوت الأحمر، وهو ما يقودنا إلى استخدام التفاح في طهي الطيور.

وصفات أخرى متنوعة من الدجاج بالتفاح تنتظر محبي خوض التجارب الجديدة من الأطباق غير التقليدية وتنصح بها الشيف سلمى عادل، التي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «للحريصين على الخروج من صندوق الأفكار الثابتة في الطبخ فإن الاستعانة بقطع التفاح في إعداد طبق مختلف من الدجاج أمر ممتع للغاية»، وتقترح إعداد طاجن الدجاج بالتفاح الأحمر المصري الصغير، مع تتبيلة مكونة من المريمية والريحان والجوز أو المكسرات المفضلة.

الشيف أحمد علام (الشرق الأوسط)

وتقدم الشيف أيضاً شرائح الدجاج المنكّهة مع قطع التفاح الحلوة ومكعبات الفلفل الحلو، أما صدور الدجاج فهي تحشوها بالتفاح المفروم وجبن الشيدر أو الجبن الذي تفضله مع إضافة الزعتر الأخضر والقليل من القرفة والزنجبيل، ولن يقاوم الأطفال برغر الدجاج المغموس لحمه المفروم قبل طهيه في صوص مكون من المايونيز والخردل على أن تتم تصفيته جيداً قبل تشكيله كبرغر.

وتلفت الشيف سلمى إلى أن سَلطة التفاح مع الزبادي المتبلة والزبيب والجوز والمايونيز والقليل من الملح والفلفل، الممتزجين بالبقدونس والبصل وصفة سلطة لتفاح ستصبح من الأطباق الجانبية المحببة على مائدة الغذاء عندما تقرر أن تجربها، وربما ستكتفي بها وحدها وتعدها طبقاً رئيسياً في نهارات الصيف الحارة، خصوصاً إذا ما أضفت إليها قطعاً من البروكلي لمزيد من القرمشة.

تفاح مكرمل بالزبدة مع ميكس الغرانولا الكرانشي بصوص الكراميل والتوت البري والآيس كريم فانيليا للشيف أحمد علام (الشرق الأوسط)

أما الشيف أسماء درويش فتقدم على مدونتها عبر «إنستغرام» سلطة العدس الأسود الصحية مع التفاح الأخضر والبصل الأحمر وجبنة الفيتا، وفي حالة ما إذا كنت أكثر جرأة يمكنك أن تجرب وصفتها لسلطة التفاح الأخضر مع الدجاج والمكونة من صدري دجاج مخليين (يتبلان بالملح والفلفل والثوم والصلصة الحارة وعصير الليمون وزيت الزيتون).

وإذا كان ذوقك كلاسيكياً يميل إلى التمسك بالتفاح في الحلويات والمخبوزات بدلاً من الأطباق المالحة فأمامك وصفات لا حصر لها مثل تارت التفاح بالكراميل وأكواب فطيرة التفاح وسنيكر التفاح، بالإضافة إلى كيك التفاح التقليدي.

آموس بوش سالمون تارتار مع التفاح الأخضر وجل اليوزو والسمسم للشيف أحمد علام (الشرق الأوسط)

وفقا للشيف مريم مراد، فإنه «ليس هناك أسهل من إعداد هذه الوصفات»، بشرط اتّباع مجموعة من «التركّات» في مقدمتها اختيار ثمرات صلبة لتتحمل الحرارة والتقليب في أثناء عملية الطهي، كما تنبه إلى أنه عند تقشير التفاح يجب استخدام مقشرة خضراوات بدلاً من السكين؛ وعليك بتقطيع التفاح إلى قطع صغيرة متساوية حتى ينضج بسرعة وبشكل متساوٍ، مع تقليب هذه القطع بالماء وعصير الليمون لمنع تحول لونها إلى اللون البُني.



ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
TT

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)

إذا كنت من محبي الأجبان فستكون سويسرا من عناوين الأكل المناسبة لك؛ لأنها تزخر بأنواع تُعد ولا تُحصى من الأجبان، بعضها يصلح للأكل بارداً ومباشرة، والأصناف الأخرى تُؤكل سائحة، ولذا يُطلق عليها اسم «فوندو» أو «ذائبة».

من أشهر الأجبان السويسرية: «الفاشرين» Vacherin، و«الغرويير»، و«الراكليت»، و«الإيمينتال»، ويبقى طبق «الفوندو» الأشهر على الإطلاق، لا سيما في فصل الشتاء؛ لأنه يلمّ شمل العائلة حوله، وترتكز فكرته على المشاركة، والنوع الأفضل منه يُطلق عليه اسم «مواتييه مواتييه»، ويعني «نصف - نصف»، وهذه التسمية جاءت من مزج نصف كمية من جبن «الفاشرين»، والنصف الآخر من جبن «الإيمينتال»، يُؤكل ذائباً بعد وضعه في إناء خاص على نار خافتة، يتناوله الذوّاقة عن طريق تغميس مكعبات لذيذة من الخبز الطازج وبطاطس مسلوقة صغيرة الحجم في الجبن إلى جانب البصل والخيار المخلل.

جلسة خارجية تناسب فصل الصيف (الشرق الاوسط)

عندما تزور مدينة جنيف لا بد أن تتوجه إلى القسم العتيق منها حيث تنتشر المقاهي والمطاعم المعروفة فيها، وبالقرب من الكاتدرائية لن يغفل عنك مطعم «ليه أرمور» Les Armures، المعروف كونه أقدم المطاعم السويسرية في جنيف، ويقدّم ألذ الأطباق التقليدية، على رأسها: «الراكليت»، و«الفوندو»، واللحم المجفف، و«الروستي» (عبارة عن شرائح بطاطس مع الجبن).

يستوقفك أولاً ديكور المطعم الذي يأخذك في رحلة تاريخية، بدءاً من الأثاث الخشبي الداكن، ومروراً بالجدران الحجرية النافرة، والأسقف المدعّمة بالخشب والمليئة بالرسومات، وانتهاء بصور الشخصيات الشهيرة التي زارت المطعم وأكلت فيه، مثل: الرئيس السابق بيل كلينتون، ويُقال إنه كان من بين المطاعم المفضلة لديه، وقام بتجربة الطعام فيه خلال إحدى زياراته لجنيف في التسعينات.

جانب من المطعم الاقدم في جنيف (الشرق الاوسط)

يعود تاريخ البناء إلى القرن السابع عشر، وفيه نوع خاص من الدفء؛ لأن أجواءه مريحة، ويقصده الذوّاقة من أهل المدينة، إلى جانب السياح والزوار من مدن سويسرية وفرنسية مجاورة وأرجاء المعمورة كافّة. يتبع المطعم فندقاً من فئة «بوتيك»، يحمل الاسم نفسه، ويحتل زاوية جميلة من القسم القديم من جنيف، تشاهد من شرفات الغرف ماضي المدينة وحاضرها في أجواء من الراحة. ويقدّم المطعم باحة خارجية لمحبي مراقبة حركة الناس من حولهم، وهذه الجلسة يزيد الطلب عليها في فصل الصيف، ولو أن الجلوس في الداخل قد يكون أجمل، نسبة لتاريخ المبنى وروعة الديكورات الموجودة وقطع الأثاث الأثرية. ويُعدّ المطعم أيضاً عنواناً للرومانسية ورجال الأعمال وجميع الباحثين عن الأجواء السويسرية التقليدية والهدوء.

ديكور تقليدي ومريح (الشرق الاوسط)

ميزة المطعم أنه يركّز على استخدام المواد محلية الصنع، لكي تكون طازجة ولذيذة، تساعد على جعل نكهة أي طبق، ومهما كان بسيطاً، مميزة وفريدة. الحجز في المطعم ضروري خصوصاً خلال عطلة نهاية الأسبوع. أسعاره ليست رخيصة، وقد تتناول «الفوندو» بسعر أقل في مطعم آخر في جنيف، ولكن يبقى لـ«Les Armures» سحره الخاص، كما أنه يتميّز بالخدمة السريعة والجيدة.

فوندو الجبن من أشهر الاطباق السويسرية (الشرق الاوسط)

ما قصة «الفوندو» السويسري؟

«الفوندو» السويسري هو طبق تقليدي من أطباق الجبن المميزة التي يعود أصلها إلى المناطق الجبلية والريفية في جبال الألب السويسرية، ويُعد اليوم رمزاً من رموز المطبخ السويسري. يعتمد هذا الطبق على فكرة بسيطة، ولكنها فريدة؛ إذ تتم إذابة الجبن (عادة مزيج من عدة أنواع مثل «غرويير» و«إيمينتال») في قدر خاص، يُدعى «كاكلون» Caquelon، ويُوضع فوق موقد صغير للحفاظ على حرارة الجبن. يُغمس الخبز في الجبن المذاب باستخدام شوكات طويلة، مما يمنح كل قطعة خبز طعماً دافئاً وغنياً.

مبنى "ليه أرمور" من الخارج (الشرق الاوسط)

كان «الفوندو» يُعد حلاً عملياً لمواجهة ظروف الشتاء القاسية، حيث كانت الأسر السويسرية تعتمد بشكل كبير على الأجبان والخبز غذاء أساساً، ومع قسوة الشتاء وندرة المؤن، كانت الأجبان القديمة التي أصبحت صلبة وإعادة استخدامها بتلك الطريقة تُذاب. وقد أضاف المزارعون لاحقاً قليلاً من النبيذ الأبيض وبعض التوابل لتحسين الطعم وتسهيل عملية إذابة الجبن.

مع مرور الوقت، ازداد انتشار «الفوندو» ليصبح طبقاً سويسرياً تقليدياً ورمزاً وطنياً، خصوصاً بعد أن روّج له الاتحاد السويسري لتجار الجبن في ثلاثينات القرن العشرين. جرى تقديم «الفوندو» في الفعاليات الدولية والمعارض الكبرى، مثل «المعرض الوطني السويسري» عام 1939؛ مما ساعد في التعريف به دولياً. أصبح «الفوندو» في منتصف القرن العشرين جزءاً من الثقافة السويسرية، وجذب اهتمام السياح الذين يبحثون عن تجربة الطهي السويسرية التقليدية.

من أقدم مطاعم جنيف (الشرق الاوسط)

هناك أنواع مختلفة من «الفوندو»، تعتمد على المكونات الأساسية:

• «فوندو الجبن»: الأكثر شيوعاً، ويُستخدم فيه عادة خليط من أنواع الجبن السويسري، مثل: «غرويير»، و«إيمينتال»، والقليل من جوزة الطيب.

• «فوندو الشوكولاته»: نوع حلو تتم فيه إذابة الشوكولاته مع الكريمة، ويُقدّم مع قطع من الفواكه أو قطع من البسكويت.

• «فوندو اللحم» (فوندو بورغينيون): يعتمد على غمر قطع اللحم في قدر من الزيت الساخن أو المرق، وتُغمس قطع اللحم بعد طهيها في صلصات متنوعة.

اليوم، يُعد «الفوندو» تجربة طعام اجتماعية مميزة؛ حيث يلتف الأصدقاء أو العائلة حول القدر الدافئ، ويتبادلون أطراف الحديث في أثناء غمس الخبز أو اللحم أو الفواكه؛ مما يعزّز من روح المشاركة والألفة.