كما للصيف خاماته وفساتينه المنسدلة بشفافية، كذلك للخريف قطع لا يمكن الاستغناء عنها؛ لأنها أصبحت رفيقة مثالية لتلك الأيام التي تنبعث فيها برودة من بين أشعة الشمس. قطع كثيرة نخص بها السترة أو الجاكيت. قطعة أثبتت أنها تجمع العملية بالأناقة، بغض النظر عن المكان والزمان. فهي مطابقة لأجواء العمل إذا تم ارتداؤها مع بنطلون من الصوف أو الحرير، وأيام الإجازات مع بنطلون جينز أو رياضي. وعندما تكون من المخمل أو الساتان، فهي مناسبة للمساء والسهرة.
بلغة الموضة، يمكن عدّها استثماراً لكل المواسم. حالياً، يقترحها المصممون بأساليب متنوعة حتى نختار ما يناسب الذوق الخاص ويواكب الموضة في الوقت ذاته. من الأسلوب الكلاسيكي الأنثوي المفصل على الخصر، مستحضراً جاكيت «البار» الذي أبدعه الراحل كريستيان ديور، أو الأسلوب المتأثر بأجواء الريف الإنجليزي، وهذا غالباً ما يكون عبارة عن سترات من التويد أو الصوف بنقشات الـ«هيرنغبون» أو «الكاروهات»، إلى الأسلوب الرجالي الذي تم تأنيثه، لكن يبقى وفياً لموضة لا تفرق بين الجنسين، وهو ما يتجسد هنا في سترات مزدوجة الأزرار تميل إلى الاتساع قليلاً، وغيرها من التصاميم المبتكرة التي تخاطب جيل «زي».

لكن مهما تغيرت التصاميم والأساليب، يبقى القاسم المشترك بينها سهولتها وأناقتها، سواء كانت من الجلد أو الشامواه أو من الصوف أو المخمل. ثم لا يمكن تجاهل أن بعضها أصبح عنواناً للحداثة، وما علينا سوى أن نتذكر تلك السترات التي طرحتها دار «بالنسياغا» في السنوات الأخيرة بأكتافها وأحجامها الضخمة. بالنسبة للبعض كانت كاريكاتورية، لكنها بالنسبة لجيل الشباب كانت وسيلتهم للتميز. الآن تم ترويض الأشكال المبالَغ فيها لكي ترافق امرأة أنيقة في الأيام التي لا تتطلب معطفاً واقياً من المطر وتتطلب بعض الدفء فقط. هذا لا يعني أن تصاميمها ابتعدت عن الجرأة الحداثية تماماً، فهي أحياناً من دون ياقات، وأحياناً أخرى بأكمام ضخمة وأكتاف عالية، وأحياناً مفككة بشكل متعمد. لكن هذه الجرأة ليست مجرد وسيلة لإخراجها من الماضي.
من أبرز هذه السترات حالياً والتي تستحق الاستثمار فيها، نقترح:
جاكيت الجلد

لم يغب الجلد تماماً عن ساحة الموضة، لكنه يعود هذا الخريف أكثر حداثة بأكمام واسعة وأطوال تتباين بين القصير الذي لا يتعدى الخصر والطويل الذي يغطي نصف الورك. أحياناً على شكل معطف طويل وأحياناً على شكل بدلة متكاملة، لكن يبقى الجاكيت من الأساسيات التي تناسب كل الأعمار والأذواق. دار «بيربري» اقترحته بأشكال عدة ولكل المناسبات.
جاكيت الشامواه

في الإطار نفسه، تعرف هذه الخامة عودة قوية، لا سيما بعد ظهورها في عروض أزياء عدة عاد فيها مصمموها إلى الغرب الأميركي والأسلوب البوهو. بدأت بالتسلل إلى هذه العروض في خريف 2023 عندما قدمتها «برادا» بقصات واسعة وخالية من أي تفاصيل زخرفية نالت الإعجاب؛ الأمر الذي شجعها على إعادة تقديمها لخريف 2025، بأسلوب رياضي مستوحى من جاكيت الـ«بومبر» الرياضي. دار «هيرميس» كذلك قدمته رياضياً، لكن بسحّاب، بينما تركت التصميم كلاسيكياً حتى لا يفقد عنصر الاستثمار الذي تنادي به الدار في كل منتجاتها. لكن بعيداً عن بيوت الأزياء العالمية، فإن محال شعبية تطرحه بالجودة نفسها وبأسعار أقل مثل «مانغو» التي ظهرت الممثلة كايتي هولمز بجاكيت بتصميم رياضي منها.
المحددة عند الخصر

ويطلق عليها جاكيت «البار» لارتباطها بمبدعها كريستيان ديور في عام 1947. منذ ذلك الحين وهي تتجدد، لكنها شهدت هذا العام قفزة كبيرة بعد أن ظهرت بها الكثير من النجمات والطبقات المخملية، وعلى رأسهن كيت ميدلتون، أميرة ويلز. شدت إطلالتها أنظار العالم، وأعادت لهذا التصميم المزيد من البريق والإقبال. صحيح أنها لا تناسب الأيام العادية بسهولة نظراً لكلاسيكيتها، لكن بقليل من الذكاء يمكن الحصول على إطلالة مبتكرة وشبابية. مثلاً، يمكن تنسيقها مع قميص وبنطلون جينز وتركها مفتوحة.
«البلايز» مزدوج الأزرار

منذ أن ظهرت به الممثلة جوليا روبرتس في عام 1990 وهي تتسلم جائزة أحسن ممثلة مساندة عن فيلم «ستيل مانغوليا» Steel Magnolias وهو يغازل عالم المرأة. كان مصممه آنذاك الراحل جيورجيو أرماني، الذي رغم وفاته منذ أسابيع قليلة، خلَّف لنا أرشيفاً غنياً من السترات والبدلات الناعمة. هذا الموسم، اكتسب هذا الجاكيت المزدوج الأزرار قوة أكبر، خصوصاً وأن كثيراً من المصممين طرحوه بدلةً متكاملة مع بنطلونات واسعة، لكن للتنويع والاستفادة، يمكن اعتماد البلايزر وحده للتخفيف من «رجوليته» وكذلك تنسيقه مع «تي - شيرت» عوض قميص. وهذا تحديداً ما تتعمده المرأة في المناسبات المهمة، أولاً لترسيخ مكانتها في المجتمع وأيضاً لتسجيل مواكبتها لموضة عالمية باتت الخيوط فيها بين الذكوري والأنثوي رفيعة للغاية.
التويد والصوف

وعلى ذِكر التأثير الرجالي، لا بد من الإشارة إلى تصدر الجاكيت المستوحى من الريف الإنجليزي ساحة الموضة هذا الخريف. هو في الغالب مصنوع من التويد أو الصوف المنقوش بأشكال مرتبطة بالثقافة الإنجليزية والاسكوتلندية مثل الكاروهات. كانت الطبقات الأرستقراطية البريطانية تلبسه للصيد والنزهات البرية، قبل أن يُدخله خياطو «سافيل» رو عالم الأناقة وباعوه للعالم. دار «لورو بيانا» الإيطالية قدمته مؤخراً في مجموعة مستوحاة من الريف الإنجليزي في فصل الخريف بألوانه وخاماته.
















