بعد قرابة 10 سنوات، سيغادر المصمم الجورجي ديمنا دار «بالنسياغا» لينضم إلى دار «غوتشي» ابتداءً من شهر يوليو (تموز) المقبل. كان الخبر مفاجئاً إلى حد ما. فرغم أن البحث عن مصمم جديد للدار الإيطالية لم يكن خفياً على أحد، فإن أسماء أخرى كانت مطروحة لهذه الوظيفة من بينها ماريا غراتسيا كيوري، المديرة الفنية للمجموعات النسائية لدى «ديور»، وهادي سليمان الذي غادر حديثاً دار «سيلين» للأزياء. أما ديمنا فبالكاد ذُكر اسمه لتولي هذه المهمة.

وكانت مجموعة «كيرينغ» المالكة «لغوتشي» و«سان لوران» وغيرهما، عقدت الآمال قبله على ساباتو دي سارنو لكي يغيِّر اتجاهها ويأخذها إلى مكان آمن في وقت تعرف فيه صناعة الموضة تحديات عدة. لكن رغم كل المحاولات والدعم الذي تلقاه فإنه لم يحقق النتائج المطلوبة. وهكذا غادر «غوتشي» في فبراير (شباط) بعد عامين فقط من العمل فيها.
وقال الرئيس التنفيذي لـ«كيرينغ» فرنسوا هنري بينو، في البيان الصحافي الذي تم نشره للإعلان عن الخبر، إنّ «ما أنجزه ديمنا لعالم الموضة ككل، ولبالنسياغا والمجموعة كان هائلاً»، مؤكداً أنّ «قوته الإبداعية هي ما تحتاج إليه غوتشي الآن».

لا يخفى على أحد ما يعنيه. فـ«غوتشي» كانت حتى عام 2023 الماسة التي تزيِّن تاج المجموعة. تحقق نحو نصف عائدات شركة «كيرينغ» وثُلثي أرباحها التشغيلية. وشهدت تحديداً عصراً ذهبياً في عهد أليساندرو ميكيلي بين 2015 و2019، إذ ارتفعت عائداتها 3 مرات. لمس أسلوبه الصارخ، بأن الكثير قليل، في تلك الفترة وتراً حساساً لدى شريحة كبيرة من الشباب. وفي عام 2022، تجاوزت مبيعات «غوتشي» عتبة 10 مليارات يورو (10.84 مليار دولار)، مدفوعة بتصاميمه اللافتة بجرأة ألوانها وتناقضاتها الغريبة. لكن كل هذا السحر تلاشى في عام 2023 وبدأت الدار تعاني من تباطؤ في أدائها وتُكبِد الشركة الأم «كيرينغ» خسارات جمة تمثلت في انخفاض صافي أرباحها بنسبة 62 في المائة في عام 2024. انخفاض مبيعات «غوتشي» وحدها بلغ نسبة 23 في المائة، أي نحو 7.65 مليار يورو (8.29 مليار دولار).

وهذا ما يجعل «تعيين ديمنا في منصب المدير الفني بمثابة محفز مثالي لبث الديناميكية الإبداعية في غوتشي». وفق ما صرَّحت به فرانشيسكا بيليتيني، نائبة المدير العام لـ«كيرينغ» والمسؤولة عن تطوير الدار.
وُلد ديمنا غفاساليا في جورجيا عام 1981 وتخلى عن كنيته غفاساليا سنة 2021 ليشتهر باسمه الأول فقط. عندما التحق بـ«بالنسياغا» خاض عالم الموضة وغيَّر كثيراً من ملامحها ما بين معجب ومستنكر. لكن أكثر ما اشتهر به هو ارتقاؤه بقطع بسيطة جداً لم يكن يتصور دخولها عالم الـ«هوت كوتور» مثل الـ«تي شيرت» وأحذية بأشكال غريبة أقرب إلى القبح منها إلى الجمال، مثل إضافته كعوباً عالية على أحذية الكروكس. لكن النتائج المالية كانت في صالحه، إذ تجاوزت عائدات الدار مليار يورو.
ووفقاً لتقديرات المحللين، تضاعفت مبيعات «بالنسياغا» 4 مرات تقريباً خلال السنوات الخمس الأولى من توليه منصبه لتتجاوز 1.5 مليار يورو في عام 2021. هذه النجاحات شفعت له كبوات كبيرة، مثل حملته الإعلانية التي تضم أطفالاً يرتدون أكسسوارات مستوحاة من السادية الماسوشية، وما أثارته من جدل واستنكار اضطره للاعتذار.

ويندرج تعيينه مديراً فنياً لـ«غوتشي» ضمن سلسلة عمليات الانتقال الواسعة التي تهز عالم الموضة منذ أشهر. فصناعة الموضة ليست بخير، والآمال كلها معقودة حالياً على مَن يعيد ترسيخ مكانتها كواحدة من أكبر العلامات التجارية، وهو الأمر الذي لن يتأتى سوى بإشعال جذوة الرغبة في منتجاتها من جديد. ومن المتوقع أن تتواصل الإعلانات عن تعيينات جديدة، إذ لا تزال دارا «سيلين» و«فندي» من دون مديرين فنيين، بعد مغادرة الفرنسي هادي سليمان والبريطاني كيم جونز. كما لا يزال البريطاني جون غاليانو يبحث عن بيت جديد بعد أن غادر «ميزون مارجيلا» في ديسمبر (كانون الأول) بعدما عمل فيها مدى 10 سنوات.