ديمنا مديراً فنياً لدار «غوتشي»... هل ينجح في تلميعها؟

المصمم ديمنا عند تلقيه جائزة أحسن مصمم للأزياء الجاهزة في عام 2016 في لندن (أ.ف.ب)
المصمم ديمنا عند تلقيه جائزة أحسن مصمم للأزياء الجاهزة في عام 2016 في لندن (أ.ف.ب)
TT

ديمنا مديراً فنياً لدار «غوتشي»... هل ينجح في تلميعها؟

المصمم ديمنا عند تلقيه جائزة أحسن مصمم للأزياء الجاهزة في عام 2016 في لندن (أ.ف.ب)
المصمم ديمنا عند تلقيه جائزة أحسن مصمم للأزياء الجاهزة في عام 2016 في لندن (أ.ف.ب)

بعد قرابة 10 سنوات، سيغادر المصمم الجورجي ديمنا دار «بالنسياغا» لينضم إلى دار «غوتشي» ابتداءً من شهر يوليو (تموز) المقبل. كان الخبر مفاجئاً إلى حد ما. فرغم أن البحث عن مصمم جديد للدار الإيطالية لم يكن خفياً على أحد، فإن أسماء أخرى كانت مطروحة لهذه الوظيفة من بينها ماريا غراتسيا كيوري، المديرة الفنية للمجموعات النسائية لدى «ديور»، وهادي سليمان الذي غادر حديثاً دار «سيلين» للأزياء. أما ديمنا فبالكاد ذُكر اسمه لتولي هذه المهمة.

هل سينجح ديمنا فيما فشل فيه آخرون قبله في دار«غوتشي»؟ (أ.ف.ب)

وكانت مجموعة «كيرينغ» المالكة «لغوتشي» و«سان لوران» وغيرهما، عقدت الآمال قبله على ساباتو دي سارنو لكي يغيِّر اتجاهها ويأخذها إلى مكان آمن في وقت تعرف فيه صناعة الموضة تحديات عدة. لكن رغم كل المحاولات والدعم الذي تلقاه فإنه لم يحقق النتائج المطلوبة. وهكذا غادر «غوتشي» في فبراير (شباط) بعد عامين فقط من العمل فيها.

وقال الرئيس التنفيذي لـ«كيرينغ» فرنسوا هنري بينو، في البيان الصحافي الذي تم نشره للإعلان عن الخبر، إنّ «ما أنجزه ديمنا لعالم الموضة ككل، ولبالنسياغا والمجموعة كان هائلاً»، مؤكداً أنّ «قوته الإبداعية هي ما تحتاج إليه غوتشي الآن».

أدخل أسلوب الشارع و«السبور» في عروضه بشكل ذكي (بالنسياغا)

لا يخفى على أحد ما يعنيه. فـ«غوتشي» كانت حتى عام 2023 الماسة التي تزيِّن تاج المجموعة. تحقق نحو نصف عائدات شركة «كيرينغ» وثُلثي أرباحها التشغيلية. وشهدت تحديداً عصراً ذهبياً في عهد أليساندرو ميكيلي بين 2015 و2019، إذ ارتفعت عائداتها 3 مرات. لمس أسلوبه الصارخ، بأن الكثير قليل، في تلك الفترة وتراً حساساً لدى شريحة كبيرة من الشباب. وفي عام 2022، تجاوزت مبيعات «غوتشي» عتبة 10 مليارات يورو (10.84 مليار دولار)، مدفوعة بتصاميمه اللافتة بجرأة ألوانها وتناقضاتها الغريبة. لكن كل هذا السحر تلاشى في عام 2023 وبدأت الدار تعاني من تباطؤ في أدائها وتُكبِد الشركة الأم «كيرينغ» خسارات جمة تمثلت في انخفاض صافي أرباحها بنسبة 62 في المائة في عام 2024. انخفاض مبيعات «غوتشي» وحدها بلغ نسبة 23 في المائة، أي نحو 7.65 مليار يورو (8.29 مليار دولار).

استطاع ديمنا تحقيق نجاحات كثيرة لـ«بالنسياغا» خلال سنواته فيها رغم كل ما يثيره من جدل أحياناً (بالنسياغا)

وهذا ما يجعل «تعيين ديمنا في منصب المدير الفني بمثابة محفز مثالي لبث الديناميكية الإبداعية في غوتشي». وفق ما صرَّحت به فرانشيسكا بيليتيني، نائبة المدير العام لـ«كيرينغ» والمسؤولة عن تطوير الدار.

وُلد ديمنا غفاساليا في جورجيا عام 1981 وتخلى عن كنيته غفاساليا سنة 2021 ليشتهر باسمه الأول فقط. عندما التحق بـ«بالنسياغا» خاض عالم الموضة وغيَّر كثيراً من ملامحها ما بين معجب ومستنكر. لكن أكثر ما اشتهر به هو ارتقاؤه بقطع بسيطة جداً لم يكن يتصور دخولها عالم الـ«هوت كوتور» مثل الـ«تي شيرت» وأحذية بأشكال غريبة أقرب إلى القبح منها إلى الجمال، مثل إضافته كعوباً عالية على أحذية الكروكس. لكن النتائج المالية كانت في صالحه، إذ تجاوزت عائدات الدار مليار يورو.

ووفقاً لتقديرات المحللين، تضاعفت مبيعات «بالنسياغا» 4 مرات تقريباً خلال السنوات الخمس الأولى من توليه منصبه لتتجاوز 1.5 مليار يورو في عام 2021. هذه النجاحات شفعت له كبوات كبيرة، مثل حملته الإعلانية التي تضم أطفالاً يرتدون أكسسوارات مستوحاة من السادية الماسوشية، وما أثارته من جدل واستنكار اضطره للاعتذار.

رغم الظاهر من جنوح وجنون أبقى على التفصيل أساساً للدار احتراماً لمؤسسها (بالنسياغا)

ويندرج تعيينه مديراً فنياً لـ«غوتشي» ضمن سلسلة عمليات الانتقال الواسعة التي تهز عالم الموضة منذ أشهر. فصناعة الموضة ليست بخير، والآمال كلها معقودة حالياً على مَن يعيد ترسيخ مكانتها كواحدة من أكبر العلامات التجارية، وهو الأمر الذي لن يتأتى سوى بإشعال جذوة الرغبة في منتجاتها من جديد. ومن المتوقع أن تتواصل الإعلانات عن تعيينات جديدة، إذ لا تزال دارا «سيلين» و«فندي» من دون مديرين فنيين، بعد مغادرة الفرنسي هادي سليمان والبريطاني كيم جونز. كما لا يزال البريطاني جون غاليانو يبحث عن بيت جديد بعد أن غادر «ميزون مارجيلا» في ديسمبر (كانون الأول) بعدما عمل فيها مدى 10 سنوات.


مقالات ذات صلة

50 عارضة تحتفل بميلاد «زارا» الخمسين

لمسات الموضة الأبيض والأسود هما الغالبان على هذه التشكيلة للتأكيد على أنها لكل المواسم (زارا)

50 عارضة تحتفل بميلاد «زارا» الخمسين

احتفلت علامة «زارا» مؤخراً بمرور 50 عاماً على تأسيسها، مستعينة بـ50 عارضة أزياء من كل الأعمار والجنسيات والمواصفات لتؤكد أنها تحتضن كل نساء العالم. استعانت…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة الماضي كان خيطاً قوياً ربط العديد من عروض خريف وشتاء 2025-2026

الأحلام المؤجلة توقظ صراعات نفسية وتخلق دراما مسرحية

من بين كل الأفكار الفلسفية ومحاولات الغوص في أعماق الذات، بقي العنصر الأقوى هو الماضي. تكاد تشم رائحته في معظم العروض

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة حقيبة «تاي مي» Tie Me (موسكينو)

5 حقائب بألوان البن وسنابل القمح

لم يمر على الإعلان عن لون العام الحالي «موس موكا» سوى شهرين تقريباً، ومع ذلك فإن شوارع الموضة والمحلات تتلون بكل درجاته منذ فترة. تراه في المعاطف الشتوية وفي…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة صورة أرشيفية تعود إلى عام 2021 تظهر فيها جولي بالأسود والأبيض (أ.ب)

أنجلينا جولي... بين الأسود والألوان الترابية

المرات التي ظهرت فيها أنجلينا جولي بألوان الطبيعة المتفتحة أقل بكثير من أن تُذكر، وغالباً ما تنسقها مع الأسود للتخفيف من «صراخها».

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اختلافات كثيرة وجرية تُفرِّق بين شخصيتَي كل من كاثرين ميدلتون وميغان ماركل وطموحاتهما

أميرة ويلز ودوقة ساسيكس تفرّقهما كل التفاصيل... حتى حب الموضة

في عام 2019، تغيّر المشهد تماماً بعد زواج ميغان ماركل من الأمير هاري. فجأة، اشتدّت المقارنات بين «السلفتين»، وصبّت كلها في صالح السمراء القادمة من أميركا.

جميلة حلفيشي (لندن)

50 عارضة تحتفل بميلاد «زارا» الخمسين

الأبيض والأسود هما الغالبان على هذه التشكيلة للتأكيد على أنها لكل المواسم (زارا)
الأبيض والأسود هما الغالبان على هذه التشكيلة للتأكيد على أنها لكل المواسم (زارا)
TT

50 عارضة تحتفل بميلاد «زارا» الخمسين

الأبيض والأسود هما الغالبان على هذه التشكيلة للتأكيد على أنها لكل المواسم (زارا)
الأبيض والأسود هما الغالبان على هذه التشكيلة للتأكيد على أنها لكل المواسم (زارا)

احتفلت علامة «زارا» مؤخراً بمرور 50 عاماً على تأسيسها، مستعينة بـ50 عارضة أزياء من كل الأعمار والجنسيات والمواصفات لتؤكد أنها تحتضن كل نساء العالم. استعانت أيضاً بالمصور الشهير ستيڤن ميسل لتقديم فيلم تصويري يليق بأهمية المناسبة.

في هذا الصدد، صرّحت مارتا أورتيغا، من شركة Inditex، بأن «التجربة كلّها تتمحور حول الإبداع»، مضيفة أنه «الركيزة التي لا نتخلّى عنها أبداً، وبالتالي يجسّد هذا الفيلم رؤية ستيڤن ميسل الإبداعية، كما يعكس السحر الذي لطالما ميّز ابتكاراتنا. والأجمل من ذلك، أنّه يجمع خمسيناً من أبرز عارضات الأزياء في العالم، لكل واحدة جمالها وشخصيتها».

استعانت العلامة بـ50 عارضة عالمية (زارا)

أما التشكيلة الاحتفالية فتميزت بقصات كلاسيكية تواكب خطوط الموضة الأخيرة مثل البنطلونات الواسعة بطيات مبتكرة عند الخصر، وفساتين يمكن أن تبقى مع المرأة لسنوات. فهي لا تحتاج سوى إلى بعض الإكسسوارات لتجديدها. اقتصارها على اللونين الأبيض والأسود يؤكد بدوره على أنها تواكب خطوط الموضة الأنيقة لا صرعاتها الموسمية.

50 عاماً... 50 عارضة أزياء

من بين العارضات المشاركات في الحملة نذكر آبي لي، أدريانا ليما، وأليك ويك، وأمار أكوي، وأمبير فاليتا، وأميليا غراي، وأوار أودهيانغ، وكانديس سوانبويل، وكارلا بروني، وكارولين ترينتيني، وكارولين ميرفي، وكريستي تورلينغتون، وسيندي كروفورد، ودوتزن كروس، وإيدي كامبل، وإيفا هيرزيغوفا، وفاي فاي سون، وجورجيل موت، وهي كونغ، وإيمان همام، وإيرينا شايك، وإيزيلين ستيرو، وجوان سمالز، وجوليا نوبيس، وكارين إيلسون، وكارلي كلوس، وليكسي بولينغ، وليندا إيفانجيليستا، وليا كيبيدي، وماريسا بيرينسون، وناعومي كامبل، وأسماء أخرى لا تقل أهمية وشهرة.

الأبيض والأسود هما الغالبان على هذه التشكيلة للتأكيد على أنها لكل المواسم (زارا)

بداية القصة

في التاسع من مايو (أيار) عام 1975، افتتح شاب اسمه أمانسيو أورتيغا أوّل متجر في مدينة لا كورونيا الإسبانية. ورغم أن شركته آنذاك، «كونفيسونيس جوا»، كانت قد بدأت بصناعة الملابس منذ عام 1963 أي قبل أكثر من عقد من الزمن، فإن إطلاق «زارا» كان نقطة تحوّل محورية في مسيرة الشركة كما في عالم الموضة. كانت فكرة أمانسيو بسيطة غير أنها غيَرت الكثير في عالم الموضة وأصبحت نموذجاً يحتذى به. ما يثير الانتباه أن الكل ومن دون استثناء بارك نجاحه، الأمر الذي يؤكده النجاح التجاري الساحق الذي تحققه العلامة لحد الآن. فزبون العلامة ينتمي إلى طبقات متنوعة. منهم من ليست له القدرة على اقتناء قطعة من مصمم عالمي ومنهم من له كل الإمكانات، ومع ذلك يُقدر جودة ما تطرحه العلامة، وليس أدل على هذا من ملكة إسبانيا ليتزيا وأميرة ويلز كيت ميدلتون. زبونتان وفيتان ظهرتا في مناسبات عدة بقطع تحمل توقيع «زارا».

فساتين كلاسيكية عصرية يمكن تجديدها بإكسسوارات لأي مناسبة أو موسم (زارا)

كانت الوصفة التي اعتمدها أمانسيو أورتيغا ولا تزال سارية بعد 50 عاماً، قائمة على توفير أزياء وإكسسوارات أنيقة، غالباً ما تكون مستنسخة من تصاميم تُعرض على منصات الموضة العالمية. يطرحها بسرعة وبأسعار معقولة، ومع ذلك لا يثير الأمر حفيظة المصممين. تقبَلوا الأمر، بعضهم على مضض وبعضهم إعجاباً، لا سيما وأن الاستنساخ ذكي لا يفتح الباب لمقاضاته أو اتهامه بالتقليد.

من هو أمانسيو أورتيغا؟

هو الآن واحد من أغنى رجالات الموضة، لكنه وُلد في عام 1936، لأب يعمل في السكك الحديدية، وخلال الحرب الأهلية الإسبانية. ذكر في سيرته الذاتية أن أسرته عانت من الفقر ولم يستطع أن يتخطى مشهداً أليماً لصاحب بقالة وهو يرفض تمديد أجل دين والدته. لكي يساعد أهله، انقطع عن الدراسة وبدأ العمل بمجال صناعة القمصان. لم يكن عمره يتعدى الـ13 حينها، لكنه كان على درجة بالغة من الذكاء والاجتهاد جعلته يتولى إدارة متجر في واحد من أكبر الملابس في المنطقة في غضون 4 سنوات فقط. وهناك، التقى روزاليا ميرا، زوجته الأولى، التي ساعدته على بدء نشاطه التجاري وبنائه. في عمر الـ26 استأجر مساحة بأحد الشوارع الخلفية وأسس أول مصنع له لإنتاج الملابس. ونظراً لظروف الطقس السيئ بمنطقة غاليسيا وغياب التدفئة عن معظم المنازل، كانت واحدة من الخطوات البارعة المبكرة من جانبه إنتاج فساتين مبطنة أنيقة ومريحة باع منها المئات. هذه القدرة على قراءة اتّجاهات الأسواق العالمية في الوقت الفعلي، واستخلاص رؤى دقيقة تُترجم بسرعة إلى تصاميم عصرية تنبض بالحياة هي التي جعلته يبقى في الصدارة، من دون أن نتجاهل أن فريقاً يتكون من أكثر من 300 مصمّم وخبير تجاري يساهم في هذا النجاح ويمنح هذه المنظومة الإبداعية طابعاً متفرداً.

الآن توجد «زارا» في 98 سوقاً عبر متاجرها الفعلية (إ.ب.أ)

لم يتوقف حسه التجاري عند هذا الحد. بينما كانت باقي الشركات تُركِز على جانب واحد، إما صناعة الملابس أو توزيعها أو بيعها، قرر هو أن يتولى كل هذه المهام قاطعاً الطريق على الوسطاء، وفي الوقت ذاته فاتحاً الأبواب للعمالة النسائية المحلية في مجالي التطريز والحياكة، برهنت على مهارتها في التصميم والإنجاز السريع. فقوة العلامة لا تكمن في جودة الأقمشة وأناقة التصاميم فحسب، بل أيضاً في مرونتها واستجابتها لمتطلبات الأسواق، إلى جانب الإنتاج السريع.

الآن توجد «زارا» في 98 سوقاً عبر متاجرها الفعلية، و214 سوقاً من خلال منصّاتها الإلكترونية، مما عزّز تواصلها المباشر مع العملاء في مختلف أنحاء العالم.