أوبرا وينفري... قهرت الصعاب والشدائد وقهرها وزنها الزائد لخمسة عقود

بعد رفضها الحلول السهلة تعترف بأنها تدين للأدوية برشاقتها الحالية

أوبرا وينفري في صورة حديثة لها بمظهر شبابي وفرحة طفولية (أ.ب)
أوبرا وينفري في صورة حديثة لها بمظهر شبابي وفرحة طفولية (أ.ب)
TT

أوبرا وينفري... قهرت الصعاب والشدائد وقهرها وزنها الزائد لخمسة عقود

أوبرا وينفري في صورة حديثة لها بمظهر شبابي وفرحة طفولية (أ.ب)
أوبرا وينفري في صورة حديثة لها بمظهر شبابي وفرحة طفولية (أ.ب)

مقدمة البرامج الحوارية السابقة وسيدة الأعمال أوبرا وينفري، تعيش هذه الأيام عصرها الذهبي بوصفها امرأةً. هذا على الأقل ما تشير إليه صورها الأخيرة. حركات وإيماءات كلها غنج واستعراض لجسد منحوت تحتضنه فساتين ضيقة تطالعنا بها. طريقة وقوفها بإحدى ساقيها ممدودة إلى الأمام على طريقة النجمات، ووضعها يدها على خصرها بثقة وهي تتمايل أمام عدسات المصورين حتى يتمكنوا من التقاط تضاريسها الجديدة من كل الزوايا، تُخلّف الانطباع بأن الترويج هنا ليس لفيلم «اللون البنفسجي» الذي أسهمت في إنتاجه فحسب، وأن القصة أكبر.

إطلالة شبابية خلال العرض الأول لفيلم «Color Purple (اللون البنفسجي)» (أ.ف.ب)

إذا كنت من المتابعين لأخبار النجوم على صفحات المجلات والبرامج التلفزيونية، فأنت بلا شك تابعت التغيير الجذري الذي طرأ على مظهرها أخيراً، ويُثير كثيراً من الجدل حول علاقة المرأة بجسدها ونظرة المجتمع إلى السمنة. فأوبرا صرّحت في مناسبات عدة بأنها كانت تشعر بالخجل والعار كلما ازداد وزنها. إنجازاتها لم تشفع لها أو تُجنبها نظرات الشفقة التي كانت تتلقاها.

لكن شتان بين الأمس واليوم. إطلالاتها الأخيرة مفعمة بحيوية تُظهرها وكأنها في الأربعينات من العمر وليست قاب قوسين من السبعين. قد يتساءل البعض عن الجديد في الأمر. فالمعروف عن أوبرا أنها تعاني من الوزن الزائد منذ عام 1976 عندما حصلت على أول وظيفة مهمة لها وهي في سن 22 عاماً. في ذلك العام بدأت المعاناة بالنسبة لها؛ بسبب الضغوط بأن تحافظ على قوام ممشوق يوافق الثقافة السائدة ونظرة المجتمع. جرّبت أي حمية غذائية تسمع عنها، كما وظّفت طباخين بشكل خاص ومدربي رياضة من دون جدوى. الجديد في الأمر حالياً أنها وبعد 5 عقود تقريباً من تصريحاتها بأهمية الغذاء المتوازن وشرب كميات كبيرة من الماء وممارسة الرياضة، استسلمت واعترفت بأن الفضل في قدها الممشوق يعود إلى دواء تتناوله تحت إشراف طبيب.

بتصريحها هذا، فهي لا تتراجع عن أفكارها السابقة بأن قوة الإرادة هي الحل الوحيد للتخلص من الوزن الزائد فحسب، بل تُظهر استسلامها لحل كانت ترفضه سابقاً على أنه سهل لذوي النفوس الضعيفة.

في المقابل، روّجت لحميات مختلفة وحصدت كثيراً من الأموال من وراء تحفيزاتها وكُتبها عن قوة الإرادة. بل استغلت حسها التجاري، وحوّلت تجربتها الشخصية كالعادة إلى ربح. ففي عام 2015 اشترت نسبة من أسهم شركة «Weight Watchers»، لتُصبح أفضل من يُروّج لها، بفضل شخصيتها وأسلوبها القويَّين في الإقناع والتحفيز. وحتى عندما كانت تتعرّض لانتكاسات وتتراكم الكيلوغرامات على جسدها، كانت تصارح متابعيها بمعاناتها وتحصد كل التعاطف. فهناك الملايين مثلها، ممن عاشوا ويعيشون تجربتها، وجرّبوا كل أنواع الحميات من دون نتيجة. وهذا تحديداً ما تحاول أوبرا وينفري شرحه أخيراً بأن السمنة مرض يحتاج إلى دواء، ولا تنفع معها قوة الإرادة، قائلة: «السمنة مرض، والأمر لا يتعلق بقوة الإرادة. كنت أشعر بأنه يتعين علي إثبات قوتي وعزيمتي، لكنني لم أعد أفكر بهذه الطريقة الآن». تشير إلى أنها كانت تقسو على نفسها وتلومها في كل مرة كان وزنها يزيد؛ بسبب قناعتها بأن «فقدان الوزن ليس مسألة بيولوجية خارجة عن إرادة الإنسان». لكن بعد عقود من التذبذبات والحميات والبرامج التلفزيونية، اعترفت في شهر يوليو (تموز) الماضي بأنها استسلمت للواقع، وأنها تتناول أدوية لإنقاص الوزن عدّتها هدية من السماء أعادت لها ثقتها بنفسها.

إطلالة حديثة لأوبرا وينفري تستعرض فيها رشاقتها بثقة (أ.ف.ب)

لا يهم إن كنت تتفق معها أم لا، لكن ما لا يمكن أن تختلف عليه هو أنها ليست ضعيفة. بل العكس، أثبتت منذ صباها أنها امرأة صلبة، بنت إمبراطورية ضخمة تقدر بالمليارات على الرغم من بداياتها بوصفها فتاةً من أصول سوداء وفقيرة. حوّلت التجارب السلبية كلها، بما في ذلك تعرضها للاغتصاب في طفولتها وصباها، إلى قوة لا يستطيع أعتى الرجال الوقوف أمامها. نقطة ضعفها كانت ولا تزال وزنها، الذي كان يتأرجح بين السمنة والأقل سمنة، وهو ما اعترفت به بصراحة في برامج ولقاءات عدة.

بالنسبة لأي شخص عادي، فإن ازدياد الوزن والانتكاسات التي تلي حميات قاسية بكل ما تعنيه من حرمان، تكون محبطة وقد تصيب البعض بعقد نفسية والبعض بالاكتئاب، فما البال إذا كان هذا الشخص تحت الأضواء ويفرض عليه عمله التعامل مع عارضات ونجمات في غاية الرشاقة والجمال بشكل منتظم؟. ليس هذا فحسب، بل يتميز أيضاً بشخصية تحركها رغبة جامحة في التفوق، ولا تقبل بالحلول الوسطى مثل أوبرا.

اكتسبت إطلالاتها الأخيرة مظهراً شبابياً لم يسبق أن ظهرت به من قبل (رويترز)

في 29 من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي ستبلغ السبعين من عمرها، ولا شك أنها ومتابعيها سيتذكرون أن 2023 هو العام الذي توصلت فيه إلى «إكسير الرشاقة»، الذي أفقدها نحو 40 رطلاً من وزنها. فهي لم تظهر بهذه الرشاقة والنضارة حتى وهي في عمر الصبا والشباب. بالنسبة للمعجبات بها، فإن المهم في القصة هو أن قدوتهن وملهمتهن كشفت لهن أخيراً على «إكسير الرشاقة» الذي راوغها وراوغهن طويلاً. صحيح أنها لم تكشف عن اسمه بعد، ربما لأسباب تتعلق بالدعاية، لكن الكل يعرف أنه من فئة جديدة من الأدوية المصرح بها لهذا الغرض، ويتم تناولها تحت إشراف طبيب مختص. يُشاع أيضاً أنه الدواء نفسه الذي استعملته ميغان ماركل، دوقة ساسكس لتنحيف جسدها، كذلك شارون أوزبورن، وروزي أودونيل وغيرهن. كل هؤلاء يؤكدن أنه فعال، لكن المشكلة أنه متاح لأصحاب الإمكانات العالية فقط نظراً لسعره الباهظ وضرورة استعماله بانتظام.

بالنظر إلى تاريخ أوبرا مع الحميات والدعايات، يتبادر إلى الذهن سؤال حول ما إذا كان سيأتي يوم نكتشف فيه مع أوبرا وينفري أن هذه الأدوية ما هي إلا حل مؤقت مثل باقي الحلول التي روّجت لها سابقاً؟. أما إذا كان الأمر غير ذلك، فإننا أمام حالة تُعيد الأمل لكل مَن يعانون من السمنة.

هؤلاء قد لا يتذكرون عصامية أوبرا وينفري، وكيف بنت إمبراطوريتها الإعلامية من الصفر، ولا حواراتها المثيرة للجدل، بما في ذلك حوارها التاريخي مع ميغان ماركل، دوقة ساسكس والأمير هاري وهما يشتكيان من المؤسسة الملكية البريطانية، ويكيلان لها كل أنواع الاتهامات، بقدر ما سيتذكرون أنها على الرغم من نجاحاتها وإنجازاتها كلها، فإنها ظلت تعاني من عقدة السمنة لعقود، لتمنحهم في الأخير الحل وتفتح لهم الأبواب للاستمتاع بملذات الأكل من دون خوف من تراكم السعرات الحرارية.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)
اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)
TT

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)
اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون كشفها. هدفه أن يُشكِلها بأسلوب يمنح المرأة الثقة من دون أن يحرمها من إحساسها بأنوثتها. صحيح أن بعضها يتسم ببعض الجرأة، إلا أن ما يشفع له فيها أنه نجح في ضخها بحقنات مناسبة من العصرية والديناميكية من خلال فنية تظهر حيناً في الأكمام وحيناً آخر في التنورات والجوانب وغيرها.

لعب المصمم على الأنوثة ليرسم لوحة مفعمة بالأنوثة الطاغية والراقية في الوقت ذاته (خاص)

اللافت فيها أيضاً أنها بالرغم من تفاصيلها وكشاكشها وطياتها، مريحة. يشرح المصمم أنه راعى فيها أن تمنح المرأة حرية الحركة «فمن دون حركة وراحة لا يمكن للمرأة أن تبدو ساحرة وواثقة من نفسها» حسب رأيه. ويُبرر أن الجرأة التي اعتمدها محسوبة، بدليل أنها قد تقتصر على الأكمام ولا تركز على إبراز مفاتن الجسد بشكل واضح.

اعتمد المصمم على الألوان الأحادية المتوهجة وكأنه يريد استعمالها بوصفها مضاداً لرمادية الشتاء (خاص)

اختارها ألا تكون صادمة، بل فنية لإضفاء مزيد من الأناقة الفنية على كل قطعة. فكل قطعة في التشكيلة لها شخصيتها الخاصة. أرداها أن تتكلم بلغة تفهمها المرأة التي ستختارها، معتمداً كلياً على التفاصيل، سواء كانت هذه التفاصيل على شكل طيات من لون القماش، أو ثنايا تتلوى على جانب معين، أو فتحات تغازل العين.

يكمن جمال الفساتين في تفاصيلها وأنوثتها من دون أن تكشف الكثير من مفاتن الجسد (خاص)

هذه الرؤية، ينفذها المصمم فؤاد سركيس بألوان متوهجة وواضحة، تكسر الصورة النمطية التي ارتبطت بألوان الخريف والشتاء. بالنسبة له، فإن الألوان الغنية تلعب دوراً محورياً في ضخ التصاميم بالديناميكية التي ينشدها. «فكل لون هنا يضفي قيمته على الزي، سواء تلوّن بالأخضر الزمردي أو الفوشيا النابض بالحياة أو الأحمر الناري أو الأزرق النيلي أو الأسود وغيرها من الألوان الطبيعية الأخرى».