«بيربري» تكسب رهانها وتعود للعب مع الكبار

مصممها دانييل لي يغوص في إرثها ورموزها ليعيد لها انتعاشها وحيويتها

تنوعت الاقتراحات والنتيجة واحدة أن دانييل لي فهم رموز «بيربري» وأتقن استعمالها (رويترز)
تنوعت الاقتراحات والنتيجة واحدة أن دانييل لي فهم رموز «بيربري» وأتقن استعمالها (رويترز)
TT

«بيربري» تكسب رهانها وتعود للعب مع الكبار

تنوعت الاقتراحات والنتيجة واحدة أن دانييل لي فهم رموز «بيربري» وأتقن استعمالها (رويترز)
تنوعت الاقتراحات والنتيجة واحدة أن دانييل لي فهم رموز «بيربري» وأتقن استعمالها (رويترز)

كل من تابع ثاني عروض المصمم دانييل لي في الأسبوع الماضي، كان شاهداً على أن دار «بيربري» كسبت رهانها عليه. تشكيلته لربيع وصيف 2024 التي قدمها ضمن أسبوع الموضة، فاحت بنكهات بريطانية تراوحت بين القوة والنعومة، لكنها بكل أشكالها وألوانها وقصاتها، أثبتت مدى صحة المثل القائل إن «أهل مكة أدرى بشعابها». فدانييل لي بريطاني حتى النخاع، وبالتالي فهم سريعاً الثقافة العميقة التي بُنيت عليها دار عمرها أكثر من قرن من الزمن، وكانت أهم نقطة جذب فيها هي «بريطانيتها».

التحق دانييل لي بالدار في وقت حرج حدده الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهو ما عرض بريطانيا لأزمة ثقافية وفنية لا تقل حدتها عن أزمتها الاقتصادية. الحل بالنسبة له كان واضحاً يتمثل في الرفع من جُرعة الإبداع والاعتزاز بالهوية البريطانية، وذلك بإبرازها واللعب على كل ما توفر له من رموز، «فهذا واجب ومسؤولية تقع على أكتافنا جميعاً... علينا أن نُخرج الفرح والأمل من رحم الأزمات والصعوبات»، حسب ما قاله في أحد تصريحاته.

في عام 2022، عندما اختير خليفة للإيطالي ريكاردو تيشي، هللت أوساط الموضة البريطانية، واستبشر المساهمون خيراً؛ من جهة لأنه بريطاني والمفترض فيه أن يفهم الثقافة التي تأسست عليها الدار منذ أكثر من قرن من الزمن، وهو الأمر الذي راوغ فيه سلفه الإيطالي ريكاردو تيشي، ومن جهة أخرى لأن قوته في إبداع حقائب يد وصلت أصداؤها إلى كل أنحاء العالم في الفترة التي تولى فيها نفس الدور الإبداعي في دار «بوتيغا فينيتا». فمن ينسى أنه هو من جعل حقائب صغيرة الحجم باللون الأخضر بمثابة قطع مجوهرات مرصعة بالزمرد؟ هذا تحديداً ما تأمل «بيربري» في أن ينوبها منه أيضاً. فمن بين المهمات الأساسية المطلوبة منه، أن يُبدع لها إكسسوارات تؤجج الرغبة فيها، إلى جانب أزياء تلمس المشاعر. المهمة لم تكن مستحيلة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الدار لم تكن في سُبات عميق بقدر ما كانت تغفو وهي تستكين إلى إرثها واسمها العريق. كل ما قام به دانييل أنه ضخها بجرعة عصرية أعادت إليها حيويتها وانتعاشها.

المعطف الواقي من المطر ظهر بعدة أشكال وألوان (أ.ف.ب)

وهذا ما ظهر جلياً في التشكيلة التي قدمها في الأسبوع الماضي. لم يوظّف فيها كل الرموز التقليدية المألوفة فحسب، بل أبرز أخرى ظلت مُغيّبة طويلاً ولم ينتبه لها أحد في السابق.

فإلى جانب المعطف الواقي من المطر، الذي أبدع فيه أشكالاً جديدة، منها تغييره مكان الحزام بأن جعله أكثر انخفاضاً عن مستوى الخصر، استكشف جانباً أنثوياً لم يكن بنفس الوضوح من قبل. فتصاميم الدار ارتبطت بالجانب الذكوري أكثر، باستعمالها أقمشة مثل الغاباردين والجلد وما شابهه من أقمشة قوية تناسب النزهات في الهواء الطلق أو الأيام العادية، لكن في تشكيلته لربيع وصيف 2024، تراقصت الفساتين بانسيابية وشاعرية على أقمشة أكثر ترفاً ونعومة مثل الحرير.

ظهرت في العرض مجموعة مفعمة بالأنوثة للمناسبات (أ.ب)

المفاجأة الأخرى والجديدة التي قدمها لنا المصمم هنا هي درجة متوهجة من اللون الأزرق، اكتشفه بمحض الصدفة وهو يغوص في أرشيف الدار. تبين له أن جذوره قوية وأنه ظهر في الثمانينات في نسخة من شعار الدار. ما إن التقطته عيناه حتى تحرك حسه الفني والتجاري. وليس ببعيد أن يُحوّله إلى ورقة «بيربري» الرابحة، تماماً مثلما حول الأخضر إلى ورقة رابحة في دار «بوتيغا فينيتا».

اللون الأزرق كان مفاجأة للمصمم عندما اكتشفه في شعار يعود إلى الثمانينات (خاص)

ما أكده دانييل لي، البالغ من العمر 37 عاماً، أو ما يُحسب إليه، أنه ينتمي إلى شريحة من المصممين تتوق إلى التميز وتحقيق النجاح، وفي الوقت ذاته تحترم التقاليد الحرفية والموروثات الفنية. وهذا يعني أن المستقبل بالنسبة لها لا يكتمل بتجاهل الماضي كلياً. يُحسب له أيضاً أنه من جيل واقعي جسّ نبض الشارع، وأدرك أن زبون اليوم يريد قطعاً لها قصة مثيرة تتعدى القصّات المبتكرة وحدها. وهذا قد يعني قطعة واحدة لها جذور تاريخية يلعب عليها، أو إكسسواراً لافتاً يمكن أن يفتح الشهية لأحاديث شائقة، وفي الوقت ذاته يحقق أعلى المبيعات. هذه الواقعية التي تتمثل في جمعه الفني بالتجاري، كانت أهم ميزة رجّحت كفته عندما كانت «بيربري» تبحث عن خليفة لمصممها السابق ريكاردو تيشي. فالدار البريطانية، مثل غيرها، تعرف أن الأزياء لها تأثير بصري مهم يُحرك الحس الجمالي، لكن الإكسسوارات هي أكثر ما يُحرك المبيعات، إلى حد أن نجاح المصمم في العقود الأخيرة أصبح يقاس بمدى نجاحه في ابتكار حقيبة يد أو حذاء. فقطعة واحدة «تضرب» وتكسر المبيعات يمكن أن تغير مستقبله وأحوال السوق بكاملها.

المعطف الواقي من المطر بحزام منخفض على مستوى الخصر (رويترز)

وهذا ما جسّده دانييل لي في هذه التشكيلة التي بناها من القدمين إلى أعلى؛ إذ لم يكتفِ بالحقائب فيها، بل ركّز أيضاً على الأحذية. تميّزت بتفاصيل مبتكرة للغاية، ربما لقناعته بأن المرأة لا تكتفي بحذاء واحد، وربما لأن هذا الإكسسوار صفحة بيضاء يمكنه رسمها بالشكل الذي يراه من دون تعرضه لأي مقارنة مع من سبقوه. والنتيجة أن بعض تصاميمها سرقت الأضواء فعلاً من الأزياء، سواء كانت بتصميم أنثوي ناعم تناغم مع فستان من الحرير للمناسبات، أو بتصميم عملي يراعي تقلبات الطقس تم تنسيقه مع معطف من الغاباردين. المهم أن المصمم، ضمن كل هذه الحبكة السردية والبصرية التي نسجها، لم ينسَ أن الدار ترتبط بالخارج وبأنشطة متنوعة تقام في الهواء الطلق.

كان هناك توجّه جديد مفعم بالأنوثة والتفاؤل في العرض (أ.ف.ب)

لهذا لم يكن غريباً أن يختار حدائق «هايبوري» بمنطقة «إيسلنغتون» الواقعة شمال لندن مكاناً لعرضه، وإن كان هناك سبب آخر وشخصي أيضاً. فدانييل، كما صرّح، يقطن في هذه المنطقة وأراد أن يُعرّف جمهوراً أكبر عما تتوفر عليه من أماكن وروح بريطانية بحتة. في هذه الحديقة نصب خيمة ضخمة من قماش مطبوع بمربعات الدار الشهيرة. بجوارها نصب خيمة أصغر خصصها لراحة النجوم بعيداً عن عيون الفضوليين قبل دخولهم مكان العرض. كاد عددهم يضاهي عدد الحضور من نجوم موسيقى وسينما ورياضة، ومع ذلك لم يسرقوا الأضواء من التصاميم.

كانت المغنية كايلي مينوغ من بين الحضور وظهرت بمعطف من الجلد بتوقيع الدار (أ.ب)

فما إن بدأ العرض، حتى خفّ بريقهم وانتقل إلى الأزياء والإكسسوارات، ليُذكرنا بأمجاد دار قائمة على بيع الثقافة البريطانية واستقطاب الملوك والنجوم. كانت تشكيلة مفعمة بالتفاؤل والأمل تؤذن بعودة «بيربري» إلى اللعب مع الكبار بطبعاتها الأيقونية واللوغو الذي يجسد فارساً مغواراً وهو يمتطي جواده. وبينما قد يعتب البعض بأن أسعار منتجات الدار ارتفعت عما كانت عليه سابقاً، فإن نظرة واحدة لما تم تقديمه ضمن أسبوع لندن للموضة، تُبررها. قد يأخذ عليها البعض أيضاً أنها تجارية، وحتى هذا المأخذ يمكن الرد عليه بأنها ربما تكون كذلك، إلا أنها لا تفتقد الأناقة والجمال.


مقالات ذات صلة

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

لمسات الموضة أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

للكثير من بيوت الأزياء أو المجوهرات ولادتان: ولادة تأسيسية؛ بمعنى تاريخ انطلاقها، وولادة ثانية تكون في الغالب إبداعية تبث فيها روحاً فنية تغير مسارها وتأخذها…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حشد من رجال الشرطة والجيش لتأمين العاصمة الفرنسية قبل افتتاح ألعاب باريس (رويترز)

ماذا أرتدي في الأولمبياد؟ كن أنيقاً وابقَ مرتاحاً

الإرشادات المناسبة للملابس لتحقيق التوازن بين الأناقة والراحة عند حضور الألعاب الأولمبية الصيفية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
لمسات الموضة من مجموعة "عريس صيف 2024" للمصمّم اللبناني نمر سعادة (دار أزياء نمر سعادة)

«عرسان» نمر سعادة يرتدون البدلة الملوّنة

ذهب مصمّم الأزياء اللبناني المتخصّص في الموضة الرجاليّة إلى أقصى الجرأة، عندما قرّر أن يُلبِس عريس الموسم بدلة ملوّنة.

كريستين حبيب (بيروت)
لمسات الموضة يقدر سعرها بأكثر من مليون دولار والأحجار هي السبب (فابيرجيه)

بيضة «فابيرجيه» الجديدة بمليون دولار… فمن يشتري؟

بيضة بمليون دولار.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أشرف على المشروع فريق  من الباحثين من مختلف المجالات وكبار الخبراء في الذكاء الاصطناعي، واستغرق العمل عليه 3 سنوات (برونيللو كوتشينيللي)

كيف زاوج برونيللو كوتشينيللي بين الأعمال اليدوية والتكنولوجيا

من المفترَض ألا يفاجئنا المصمم برونيللو كوتشينيللي، وهو يقدم لنا درساً عن الزواج المثالي بين الإبداع البشري وقدرات الذكاء الاصطناعي، وهو الذي يبيع لنا بدلات…

جميلة حلفيشي (لندن)

أولمبياد باريس: الصراع على الذهبية بين المجموعات الضخمة والمصممين المستقلين

الأزياء التي صمّمتها دار «كنزو» لفريق الجودو الفرنسي (كنزو)
الأزياء التي صمّمتها دار «كنزو» لفريق الجودو الفرنسي (كنزو)
TT

أولمبياد باريس: الصراع على الذهبية بين المجموعات الضخمة والمصممين المستقلين

الأزياء التي صمّمتها دار «كنزو» لفريق الجودو الفرنسي (كنزو)
الأزياء التي صمّمتها دار «كنزو» لفريق الجودو الفرنسي (كنزو)

كل الأنظار ستتوجه اليوم نحو باريس. فالكل موعود بمشهد لا مثيل له. يقال إنه سيتضمن موكباً لأكثر من 160 قارباً، يحمل 10500 رياضي على طول نهر السين يتألقون بأزياء تُمثل بلدانهم. لكن المناسبة ليست عرض أزياء كما تعوَّدنا عندما يُذكر اسم باريس، بل مناسبة رياضية ربما تكون أهم نظراً لقاعدتها الجماهيرية الكبيرة: ألا وهي الألعاب الأوليمبية لعام 2024.

على مدى 16 يوماً، سيعيش عشاق كل أنواع الرياضات مباريات، سترفع من نسبة الأدرينالين في الجسم، وتُمتع العيون بمنافسات عالمية على الميداليات.

المنافسات على الميداليات تحتدم... والمصممون المستقلون هم الفائزون حتى الآن (د.ب.أ)

ومع ذلك لا يمكن أن نكون في باريس لأي حدث كان، ولا تحضر الموضة. فبموازاة هذه المنافسات الرياضية، سنتابع صراعاً على مستوى آخر يدور بين مصممين مستقلين نجحوا في استقطاب رياضيين شباب إلى صفهم، أو حصلوا على دعم من بلدانهم مثل لورا ويبر من آيرلندا وستيفان أشبول من فرنسا ولولوليمون من كندا، وعلي الإدريسي من المغرب، والمجموعات ذات الإمكانات الضخمة التي تُخوّل لها اقتحام أي فعالية أو حدث بسهولة، مثل مجموعة «أرماني» التي صممت ملابس الفريق الإيطالي، ومجموعة LVMH الفرنسية.

فريق المغرب على متن قارب في العرض العائم على نهر السين خلال حفل الافتتاح بأزيائه أزياء المستوحاة من رمال الصحراء والعلم المغربي (رويترز)

هذه الأخيرة، تنضوي تحتها 75 شركة منها «ديور» و«بيرلوتي» و«لوي فويتون» و«كنزو» وغيرها إلى جانب عدد من دور مجوهرات مثل «شوميه» التي ستصمم الميداليات الذهبية تحديداً. لهذا ليس غريباً أن يتوقَّع أن يكون لها نصيب الأسد.

ثم إن المجموعة لا تملك الإمكانات المادية واللوجيستية التي تخوِّل لها التعاقد مع أي فريق أو رياضي فحسب، بل تمتلك أيضاً الدعم الحكومي لما ضخّته من ملايين لتمويل هذا الحدث. في صورة تاريخية تداولتها وسائل الإعلام، في شهر يوليو (تموز) من العام الماضي، ظهر برنار آرنو، أغنى رجل في فرنسا وصاحب مجموعة «إل في إم آش» ليعلن في مؤتمر صحافي، مشاركة كلٍّ من «ديور» و«بيرلوتي» و«لوي فويتون» و«شوميه» وغيرهم في الأوليمبياد. كلٌّ حسب اختصاصه. «ديور» و«بيرلوتي» بتوفير الأزياء والإكسسوارات، و«لوي فويتون» بالعلب التي ستقدَّم فيها الميداليات الذهبية، و«شوميه» بتصميم الميداليات الذهبية تحديداً.

الأزياء التي صمَّمتها دار «بيرلوتي» للفريق الفرنسي (بيرلوتي)

مصممون مستقلون يدخلون المباريات

هذا الخطاب وكون الفعالية تجري في عقر عاصمة الموضة العالمية، التي تحتكرها المجموعة تقريباً، خلّف الانطباع بأنها ستأكل الأخضر واليابس، لكن ما حدث كان غير ذلك. اكتسبت الأزياء نكهات متنوعة مستمدة تارةً من التراث مثل ملابس فريق منغوليا التي سرقت الأضواء، أو من خبرات مصممين محليين، كما هو الحال بالنسبة لفرق كل من كندا وآيرلندا وإسبانيا.

فريق منغوليا على متن قارب في العرض العائم على نهر السين خلال حفل الافتتاح

حتى الفريق الفرنسي لم يكتفِ بما ستقدمه «ديور» أو «كنزو» أو «بيرلوتي» من منتجات، بعد أن تولت اللجنة الأوليمبية، ولأول مرة في تاريخ الأولمبياد، اختيار مصمم مستقل يقوم بهذه المهمة لأكثر من 60 رياضة.

يحمل رياضيو فريق إسبانيا الأعلام الإسبانية خلال حفل الافتتاح ويرتدون أزياء استوحتها شركة «جوما» الرياضية من العَلم الإسباني (أ.ف.ب)

كانت هذه اللفتة من نصيب الفرنسي ستيفان أشبول، مؤسس «بيغال»، ماركة طليعية متخصصة في الأزياء الرياضية. طُلب منه توفير ملابس عالية التقنية لمشاركين في أكثر من 60 رياضة عبر الألعاب الأولمبية والبارالمبية، من ركوب الدراجات إلى الرماية مروراً بكرة السلة على الكراسي المتحركة، علماً بأن هذه مهمة كانت تحتكرها شركات كبيرة مثل «نايكي» و«أديداس» من قبل. وفيما استغرق تصميم هذه المجموعات نحو ثلاث سنوات من أشبول، حسب قوله، فإن تصنيعها نفذته شركة فرنسية أخرى لها إمكانات لوجيستية لإنتاجها هي «لوكوك سبورتيف Le Coq Sportif».

شركة «جوما» الرياضية استوحت من العَلم الإسباني ألوانه للفريق ووردة القرنفل لرمزيتها الثقافية (موقع الشركة)

الفريق الإسباني أيضاً ظهر بأزياء من علامة إسبانية متخصصة في الأزياء الرياضية هي «جوما Joma»، التي تأسست عام 1965 في طليطلة.

مجموعة «تجمع بين التقاليد الكلاسيكية والحداثة، وهو أسلوب ظهر في الأقمشة عالية الأداء التي تم اختيارها». من الناحية الجمالية، زينتها زهرة القرنفل، كونها رمزاً متجذراً في الثقافة الإسبانية، واللونين الأحمر والأصفر، ألوان العَلم الإسباني.

المصممة الآيرلندية لورا ويبر، التي صممت أزياء فريق آيرلندا وباقي إكسسواراته، حرصت هي الأخرى على أن تجمع الأناقة بالراحة، مضيفةً لمسة شخصية على كل زي، من خلال تطريزات على طرف الأكمام تشير إلى المقاطعة التي ينتمي لها كل رياضي.

علي الإدريسي اختار للفريق المغربي أزياء مستوحاة من رمال الصحراء والعلم المغربي

المصمم المغربي علي الإدريسي الذي صمم ملابس الفريق الأولمبي المغربي هو أيضاً فكّر في تفاصيل تجعل هذه الأزياء خاصة. طرَّز على الجزء الداخلي من السترات أسماء لأبطال أولمبيين سابقين لتكريمهم من جهة وفتح حوار بين الأجيال من جهة ثانية. اختار للسترات لون البيج وطرّز أحد جوانبه بنجمة خضراء، فيما اختار للبنطلونات اللون الأحمر، في إشارة إلى العَلم المغربي. حتى الأحذية، التي جاءت ثمرة تعاونه مع فنان «بوب آرت» محمد أمين البلاوي، المعروف بـ«ريبل سبيريت»، غلبت عليها هذه الألوان من خلال أربطة حمراء وخضراء.

فريق كندا اختار ماركة «لولوليمون» لتصميم ملابس وإكسسوارات لاعبيه (أ.ب)

العلامة الكندية، «ليفت أون فرايداي Left On Friday»، التي أسسها مديرون تنفيذيون سابقون لشركة «Lululemon» في عام 2018، كان لها دور في تصميم أزياء وإكسسوارات فريق كرة الطائرة، فيما تولت «لولوليمون» تصميم باقي الملابس والإكسسوارات.

يلوح رياضيو فريق كندا بأعلامهم (رويترز)

هولندا أيضاً اختارت علامة محلية هي «ذي نيو أوريجينلز The New Originals» لتصميم ملابس فريق رقص «البريك دانس» الهولندي، فيما اختارت اللجنة الأولميبية النيجيرية علامة «أكتيفلي بلاك Actively Black»، للملابس الرياضية ومقرها لوس أنجليس.

ستيلا جين أبدعت مجموعة أنيقة استعملت فيها رسمة للفنان فيليب دودار (من موقعها على «إنستغرام»)

لا يختلف اثنان على أن تفويض الاتحادات الرياضية مسؤوليات التصميم للعلامات التجارية المتخصصة في المجال الرياضي، وغير المعروفة على المستوى العالمي، خطوة شجاعة من شأنها أن تسلط الأضواء عليها، وتنعش تجارتها بالنظر إلى الجمهور العالمي الذي يتابع هذه الفعاليات.

حفل الافتتاح وحده يتوقع أن يستقطب نحو مليار شخص من المشاهدين، في حين سيحضره 326000 شخص، بعد أن تم تقليص العدد من 600000 لأسباب أمنية، وهذا ما صرحت به المصممة الهايتية ستيلا جين، التي صممت أزياء فريق هايتي وكرمت من خلالها الفنان فيليب دودار، أيضاً ابن تاهيتي، باستعمال إحدى رسماته، ليأخذ هو الآخر نصيبه من الشهرة.

بداية علاقة الموضة بالأولمبياد

في عام 1992، دخلت الموضة أول مرة الألعاب الأولمبية. كان ذلك عندما طُلب من الياباني إيسي مياكي تصميم أزياء فريق ليتوانيا لحضور أولمبياد برشلونة. كانت هذه أول مرة تشارك فيها ليتوانيا كبلد مستقل بعد تفكك الاتحاد السوفياتي. حينها تبرع المصمم بخدماته من دون أي مقابل. حازت التصاميم الكثير من الإعجاب لا سيما أنه دمج فيها أسلوبه الحداثي المتطور بعناصر ثقافية جسد فيها كيف يمكن أن تُعبِّر الرياضة عن حالة فنية.

كانت هذه هي نقطة التحول. بعدها بدأت مشاركات بيوت الأزياء والمصممين لتصبح منافساتهم تقليداً إلى اليوم.