دمياط... وجهة مصرية شاملة ترضي جميع الأذواق

تجمع ما بين الحيوية والهدوء والأكل والتاريخ

دمياط تضم مجموعة من المساجد الأثرية (الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة)
دمياط تضم مجموعة من المساجد الأثرية (الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة)
TT

دمياط... وجهة مصرية شاملة ترضي جميع الأذواق

دمياط تضم مجموعة من المساجد الأثرية (الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة)
دمياط تضم مجموعة من المساجد الأثرية (الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة)

عند اختيار وجهة لقضاء إجازتك، قد تشعر بالحيرة بين رحلة مليئة بالنشاطات المتنوعة التي توفرها عطلة مميزة في مدينة صاخبة، وبين الحاجة إلى رحلة شاطئية هادئة، لكن لماذا تختار نوعاً واحداً فقط؟ عندما يمكنك الاستمتاع بأفضل ما في كلتا التجربتين في بعض المدن حول العالم، ومنها محافظة دمياط المصرية، التي تستطيع أن تقضي فيها عطلة تلبي جميع متطلباتك على تناقضها.

دمياط الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي من مصر، تزخر بتاريخ طويل يتضمن أنشطة متنوعة، وعندما سبقنا في زيارتها الرحالة ابن بطوطة وصفها بأنها «مدينة فسيحة الأقطار، متنوِّعة الثمار، آخذة من كل حسن بنصيب». وهي لا تزال للآن تشتهر بمزارع ممتدة من فاكهة الجوافة والموز وأشجار النخيل.

دمياط (الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة بدمياط - فيسبوك)

وإذا كانت المواقع الأثرية هي غايتك من السفر، فإنك حتماً ستجد غايتك في دمياط؛ فهي تضم أشهر المساجد الأثرية، مثل حسن الدياسطي بن جابر الأنصاري صاحب قبة الدياسطي، والتي شُيدت في القرن الثامن الهجري بالعصر العثماني، وتحولت إلى مقر المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي. إذا زرتها ستستمتع بفن المعمار الإسلامي.

وهناك مسجد «أبو المعاطي» المعروف باسم «جامع عمرو بن العاص»، وجامع «الفاتح»، وجامع ومدرسة «المعيني»، فضلاً عن قلعة «عرابي»، والتلال الأثرية، التي تحتضن الآثار الرومانية، ومنها العملات البرونزية، والأواني الفخارية وغيرها.

دمياط قلعة صناعة الأثاث في مصر (إدارة مهرجان "دمياط حاجة تانية")

الصيد بالصنارة هو هواية كلاسيكية في الهواء الطلق، وفرصة للهدوء النفسي بالنسبة للعديد من السياح، وأدت شعبيتها المتزايدة إلى ظهور قطاع رائج داخل صناعة السياحة يُعرف باسم سياحة الصيد، إذا كنت من هؤلاء الذين يستهدفون هذه السياحة، فتوجه إلى دمياط؛ لأنها ستكون في هذه الحالة وجهة مثالية لممارسة هوايتك.

عُرفت دمياط بشهرتها الواسعة في صيد الأسماك؛ خاصة في منطقة «عزبة البرج»، المطلة على نهر النيل والبحر الأبيض المتوسط معاً، وحتى لو لم تكن ستحمل صنارتك وتصطاد، أو كان أحد أفراد أسرتك لا يهوى هذا النشاط، فإن زيارة «عزبة البرج» ستكون فرصة للاستمتاع بتجربة سياحية جديدة؛ فسيكون أمامك جولات مثيرة مع إطلالات غاية في الحيوية وكأنها لوحة لفنان؛ حيث السفن المشرعة والقوارب الصغيرة تغدو وتروح عبر المياه في رحلات صيد مستمرة.

دمياط مدينة لها تاريخ... (الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة في دمياط)

أنصحك أن تحمل كاميرتك أو ألوانك وريشتك إذا كنت تهوى الرسم لتسجل عبر جماليات الفن التشكيلي هذه المشاهد، أو تجسد السفن، وهي ترسو على الرصيف لتنزل حمولتها من الأسماك والطاولات، التي تحوي كل أصناف وأشكال المأكولات البحرية وخيرات البحر، الأكثر من ذلك أن فضولك سيدفعك حتماً لمراقبة الحرفيين وهم يصنعون السفن والشباك بأيديهم.

المدن السياحية التي توفر لك الراحة والاستجمام في الطريقة التي ينسج بها العالم الطبيعي في مساحاتها الحضرية، بالضبط ما يسري على مدينة «رأس البر» الواقعة في محافظة دمياط، أو كما تُسمى «مرج البحرين»؛ فعندها تنتهي رحلة أطول أنهار العالم نهر النيل، ويلتقي مع البحر الأبيض المتوسط في مشهد لا يوجد في بقعة سواها.

الرسم على الجدران في فعاليات فنية متنوعة (الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة - فيسبوك)

في «رأس البر» تستطيع أن تقيم في أحد بيوتها العصرية بإطلالاتها الرائعة على المساحات المائية، والحدائق، والشوارع الواسعة، والتي تشهد حالياً تطويراً كبيراً حتى أصبحت في طريقها إلى أن تتحول في حد ذاتها إلى جزيرة سياحية أو منتجع سياحي كامل، وتعتبر أيضاً مكاناً مثالياً لصيد الأسماك والسير في منطقة «اللسان»، وممارسة رياضة الـ«كاياك».

قد تفاجئك العروض الفلكلورية في الشوارع أثناء تجولك بشوارع دمياط (الهيئة الإقليمية للسياحة - فيسبوك)

لكن ذلك لن يمنع سكانها من أن يعبروا لك عن اعتزازهم بطابعها الخاص الذي اشتهرت به في الماضي، وإذا زرت بعض متاجرها أو مطاعمها، أو فنادقها سيلفت نظرك الصور الفوتوغرافية المعلقة على الجدران، لشاطئها زمان؛ حيث تطالعك العشش والأكواخ ذات الأجواء الرومانسية والحياة البسيطة الهادئة، التي اشتهرت بها، وستعثر في الصور على بعض الأعيان الذين أقاموا تلك العشش في بدايات القرن الـ19 بغرض الإقامة داخلها أثناء الصيد والرياضة، وما لبثوا أن اتخذها المشاهير ونجوم المجتمع والفن مصيفاً لهم، مثل أم كلثوم وأسمهان.

صناعة السفن في عزبة البرج (الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة)

«كوبري دمياط» التاريخي أحد المزارات السياحية في المحافظة، فهو من أقدم الجسور المعدنية المتحركة على مستوى العالم، وبات الآن واحداً من أهم المراكز الثقافية والفنية بها.

ربما لا يدور في ذهنك حين تزور مدينة ما أن تزور ورشها ومصانعها الصغيرة، لكني أنصحك أن تفعل ذلك في دمياط؛ فلا يمكن أن تقضي عطلة فيها من دون أن تتعرف على قلعة صناعة الأثاث في مصر، ويمكنك التسوق من خلال القيام بجولة في هذه الورش، فإذا كان لديك منزل خاص دائم للإقامة في مصر، فقد تقرر أن تقتني وحدات أثاث من دمياط.

التراث والحداثة وجمال الطبيعة (الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة)

وسواء كنت تفضل الطراز الكلاسيكي الذي يشغي بالتفاصيل وفن الأويما أو قطع الأثاث المينمالية والعصرية، فإنك ستنبهر بما تبدعه أنامل الصانع الدمياطي، حيث جودة الصنعة وروعة التصميم، وتشاهد النجار و«الأويمغي» و«المدهباتي» و«الأستورجي» و«الأوشرجي» وهم لا زالوا يتمسكون بالمهن المتوارثة عن أجدادهم عبر السنين.

دمياط (الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة)

مشهد الطعام في دمياط يستحق أن تجرب أطباقه التي لن تسقط من ذاكرتك، توجه إلى المطاعم التي تقدم المأكولات البحرية، والتي تشتهر بها المحافظة، تذوق الأسماك ومنها البوري والدنيس والسبيط والكابوريا والجمبري وغيرها على الطريقة الدمياطية، وإذا كنت ترغب في الانغماس أكثر في الطعم التقليدي للمدينة، فتناول «الصيادية»، وهي عبارة عن سمك مدفون في الأرز، وهناك أيضاً الأرز الأحمر الملون بالبصل المحمر والتوابل، والشوربة الحمراء بالسمك المسلوق أو المقلي، والمدفونة الشبيهة بالكبسة.

على قائمة الطعام الدمياطي أيضاً أطباق أخرى تنظرك، منها البط بـ«المارتة»، أي المحشوة بخليط من البصل والكمون والفلفل والحبهان وجوزة الطيب، والمكسرات، أو «الأممة» (وهو الرقاق على الطريقة الدمياطية)، ولا تنسَ أن تتبعها بالحلوى الدمياطية، خاصة المشبك، الذي تشتهر به وتصدره للعديد من دول العالم.


مقالات ذات صلة

الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

الاقتصاد وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)

الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر ارتفاع أعداد المسافرين 15 في المائة عام 2024 لتصل إلى أكثر من 128 مليون مسافر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
سفر وسياحة منتجع ثوال الخصوصية المطلقة والفخامة البسيطة (الشرق الأوسط)

ثُوّال... منتجع على جزيرة سعودية خاصة وسط البحر الأحمر

افتتح منتجع ثُوّال الخاص أبوابه رسمياً ليصبح أول جزيرة خاصة من نوعها بالمملكة العربية السعودية قبالة ساحل جدة، حيث يقدم تجربة فريدة تجمع بين الخصوصية التامة والفخامة الاستثنائية

«الشرق الأوسط» (جدة)
الاقتصاد بلغ عدد الغرف الفندقية المتوفرة في دبي بنهاية نوفمبر 153.3 ألف غرفة ضمن 828 منشأة (وام)

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

قالت دبي إنها استقبلت 16.79 مليون سائح دولي خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بزيادة بلغت 9 في المائة.

«الشرق الأوسط» (دبي)
سفر وسياحة كازينو مونتي كارلو يلبس حلة العيد (الشرق الأوسط)

7 أسباب تجعل موناكو وجهة تستقبل فيها العام الجديد

لنبدأ بخيارات الوصول إلى إمارة موناكو، أقرب مطار إليها هو «نيس كوت دازور»، واسمه فقط يدخلك إلى عالم الرفاهية، لأن هذا القسم من فرنسا معروف كونه مرتعاً للأغنياء

جوسلين إيليا (مونتي كارلو)

السعودية تحول كهوفها إلى معالم سياحية

كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
TT

السعودية تحول كهوفها إلى معالم سياحية

كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)

في خطوة لتنوع مسارات قطاع السياحة في السعودية، جهزت هيئة المساحة الجيولوجية 3 كهوف بأعماق مختلفة لتكون مواقع سياحية بالتنسيق مع الجهات المعنية، فيما تعمل الهيئة مع وزارة الاستثمار لاستغلال موقعين جيولوجيين ليكونا وجهة سياحية تستقطب الزوار من داخل وخارج المملكة.

قال الرئيس التنفيذي لهيئة المساحة الجيولوجية في السعودية، المهندس عبد الله بن مفطر الشمراني، لـ«الشرق الأوسط»، إنه جرى تحديد موقعين هما «جبل قدر، ومطلع طمية المعروف بـ(فوهة الوعبة)، والعمل جارٍ مع وزارة الاستثمار لاستغلالها، كاشفاً عن أن الهيئة تقوم بتجهيز عدد من المواقع الجديدة لتكون وجهة سياحة خلال الفترة المقبلة».

وأضاف أن عدد الكهوف يتجاوز مائة وخمسين كهفاً تنتشر في مواقع مختلفة، من بينها كهف (أم جرسان) وطوله 1.5 كيلومتر ويقع بالقرب من المدينة المنورة (غرب المملكة)، ويتميز بجماليات طبيعية تتناغم مع تاريخه وتكوينه، كذلك كهف «أبو الوعول» الذي يحتوي على هياكل عظمية لحيوانات انقرضت، لافتاً إلى أن السعودية غنية بالمعالم الجيولوجية المنتشرة في المواقع كافة.

ينتشر في السعودية أكثر من 150 كهفاً يترقب أن تكون وجهات سياحية (هيئة المساحة)

وأضاف: «على مدار الـ25 عاماً الماضية كان التركيز على الدرع العربي، أما الآن فالتركيز على 4 محاور رئيسة تتمثل في الاستثمار في كفاءات الجيولوجيين السعوديين، ومسح ما تبقى من مواقع الغطاء الرسوبي والبحر الأحمر، كذلك زيادة رفع المعلومات عن المخاطر الجيولوجية التي تحيط بالسعودية لمعرفة التعامل معها، مع استخدام التقنيات المختلفة لربط المعلومات الجيولوجية وإخراج قيمة مضافة منها واستخدامها في شتى الجهات».

وسيفتح هذا الحراك بين القطاعات الحكومية نافذة جديدة على السياحة، فيما ستكون لهذا التعاون تبعات كبيرة في تنشيط ما يعرف بالسياحة الجيولوجية من خلال توافد المهتمين والباحثين عن المغامرات من مختلف دول العالم، وسيساهم ذلك في رفع إيرادات الأنشطة السياحية، خاصة مع تنامي الاكتشافات في مسارات مختلفة، منها الأحافير، التي وصلت إلى أكثر من 100 موقع أحفوري رئيس في المملكة خلال السنوات الماضية.

فوهة الوعبة من أكبر الفوهات ويتجاوز عمرها المليون عام (هيئة المساحة)

وتحتوي هذه الاكتشافات على «خسف عينونة» بشمال غربي المملكة، و«تلة السعدان» شمال الجموم، و«فيضة الضبطية» في المنطقة الشرقية، و«طعس الغضا»، و«البحيرة الوسطى» جنوب غربي النفوذ الكبير، و«جبال طويق»، و«فيضة الرشاشية» في شمال المملكة. هذا بالإضافة إلى ما تم تسجيله في المملكة إلى اليوم من الأحافير المختلفة القديمة.

وهذه الاكتشافات يمكن الاستفادة منها من خلال جمعها تحت سقف واحد، وهو ما أشار إليه رئيس هيئة المساحة لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق: «الأحافير يستفاد منها في المتاحف الجيولوجية، ويمكن العمل في هذا الجانب مع وزارة السياحة، لضم هذه الأحافير، وبعض المكونات التي تعطي نبذة عن الجيولوجيا في السعودية، وأنواع من الأحجار المختلفة الموجودة في البلاد، وهذا يعطي بعداً علمياً واستثمارياً».

ويأتي عرض موقعي «فوهة الوعبة»، و«جبل القدر» على وزارة الاستثمار، لأهميتهما. فجبل القدر، يقع في حرة خيبر التابعة لمنطقة المدينة المنورة، ويتميز بارتفاعه الذي يصل إلى نحو 400 متر، وهو أكبر الحقول البركانية، وآخر البراكين التي ثارت قبل 1000 عام، وقد اختير في وقت سابق ضمن أجمل المعالم الجيولوجية العالمية، وفق تصنيف الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية (IUGS) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو).

جبل القدر من أحد أهم الاكتشافات الجيولوجية (واس)

في المقابل تغوص «فوهة الوعبة» في التاريخ بعمر يتجاوز 1.1 مليون عام، وهي من أكبر الفوهات البركانية في العالم، وهي جزء من حقل بركاني أحادي المنشأ يضم 175 بركاناً صغيراً، أعمارها بين بضع مئات الآلاف من السنوات إلى مليوني سنة، فيما تغطي مساحة بنحو 6000 كيلومتر مربع، وتتميز بعمق يصل إلى نحو 250 متراً وقطر يبلغ 2.3 كيلومتر، وهو ما يقارب 3 أضعاف متوسّط أقطار البراكين الأخرى، كما تحتوي على حوض ملحي أو بحيرة ضحلة تشكّلت بسبب تجمع مياه الأمطار.

وتعد الاكتشافات الجيولوجية في مساراتها المختلفة ثروة من الثروات المعدنية والسياحية والبيئية نادرة الوجود، والتي يجب المحافظة عليها وحمايتها، حيث يمكن الاستفادة من هذه الاكتشافات للدراسات الأكاديمية والأبحاث العلمية، وكذلك استغلالها في النواحي السياحية، وإمكانية الاستفادة منها بوصفها ثروة اقتصادية، تفتح المجال لمشاريع اقتصادية جديدة وتوفير الفرص الوظيفية للمواطنين، وكذلك فتح مجال أوسع للتعليم الأكاديمي ونشر الأبحاث الوطنية.