توفر أسواق القاهرة الشعبية، فرصة لزائرها أن يستكشف جانباً آخر في رحلته إلى العاصمة المصرية؛ فزيارة الأسواق المحلية تعد فرصة للتسوق بين بضاعتها التقليدية، وتجربة فريدة لاستكشاف ثقافة وتراث وتاريخ القاهرة النابضة بالحياة، والتعرف على ملمح من الأجواء المحلية والعادات والتقاليد عن قرب.
وما بين أسواق السلع المُصّنعة يدوياً على أيدي الحرفيين والصناع المهرة، وتلك المخصصة لبيع السلع المستعملة والمقتنيات القديمة، يمكنك العثور على ما يمكنك أن تهادي به أحبابك وتخلِّد به ذكرى رحلتك، سواء من التحف والأزياء والإكسسوارات والمنسوجات وغيرها.
في السنوات الأخيرة، أصبحت هذه الأسواق جزءاً من الجولات السياحية لكثير من السياح من جنسيات مختلفة، لأنها توفر العديد من المنتجات النادرة وبأسعار تناسب الجميع، ولكونها مكاناً يجمع بين التسوق والمتعة والمعرفة والتفاعل الاجتماعي. «الشرق الأوسط» تستعرض بعض هذه الأسواق، التي يمكنك إضافتها إلى برنامج زيارتك إلى القاهرة.
خان الخليلي
هو السوق الأشهر على الإطلاق لكل السياح من مختلف الجنسيات، وهو أحد أقدم وأشهر أسواق القاهرة، في قلب ما تعرف بـ«القاهرة الإسلامية»، وهو عبارة عن أزقَّة ضيقة تصطف على جانبيها بازارات بيع التحف والأنتيكات والمجوهرات والمنسوجات المصرية المصنوعة يدوياً، إلى جانب الشيشة والأواني الزجاجية والأطباق النحاسية، والفضيات والإكسسوارات، والبرديات، والإكسسوارات ذات الطابع الفرعوني، لذا إن كنت تبحث عن تجربة تسوُّق فريدة لشراء الهدايا التذكارية الصغيرة، فلا بد لك من زيارة خان الخليلي.
يعود تاريخ خان الخليلي إلى عام 1382، حاملاً رائحة العصر المملوكي، بما يجعل زيارتك له انتقالاً إلى الماضي البعيد، خصوصاً عندما تأخذك قدماك من زقاق إلى آخر، وفي كل خطوة تستكشف تراثاً غنياً، وتأسرك جماليات عمرانه، التي يزيد منها الألوان والإضاءات المنبعثة من وحدات الإضاءة ومن المتاجر.
ولا يعد الخان مجرد سوق سياحية، فهو من أجمل الأماكن للتجول حتى إن لم تشترِ الهدايا، ففيه يمكنك أن تلتقط صوراً رائعة، كما سيكون محبباً لك الاسترخاء في العديد من المقاهي وأشهرها «مقهى الفيشاوي» التاريخي الشهير، الذي لا يغلق أبوابه على مدار الـ24 ساعة.
يمكن الوصول إلى خان الخليلي بسهولة من خلال المواصلات العامة، التي تعمل على مدار اليوم.
سوق الفسطاط
تعد سوق الفسطاط للفنون والحرف اليدوية أكبر تجمع لحرف التراث المصري والحرف اليدوية تحت سقف واحد، فالسوق المقامة على مساحة 3 آلاف متر في منطقة مصر القديمة (حي مجمع الأديان)، تضم 40 محلاً تجارياً تجمع الفنانين والمصممين والحرفيين لعرض إبداعاتهم، التي تتسم بالذوق والتناسق. ويمكن من خلال زيارة السوق شراء منتجات الخوص والخزف والفخار، والمنسوجات اليدوية والجلدية، والقطع الديكورية ووحدات الإضاءة، والأعمال النحاسية والفضية، والكليم والسجاد.
لا تتوقف تجربة الفسطاط على التسوق، بل تتسع لخلق مناخ ثقافي لتشجيع تعلم الحرف اليدوية، بهدف عدم اندثارها واكتساب المهارات الحرفية، وهو ما تمكن مشاهدته عن قرب عند زيارة السوق.
تعمل السوق من الساعة 11 صباحاً حتى 7 مساءً. ويسهل الوصول إلى موقعها كونه ملاصقاً لمحطة الأوتوبيس العام الرئيسية بمصر القديمة، وكذلك يسهل الوصول إليها عبر محطة مترو «مارجرجس».
سوق الخيامية
الخيامية هي حرفة مصرية أصيلة اشتقَّت صناعتها من صناعة قماش الخيام، وتطورت لجعل الخيام أكثر جمالاً وفخامةً، وبمرور الوقت أصبحت من أجمل النقوش في الفن المصري، لتتحول حديثاً تلك الأقمشة المزينة إلى استخدامات أخرى مثل دخولها في المفروشات المتنوعة والقطع الديكورية واللوحات التشكيلية.
تُنسب السوق إلى حي «الخيامية»، وهي كلمة مشتقة من «خيمة»، وفيها تباع أقمشة الخيام الملونة والمفروشات المبهرة المصنوعة يدوياً بجودة عالية، وهي مزار لعشاق الفنون والمشغولات اليدوية على مدار العام سواء من السياح الأجانب أو من المصريين، بينما يكون شهر رمضان موسمها السنوي الأكبر إقبالاً.
تقع السوق العتيقة بالقرب من باب زويلة بالقاهرة الفاطمية، وتحتفظ بطابعها التراثي العتيق، فهي مشيدة على الطراز العربي والإسلامي، حيث تجد الورش متراصَّة، والسوق مسقوفة بألواح خشبية مغطاة بالزخارف، وداخل الورش أو أمامها یجلس صنّاع الخیامية، معتكفين على قطع القماش لحیاكتھا وتطريزها، حيث تحتاج الحرفة إلى مھارة عالیة في حیاكة الأقمشة، ومن ثم يمكن التعرف على مهارتهم، أو التجول بين بضاعتهم، لشراء ما يناسب حاجتك، وفق ذوقك، سواء كان يميل إلى الزخارف العربية القديمة أو الإسلامية أو النباتية أو الهندسية.
يسهل الوصول إلى السوق إذا قصدت منطقة الغورية بوسط القاهرة، ومنها تبدأ جولة سيراً على الأقدام مروراً بشارع المعز وباب زويلة، حتى الوصول إلى السوق.
سوق ديانا
تعد تلك السوق بمثابة جوهرة خفية في وسط القاهرة، وباتجاهك نحوها فأنت تسافر عبر الزمن إلى عهد آخر، وستجد نفسك محاطاً بجمال وتنوع المنتجات، التي تتعدد بين التحف والأنتيكات والقطع الفنية النادرة، والعملات المعدنية القديمة، والأوراق النقدية القديمة، والطوابع والكتب النادرة، وأسطوانات التسجيلات القديمة وأشرطة الكاسيت، والأثاث الخشبي المنحوت يدوياً، والتماثيل والمشغولات النحاسية، والمجوهرات والإكسسوارات الفريدة، والمصنوعات اليدوية من النحاس والفضة.
ستكون «سوق ديانا»، الشهيرة أيضاً بـ«سوق السبت» نسبةً إلى اليوم الأسبوعي الوحيد الذي تستقبل جمهورها فيه، وجهةً محبَّبة لك إن كنت من محبي اقتناء الأشياء القديمة، التي يفترشها الباعة على الأرض بكميات كبيرة، وحتى إن لم ترغب في الشراء سيكون التجول بين تلك المعروضات في حد ذاته ضرباً من المتعة.
ما يميز سوق ديانا هي جودة المنتجات، وأسعارها المناسبة التي تناسب جميع الميزانيات، مما يجعلها مكاناً مثالياً لشراء الهدايا التذكارية، كما يمكن فيها مصادفة عشاق التحف والأنتيكات والتعرف على ما لديهم من مقتنيات نادرة.
يسهل الوصول إلى السوق لكونها في وسط القاهرة، ويسهل الوصول إليها عبر محطات مترو محطة مترو «جمال عبد الناصر»، و«أحمد عرابي»، و«العتبة».
سوق الجُمعة
تعد من أقدم وأشهر الأسواق بمنطقة السيدة عائشة بالقاهرة، وتشتهر ببيع كل ما هو نادر ومستعمَل، وستجد فيها كل ما يخطر ببالك وأكثر، أما ما يميزها فهو بيع الحيوانات الأليفة والطيور والزواحف، حيث يتردد عليها الزوار من مختلف الأعمار بحثاً عن الشراء أو مشاهدة الطيور الجارحة، مثل الصقور والبوم، والزواحف مثل الثعابين والسلاحف والسحالي، كما يمكن العثور في السوق على أنواع مختلفة من العصافير الملونة وأسماك الزينة.
استقت السوق مسماها من اليوم الذي تُعقد فيه، رغم أنها تقام يومَي الجمعة والأحد من كل أسبوع، لكن يوم الجمعة هو الذي يحظى بعدد ضخم من الزوار، الذين يترددون عليها لشراء ما يلزمهم من احتياجات بنصف الثمن.
عند زيارة السوق سوف تغوص في عالم نابض بالألوان والأصوات والروائح، لذا كن مستعداً لقضاء اليوم بأكمله دون ملل، حيث ستستمتع بتجربة تسوّق فريدة من نوعها، وستكتشف كنوزاً لا حصر لها، وتتعرف على ثقافات جديدة.
أسواق العطارة
يستولي عليك مزيج من الروائح المختلفة، تختلط فيها التوابل مع الأعشاب، وأدخنة البخور مع العطور والزيوت، إذا قصدت شارع «العطارين» القريب من شارع المعز لدين الله الفاطمي، في القاهرة التاريخية، حيث تكثر محال بيع العطارة، التي تجد فيها مرادك من الأعشاب والبهارات، والوصفات الطبية الطبيعية التي أساسها الأعشاب المجففة، بعيداً عن المواد الكيميائية.
كما تكثر مستحضرات العناية بجمال السيدات والفتيات؛ فهذه وصفة سحرية لعلاج السمنة وأخرى لعلاج النحافة، وتلك خلطة لتساقط الشعر وأخرى لتقويته وفرده، إلى جانب الزيوت والدهانات والكريمات وأصناف الحناء وماسكات الوجه والعطور، وجميعها تزيد من الإقبال عليها أسعارها الرخيصة التي تعد في متناول الجميع.
عند زيارة السوق ستجد الأعشاب والبهارات المصرية والمستوردة القادمة من الهند وسنغافورة وسريلانكا والمغرب، لكن الأغلبية تُزرع في مصر، مثل الكركديه والنعناع والكزبرة والسمسم، والحلبة والبردقوش، وزهر البابونغ، والكمون، وجميعها أصناف يمكنك حملها معك لاستخدامها عند الحاجة.
سور الأزبكية
بعكس الأسواق السابقة تأتي هذه السوق حاملة ملمح الأدب والثقافة، فالجمهور الزائر لـ«سور الأزبكية»، الواقع بالقرب من ميدان العتبة في القاهرة، سيجد العارضين وأصحاب المكتبات المتخصصين في بيع الكتب القديمة أو النادرة ذات الأسعار الرخيصة، والخرائط والمطبوعات والصحف، في أكبر معرض مفتوح ودائم للكتاب في مصر، مما يجعله وجهة محببة لعشاق الكتب والمهتمين بالثقافة.
بزيارة السور ستجد إقبالاً لافتاً من محبي القراءة، وجامعي المخطوطات النادرة، وسيحكي لك أصحاب المكتبات عن زبائنهم من الأدباء حديثاً وقديماً، الذين كان أبرزهم أديب نوبل نجيب محفوظ، حيث ستجد رواياته على الأرفف، تجاورها روايات عالمية لكبار كتاب العالم، مثل تشارلز ديكنز وإرنست همنغواي وغابرييل غارسيا ماركيز، وجميها بأسعار رخيصة.
تأسس «سور الأزبكية» عام 1907، ويصنفه البعض بأنه من أهم ثلاثة أسوار ثقافية بارزة في العالم. ويمكن الوصول إليه باستقلال مترو الأنفاق إلى محطة «العتبة»، حيث يوجد السور أعلاها مباشرةً.